دليل الرجل الذكي في نفي تهمة العمالة    إسحق أحمد فضل الله يكتب: (اللغم يتكتك)    شاهد بالفيديو.. ناشط المليشيا الشهير عبد المنعم الربيع يفجرها داوية: (خالد سلك هو من أشعل الحرب بين الجيش والدعم السريع وليهو حق ياسر العطا يسميكم "أم كعوكات")    سلفاكير يؤكد على أهمية استمرار تدفق النفط من حقل هجليج    إنشاء مسالخ ومجازر حديثة لإنتاج وتصنيع اللحوم بين مصر والسودان وزيادة التبادل التجاري بين البلدين    رحيل ضابط بالجيش السوداني في القاهرة    مجلس الوزراء يجيز بالإجماع الموازنة الطارئة للدولة للعام المالي 2026    شاهد بالصورة والفيديو.. مطربة سودانية تشعل حفل غنائي بوصلة رقص فاضحة بمؤخرتها وتصرخ: "بنحب الركوب العالي" والجمهور: (النظام العام ما بنفع مع القونات جيبوا ليهم القوات الخاصة)    شاهد بالصورة والفيديو.. حسناوات الوطن العربي من "اليمن وسوريا ولبنان وتونس" يتنافسن على ترديد الأغنية السودانية الترند "بقى ليك بمبي" وساخرون: (شكله متحور جديد زي الليلة بالليل نمشي شارع النيل)    محافظ بنك السودان المركزي : انتقال الجهاز المصرفي من مرحلة الصمود الي التعافي والاستقرار    الإمارات تسحب قواتها من اليمن    شاهد بالصورة.. ظهرت بفستان فاضح.. مودل سودانية تشعل مواقع التواصل بإطلالة مثيرة للجدل    الخارجية الإماراتية: نرفض الزج باسم الإمارات في التوتر الحاصل بين الأطراف اليمنية    نجم برشلونة يتصدر قائمة الأغلى في العالم 2025    الحكم بالإعدام على مشارك مع قوات التمرد بالأبيض    القوات الجوية السعودية تستهدف شحنة أسلحة إماراتية في ميناء المكلا كانت متجهة للانفصاليين    لماذا تجد صعوبة في ترك السرير عند الاستيقاظ؟    والي ولاية غرب كردفان ومدير شرطة الولاية يشهدان تخريج دورة حرب المدن لمنسوبي الشرطة بالولاية    لجنة الانضباط توجه انذار نهائي بشطب فريق ام دغينات من كشوفات الاتحاد    فلومو... أوع تلومو!    كواسي إبياه: التأهل عبر أفضل الثوالث حررنا من كل الضغوط ولن نرضى بغير النصر أمام البوركيني    إنشاء مطار جديد في الخرطوم    عبده فايد يكتب: تطور تاريخي..السعودية تقصف شحنات أسلحة إماراتية علنًا..    التحالف: نفذنا ضربة جوية استهدفت دعما عسكريا خارجيا بميناء المكلا    الفنّانُ الحق هو القادر على التعبيرِ عن ذاتِه بما لا يخرج عن حدود خالقه    الخرطوم .. افتتاح مكتب ترخيص الركشات    السودان..مسيرات في الشمالية والسلطات تكشف تفاصيل المداهمة    رئيس الوزراء يهنئ المنتخب الوطني بفوزه على غينيا الاستوائية في بطولة الأمم الإفريقية    رونالدو يرفض الاعتزال قبل الوصول لهذا الرقم    5 أطعمة تخفف أعراض البرد في الشتاء    رياض محرز يقود الجزائر لتخطي بوركينا فاسو والتأهل لثمن نهائي أمم أفريقيا 2025    الحقيقة.. كرة القدم تجرّنا جرّاً    رئيس الاتحاد السوداني ينعي الناظر طه فكي شيخ    الجامعة العربية: اعتراف إسرائيل ب"إقليم أرض الصومال" غير قانوني    