الهلال يحدد القيمة التسويقية للجناح جان كلود    حكومة أبو نوبة.. ولادة قاتلة ومسمار آخر في نعش "تأسيس"    نص خطاب رئيس مجلس الوزراء "كامل ادريس" للأمة السودانية    السفير عدوي يشيد بدراسة إنشاء منطقة لوجستية على الحدود السودانية    الاهلي المصري نمر من ورق    الجمعية العمومية الانتخابية لنادي الرابطة كوستي    السجن والغرامة على متعاون مع القوات المتمردة بالأبيض    ميسي يقود إنتر ميامي لقلب الطاولة على بورتو والفوز بهدفين لهدف    "حكومة الأمل المدنية" رئيس الوزراء يحدد ملامح حكومة الأمل المدنية المرتقبة    الفوز بهدفين.. ميسي يقود إنتر ميامي لقلب الطاولة على بورتو    "الأمة القومي": كامل ادريس امتداد لانقلاب 25 أكتوبر    لما سقطت طهران... صرخت بورسودان وأبواقها    6 دول في الجنوب الأفريقي تخرج من قائمة بؤر الجوع العالمية    فقدان عشرات المهاجرين السودانيين في عرض البحر الأبيض المتوسط    عودة الخبراء الأتراك إلى بورتسودان لتشغيل طائرات "أنقرة" المسيّرة    30أم 45 دقيقة.. ما المدة المثالية للمشي يومياً؟    الإدارة العامة للمباحث الجنائية المركزية تتمكن من ضبط منزل لتزييف العملات ومخازن لتخزين منهوبات المواطنين    هل سمعت عن مباراة كرة قدم انتهت نتيجتها ب 149 هدفاً مقابل لا شيء؟    بين 9 دول نووية.. من يملك السلاح الأقوى في العالم؟    لماذا ارتفعت أسعار النفط بعد المواجهة بين إيران وإسرائيل؟    وزارة الصحة تتسلّم (3) ملايين جرعة من لقاح الكوليرا    "أنت ما تتناوله"، ما الأشياء التي يجب تناولها أو تجنبها لصحة الأمعاء؟    ماذا قالت الصحف العالمية عن تعادل الهلال مع ريال مدريد؟    تقرير رسمي حديث للسودان بشأن الحرب    يوفنتوس يفوز على العين بخماسية في كأس العالم للأندية    نظرية "بيتزا البنتاغون" تفضح الضربة الإسرائيلية لإيران    السودان والحرب    عملية اختطاف خطيرة في السودان    شاهد بالصورة والفيديو.. حسناء سودانية فائقة الجمال تبهر المتابعين وتخطف الأنظار بتفاعلها مع "عابرة" ملك الطمبور ود النصري    شاهد بالصورة والفيديو.. خلال حفل زفاف بالقاهرة.. العازف عوض أحمودي يدخل في وصلة رقص هستيرية مع الفنانة هدى عربي على أنغام (ضرب السلاح)    شاهد بالصورة والفيديو.. مطربة أثيوبية تشعل حفل غنائي في أديس أبابا بأغنية الفنانة السودانية منال البدري (راجل التهريب) والجمهور يتساءل: (ليه أغانينا لمن يغنوها الحبش بتطلع رائعة كدة؟)    هل هناك احتمال لحدوث تسرب إشعاع نووي في مصر حال قصف ديمونة؟    ماذا يفعل كبت الدموع بالرجال؟    الإدارة العامة للمباحث الجنائية المركزية تتمكن من الإيقاع بشبكة إجرامية تخصصت فى نهب مصانع العطور بمعاونة المليشيا المتمردة    9 دول نووية بالعالم.. من يملك السلاح الأقوى؟    الصحفية والشاعرة داليا الياس: (عندي حاجز نفسي مع صبغة الشعر عند الرجال!! ولو بقيت منقطها وأرهب من الرهابة ذاتا مابتخش راسي ده!!)    كيم كارداشيان تنتقد "قسوة" إدارة الهجرة الأمريكية    "دم على نهد".. مسلسل جريء يواجه شبح المنع قبل عرضه    التهديد بإغلاق مضيق هرمز يضع الاقتصاد العالمي على "حافة الهاوية"    السلطات السودانية تضع النهاية لمسلسل منزل الكمير    المباحث الجنائية المركزية ولاية الجزيرة تنفذ حملة أمنية كبري بالسوق العمومي وتضبط معتادي إجرام    مباحث شرطة الولاية الشمالية تتمكن من إماطة اللثام عن جريمة قتل غامضة وتوقف المتورطين    المملكة تستعرض إستراتيجية الأمن الغذائي لدول مجلس التعاون الخليجي    خسائر ضخمة ل"غانا"..