عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته. قناعتي الشخصية بأن بعض أعضاء لجنة التفكيك يتسمون بحس وطني عالِ جداً ولديهم رغبة حقيقية في محاسبة من نهبوا الوطن وأفسدوا حياة أهله. لكن ذلك لا يجعل منهم ملائكة أو أشخاصاً معصومين من الخطأ. فلماذا يفترض بعضنا بأنهم يتعمدون ارتكاب الأخطاء، ويسعون لتصفية حسابات أو إيذاء بعض الأبرياء! أحد أكبر جوانب قصور القوى التي قادت هذه الثورة هي أنهم لم يجهزوا أنفسهم جيداً فيما يبدو لدرجة أن بعضهم يجد صعوبة في التمييز بين (كوز) وبين إنسان عادي كامل المشاعر. وبالرغم مما تقدم يبذل أعضاء لجنة التفكيك جهداً مقدراً ويقومون بعمل شاق ومجهد. ولأن كل من يعمل لابد أن يقع في بعض الأخطاء أتاح قانون اللجنة نفسه فرصة الإستئناف لمن يشعر بأن قراراتها ظلمته. فبدلاً من ملء وسائل التواصل الإجتماعي بالدفوعات أتمنى لو طلب كل منا ممن يحبهم ويشعر بأنهم تعرضوا للظلم أن يلجأوا للقانون. وإن تكشف لنا أنهم ظُلموا حقيقة، وأن اللجنة تصر على هذا الظلم سنقف جميعاً في وجه كافة أعضائها وسيتشكل رأي عام ضدهم شاءوا أم أبوا. أمس الأول أعلنت اللجنة عن استرداد 159 قطعة أرض (سكنية وزراعية) من فتى المؤتمر الوطني المدلل وصديق عائلة (الساقط) المخلوع المقرب جمال. حين استمعت للخبر قلت لنفسي " معقولة جمال الوالي 159 قطعة بس"! أعني أن القصة بالنسبة لي ما كانت تسوى ضجيجاً. فما نتوقع أن يُحاسب عليه أمثال جمال الوالي أكبر من ذلك بكثير. ما كان يجب أن يتحسب له أعضاء اللجنة جيداً هو أن الوالي (غالي) جداً عند البعض. وهؤلاء البعض لا يقبلون فيه كلمة حتى لو رأوه يسرق أمام أعينهم. كيف لا وبعضهم قد تكسب من وراء علاقتهم به وصاروا أعلاماً في نادي المريخ الذي تولى رئاسته الوالي بترتيب من صديقه البشير وتنظيمه الشيطاني بغرض إلهاء جمهور الناديين وإعلامهما بعد أن وجدوا أن ترؤس صلاح إدريس للهلال قد شغل الأهلة. لكن لأن مشجع الكرة في بلدنا عاطفي جداً حتى لو كان محاضراً جامعياً أو قانونياً ضليعاً، تجاوز الكثير من جمهور المستديرة إرتباط الرجلين بالنظام الفاسد وراحوا يهللون لإنجازاتهما المفترضة، بالرغم من أنهما فتحا أبواباً للفساد (بقصد أو بدونه) وساهما في تدهور مريع في الناديين ما زال مستمراً حتى يومنا هذا. ولأن الوالي غالي جداً كما أسلفت، وهو شخصية شعبية أتحفنا الكثيرون منذ صبيحة اليوم التالي لإعلان اللجنة بعبارات عاطفية دفاعاً عنه. "الوالي طيب وخلوق وهاديء ورزين"!! ومن قال لكم أن البشير نفسه ليس طيباً وخلوقاً ولطيفاً ( في الظاهر)!! لكنه، أي هذا البشير مجرم بإعترافه الشخصي، حيث قال بعضمة لسانه أنهم قتلوا الناس في دارفور لأسباب لا تُقتل من أجلها الحيوانات، وسلسلة جرائمه تطول ومعلومة للجميع. إذاً من يريد أن يدافع عن صديق أو حبيب أو (نقاطة) إستفاد من ورائها فليترك الأمر للقانون ويكف عن الجعجعة والسفسطة والإدعاء الزائف بمناصرة العدالة. نشروا على وجه السرعة تصريحات للوالي نفسه يشكك فيها بقرارات اللجنة ويؤكد نزاهته ويزعم أنه باع وأشترى مثل أي رجل أعمال آخر. كما أبدى الرجل إستعداده التام للمساءلة القانونية. فأين المشكلة التي تتطلب كل هذا الحبر المدلوق في الدفاع عنه إذاً!! قانون اللجنة يسمح كما نعلم جميعاً بظهور صاحب المظلمة (شخصياً) لتقديم إستئناف ضد قراراتها. فما الذي يمنع الوالي من العودة للبلد ومواجهة من نُسب له بالقانون!! ولماذا غادر البلد (ليلاً) أصلاً طالما أنه واثق من البراءة لهذه الدرجة!! ولمعلومية من يعزفون على وتر العاطفة في الدفاع عن