الجزيرة .. ضبط 2460 رأس بنقو بقيمة 120 مليون جنيهاً    الوطن بين احداثيات عركي (بخاف) و(اضحكي)    السودان يعرب عن قلقه البالغ إزاء التطورات والإجراءات الاحادية التي قام بها المجلس الإنتقالي الجنوبي في محافظتي المهرة وحضرموت في اليمن    لميس الحديدي في منشورها الأول بعد الطلاق من عمرو أديب    شرطة ولاية القضارف تضع حدًا للنشاط الإجرامي لعصابة نهب بالمشروعات الزراعية    مشروبات تخفف الإمساك وتسهل حركة الأمعاء    منى أبو زيد يكتب: جرائم الظل في السودان والسلاح الحاسم في المعركة    شرطة محلية بحري تنجح في فك طلاسم إختطاف طالب جامعي وتوقف (4) متهمين متورطين في البلاغ خلال 72ساعة    «صقر» يقود رجلين إلى المحكمة    كيف واجه القطاع المصرفي في السودان تحديات الحرب خلال 2025    إبراهيم شقلاوي يكتب: وحدة السدود تعيد الدولة إلى سؤال التنمية المؤجَّل    شرطة ولاية نهر النيل تضبط كمية من المخدرات في عمليتين نوعيتين    استقالة مدير بنك شهير في السودان بعد أيام من تعيينه    كيف تكيف مستهلكو القهوة بالعالم مع موجة الغلاء؟    قبور مرعبة وخطيرة!    عزمي عبد الرازق يكتب: عودة لنظام (ACD).. محاولة اختراق السودان مستمرة!    مسيّرتان انتحاريتان للميليشيا في الخرطوم والقبض على المتّهمين    إسحق أحمد فضل الله يكتب: (حديث نفس...)    الصحة الاتحادية تُشدد الرقابة بمطار بورتسودان لمواجهة خطر ماربورغ القادم من إثيوبيا    الشتاء واكتئاب حواء الموسمي    "كرتي والكلاب".. ومأساة شعب!    ما الحكم الشرعى فى زوجة قالت لزوجها: "من اليوم أنا حرام عليك"؟    حسين خوجلي: (إن أردت أن تنظر لرجل من أهل النار فأنظر لعبد الرحيم دقلو)    حسين خوجلي يكتب: عبد الرجيم دقلو.. إن أردت أن تنظر لرجل من أهل النار!!    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الأطفال: كنز السودان الحقيقي - يحتاج الرعاية الصادقة الجادة من الدولة للاستثمار فيه .. بقلم د. طبيب عبدالمنعم عبدالمحمود العربي/المملكة المتحدة
نشر في سودانيل يوم 23 - 04 - 2020

الطفولة هي نبات بذرة استمرارية الحياة ومستقبل كل الأمم . وهي الحجر الأساسي لبناء الإنسان السوي القوي مكتملا سليم العقل وصحة البدن. والإبداع المؤثر إيجاباً فى كل مجالات الحياة لا يأتي خبط عشواء وإنما يكون نتيجة تكوين وتأهيل أفراد المجتمع ومتابعتهم منذ نموهم في الأرحام ومن بعد خروجهم ليكونوا صالحين كل فى مجال ما يكتبه الله له من خيار مهنة يؤديها أو هواية وقدرات إضافية تفيد. هكذا تعتمد بناية صرح المجتمع السليم على العناية برعاية الطفولة صحة وتنشئة وتعليماً فى كل مراحلها حتى سن الثامنة عشر من العمر حيث يستوي عودهم.
تخصص الأطفال يعتبر من أهم فروع التخصصات الطبية والتي كانت نادرة فى السودان حتى عهد قريب ولا يزال السودان يحتاج إلى المزيد خاصة فى مجال القلب وحديثي الولادة الخدج لأن الكثير منهم يحتاج إلى عناية مكثفة لكي يكتب الله له حياة رغم الخطورة.