تقرير خطير يكشف المثير    نقل أسلحة إسرائيلية ومسيرات أوكرانية الى افريقيا بمساعدة دولة عربية    والي الخرطوم يصدر عدداً من الموجهات التنظيمية والادارية لمحاربة السكن العشوائي    أدوية يجب تجنب تناولها مع القهوة    (يمكن نتلاقى ويمكن لا)    بالصورة.."أتمنى لها حياة سعيدة".. الفنان مأمون سوار الدهب يفاجئ الجميع ويعلن إنفصاله رسمياً عن زوجته الحسناء ويكشف الحقائق كاملة: (زي ما كل الناس عارفه الطلاق ما بقع على"الحامل")    السودان..خطوة جديدة بشأن السفر    3 آلاف و820 شخصا"..حريق في مبنى بدبي والسلطات توضّح    معلومات جديدة عن الناجي الوحيد من طائرة الهند المنكوبة.. مكان مقعده ينقذه من الموت    إنهاء معاناة حي شهير في أمدرمان    رؤيا الحكيم غير ملزمة للجيش والشعب السوداني    شاهد بالفيديو.. داعية سوداني شهير يثير ضجة إسفيرية غير مسبوقة: (رأيت الرسول صلى الله عليه وسلم في المنام وأوصاني بدعوة الجيش والدعم السريع للتفاوض)    أثار محمد هاشم الحكيم عاصفة لم يكن بحاجة إلي آثارها الإرتدادية علي مصداقيته الكلامية والوجدانية    ما هي محظورات الحج للنساء؟    قُلْ: ليتني شمعةٌ في الظلامْ؟!    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



قانون حماية الاطباء والكوادر والمنشآت الصحية السوداني لسنة 2020م بين الأمل والمأمول .. بقلم: بروفيسور الحاج الدوش المحامي
نشر في سودانيل يوم 02 - 06 - 2020

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

صدر في يوم 29مايو 2020م قانون بوسم: قانون حماية الاطباء والكوادر والمنشآت الصحية لسنة 2020م عن اجتماع مشترك بين مجلسي السيادة والوزراء السوداني وبتوقيع رئيس مجلس السيادة وتم نشره في الجريدة الرسمية التابعة للادارة العامة للتشريع بوزارة العدل في يوم 31 مايو 2020م . وهذه الاجراءات سليمة من ناحية الشكل والقانون والوثيقة الدستورية الحالية ، فمن حيث الشكل فقد صدر في قنوات التشريع ونشر نشراً صحيحا ً وحاز علي المرتبة الاولى من حيث سرعة الصدور والنشر فهو اسرع قانون يصدر وينشر في السودان بعد ثورة ديسمبر المجيدة وهذا دليل عافية ( بالاجمال ) على ان المؤسسات التشريعية ووزارة العدل بدأتا في العمل نحو دولة القانون . ومن دواعي سروري انني استلمت نسخة من الجريدة عبر وسائط الانترنيت في وقت قياسي مما اثلج في صدري كاستاذ وباحث في القانون وحرك بشدة كوامن نفسى التي امضت زمنا طويلاً في تدريس القانون وتطبيقه ومما دفعني للكتابة ان العلاقات المهنية بوجه عام في دولة المؤسسات والقانون وفي زمن الشفافية بحاجة الى تطوير وتأطير وتقنين يخدم الاداء المهني الطبي وخلافه نحو الافضل .
الخطأ في الكتابة والاهمال :
القانون الذي صدر جاء صفحتين فصلين وسبعة فقرات فقط !! ولم يشتمل على ارقام للمواد بصورة سليمة فقد وسم المادة 1 و2 و5 واغفل الرقم 3 و4 ؟؟؟ !!! وهذه بدعة جديدة في الهمال والتسرع المخل لم اجد لها مثيلاً في القوانين المنشورة بالسودان، وبكل تأكيد سيعاني القضاة من الاحالة والرجوع اليه في احكامهم وابحاثهم مالم يتم تدارك الأمر .
