تقطن غالبية قبيلة Ciise الصومالية في الصومال الغربي الخاضع لإثيوبيا،وقسم منها في محافظة أودل في الصومال وجمهورية جيبوتي، والحواضر الرئيسية التي تقطنها القبيلة هي مدن ذيررذبا -ديرداوة، جيبوتي، علي صبيح، وزيلع، وعددهم سكانيا لا يقل عن المليون نسمة تقريبا، على امتداد هذه الرقعة الجغرافية الواسعة. أما جغرافيا القبيلة فتتشكل من12 إقليم أو منطقة كما هو العرف في دستورها الذي سبق ميلاده الدول القطرية، ويطلقون على كل وحدة من هذه الجغرافيا السياسية مسمى Galin. تشكلت قبيلة Ciise الصومالية بهيئتها الحالية منذ أواخر القرن السادس عشر الميلادي، وكانت صياغة الدستور بداية لتشكل الذي بلغته حاليا، ولم يرد في المصادر الصومالية والتاريخية التي كتبها المؤرخين العرب والغربيين عن وجود مكون صومالي يدعى قبيلة Ciise، في حين تحدث أول مصدر تاريخي تناول القبائل الصومالية بصورة موسعة عن عدد من القبائل الصومالية، وهو كتاب تحفة الزمان(فتوح الحبشة) لعبدالقادر شهاب الدين بن سالم عن مجموعة من القبائل الصومالية التي شاركت في تلك الحروب التي دارت بين سلطنة عدل الاسلامية والحبشة، والتي قاد معاركها عن الجانب الاسلامي أحمد بن إبراهيم الملقب(جوري) الأعسر. ويتسأل الكاتب عبدالله حاجي عثمان عيليه، قائلا لماذا لم يذكر الكتاب قبائل Ciise،Gadabirsii،Isxaaq في خضم تلك الحروب؟ ثم بستطرد مجيبا، لا بد أنهم نتاج قبيلة Xarlaa والقبائل الصومالية التي شاركت في تلك الحروب كمثال Geri،Masaare )Midigaan(،Bartire,Mareexaan وغيرهم. بينما يرى كل من الدكتور علي موسى عيايه والبروفيسور محمد عبدي جاندي أن قبيلة Ciise قد تشكلت كحلف ما بين المجموعة الأصلية ومجاميع قبلية أخرى تحالفت معها، ومنها قبائل Abgaal،Mareexaan،Cali Madaxweyne كما يرى البروفيسور محمد عبدي جاندي. ويضيف عبدالله حاجي عثمان عيليه أن قبيلة Isxaaq تتشكل من Habar Magaadi و Habar Xubuusheed وأن الأولى من أم كانت تدعى Habar Magaadi بينما انحدرت الثانية من أم حبشية، والجدير بالإشارة أن هناك فرق بين قبيلة Habar Magaadi الصغيرة حاليا والقاطنة في جبال Surad في مديرية عيرجابو بمحافظة سناج، وهي تلك القبيلة التي ورد الحديث عنها في كتاب تحفة الزمان وبين قبيلة Habar Magaadle الإسحاقية، ويختم هذه الجزئية قائلا لا يستبعد أن تعود تلك القبائل الثلاثة إلى قبيلة Xarlaa والقبائل الصومالية التي ورد ذكرها في تحفة الزمان. وبدوره أكد البروفيسور محمد عبدي جاندي أن قبيلة Ciise تتشكل من مكون أصيل وأخر إنضم إليها من خلال التحالف وهم Abgaal,Marexaan,Cali Madaxweyne. وفي سياق آخر قال عبدالله حاجي عثمان عيليه أن كتابة دستور Ciise جاء في ظل ظروف إستثنائية تراوحت ما بين تداعيات حروب دولة عدل مع الحبشة، حيث ساد بعد انتهائها وضعف الدولة حالة فوضى،نهب،نزاعات داخلية وحدوث هزات أرضية وبراكين، ولا سيما في مناطق قبيلة Xarlaa، وهو ما أسفر عن اندثارها، وتشير هذه