مناوي: المدن التي تبنى على الإيمان لا تموت    الدعم السريع يضع يده على مناجم الذهب بالمثلث الحدودي ويطرد المعدّنين الأهليين    وزير الطاقة يتفقد المستودعات الاستراتيجية الجديدة بشركة النيل للبترول    المالية توقع عقد خدمة إيصالي مع مصرف التنمية الصناعية    أردوغان: لا يمكننا الاكتفاء بمتابعة ما يجري في السودان    بالصورة.. "حنو الأب وصلابة الجندي".. الفنان جمال فرفور يعلق على اللقطة المؤثرة لقائد الجيش "البرهان" مع سيدة نزحت من دارفور للولاية الشمالية    بالصورة.. "حنو الأب وصلابة الجندي".. الفنان جمال فرفور يعلق على اللقطة المؤثرة لقائد الجيش "البرهان" مع سيدة نزحت من دارفور للولاية الشمالية    أردوغان يفجرّها داوية بشأن السودان    القادسية تستضيف الامير دنقلا في التاهيلي    تقارير تتحدّث عن قصف مواقع عسكرية في السودان    بمقاطعة شهيرة جنوب السودان..اعتقال جندي بجهاز الأمن بعد حادثة"الفيديو"    اللواء الركن"م" أسامة محمد أحمد عبد السلام يكتب: الإنسانية كلمة يخلو منها قاموس المليشيا    وزير سوداني يكشف عن مؤشر خطير    شاهد بالفيديو.. عودة تجار ملابس "القوقو" لمباشرة البيع بمنطقة شرق النيل بالخرطوم وشعارهم (البيع أبو الرخاء والجرد)    مانشستر يونايتد يتعادل مع توتنهام    ((سانت لوبوبو الحلقة الأضعف))    شاهد بالصورة والفيديو.. حكم راية سوداني يترك المباراة ويقف أمام "حافظة" المياه ليشرب وسط سخرية الجمهور الحاضر بالإستاد    شاهد بالفيديو.. مودل مصرية حسناء ترقص بأزياء "الجرتق" على طريقة العروس السودانية وتثير تفاعلا واسعا على مواقع التواصل    بالصورة.. رجل الأعمال المصري نجيب ساويرس: (قلبي مكسور على أهل السودان والعند هو السبب وأتمنى السلام والإستقرار لأنه بلد قريب إلى قلبي)    إحباط محاولة تهريب عدد 200 قطعة سلاح في مدينة عطبرة    السعودية : ضبط أكثر من 21 ألف مخالف خلال أسبوع.. و26 متهماً في جرائم التستر والإيواء    الترتيب الجديد لأفضل 10 هدافين للدوري السعودي    «حافظ القرآن كله وعايشين ببركته».. كيف تحدث محمد رمضان عن والده قبل رحيله؟    محمد رمضان يودع والده لمثواه الأخير وسط أجواء من الحزن والانكسار    وفي بدايات توافد المتظاهرين، هتف ثلاثة قحاتة ضد المظاهرة وتبنوا خطابات "لا للحرب"    أول جائزة سلام من الفيفا.. من المرشح الأوفر حظا؟    مركزي السودان يصدر ورقة نقدية جديدة    برشلونة ينجو من فخ كلوب بروج.. والسيتي يقسو على دورتموند    شاهد بالفيديو.. "بقال" يواصل كشف الأسرار: (عندما كنت مع الدعامة لم ننسحب من أم درمان بل عردنا وأطلقنا ساقنا للريح مخلفين خلفنا الغبار وأكثر ما يرعب المليشيا هذه القوة المساندة للجيش "….")    "واتساب" يطلق تطبيقه المنتظر لساعات "أبل"    بالصور.. أشهرهم سميرة دنيا ومطربة مثيرة للجدل.. 3 فنانات سودانيات يحملن نفس الإسم "فاطمة إبراهيم"    بنك السودان .. فك حظر تصدير الذهب    بقرار من رئيس الوزراء: السودان يؤسس ثلاث هيئات وطنية للتحول الرقمي والأمن السيبراني وحوكمة البيانات    ما الحكم الشرعى فى زوجة قالت لزوجها: "من اليوم أنا حرام عليك"؟    غبَاء (الذكاء الاصطناعي)    مخبأة في باطن الأرض..