وبالرغم من ان القانون لا يتجاوز عدد كلماته ال ( 400 كلمة تقريبا ) بما في ذلك حروف الجر و ديباجة القانون فقد اشتملت نسخة القانون المنشورة بالجريدة الرسمية على اخطاء طباعية فادحة جداً و تدعنا نتساءل كيف فاتت على فطنة العدد الكبير بدءاً ممن طبع القانون ومن راجعه ومن صححه ومن عرض عليهم في المجلسين الموقرين !؟ بل كيف فات على مكتب رئيس المجلس السيادي و كيف فات على كوادر الادارة العامة للتشريع بوزارة العدل وفات على وزير العدل نفسه وهذا لعمري عدم مثالاً للقصور القاتل و للتجويد والاهتمام باخطر الامور في الدولة وهي سن التشريع واصداره ونشره من الناحية الشكلية وهو تقصير لا يعفى منه أحد حتى انني اشعر بانني شريك في هذه الاخطاء اذا لم اكتب لانني احمل جنسية السوداني والمتخصص في القانون السوداني وقد احجمت ان انشره لزملائي القانونيين من دول العالم المختلفة . وسأورد هذه الاخطاء المطبعية كما تم نشرها بالجريدة الرسمية وحيث ان القانون نشر بدون ارقام المواد القانونية سأحيل للسطر والصفحة فقط وهي :
1-ماجاء بالسطر رقم 2 من اعلى المادة الاولى ديباجة القانون 1 قوله : (عملا ً بأحكام الوثيقة ) !!! .
2-قوله ( الكادر الصحي بسبب) السطر الثالث من الصفحة الثانية من أعلى
3-قوله ( رئيس المجلس أو ) السطر رقم 13 صفحة 4 والمادة لارقم لها .
4-قوله (دون المساس بالحق ) السطر 17 صفحة 4 بلارقم للمادة
5-قوله ( الطبيب أو ) , وقوله( الكادر الصحي بأي ) سطر 19 صفحة 4 وهي بلا رقم أيضا !!!
والخلاصة: ان مؤشرات الوظيفة المهنية لنشر القانون في كل دول العالم تجعل من هذا الخطأ المطبعي الفاحش في مصاف المخالفات الادارية الجسيمة المتصلة بالإهمال الجسيم وعدم الحيطة وعدم بذل العناية المفترضة ويمس بهيبة الدولة ، وهذا ما يستدعي تصحيح هذا الخطأ فورا واعادة نشر القانون بصورة سليمة . ويجب محاسبة من اسهم في هذا الامر بشتى طرق المحاسبة الادارية ووفقا لقواعد الشفافية الدولية ويجب الاعتذار عن هذا الخطأ وهو سبب منطقي تسنده قيم الشفافية العالمية لاستقالة وزير العدل وكل الجهاز الفني المباشرين للجريدة الرسمية بوزارة العدل لانهم هم آخر من سمح بالنشر المغلوط او حتي اقالتهم حسب تقدير الادارة التنفيذية بالدولة . وهنا نشير انه لابد من اعادة ترتيب الكادر الفني بوزارة العدل بأهل الخبرة والدربة والصبر على الأمانة .
مبررات اصدار القانون والاضافة القانونية الجديدة فيه :
ان دوافع القانون الكلية هي تمكين الطبيب من القيام بدوره دون ضياع وقته في الاجراءات القضائية المطولة وهذا حق للطبيب والمجتمع وهو حق مشروع للطبيب ومن في حكمه من الكوادر الطبية المختلفة ولكن هذا الحق تقابله حقوق المريض تجاه الطبيب والكادر الطبي ومن اعظمه حق المريرض في تقديم المعاملة الطيبة له وتقدير حالته المرضية والنفسية وتقديم الدعم النفسي له وبث روح الطمانينة في نفس المريض واهله وتقدير حالة مرافقوه النفسية والعاطفية وامتصاص تقديراتهم الخاطئة ومراعاة اعراف الناس في المنشآت الطبية والتعامل بلطف مع المريض هو أكبر واجب يقع على الطبيب وفي مقابل هذه المعاملة الانسانية الكريمة يملك الطبيب حماية وحصانة قي مواجهة المريض والآخرين . والاوفق بيان حقوق الحماية وواجبات من يتمتعون بها.