فى السودان نسمع بما يسمونهم بأطفال الشوارع وعندما يبلغون سن المراهقة ينعتون بالشماسة. منهم من يحاول مهنة شريفة كغسيل السيارات أو عمل ما آخر يسترهم ومنهم للأسف من ينحرف لأنه لم يجد رعاية من راعي الدولة( إستقرار أكل وشراب منتظم ولبس وتعليم ...إلخ). فى الدول التي تهتم بالطفولة كالسويد مثلاً لا نرى فيها أطفال شوارع أو شماسة. بالعكس الإهتمام بصحة الطفل وتعليمه هي هم الدولة الأول حتى أننا نجد جامعة أوبسالا قد جعلت عمادة منفصلة للأطفال لتتعدى مهامها حدود المملكة وتخدم فقط دعما بالتدريب والبحث العلمي قضايا طفولة دول العالم الثالث من ضمنها السودان. لقد إستفاد خلال التسعينيات أطباء مرموقين سعدنا بوجودهم معنا بالسويد، بعثتهم شعبة أطفال جامعة الخرطوم، من منح عمادة "الإنترناشونال جايلد هيلث" بجامعة أوبسالا (ICH) فى تحضير الدكتوراة أذكر منهم الإخوة الأفاضل البروفيسورات مصطفى عبدالله صالح والطاهر مدني الشبلي وعبدالعزيز الأمين محمد. يجدر بالذكر أن كلاً منهم قد تفرد بتخصص دقيق مهم جداً لتلك الشريحة الهامة ( طب الأعصاب وطب حديثي الولادة وطب السكري والغدد الصماء، حسب تسلسل ذكر أسمائهم آنفاً ).
دكتور مصطفى عبدالله يعمل حالياً بالمملكة العربية السعودية ودكتور عبدالعزيز الأمين بالبحرين. ودكتور الطاهر الشبلي رضي بحال البلد وبقي مضحياً داخل الوطن ، ففاز بقصب السبق علينا كلنا. ثلاثتهم قد حققوا نجاحات بحوث علمية مفيدة وتحصلوا على شهادات وجوائز محلية وعالمية تشهد لها الأوساط العلمية.
ما أحزنني اليوم إلى الحد البعيد أن أعلم أن أحد اضلع هذا المثلث الهندسي الراكز قد هد وللأسف داخل السودان فى حين أن تخصصه جداً نادراً وتحتاجه كل الدول خاصة النامية التى تقل فيها وسائل الرعاية الصحية الأولي أثناء الحمل والولادة ألا وهو البروفيسور الطاهر الشبلي أستاذ وإستشاري طب حديثي الولادة بكلية الطب ومستشفى سوبا الجامعي. يحزنني خبر إحالته للمعاش وهو فى قمة النشاط والأداء ورجاحة العقل والمعرفة المهنية. عرفت هذا الخبر المؤسف عبر مقال رائع وصلنى اليوم ( بس شوية طويل ) من قلم مجيد يكفيني من المزيد عن التعليق على مآثر أخينا الطاهر الشبلي الأكاديمية والطبية وسأضمنه (مع خالص التمنيات للبروفسور الشبلي بالتوفيق ودوام الصحة ) برمته أدناه كما وصلنى وأعتذر لكاتبه طالب الدكتوراة آنذاك حسام الدين حسن عباس.
أيضاً قصدي من كتابة هذا المقال لفت المجتمع قاطبة لأهمية شريحة الأطفال كما وأن تنتبه الحكومات الحالية والقادمة وتتروى قبل ان تتخذ قرارات مجحفة في حق من هم برآء من أبناء الوطن الأوفياء بل أن تعقل وأن تحترم وتكرم شريحة كل العلماء المؤهلين خاصة ذوي المهن الطبية والعلوم الهندسية والطبيعية .....إلخ حتى وإن بلغوا الثمانين دعوهم يواصلون السير فإنهم يمكنهم العطاء المفيد ولو حتى أضعف الإيمان بالرأي السليم . من المحزن أن تحرم الأوطان من عطاء علمهم السخي وهم فى عز النشاط. أيضاً أردت أن أذكر الغافلين بأن أطباء الأطفال والمعلمين فى المدارس والمعاهد فإنهم هم وحدهم الذين على أيديهم و أكتافهم يتبلور تكوين مستقبل هيكل الانسان السوي الذي يتنطر منه عندما يكبر تعمير هذه الأرض.