حادثة غريبة في الخرطوم    رونالدو يفاجئ جمهوره: سأعتزل كرة القدم "قريبا"    صفعة البرهان    حرب الأكاذيب في الفاشر: حين فضح التحقيق أكاذيب الكيزان    دائرة مرور ولاية الخرطوم تدشن برنامج الدفع الإلكتروني للمعاملات المرورية بمركز ترخيص شهداء معركة الكرامة    عقد ملياري لرصف طرق داخلية بولاية سودانية    السودان.. افتتاح غرفة النجدة بشرطة ولاية الخرطوم    5 مليارات دولار.. فساد في صادر الذهب    حسين خوجلي: (إن أردت أن تنظر لرجل من أهل النار فأنظر لعبد الرحيم دقلو)    حسين خوجلي يكتب: عبد الرجيم دقلو.. إن أردت أن تنظر لرجل من أهل النار!!    الحُزن الذي يَشبه (أعِد) في الإملاء    السجن 15 عام لمستنفر مع التمرد بالكلاكلة    عملية دقيقة تقود السلطات في السودان للقبض على متّهمة خطيرة    وزير الصحة يوجه بتفعيل غرفة طوارئ دارفور بصورة عاجلة    الجنيه السوداني يتعثر مع تضرر صادرات الذهب بفعل حظر طيران الإمارات    تركيا.. اكتشاف خبز عمره 1300 عام منقوش عليه صورة يسوع وهو يزرع الحبوب    (مبروك النجاح لرونق كريمة الاعلامي الراحل دأود)    المباحث الجنائية المركزية بولاية نهر النيل تنهي مغامرات شبكة إجرامية متخصصة في تزوير الأختام والمستندات الرسمية    حسين خوجلي يكتب: التنقيب عن المدهشات في أزمنة الرتابة    دراسة تربط مياه العبوات البلاستيكية بزيادة خطر السرطان    والي البحر الأحمر ووزير الصحة يتفقدان مستشفى إيلا لعلاج أمراض القلب والقسطرة    شكوك حول استخدام مواد كيميائية في هجوم بمسيّرات على مناطق مدنية بالفاشر    السجائر الإلكترونية قد تزيد خطر الإصابة بالسكري    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



وثائق امريكية عن عبد الله خليل: انتخابات 1958: يحي الفضلي والشريف الهندي: واشنطن: محمد علي صالح
نشر في سودانيل يوم 03 - 04 - 2010

وثائق امريكية عن عبد الله خليل (8): انتخابات 1958: يحي الفضلي والشريف الهندي: واشنطن: محمد علي صالح
يحي الفضلي طلب مساعدات من السفارة
قال السفارة المصرية تساعد الختمية
عبد الرحمن الشريف الهندي "انتهازي"
واشنطن: محمد علي صالح
في هذه الحلقات من وثائق وزارة الخارجية الامريكية عن السودان:
في السنة قبل الماضية: وثائق عن اسماعيل الازهري، اول رئيس وزراء (1954-1956)، بداية من اول انتخابات، واول برلمان. كانت خمسة وعشرين حلقة.
في السنة الماضية: وثائق عن الحكومة العسكرية الثانية، بقيادة المشير جعفر نميري (1969-1975، آخر سنة كشفت وثائقها). كانت ثمانية وثلاثين حلقة.
في هذه السنة: وثائق عن عبد الله خليل، رئيس الوزراء بعد الازهري (1956-1958)، خلال الديمقراطية الاولى.
بعد وثائق عبد الله خليل، ستأتي وثائق الحكومة العسكرية الاولى، بقيادة الفريق ابراهيم عبود (1958-1964). وبعدها، وثائق ثورة اكتوبر سنة 1964، والديمقراطية الثانية (1964-1969).
عن وثائق عبد الله خليل، حتى الأن ظهرت الحلقات الأتية: سقوط الازهري، الشيوعيون، المصريون، الجنوبيون، الجنوبيون والحضارة (تقرير امريكي)، حاجة كاشف. وهذه حلقات عن انتخابات سنة 1958 (ثاني انتخابات عامة في تاريخ السودان):
-------------------------------
الحزب الاتحادي:
التاريخ: 8-2-1958
من: السفير، الخرطوم
الى: وزير الخارجية
الموضوع: تعليقات على الانتخابات
" ... اكثر من اي حزب سوداني آخر، يشبه الحزب الوطني الاتحادي الحزب الحديث، فيما يختص بتنظيماته، ولوائحه، واهدافه للتحرر من سيطرة الطائفية الدينية. انه حزب علماني. وتعيش اغلبية مؤيديه في المدن، وتقوده اغلبية المثقفين والبرجوازيين.