فالقانون الجديد يحمد له انه وضع بين دفتيه ما يسمى (حماية الكادر الصحي ) وخصه بقانون جنائي خاص يفترض فيه العموم والشمول لكل ما يتصل بالحماية ومبرراتها وضوابطها و.. الخ و ان مثل هذا التخصيص هو امر محمود في شأن بعض الجرائم الخطيرة والمستحدثة في الفقه الجنائي العالمي شرط ان تكون هناك قواعد قانونية جديدة مع وجود المبررات الموضوعية والفنية المقنعة لهذا التخصيص كما ان الاتجاه العالمي نحو الجرائم المستحدثة وتخصيص بعض الجرائم بقانون جنائي متخصص هو نزعة عالمية في زمن الثورة الصناعية الرابعة عصر انتشار المعلومات والتكنولوجيا ولكن يجب ان يكون التخصيص بما يضيف قواعد قانونية جديدة على قواعد المسئولية الجنائية الناتجة عن تلك الجرائم المخصصة بقانون خاص .
وهنا نتساءل هل اضاف القانون الجديد قواعد ومبادئ قانونية جديدة واضاف معارف قانونية يخدم دولة القانون والمؤسسات !؟ وهل له مبررات اجتماعية وموضوعية تستوجب تخصيص مهنة الطب بالحماية دون غيرها من المهن !؟
نجيب بوضوح ان هذا القانون الجديد لم يشتمل على اي قاعدة قانونية جديدة او مبدأ قانوني مستحدث فالقانون لايعدو ان يكون تجميع لاغلب المبادي القانونية المعلومة في المسئولية الجنائية والمسئولية المدنية للمهنيين كافة بالقانون السوداني فالجديد في الامر هو تشديد العقوبة علي من يعتدي علي الاطباء والكوادر الصحية والمنشآت وهذا الاعتداء الشخصي على الافراد اصلا مجرم في القانون الجنائي السوداني بصور مفصلة ومن ذلك جرائم السباب والقوة الجنائية والحراج والاذي التي لا تجاوز عقوباتها سنتين سجن في اعلاها وفي جرائم التعدي والاتلاف لا تتجاوز العقوبة السجن فيها مدة خمس سنوات وقد قام المشرع برفع العقوبهة في حال الاعتداء بما لايجاوز عشرة سنوات ، ولا اري مبررات موضوعية يجيز مثل هذا الابتداع بتخصيص شريحة واحدة من شرائح المهن الكثيرة في المجتمع السوداني مع اعترافنا باهمية وفضل ودور اهل الطبابة ومن في حكمهم في خدمة المجتمع ولا مبرر تخصيصهم بقانون خاص لحمايتهم، فقد كفل المشرع حماية المهن الطبية في القوانين الطبية والجنائية والمدنية في السودان بصورة جلية وقد رسخها القضاء منذ بداية القرن التاسع عشر الى يومنا هذا وكان يمكن للمشرع تعديل العقوبة بتشديدها في حال الاعتداء علي ممتهني مهنة الطبابة تحديدا وفقا للدراسات المتعمقة في مبررات ذلك التشديد التي حسب متابعاتنا لا ارى وجود حالات كثيرة حسب الإحصاءات الجنائية تشير الي ظاهرة اجرامية كبرى ومخيفة تتمثل في الاعتداءات المتكررة على اهل الطبابة ومنشآتهم الطبية تبرر اصدار قانون خاص بذلك .