أما بالنسبة للذين للأسف يُنعتون داخل السودان بالشماسة وأطفال الشوارع، أقترح على الحكومة تجميعهم وإسكانهم والباسهم وتأهيلهم بسلاح العلم والحرف التى يحتاجونها ونحتاجها وإنني على يقين أنه سيخرج من بينهم الطبيب والمهندس والمعلم والأديب والفنان وربما المخترع. الموضوع يحتاج إلى مجهود متخصصين رعاية إجتماعية ونفسانيين ومعلمين وناصحين مرشدين دينيين وحتى إن استدعى الحال الإستعانة بخبراء من دول لها خبرة فى دراسة وتأهيل مثل هذه الشريحة الضائعة لتأكيد الإستفادة القصوى منها.
قضية الأستاذ الطاهر الشبلي وإن كنت لا أعرف تفصيلها تحتاج فى رأيي إلى مراجعة ورد اعتبار إن كان قد ظلم من قبل جامعة الخرطوم
شكراً
عبدالمنعم
إقتباس مقال الكاتب الاستاذ دكتور حسام الدين حسن عباس:
د. الطاهر مدني الشبلي
علامة سوداني يحوز على جائزة منظمة الصحة العالمية
في صحة الأسرة
أ. حسام الدين حسن عباس إسماعيل
طالب دكتوراه بجامعة الخرطوم
عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.
في 21 فبراير 2012 , أخطرت منظمة الصحة العالمية WHO الدكتور الطاهر مدني الشبلي بأن مجلسها التنفيذي في إجتماعه رقم 130 قد قرر منحه جائزتها و ذلك لتفانيه في مجموعة كبيرة من الموضوعات المتعلقة بصحة الأسرة و يشمل ذلك ترقية الرضاعة الطبيعية و الوقاية من مرض نقص المناعة المكتسب HIV و التغذية, و دعته بناءاً على ذلك للحضور لجنيف يوم 24-5-2012 لإستلام جائزته, و إلقاء كلمة على الجمعية العالمية للصحة و التي تتكون من وفود 194 دولة تنضوي تحت لواء الأمم المتحدة .
ولد دكتور الطاهر الشبلي بمدينة أم درمان في السابع عشر من أكتوبر لعام 1949 ؛ جده لأبيه هو الشيخ الطاهر الشبلي مؤسس مدرسة الهداية بأم درمان في عام 1912 , و هي أول مدرسة أولية أهلية بالنظام الحديث في اسهمالسودان في عهد الإستعمار تخرج منها كثير من الأفذاذ على الزعيم إسماعيل الأزهري قائد إستقلال السودان, و إثنان من أشقاء جده و أحدهم إسمه مدني كانا من الذين استشهدوا في كرري أمام مدافع الإنجليز الكاسرة, و عمه هو الأستاذ أمين الشبلي أحد نقباء المحامين السودانيين السابقين و الذي كان أول وزير عدل في عهد النميري و مندوب السودان الدائم في الجامعة العربية و مساعد الأمين العام لإتحاد المحامين العرب, و جده لأمه هو السيد محمد الباقر بن الشيخ إسماعيل الولي العالم الفقيه و اللغوي البارع و القاضي الشرعي في عهد المهدية , و أحد الذين قام على مناكبهم معهد أم درمان العلمي الذي صار لاحقا جامعة أم درمان الإسلامية , و خاله المباشر هو البروفيسور الراحل المقيم كامل الباقر , مؤسس و أول مدير لجامعة أم درمان الإسلامية وعضو رابطة العالم الإسلامي و نائب رئيس مجلس المساجد العالمي، ورابطة الجامعات العربية، وسكرتير الهيئة الوطنية للدستور الإسلامي الكامل , و جد الدكتور الطاهر الشبلي الأكبر هو العارف بالله الأستاذ الشيخ إسماعيل بن عبد الله الولي , منشئ الطريقة الصوفية الإسماعيلية و هي الطريقة الوحيدة ذات الأصل والجذور السودانية الخالصة, و هو صاحب مؤلفات فريدة في علوم الشريعة و اللغة و التصوف تربو على 97 مؤلفاً, فالدكتور الطاهر الشبلي راضع من ثدي العلم و المجد من كل قِبلةٍ منذ أن كان يافعاً, جوادٌ أدهمٌ أغر أحجل مطلق اليمين انحدر من خيل صافنات .