يمكن اعتبار زعيمه، اسماعيل الازهري، الذي كان رئيس وزراء عندما نال السودان الاستقلال قبل سنتين، معتدلا. واذا فاز في الانتخابات، وحل محل رئيس الوزراء الحالي، عبد الله خليل، نتوقع ان تكون سياسته الخارجية حيادية بين المعسكرين الغربي والشرقي ...
خلال السنة ونصف سنة التي قضاها الازهري في المعارضة، تقرب الى مصر اكثر مما كان يفعل عندما كان رئيس وزراء. في ذلك الوقت، توترت العلاقات بين الجانبين بسبب تحول الازهري من الاتحاد مع مصر الى الاستقلال.
الأن، يتقرب الحزب الاتحادي اكثر نحو مصر، في المجالين: الخارجي والداخلي. يؤيد سياسة الحياد الايجابي التي يقودها الرئيس المصري جمال عبد الناصر. واكثر من حزب الامة، يميل نحو اشتراكية اقتصادية. ويبدو انه، في ذلك ايضا، يتاثر بالمصريين الذين اعلنوا قرارات تأميم كثيرة، قلبت الوضع الاقتصادي هناك راسا على عقب.
في الجانب الآخر، يميل حزب الامة نحو "تاكيد" استقلال السودان، ويقصد بذلك الاستقلال عن اي نفوذ مصري او شيوعي ... "
الجبهة المعادية للاستعمار:
" ... حزب قانوني ويعبر عن أراء شيوعية. ينوى ترشيح كثير من المرشحين في دوائر في الشمال، رغم ان فرص فوز اي واحد منهم قليلة جدا. يأمل ان يفوز في عطبرة، الدائرة 153، والحصاحيصا غرب، الدائرة 28. وعلى الاقل، فاز او لم يفز، يريد ان يعرف جملة اصوات مؤيديه. ويبدو ان هدفه الرئيسي هو هزيمة حزب الامة. لكن، بسبب علاقته القوية مع اليساريين المصريين، نتوقع ان يتحالف مع حزب الشعب الختمي في الدوائر التي يتنافس فيها هذا الحزب مع الحزب الوطني الاتحادي، رغم ان حزب الشعب حليف مع حزب الامة في الحكومة الحالية ... "
توزيع الاحزاب:
" ... حسب الدراسة التي قمنا بها، اعتمادا على قوة الاحزاب في انتخابات سنة 1953، وعلى توقعات نتائج انتخابات هذه السنة، يبدو ان الولاء الحزبي في السودان يعتمد على الجغرافيا، اكثر من عوامل اخرى:
اولا: حزب الامة: يتمركز في الغرب، في مديريتي كردفان ودارفور، وفي الوسط، في مديرية النيل الازرق. على الاقل، يريد ضمان مناطق نفوذه. وترشح في تسعين دائرة.
ثانيا: حزب الشعب الديمقراطي: يتمركز في المديرية الشمالية وفي مديرية كسلا. ويريد الفوز على الحزب الاتحادي في الدوائر التي كان فاز فيها الاتحادي في انتخابات سنة 1953، قبل انسلاخ حزب الشعب. وترشح في 75 دائرة.
ثالثا: الحزب الوطني الاتحادي: في المدن الكبيرة والصغيرة، وفي بعض الاقاليم. وترشح في كل دوائر الشمال ...
لأن الجنوب بعيد جغرافيا، ومختلف ثقافيا، تميل الاحزاب الشمالية، عندما يأتي وقت الانتخابات، نحو معاملته معاملة مختلفة. وكانه مشكلة قائمة بذاتها.
