أقرب رواية عثرت عليها حكت عن مواجهة أبا 1970 بين نظام 25 مايو والجبهة الوطنية على ذاكرة أنصارية هي ما نشره الأستاذ الجميل الفاضل على جريدة الصيحة (27 مارس 2010). وكان عنوان مقالته ""الصيحة" تنشر التفاصيل المروعة لمجازر الجزيرة أبا وودنوباوي". ووجدت الروية متفقة في خطوطها العامة وكثير من التفاصيل مع رواية الملازم أول عبد الله الصافي الذي حارب في 1970 وحركة 19 يوليو 1971". وودت لو التفت القارئ إلى أن رواية الفاضل الجميل، الحفية بجسارة الأنصار، هي عن جماعة كانت عزمت على حرب الحكومة عزيمة قوية. فأعدت للوغى من رباط الخيل مدافع مضادة للطائرات، وأخرى مضادة للدروع، وبرينات، وبازوكات، ورشاشات متوسطة، وقناب يدوية. كما تربصت بالعدو وقعدت له كل مقعد بنقاط المراقبة وبأداء ما هو قريب من "صلاة الخوف" كل جماعة حيث هي. فكل قول صور الأنصار كجماعة انقضت عليها مايو وهي غافلة لا يستهين بالتاريخ فحسب بل ويستهين بالأنصار وعزائمهم. من الجانب ألآخر وجدت احصائيات شهداء الأنصار في رواية الجميل أكثر معقولية مما نسمع. فقال السيد الصادق المهدي أنه 4000 ألف. وقالت السيد أم سلمى الصادق نقلاً عن صديق البادي، المؤرخ الفطن، إنهم 745 عداً. وجاء عند الجميل أن شهداء يوم 27 مارس، وهو أشد أيام المواجهة ضراوة، كانوا 38 شهيداً من المحاربين (و120 جريحاً) و73 شهيداً من غير المحاربين (و100 جريحاً). بينما احتسبت القوات المسلحة 11 شهيداً. وهي أرقام تدعونا لمزيد من التحقق لنقترب من الرصانة