بعض رموز نظام الكيزان نقول أن أمثال الوالي تحوم حولهم شكوك أكبر بكثير من بضع قطع الأراضي زراعية كانت أم سكنية. الأزمة الحقيقية أن بعض من حاولوا ركوب موجة الثورة بعد أن كانوا من أشد المؤيدين للطغاة والمفسدين لا يكتفون بتقديم دفوعاتهم (المضروبة)، بل يشككون في اللجنة ويتهمون رجالها ويحاولون تقويض الثورة التي يدعون نهاراً بأنهم صاروا من مناصريها. ولهذا قلنا منذ اليوم الأول لنجاح هذه الثورة أن الثائر يولد ثائراً، ولا يمكن لمن ناصروا الظلم لسنوات طويلة أن يصبحوا ثوريين مهما كتبوا أو قالوا. لكن وزارة الإعلام (سامح الله مسئوليها) لم ترغب في حسم ملف الإعلام. سمحوا لهؤلاء أن يلعبوا على البسطاء، وها هم كلما وجدوا سانحة يسعون للضرب تحت الحزام. مثل هذه اللجنة التي تقوم بعمل كبير يفترض أن تجد إعلاماً ثورياً يدعمها ويبين الحقائق كما هي، لا أن يٌفسح المجال لكل فاسد لكي يتمشدق بعبارات لا يعرف عنها سوى الحروف التي تُكتب بها. وأتمنى أن تفتح اللجنة ملفات الكثير من الإعلاميين الذين جندهم جهاز أمن قوش ومنحهم رُتباً فيه، ومن إستفادوا من تجارة ودلالات الخردة، أو أُسست لهم الصحف حتى يمارسوا الخداع والتضليل للمساهمة في إطالة أمد الظلم والطغيان. عموماً لا أتوقع جهل رجال لجنة التفكيك بملفات جمال الوالي التي لا تُحصى ولا تُعد. فهناك الكثير من الأسئلة الحائرة التي يفترض أن تجيب عليها اللجنة خلال الأسابيع القادمة فيما يخص جمال الوالي. أول فوج من ضباط الأمن بعد الإنقضاض على السلطة في 89! سحب 94 مليار جنيه من بنك الثروة الحيوانية لشراء أسهم في البنك نفسه! بيع 100 فدان من أراضي الجيش بسوبا! العلاقة بعائلة المخلوع الذي قال عنه الوالي ذات مرة " علاقتي بالرئيس وأشقائه وأسرته بدأت في العام (1990)، وهي صلة شخصية وأخوية بعيداً عن السياسة، البشير زول بسيط وابن بلد وصاحب شخصية نافذة ومتدين يخشى الله في كل قراراته وخطواته ويتعامل مع الناس بشفافية، وهو خلوق وأنا أعتبره من أولى العزم، يصلي في المساجد ويصوم يومين في الأسبوع ويتلو القرآن بكرة وعشية..." شخصياً أعتبر ما تقدم إدانة أخلاقية لجمال الوالي، ولمن يسبحون بحمده ويحاضرون الناس عن دماثة خلقه وحسن معشره. والتصريح أعلاه يطرح عدداً من الأسئلة أولها: لماذا لم تبدأ علاقة الوالي بالمخلوع وعائلته إلا في العام 1990 طالما أنها بعيدة عن السياسة!! وكيف يخشى البشير ربه وهو القائل " قتلنا الناس في دارفور لأتفه الأسباب، دون أن يتوب أو يتقدم بإستقالته من رئاسة الدولة و يُخضع نفسه للمحاسبة!! وما جدوى الصلاة في المساجد وتلاوة القرآن بكرة وعشية لمن يقتل النفس البشرية بغير حق !! وسؤالي الأخير: كيف يتسق ما تقدم مع دماثة الأخلاق والنزاهة وحسن المعشر!! هذا فيما يتصل بالإدانة الأخلاقية من وجهة نظر صاحب هذه الزاوية. أما قضائياً فلن نجرم الوالي أو غيره أو نحاسبه لأننا لسنا قضاة، بل نكتفي فقط بطرح الأسئلة الصعبة. وسنقف دائماً بكل قوة وصدق مع العدالة وشعارات الثورة ونتمنى ألا يُظلم خلال هذه الفترة أي كائن. إن تضرر جمال فما عليه سوى الحضور شخصياً ( show up). أظهر وبان وعليك الأمان. معلومة أخيرة عسى ولعل أن يستفيد منها بعض العاطفيين الذين لا مانع عندهم من التضحية بالأوطان من أجل من يحبون، فجمال الذي أتحدث عنه صار مؤخراً نسيباً لنا، حيث تزوج أحد أقاربه من كريمة شقيقي الأكبر. ولو كانت الأمور تُقاس بحجم العاطفة لكنت أول المدافعين عنه بالحق وبالباطل. أتمنى أن يخرج منها كما الشعرة من العجيبة، بس بالقانون، لا بالجعجعة والعبارات الإنشائية.