وتتفق الاحزاب الشمالية الثلاثة الرئيسية على عرقلة اكتساح حزب جنوبي واحد للجنوب حتى لا يوحد الجنوبيون كلمتهم حول طلب "الفيدريشن". لهذا، تخوض هذه الاحزاب الشمالية الانتخابات في الجنوب لتشجيع مرشحيها، او مرشحين مستقلين عن الحزب الرئيسي، حزب الاحرار الجنوبي. وهدف الشماليون واضح، وهو تقسيم النواب الجنوبيين في البرلمان الجديد، ليسهل عليهم اغراءهم بالانضمام الى هذا الحزب الشمالي او ذاك ...
بالاضافة الى هذا، يواجه حزب الاحرار الجنوبي مشاكله الخاص به:
اولا: فيه انقسامات كبيرة، اغلبيتها لاسباب شخصية.
ثانيا: يعاني من عدم نضوج الوعي السياسي وسط الجنوبيين.
ثالثا: توجد احزاب صغيرة في الجنوب تقدر احيانا على ان تتحداه ... "
مصر والانتخابات:
" ... نحن منزعجون جدا من الدور المصري الكبير في الانتخابات. وليس سرا ان حزب الامة يظل يرى انه انهزم في انتخابات سنة 1953، ولم يحصل على الاغلبية التي توقعها، بسبب تأييد واموال مصر للحزب الاتحادي.
على اي حال، تريد اغلبية السودانيين ان تكون واقعية فيما يخص العلاقة مع الجارة العملاقة في الشمال:
اولا: ستظل مصر تريد الوحدة مع السودان.
ثانيا: سيظل السودان يحتاج الى مصر.
وليس سرا ان الرئيس المصري جمال عبد الناصر يرى ان فوز حزب الامة بمقاعد كثيرة في الانتخابات سيكون كارثة بالنسبة للعلاقات بين البلدين.
وحسب منشورات شيوعية حصلنا عليها هنا في الخرطوم، يبدو ان الشيوعيين يعكسون هذه الراي المصري. يقولون ان حزب الامة هو العقبة الرئيسية امام تحويل السودان الى "دولة تنويرية (انلايتيند) على الطريقة الناصرية".
وحسب معلوماتنا، يستخدم عبد الناصر حيلا كثيرة للسيطرة على السودان، ولو جزئيا. ومن وقت لآخر، يخرج من اباطه حيله جديدة، ولابد ان في اباطه مزيدا من الحيل ... "
يحى الفضلي:
التاريخ: 4-4-1957
من: السفير، الخرطوم
الى: وزير الخارجية
الموضوع: الحزب الوطني الاتحادي
"مؤخرا، قابلنا يحى الفضلي، عضو اللجنة التنفيذية للحزب الوطني الاتحادي. ووجدناه مثل كثير من السياسيين العرب الذين يقولون علنا شيئا، ويقولون لنا سرا شيئا آخرا. يعتبر الفضلي "هاتشمان" (بلطجي) اسماعيل الازهري، رئيس الحزب، ويستخدمه في المواجهات والمناكفات. ولا يمكن اعتباره مفكرا سياسيا.
يبدو ان الازهري هو الذي ارسله لنا، بحثا عن مساعدات مالية للحزب، بعد ان جفت المساعدات المصرية بعد انشقاق حزب الختمية، حزب الشعب، الذي استحوذ على نسبة كبيرة من المساعدات المصرية. وبعد ان تحول الازهري من الحكومة الى المعارضة، ولم يعد فعالا بالنسبة للمصريين ...
وكان عبد الله خليل، رئيس الوزراء، قال لنا ان الحزب الاتحادي يعتقد ان السفارة تقدر على مساعدته، الحزب الاتحادى، بعد ان جفت المساعدات المصرية. ونحن قلنا لخليل ان السفارة لا تنحاز نحو حزب ضد آخر. لكن، كرر خليل اقتراحه، وقال ان اهم شئ هو ان يبتعد الحزب الاتحادي عن الشيوعيين. وقال ان حزب الامة ربما يساعد الحزب الاتحادي ليبتعد عن الشيوعيين ...
وكان السفير البريطاني قال لنا ان الحزب الاتحادي طلب، عن طريق وسيط، مائة الف جنية، قبل حرب السويس (سنة 1956، عندما اشتركت بريطانيا وفرنسا واسرائيل في احتلال قناة السويس، بعد ان امم الرئيس عبد الناصر قناة السويس). وقال لنا السفير ان الحزب الاتحادي، ربما بسبب نفقات بريطانيا في الحرب، خفض الطلب الى خمسين الف جنية. لكنه لم يلغي الطلب، رغم انه ادان العدوان على مصر.