تلقى دكتور الطاهر الشبلي تعليمه الأولي و الأوسط الثانوي بمدينة أم درمان, و تخرج حائزاً على الإمتياز و جائزة في طب الأطفال من كلية الطب بجامعة الخرطوم في عام 1973 , كما نال درجة الماجستير من ذات الجامعة في طب و صحة الأطفال في عام 1980 , و درجة الماجستير في الصحة العامة مركزاً على صحة الطفولة و الأمومة من جامعة هارفارد بالولايات المتحدة في عام 1986. ثم نال درجة الدكتوراة في الطب من جامعة الخرطوم في عام 1992 , مناقشا أطروحته في شأن الأطفال حديثي الولادة منخفضي الوزن , حيث دافع عن رسالته بجامعة أوبسالا بالسويد , ثم نال بعد ذلك عضوية الكلية الملكية البريطانية لطب و صحة الأطفال , ثم أصبح زميلا بذات الكلية مذ عام 2002.
مارس دكتور الشبلي مهنة طب الأطفال على مدى 38 عاماً , متدرجا خلالها كطبيب إمتياز بمستشفى الخرطوم التعليمي في عام 74 , ثم طبيبا عموميا بوزارة الصحة بجوبا بين عامي 75 و 76, ثم نائبا إختصاصياً بمستشفى سوبا الجامعي في وقت إعداده لأطروحة الماجستير , ثم باحثاً و نائبا إختصاصيا بمستشفى الأميرة ماري لصحة الأمومة بنيوكاسل بالمملكة المتحدة بين عامي 80 و 82 , ثم زائراً للوحدة الدولية لصحة الأطفال بجامعة أوبسالا بالسويد , متلقيا تدريبا متقدماً في علم الأطفال حديثي الولادة, ثم متلقياً دوراتٍ تدريبية و تدريسية في علم الاطفال حديثي الولادة و أمراض النساء بمستشفيات كلية الطب بجامعة هارفارد بالولايات المتحدة بين عامي 85 و 86 في مدينة بوسطن , ثم باحثا في طب حديثي الولادة بشعبة طب و صحة الأطفال بمستشفى الأميرة ماري بنيوكاسل في عام 88 , ثم باحثا بالوحدة الدولية لطب و صحة الأطفال بمستشفى أوبسالا الجامعي بالسويد , ثم زائراً متدربا على أحدث فنيات علم الأشعة بعيادة شاريتي فيرشو بمستشفى جامعة همبولدت برلين بألمانيا و ذلك في 2005, ثم إختصاصيا زائرا لمستشفى شاريتي ميتي وحدة حيثي الولادة ببرلين و ساعياً لتوطيد سبل التعاون بين مستشفى شاريتي و جامعة الخرطوم و ذلك في أعوام 2006 و2007 و 2008.
كان الدكتور الطاهرالشبلي أستاذا مشاركا بكلية الطب جامعة الخرطوم و إستشاريا لطب الأطفال حديثي الولادة ثم رئيسا لشعبة طب الأطفال و الأطفال حديثي الولادة بمستشفى سوبا الجامعي , و ذلكم بين عامي 1987 و 1992, و قد أشرف دكتور الطاهر الشبلي خلال هذه الفترة على 24 رسالة دكتوراة و 4 أطروحات ماجستير في مجالات التطعيم و سوء التغذية و الأطفال حديثي الولادة المصابين بالسكري و أمراض الدم و شلل الأطفال و تسمم الأطفال و أعراض عسر التنفس لدى الأطفال و التحصين و إلى ما غير ذلك مما تضيق به الأسطر أمام سيرته الذاتية الناصعة, و لن أنسى أن أقول أن دكتور الطاهر الشبلي تم إختياره في النصف الأخير من عام 2010 من قبل المركز العالمي للسير الذاتية لتكون سيرته الذاتية المهنية إحدى أشهر 100 سيرة ذاتية في العالم في مجال الصحة.