بعيداً من الترويج. فإلى مقال الجميل حررته لمناسبة قارئ هذه السلسلة عن أبا في 1970. ﺑﺰﻏﺖ ﺷﻤﺲ ﺍﻟﺠﻤﻌﺔ 27 ﻣﺎﺭﺱ 1970 ﻋﻠﻰﺍﻟﺠﺰﻳﺮﺓ ﺃﺑﺎ في مظهر هدوء حذر تحسباً لمواجهة مع النظام المايوي باتت وشيكة. عند ﺍﻟﺴﺎﻋﺔ ﺍﻟﻌﺎﺷﺮﺓ ﺻﺒﺎﺣﺎً ﺃﺑﻠﻐﺖ ﻧﻘﻄﺔ للمراقبة الأنصارية ﺧﺎﺭﺝ ﺍﻟﺠﺰﻳﺮﺓ أبا ﻋﻦ رصدها لظﺎﻫﺮﺓ تبدو ﻏﺮﻳﺒﺔ. حيث ﻻﺣﻆ ﺍﻟﻤﺮﺍﻗﺒﻮﻥ أن ﺣﺮﻛﺔ ﺍﻟﻤﺮﻭﺭ ﻣﻦ ﻭﺇﻟﻰ ﺭﺑﻚﻭﻛﻮﺳﺘﻲ بدأت منذ ﺍﻟﺼﺒﺎﺡ تتخذ مساراً واحداً. فجميع ﺍﻟﺴﻴﺎﺭﺍﺕ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﺪﺧل المدينتين، ربك وكوستي، ﻻ ﺗﺨﺮﺝ ﻣﺮﺓ ﺃﺧﺮﻯ ﻋﺎﺋﺪﺓ. ﻭﻛﺎﻥ ﺍﻟﺘﻔﺴﻴﺮ ﺍﻟﻮﺣﻴﺪ ﻟﻬﺬﻩ ﺍﻟﻤﻌﻠﻮﻣﺔ ﺃﻥ ﻫﻨﺎﻙﻧﺸﺎﻃﺎً حكومياً ﻣﺎ ﺣﻮﻝ ﻛﻮﺳﺘﻲ ﻭﺭﺑﻚ ﻋﻠﻰ ﺩﺭﺟﺔ ﻋﺎﻟﻴﺔ ﻣﻦ ﺍﻷﻫﻤﻴﺔ، ﻭﻳﺘﻄﻠﺐ ﻗﺪﺭﺍً ﻛﺒﻴﺮﺍً ﻣﻦ ﺍﻟﺴﺮﻳﺔ ﻣﻤﺎ ﻳﺘﻄﻠﺐ ﺣﻈﺮ ﺍﻟﺨﺮﻭﺝ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﺪﻳﻨﺘﻴﻦ ﺣﺘﻰ ﻻ ﺗﺘﺴﺮﺏ ﺃﻧﺒﺎﺀ ﻣﺎ ﻳﺠﺮﻱ ﻫﻨﺎﻙ . وعليه طلبت نقطة المراقبة المعنية ﻣﻦ ﻧﻘﻄﺔ ﺍﻟﻤﺮﺍﻗﺒﺔ ﻓﻲ بلدة ﺣﺠﺮ ﻋﺴﻼﻳﺔ ﺇﺭﺳﺎﻝ ﻣﺠﻤﻮﻋﺔ ﺍﺳﺘﻄﻼﻉ ﻟﻤﺪﻳﻨﺔ ﺭﺑﻚ لاﺳﺘﺠﻼﺀ ﺍﻟﺤﻘﻴﻘﺔ. ﻭﺻﺪﺭﺕ ﺍﻟﺘﻌﻠﻴﻤﺎﺕﻟﻘﻮﺍﺕ ﺍﻷﻧﺼﺎﺭ ﺑﺄﺩﺍﺀ ﺻﻼﺓ ﺍﻟﺠﻤﻌﺔ ﻓﻲ ﻣﻮﺍﻗﻌﻬﺎ أي حيث هي في المرابطة. ﻭﺃﺩﻯ ﺍﻹﻣﺎﻡ الراحل الهادي المهدي ﺻﻼﺓ ﺍﻟﺠﻤﻌﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﺴﺎﺣﺔ ﺍﻟﻤﻮﺍﺟﻬﺔ ﻟﻠﺴﺮﺍﻱ ﻣﻦ ﺍﻟﻨﺎﺣﻴﺔ ﺍﻟﻐﺮﺑﻴﺔ. في يوم الجمعة 27 مارس عند الساعة ﺍﻟﺜﺎﻧﻴﺔ ﻭأﺭﺑﻌﻴﻦ ﺩﻗﻴﻘﺔ ﻭﺻﻠﺖﺇﺷﺎﺭﺓ ﻣﻦ ﻧﻘﻄﺔ ﺍﻟﺮﺻﺪ الأولى ﺗﻔﻴﺪ ﺑﺄﻥ ﻗﻮﺓ ﻣﺪﺭﻋﺔ ﻗﺪ ﺗﺤﺮﻛﺖ ﻓﻲ اﺗﺠﺎﻩ ﺍﻟﺠﺰﻳﺮﺓ أبا. فصدر الأمر لقوة الأﻧﺼﺎﺭ المرابطة ﺷﺮﻕ ﺍﻟﺠﺎﺳﺮ، وهو