نحن سنواصل الاتصال مع قادة الحزب الاتحادي، رغم انهم لا يخجلون من طلب مساعدات من سفارات. طبعا، نريد متابعة سياسات الحزب ودراستها. لكننا نفضل الا تكون اتصالاتنا عن طريق الفضلي، لان مقابلتنا معه كانت سلبية بالنسبة لراينا فيه:
اولا: قال انه يريد علاقة قوية مع السفارة لان الختمية يحصلون على مساعدات من السفارة المصرية.
ثانيا: قال انه سمع ان حزب الامة يحصل، بطريقة خير مباشرة، على مساعدات من الولايات المتحدة، عن طريق السفارة السعودية، والسفارة الاثيوبية.
ثالثا: قال ان محمد احمد محجوب، وزير الخارجية، والموجود حاليا في الولايات المتحدة، قدم الى وزير الخارجية، جون فوستر دالاس، تقريرا عن الخطر الشيوعي في السودان، وان حزب الامة يقود الحملة لوقف هذا الخطر. وان الشيوعيين يريدون السيطرة على السودان.
رابعا: قال الفضلي، لهذا، يريد حزب الامة مساعدات امريكية ليفوز في الانتخابات القادمة ...
ونحن كررنا للفضلي اننا لا ننحاز مع حزب ضد آخر. و قلنا له اننا نعرف ان الحزب الاتحادي ليس شيوعيا. لكننا قلقين بسبب تحالف الازهري ومبارك زروق ويحى الفضلي مع الشيوعيين. وبسبب تصريحات صدرت مؤخرا عن برنامج الرئيس ايزنهاور (مشروع ايزنهاور) تشبه تصريحات الشيوعيين. وفيها اكاذيب عن تدخل الولايات المتحدة عسكريا في دول الشرق الاوسط، بينما البرنامج ليس الا مساعدات عسكرية واقتصادية.
ونحن قلنا للفضلي اننا نريد الاستقرار للسودان. ويحتاج هذا الى حكومة مسئولة، ومعارضة مسئولة. لكن، تبدو لنا تصريحات اخيرة من قادة الحزب الاتحادي بانها غير مسئولة ...
وقال الفضلي اننا لا نعرف مدى رغبة حزب الامة في تدمير الحزب الاتحادي. ولهذا، يجب الا نقدم مساعدات مالية لحزب الامة. ونحن قلنا ان حكومة عبد الله خليل، حكومة حزب الامة، لم تطلب منا اي مساعدات، عكس ما تكتب الصحف السودانية، وعكس ما تنشر الاشاعات.
وحكى لنا الفضلي قصة ذكريات طويلة عن حياته، بداية بسنواته طالبا في كلية غردون. وقال انه، في ذلك الوقت، كان يؤيد السيد عبد الرحمن المهدي، ويرى انه زعيم السودان الحقيقي. وفي وقت لاحق، عمل مستشارا له. لكن، تدخل دوقلاس نيوبولد، السكرتير المدني، وبالتعاون مع محمد علي شوقي، ومحمد صالح الشنقيطي، ومحمد الخليفة شريف، للوقيعة بينه وبين المهدي. وكانت تلك نهاية تعاونه مع المهدي، وبداية تعاونه مع الميرغني ...
وقال، في قصة ذكرياته الطويلة، انه، مع اقتراب استقلال السودان، عاود الاتصالات مع المهدي ليتحالف حزب الامة مع الحزب الاتحادي، وليكون المهدي رئيس الجمهورية، والازهري رئيس الوزراء. وان احمد يوسف هاشم ومحمد احمد عمر ايداه. لكن، اعترض ليبراليون داخل الحزب الاتحادي، مثل محمد جبارة العوض وحسن عبد القادر. وقالوا: كيف يتمرد الازهري على سيطرة طائفة الختمية، ثم يتحالف مع طائفة الانصار؟
وكرر الفضلي انه، حتى اليوم، يرى ان الاستقرار الحقيقي في السودان هو في تحالف حزب الامة والحزب الاتحادي. ومرة اخرى، كرر الفضلي طلب مساعدة. ومرة اخرى، قلنا له ان الحكومة الامريكية لا تساعد حزب ضد آخر، لكنها تقدم مساعدات من من حكومة الى حكومة. وقال الفضلي انه يفهم ذلك، وشكرنا ...