خلال هذه المدة , شارك دكتور الطاهر الشبلي في عديد من المؤتمرات الصحية العالمية , في شئون الإيدز و طب الأطفال حديثي الولادة و الطب العسكري و صحة الأمومة و سوء التغذية , و له 23 ورقة قدمت في محافل الطب العالمية . كما ألف الباب رقم 66 في كتاب Handbook of Anthropometry ,2012, حيث يحتوي هذا الكتاب على أكثر من 3000 صفحة و ثمنه أكثر من 1000 دولار أمريكي.
و الناظر إلى الأمر , يستعجب في أن يكون في السودان , القطر المصنف في المجموعة الثالثة من البلدان الأقل نمواً ,عالم مثل الدكتور الطاهر الشبلي , ثم يزداد المرء عجباً , حينما يعلم أن الدكتور الطاهر الشبلي بكل هذه الألمعية البلجاء و الحضور العالمي الراسخ في مجال تخصصه , قد تمت إحالته للمعاش الأجباري بواسطة إدارة جامعة الخرطوم في عام 2009 و هو في أوج عطائه, مخلفأ من ورائه أرتالاً من طلاب الطب و ناشئة البُّحاثِ الذين هم في أشد الحوجة له , فأمثال الشبلي على ندرتهم بالولايات المتحدة و إنجلترا و ألمانيا و اليابان , يتم تعيينهم أساتذة ممتازين مدى الحياة Professors Emeritus بغية استنساخ أجيال من العلماء و الباحثين تلهم عقولهم سياسات الإدارة بالدولة , و تنضح قرائحهم بصياغة الإستراتيجيات الخمسينية و المئية ليس في مجالات صحة الأمومة و الطفولة فحسب, بل في مجالات الإقتصاد و الهندسة و الجيولوجيا و القانون و الإجتماع و الإدارة لتعزيز مصلحة أوطانهم و رفاهية مواطنيهم, و أضراب دكتور الطاهر الشبلي في تلك الدول حينما تبرز أسماؤهم في محافل علمية و مهنية سامقة كتلك , يتم الاحتفاء بهم على مستوى رسمي رفيع قد تصل رفاعتهُ إلى مستوى رأس الدولة , و تصحبهم وفود عالية المستوى لتسلم تلكم الجوائز, و تضج بهم أجهزة الإعلام , و تُجرىَ معهم اللقاءات الصحيفية المرئية و المسموعة بغية تقديمهم للناشئة و أجيال المستقبل , عسى أن يلتمسوا منهم نورا يستضيئون به مشارف الغد , غير أننا و بعد شهرين , لم نسمع إلى الآن أي من المسئولين يعلن على الملأ إحتفاءه بل فخره بالرجل , و لا رغبته في الإستفادة من خبرات الدكتور الطاهر الشبلي و التي هي من صميم ما يحتاجه السودان , فالسودان يحتل المركز العاشر بين 222 دولة في إرتفاع معدل وفيات الأطفال و البالغ 82 وفية في كل 1000 طفل سوداني حسبما صرحت بذلك الإحصاءات التقديرية للأمم المتحدة لعام 2012 , و يحتل المركز الخامس عشر في معدل إرتفاع وفيات الأمهات أثناء الولادة , حيث تتوفى 550 أم سودانية في كل 100,000 أم كما صرح ذات المصدر , و أحسب أن عالماً بهذه الخبرات و الصيت الذائع لن يتوانى أن يقدم يد العون للدولة لحل محنتها تلك التي تقتل أبناءنا و نساءنا.