القنطرة ما بين الجزيرة أبا وضفة النيل الأبيض الشرقية، والمكونة من 10 أفراد بالانسحاب إلى داخل ﺍﻟﺠﺰﻳﺮﺓ مع ﻧﻘﻞ مدافع مضادة ﻟﻠﺪﺭﻭﻉ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻤﻮﻗﻊ ﻓﻲ ﺍﻟﺜﺎﻟﺜﺔ ﻭﺍﻟﺨﻤﺲ ﻭﺍﻟﻌﺸﺮﻳﻦ ﺩﻗﻴﻘﺔ ﻇﻬﺮﺕ ﺃﻭﻝ ﻣﺪﺭﻋﺔ للحكومة ﺃﻣﺎﻡﺍﻟﺠﺎﺳﺮ ﺑﻴﻨﻤﺎ ﺍﺣﺘﻤﺖ ﺑﻘﻴﺔ ﺍﻟﻘﻮﺓ، 7 ﻣﺪﺭﻋﺎﺕ، ﺧﻠﻒ ﺗﻞ ﻳﻘﻊ ﺟﻨﻮﺏ ﺷﺮﻕ ﺍﻟﺠﺎﺳﺮ. ﺗﻮﻗﻔﺖﺍﻟﻤﺪﺭﻋﺔ للمناورة قبل أن تبدأ ﻓﻲ ﺇﻃﻼﻕ ﻧﻴﺮﺍﻥ كثيفة ﻣﻦ ﻣﺪﻓﻌﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺠﺰﻳﺮﺓ أبا ﻓﺼﺪﺭ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻔﻮﺭ ﺃﻣﺮ ﻟﻠﻤﺠﺎﻫﺪﻳﻦ ﺑﺎلاﺣﺘﻤﺎﺀ ﺩﺍﺧﻞ ﺍﻟﺨﻨﺎﺩﻕ ﻭﺧﻠﻒﺍﻟﺴﻮﺍﺗﺮ ﻭﻋﺪﻡ ﺍﻟﺮﺩ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻨﻴﺮﺍﻥ التي كانت تنطلق من مسافة ﺃﻟﻒ ﻭ 500 ﻣﺘﺮ ﺧﺎﺭﺝ ﻣﺪﻯﻧﻴﺮﺍن الأسلحة التي يملكها الأنصار. كما تحسب الأنصار إلا تكتشف القوة المهاجمة مواقع مدفعيتهم فيدمرونها. ثم ﺗﻘﺪﻣﺖ ﻣﺠﻤﻮﻋﺔ ﻣﻦ ﺃﻓﺮﺍﺩ ﻗﻼﺋﻞ بمدافع البرن ﻭﺑﺪﺃت بإﻃﻼﻕ ﺍﻟﻨﺎﺭ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻤﺪﺭﻋﺔ بهدف التستر على ﺍﻟﻜﻤﻴﻦ ﺍﻟﺬﻱ ﻧُﺼﺐ للمدرعة المتقدمة. وتجهزت مجموعتان من مسلحي اﻟﺒﺎﺯﻭﻛﺎ ﻭﺍﻟ "ﺁﺭ . ﺑﻲ. ﺟﻲ" للتقدم ﺇﻟﻰ ﺷﺮﻕ ﺍﻟﺠﺎﺳﺮ للالتفاف على ﺍﻟﻤﺪﺭﻋﺔ بقصد تدميرها. في ذات الوقت ﻛﺎﻧﺖ ﻫﻨﺎﻙ ﻃﺎﺋﺮﺗﺎﻥ ﻣﻦ ﻃﺮﺍﺯ « ﺳﻜﺎﻱ ﻫﻮﻙ » ﺗﺤﻠﻘﺎﻥ فوق ﺍﻟﺠﺰﻳﺮﺓ أبا ﻭﺗﻘﺼﻔﺎن مواقع منتقاة. ورﺩﺕ عليهما المدفعية المضادة للطائرات في الجزيرة ﺑﻨﻴﺮﺍﻥ ﻛﺜﻴﻔﺔ. ثم ﺣﻠﻘﺖ ﻃﺎﺋﺮﺗﺎﻥ ﻓﻮﻕ سراي المهدي مباشرة (قلب الجزيرة