الشريف الهندي
التاريخ: 7-4-1957
من: السفير، الخرطوم
الى: وزير الخارجية
الموضوع: مقابلة الشريف الهندي
"في الاسبوع الماضي، دعا السيد عبد الرحمن الشريف يوسف الهندي، زعيم الطريقة الهندية، طاقم السفارة الى حفل شاي في منزله.
كان كريما، وتحدث كثيرا عن طائفته، لكن مع بعض المبالغات. قال ان عدد مؤيدي الطائفة يزيد عن مليون شخص. لكننا نعتقد ان العدد لا يزيد عن مائة الف شخص. وحسب معلوماتنا، وصلت الطريقة قمتها في عهد والده الذي توفى قبل اكثر من عشر سنوات. ثم بدأت تنخفض في الحجم وفي الاهمية.
رغم ان الهندي يعتقد اانه في مرتبة المهدي والميرغني، يبدو واضحا ان ذلك ليس صحيحا. اضف الى هذا ان شقيقه، حسين، قسم الطائفة، وانضم مع مؤيدين الى الحزب الاتحادي. وتبدو ان هذه عادة وسط عائلات سودانية رئيسية. مثل عائلة ابو سن التي انقسمت بين الحزب الاتحادي وحزب الشعب الختمي.
اكرمنا الهندي في منزله. لكننا لم نلاحظ ذكاء يجعله مفكرا. ويبدو ان تعليمه ديني فقط. وعرفنا انه، احيانا، يسلك سلوكا "اوبورتيونستك" (انتهازي). ومرة، تندر امين التوم، وزير الدولة، وقال ان الهندي ليس متأخرا، وانه يتمتع بوعي سياسي كبير لانه "يتنقل من حزب الى حزب."
خلال حديثنا مع الهندي، شن هجوما عنيفا على الشيوعية. وقال انها تهدد استقلال السودان. وان المصريين يساعدون الشيوعيين السودانيين بارسال صحف ومجلات يسارية. وان السودانيين لا يثقفون في المصريين. وايدوا المصريين خلال حرب السويس، لكن كان ذلك تأييدا مؤقتا. وان المصريين لن يغفروا للسودانيين لانهم رفضوا الاتحاد معهم، وفضلوا الاستلقلال سنة 1956.
وقال ان المهدي يعارض المصريين بنسبة تسعين في المائة. ومع ابتسامة خبيثة، قال ان الميرغني يعارض المصريين بنسبة سبعين في المائة، وذلك لانه يريد مساعدتهم في الانتخابات القادمة ...
وعندما تحدثنا عن يحى الفضلي، وقوله لنا انه يؤيد تحالفا بين المهدي والازهري، قال الهندي انه يؤيد مثل هذا التحالف. لكن، لن يسكت الميرغني وهو يرى حليفه المهدي يتحالف مع الازهري.
واضاف الهندي ان الفضلي ربما يريد التحالف مع المهدي ليزيد اسهمه في المنافسة داخل الحزب الاتحادي بينه وبين الازهري. وان الازهري، حقيقة، يخالف من ان يتغلب عليه الفضلي ويسيطر على الحزب الاتحادي.
وقال الهندي ان الحزب الاتحادي سينهار اذا خرج منه الفضلي. وذلك لان الفضلي هو "دينمو" الحزب. وكرر الهندي الكلمة. كان الهندي يتحدث معنا باللغة العربية، رغم انه يبدو قادرا على استعمال كلمات انجليزية. ونحن لاحظنا هذه العادة وسط هؤلاء القادة السودانيين. يفضلون الحديث باللغة العربية حتى لو كان يعرفوا قليلا من الانجليزية، وذلك خوفا من ان يخطئوا، ويقلل ذلك من كرامتهم وفخرهم بنفسهم وبثقافتهم.
لهذا، عندما سمعنا الهندي يكرر كلمة "دينمو" في وصف الفضلي، اعتقدنا انه يستعمل كلمة انجليزية، حتى عرفنا انها تستعمل في وصف الفضلي وكأنها كلمة عربية ... "
--------------------------------------
الحلقة القادمة: نتائج الانتخابات
-------------------------------------
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.