و مما يزيد في إثارة العجب , و كثير هو العجب و التعجب , أن دكتور الطاهر الشبلي حاز على كل هذه الجوائز المبهرة و هو يعمل تحت ظروف العمل الصعبة و هو ثاوٍ بين ظهرانينا في السودان , و ليس في أمريكا أو إنجلترا أو ألمانيا أو السويد, حيث الظروف أكثر مؤاتاةٍ للبحث العلمي و الكتابة البحثية و الإضافات للعلوم ,و حيث يحوز العلماء على ميزانيات بحث بملايين الدولارات ثم مع ذلك لا يحوز معظمهم على جائزة مثل الجائزة التي حاز عليها دكتور الطاهر الشبلي. و حري بنا القول أن دكتور الطاهرالشبلي يسكن بالجريف غرب و له عيادة متواضعة بشارع السيد عبد الرحمن . و يبدو جليا لكل ناظر أن دكتور الطاهر الشبلي يحب السودان حبا جما رغم ما يمكن أن تزجيه له الهجرة من المال و العلم و الشهرة. و أخال أن مثل الدكتور الطاهر الشبلي بسيرته الذاتية تلك,إذا هاجر إلى أمريكا أو أوربا , فسيكون من العلماء الأثرياء , و سنراه في شاشات الفضائيات الناطقة بالأعجمية قبل العربية , محدثاً في علم طب الأطفال حديثي الولادة و صحة الأمومة , و منظراً يقتدى به فيما برع فيه من علوم و تجارب, و جالسا على كرسي الإفتاء فيما تخصص فيه من علوم, بل سيكون من الأساتذة الممتازين في أعرق الجامعات العالمية.
إن المساعدات التي يمكن أن يقدمها أمثال الدكتور الطاهر الشبلي لوطنهم لا يمكن أن تبرز للوجود ما لم تسمح الدولة و ولاة أمورها لهم بذلك , بل ما لم تعترف الدولة بأمثاله كعناصر فاعلة في نهضة البلاد و تنميتها و ترقيتها. فمن المعلوم بالضرورة ؛ أن الدول الراقية و الشعوب المتحضرة , تنشئ مراكزا للأبحاث الإستراتيجية , تنضوي تحت سقفها خيرة العقول و نقاوة الضمائر من الخبراء في كل شأن , بغرض وضع سياسات إداراة الدولة في كل منحى : من الإقتصاد و السياسة , مروراً بالصحة و التخطيط و العمارة و العلوم الرياضية و الطبيعية و الصناعة و التعدين و الزراعة , و إنتهاءاً بتنشئة الطفل . هاتيك الدول , تنفق في معظمها ما لا يقل عن 25% من دخلها القومي على التعليم و البحث الإستراتيجي و على رجال هم شاكلة الدكتور الطاهر الشبلي , ترتجي منهم أن يسهموا في أن يجعلوا من بلادهم بلاد خير عظيمة و مهابة , فأين بلادنا من ذلك؟
و لا أحسب أن دكتور الطاهر الشبلي بتواضعه و ابتعاده عن الأضواء يبحث عن شكر أو مدح أو سلطة , فالرجل قد آتاه الله خيراً مما آتانا , بل نحن الذين نفرح بأن عالما مثل الدكتورالطاهر الشبلي قائم بيننا يأكل الطعام و يمشي في أسواق الخرطوم و بحري و الجريف, فمثل الرجل في بلاد الفرنجة, تضرب حولهم الحجب و تقام بينهم وبين الناس الأسوار , بيد أني أحسب أننا – حكومة و شعباً- نضيّع كما ضيّعنا من قبل – جهابذة من العلماء و المهنيين الأطهار الوطنيين, نذكرهم فقط عندما يأتي (كما نقول) يوم شكرهم , و هو رحيلهم عن هذه الفانية.
على خلفية ما أوردتُ في قبسة من ترجمة العلامة الدكتور الطاهر الشبلي ؛ أقول لولاة أمور بلدي أن القرار يجب أن يكون مبنياً على رأي العلماء و المهنيين , شأننا في ذلك شأن كل البلاد التي ما تقدمت إلا لإعمال العلم و الخبرة مكان الخطب النارية . و أقول : أما آن لأن يستعين ولاة أمورنا بأولي الأحلام و النهى و بُراة الأقواس من أهل الإختصاص و الدُرْبةِ و الذين هم أصدق إنباءاً بسيوف علمهم و أبعد نظراً من أهل الولاء و التطبيل و المكاء و التصدية ؟ و كيف يحسب ُولاة أمورنا و سُيّاسُنا أن دولة لا تقوم في شان سياستها على رعاية مصالح العباد بإعمال العلم و الرأي و التجربة و تبجيل العلم و العلماء ؛ لن تبقى آمنةً , ناهيك أن تنمو مطمئنة؟
التحية لك يا دكتور الطاهر الشبلي , و لك الله أيها الوطن.
عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.