أبا) وقامتا بقصف أدى لانهيار ﺍﻟﻤﻨﺎﺯﻝ ﻭسقوط ﺃﻋﻤﺪﺓ ﺍﻟﻜﻬﺮﺑﺎﺀ القريبة من المكان. أما في مدخل ﺍﻟﺠﺎﺳﺮ فقد ﻗﺎﻡ ﺃﺣﺪ ﺍﻷﻧﺼﺎﺭ ﻣﻤﺘﻄﻴﺎً ﺻﻬﻮﺓ ﺟﻮﺍﺩﻩ ﻳﺴﺎﺑﻖ ﺍﻟﺮﻳﺢ منطلقا نحو ﺍﻟﻤﺪﺭﻋﺎﺕ القابعة وراء إحدى التلال. لم يتمكن الفارس سوى قطع ﺃﻣﺘﺎﺭﻗﻠﻴﻠﺔ بجواده مكبراً قبل أن تختلط أشلاء جسده بما تبقي من أجزاء فرسه. ﻓﻲ ﻫﺬﻩﺍﻟﻠﺤﻈﺔ ﻭﺻﻠﺖ ﻣﺠﻤﻮﻋﺔ ﺍﻟ « ﺁﺭ . ﺑﻲ . ﺟﻲ » من الأنصار ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻀﻔﺔ ﺍﻟﺸﺮﻗﻴﺔ ﻟﻠﻨﻬﺮ، ﻭﺃﺧﺬﺕ ﻣﻮﻗﻌﻬﺎﺩﺍﺧﻞ ﺍﻟﻐﺎﺑﺔ ﻓﻲ ﻭﺿﻊ ﺍلاﺳﺘﻌﺪﺍﺩ ﻹﻃﻼﻕ ﺍﻟﻨﺎﺭ. ﺛﻢ ﺍﻧﻄﻠﻘﺖ منها قذيفة خارقة أخطأت المدرعة لتدمر استراحة كانت من خلفها. وساق ضعف تدريب قوة الأنصار ذلك إلى اكتشاف ﺍﻟﻤﺪﺭﻋﺔ الحكومية ﻣﻮﻗﻊ ﺍﻟﻤﻘﺎﺗﻠﻴﻦ. فوجهت ﻣﺪﻓﻌﻬﺎ ﺍﻟﺜﻘﻴﻞ ﻭﺭﺷﺎﺷﻬﺎ ﺍﻟﻤﺘﻮﺳﻂ ﻓﻲ ﺇﺗﺠﺎﻩ ﺍﻟﻐﺎبة. وتقدمت مجموعة البازوكا من غير أن تنتبه المدرعة لتصيبها إصابة اسكتتها من إطلاق النار. وقامت بقية قوة الجيش ﺍﻟﻤﺪﺭﻋﺔ بإطلاق وابل ﻣﻦ ﻧﻴﺮﺍﻥ ﻗﺬﺍﺋﻔﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﻣﻨﺎﺯﻝﺍﻟﺠﺰﻳﺮﺓ أبا ﻭﻣﻨﻄﻘﺔ ﺍﻟﺴﺮﺍﻱ. وخلالها ﻗﺎﻡ ﺟﻨﻮﺩ ﺳﻼﺡ ﺍﻟﻤﻬﻨﺪﺳﻴﻦ ﺑﺴﺤﺐﺍﻟﻤﺪﺭﻋﺔ المصابة إلى ﺧﺎﺭﺝ ﺃﺭﺽ ﺍﻟﻤﻌﺮﻛﺔ. ونجحت قوات الأنصار في الأثناء من إصابة إحدى الطائرتين لتنطلق شمالاً متبوعة بسحابة كثيفة من دخان أسود ونواصل خبر معركة يوم 27 مارس بين قوات الحكومة وقوات الجبهة الوطنية كما وردت على لسان راوية .بدا لي حُسن اطلاعه على مرويات الأنصار عنها. عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.