فات على المشرع في القانون الجديد ان الحماية المهنية تقابلها حقوق للآخرين تجاه ذلك المهني ، فلا يتمتع صاحب الحماية بها الا بعد القيام بحقوق الآخرين تجاهه ، وهذه قرينة قانونية راسخة ، وبالرغم من ذلك ان القانون كرس حماية الكادر الصحي بشكل اقرب للاطلاق مع عدم الاشارة الي ارتكاب الكادر الصحي للجرائم العمدية التي يصعب حصرها ومن ذلك امتناع الطبيب دون عذر مقبول عن علاج المريض ، وحالات القتل في المريض الميؤوس من علاجه ومخالفة القانون بالدولة كاجراء عمليات الاجهاض في حالات السفاح والختان وغيرها من الافعال العمدية و.. الخ فرغم الحاجة لتوضيح مثل هذه الامور فان القانون احال فيها المطلع للقواعد العامة للمسئولية الجنائية المعلومة في القانون الجنائي لسنة 1991م
والمعلوم أن القوانين المهنية في كل العالم لاتمنح الحماية الا بعد بيان حقوق الطرف الآخر الذي سيجابه بهذه الحماية ومن اهم هذه الحقوق حق الافصاح عن حقوق الطرف الاخر امام صاحب الحماية لان هذا من اكبر ضمانات رسوخ الحماية المهنية ومن ذلك أن مبدأ حصانة الطبيب في عدم كشف اسرار المريض هو حماية للطبيب من الافصاح ومايترتب عليها من تعويض ومسئولية جنائية الا انها متصلة بحق المريض الطبيب في اسقاط تلك الحصانة اذا سمح للطبيب بالافشاء كما ان تلك الحصانة تسقط اذا اتصلت اسرار الطبيب بجريمة . و لاتوجد قواعد قانونية جديدة بهذا الشان اجمالاً ، فكل ما تم الاشارة اليه في القانون هو قاعدة ان الاصل الخطأ في عمل الطبيب والاجهزة الطبية الكوادر المساعدة ، اذ لا يتصور العمد فيهم وفي هذا تخفيف ورحمة للاطباء ومن في حكمهم من المعلمين والمربيين فلا يتصور ان يكونون عرضة لذات الافتراض العمدي لان هذه المهن تقوم بقصد معلوم وهو المساعدة الانسانية . وهذا المبدا هو من مبادي علم المسئولية الجنائية وقد رسخ هذا المبدأ في القانون السوداني المستمد من القانون الانجليزي و القانون الهندي والقانون الاسلامي (الفقه الاسلامي ) من أن مسئولية الطبيب ومعلم الصبيان مبنية على الخطأ اذ لا يتصور منهم القصد الجنائي الا اذا ثبت انهم كانوا يقصدون الجناية فهنا تجب عليهم العقوبات العمدية .... فمسئولية الطبيب والكوادر الطبية واضحة من خلال نصوص القانون الجنائي لسنة 1991م ولا تخرج عنه بحال سيما احكام المادة (3) التي جاء فيها :(
"فعل " الكلمات التي تدل على "الفعل" تشمل" الامتناع " المخالف للقانون كما تشمل الأفعال المتعددة،
" قصد " يقال عن الشخص انه سبب الأثر "قصداً " إذا سببه باستخدام وسائل أراد بها تسبيبه أو باستخدام وسائل كان وقت استخدامها يعلم أنها تسبب ذلك الأثر، أو كان لديه ما يحمله على الاعتقاد بأنها يحتمل أن تسببه،
" قصد الغش " يقال عن الشخص انه فعل شيئاً "بقصد الغش إذا فعله بقصد خداع غيره، ليتوصل بذلك الخداع إلي الحصول على كسب أو ميزة لنفسه أو لغيره أو تسبيب خسارة لشخص آخر)
ورغم وضوح هذه النصوص فإن القانون الجديد اغفل حالة الافعال العمدية التي ربما يرتكبها الطبيب والكوادر المساعدة له ويكون مسئولا مسئولية جنائية عمدية كاملة فهي من الامور التي يجب كشفها للاجهزة الطبية والجمهور على السواء في قانون خاص بحماية الاطباء من غلواء الغير .
ان المشرع السوداني في قانون حماية الاطباء الجديد اشترط ان تكون المسئولية تقصيرية وهذا امر لا جديد فيه البتة فمنذ عهد بعيد استقر الفقه والقانون في السودان والعالم على ذلك وهو الحال ذاته في مصر وفرنسا والمدرسة اللاتينية والمدرسة القانونية الالمانية و فقه الانجلو ساكسون والانجلو امريكان وكل المدراس القانونية حول العالم ، بل ان القانون السوداني كان اوسع لحماية الاطباء اذ جعل نص المادة( 138 ) من قانون المعاملات السوداني لسنة 1984 م بقولها (كل فعل سبب ضررً للغير يلزم مرتكبه بالتعويض ولو كان غير مميزا) فمسئولية الطبيب ومن في حكمه تكون موجودة متى ما حدث الضرر للغير الذي هو اساس المسئولية التقصيرية والنصوص القانونية التي تجعل عمل الطبيب من قبيل المسئولية التقصيرية وليس الجنائية واضحة كذلك في المادة (8) القانون الجنائي لسنة 1991م ويكون الحكم فيها بالتعويض للمضرور كذلك التي تقرأ :( (1) لا مسئولية إلا على الشخص المكلف المختار..