الرؤية لوجود مكونات من قبيلة Xarlaa بين قوميات العفر وجوراجي. أما تراجع قبيلة Habar Magaadi تفسيره أنهم تناقصوا عدديا بسبب تلك الحروب التي خاضوها مع الحبشة وإمكانية إندماج البعض منهم في تحالفات قبلية أخرى، خاصة وأن القبيلة كانت تمثل أحد المشاركين الأساسيين في تلك الحروب، وقد ورد ذكرهم في تخفة الزمان، حيث كانوا يشكلون 1000 مقاتل تحث إمرة قائدهم أحمد جوري حسين. وبغض النظر عن الإشارة إلى مشاركة قبيلة Ciise في تلك الحروب وعدم ورود ذكرهم في هذا الكتاب، إلا أن هناك شواهد تاريخية تناولت مؤسس القبيلة وأنه Ciise المدفون في جبال مديرية عيرجابوا بمحافظة سناج، وأن إبنه البكر Ceeleeye مدفون بمنطقة عيلايو شرق محافظة سناج، ناهيك عن أن التراث الصومالي يشير إلى أن زوجة مؤسس قبيلة Harti Koombe والتي كانت تسمى Udba Lacag كانت عيساوية، وتلك دلائل تاريخية تشير إلى وجود قبيلة Ciise في ظل مرحلة كتاب تحفة الزمان وبغض النظر عن الهيئة التي كانت عليها القبيلة. كما أضاف عبدالله حاجي عثمان عيليه أن Xeer Ciise دستور القبيلة، ويرى الباحث إبراهيم أحمد علي بأن المسمى الأصلي لدستور هو Daryeel iyo Dabar والمقصود به الرعاية والرابط، وقد أطلق على اللجنة التي قامت بصياغته Ayaa Reeb حافظي المصير. وهي قراءة داعمة لرواية أن تلك المرجعية لم تنبع من فراغ وأنها إستعارت بعض موادها من الدساتير الصومالية، وعدد مواد دستور القبيلة حاليا 444 مادة، وتلك المقاربة تؤكد وجود القبيلة قبل القرن السادس عشر الميلادي، خاصة وأنها تمثل من أحد المخازن الأساسية الحافظة لتراث الصومالي، أكان على صعيد اللغة،التقاليد والموروث المادي، وتلك قرائن دامغة لمدى أصالتها، وقد كتب الدستور من خلال صياغة شعرية تمكن الأجيال من تداوله تاريخيا. وبطبيعة الحال فإن عرف التحالف بين مجموعات مختلفة ليس إستثناء على قبيلة Ciise بل هو إجراء إجتماعي شائع تاريخيا في أوساط القبائل الصومالية، ويعتبر نظام التحالف والذي عادتا يضم قبائل متباينة في أصولها القبلية كإضافة إجتماعية، وليس كما يجسد تدني الوعي والذي يرى ذلك إنتقاصا من أصالة الجماعة، وما لا إختلاف عليه أنه قلما توجد تاريخيا مجموعة عرقية ما تخلوا من تعدد الانتماءات بفعل التقادم. خالد حسن يوسف - المصادر: 1- الدكتور علي موسى عيايه،حوار مسجل بشأن كتابه قرار الشجرة،نشر بالفرنسية،حوار أجراه عبدالسلام هرري،التلفزيون العالمي-الصومالي. 2- البروفيسور محمد عبدي جاندي، محاضرة مسجلة عن أصول الصوماليين،31 أغسطس 2014،لندن،القناة الصومالية. 3- عبدالله حاجي عثمان عيليه لقاء مع تلفزيون البحر الأحمر24 ،2014،عن كتابه دستور تقاليد العيسى،نشر بالصومالية. 4- الباحث إبراهيم أحمد علي،محاضرة بعنوان الدستور الصومالي نموذج العيسى،مناقشة كتاب دراسة بعنوان حفظ المصير،نشر بالصومالية،29 أغسطس 2019،معهد الدراسات الصومالية،مقديشو. بتصرف. عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.