(2) لا مسئولية إلا عن فعل غير مشروع يرتكب بقصد أو يرتكب بإهمال) وقد افلح المشرع السوداني سابقا في النص على ادراك الواجب واستعمال الحق واعتبرهما ليست من قبيل الجرائم متى ما كانا بحسن نية .تنص المادة( 11 ) من القانون الجنائي بقولها ( لا يعد الفعل جريمة إذا وقع من شخص ملزم بالقيام به أو مخول له القيام به بحكم القانون أو بموجب أمر مشروع صادر من السلطة المختصة، أو كان يعتقد بحسن نية انه ملزم به، أومخول له القيام به) . ونحن نرى ان المشرع لم يات بجديد حول مسئولية الطبيب ومن في حكمه من الكوادر الطبية في حال الاهمال بل اننا نرى ان ما جاء به المشرع في قانون حماية الاطباء الجديد هو تكرار لما هو ثابت وموجود من نصوص القانون وما نص عليه ( لا يعتبر جريمة كل اجراء طبي يقوم به الطبيب او الكادر الصحي بسبب عمل مصرح له به القيام به وفقا لاختصاصه من المجلس متى بذل العناية اللازمة واتبع القواعد و المعايير المهنية ) وكان امام المشرع فرصة ذهبية لتقنين وتوضيح المعايير المهنية الحديثة عالميا مثل قواعد الافصاح الطبي المسئؤلية الطبية في الطبية المدنية والجنائية التي احدثت ثورة كبيرة في العشر سنوات الاخيرة في القانون الطبي بما في ذلك اجراءات المطالبة بحقوق الطبيب والمريض في حال الخروج عن تلك القواعد والمعايير الجديدة حول علاقة الطبيب بالمنشأة الطبية وعلاقة الجمهور بالمنشاة والطبيب و هو ما كنت اتشوف له واتشوف لان اراه هو مالم يحدث .
جاء القانون الجديد بضوابط اجرائية للحصانة الاجرائية حول القبض على الطبيب وهذا اجراء راتب وهو درع للحماية الوظيفية وهو ضروري لحماية اصحاب المهن من رجال شرطة ومحامين وقضاة واطباء وهواجراء راسخ في القانون السوداني وهو لايمنع القبض على الطبيب ولكنه يتيح له الفرصة لترتيب اوضاعه من الناحية المهنية لان القبض عليه يضر بالاخرين وهو نص لايحمي الطبيب وحده من طائلة القبض الفوري انما يحمي المرضى والغير وهذه الحماية متوفرة حسب قانون المجلس الطبي السوداني لسنة 1993 م الذي يختص بالفصل في كل الشكاوي المهنية حول منسوبي المجلس الطبي من المهن الطبية المختلفة .
وفي الختام لن تتحقق الحماية للكوادر الطبية الا من خلال تفعيل وتقنين ميثاق اخلاقيات المهن الطبية والتدريب المستمر للكوادر الطبية في فن الاتكيت والمخاطبة وتنمية مهارات الاتصال والتواصل لاصحاب المهن الطبية وتدريبهم على ثقافات الشعب السوداني سيما الشباب منهم الذين ربما يجعلون الكثير من بؤر التوتر الاجتماعي التي ترجع لاسباب اجتماعية عديدة لاتوجد الا في ثقافة السودانيين ونحن في علم القانون نرى ان النص القانونى لا يمنح المهني حماية كاملة فالقانون يتكامل مع اخلاقيات وسلوك المهنيين من اطباء ومهندسين ومحامين وغيرهم فسلوك المهني واخلاقه ولطفه وحسن تعامله مع الجمهور هي الحماية الطبيعية له ، فالمرء مخبوء تحت لسانه وقديما قيل تكلم لاعرفك ، ورحم الله الرعيل الاول من الاطباء السودانيين فقد ضربوا المثل في فن التعامل مع الشعب وجمهور المرضى بكافة اطيافهم ومجتمعاتهم حتى تلقفهم المجتمع بالقبول والاعجاب والاطراء وصاروا مثلا ً يضرب فيقولون :فلان دمه ظريف وخفيف (دم دكاترة ) ، ويمدحون كباية الشاي الجميل والعصير الجميل فيقولون: شاي دم دكاترة وشربات دم دكاترة .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.