كثرة الشكوى عبر وسائل الإعلام والتواصل الإجتماعي المكتوب والمسموع عن تذمر أغلب أهل السودن وهم يعانون الأمرين " غلاء الأسعار نتيجة التضخم وهدر الوقت الثمين انتظارا فى صفوف البنزين أو الرغيف. أحببت أن أذكر الجميع بأن هذا المشهد ليس بجديد ، فقد حدث خلال سنيين حكم النميري الأخيرة فأطاحت به تلك الظروف رغم أنه شخصياً وبغض النظر عن إسقاطات حكومته قد إتضح أنه لم يكن فى شخصه وسلوكه حرامياً أو فاسدًا ، أيضاً تكرر نفس المشهد خلال العشر سنوات الأخيرة من حكم نظام الإنقاذ البائد والسبب كان واضحاً أن موارد السودان من بترول وذهب كلها قد سرقت من قبل مافيا نظام على حساب أربعين مليون مواطن. إضافة إلى ذلك النهب كانت هناك قنوات تصريف جرارة استهلكت كماً مهولا من مال السودان ، على رأس ذلك تمويل الباذخ الحروب الداخلية " حكومة تحارب ضد مواطنيها" وكذلك تمويل منظمات عالمية ودول لا علاقة للمواطن السوداني بها أو بمنفعة مرجوة منها ستعود إليه ، إنما فقط وجدت ذلك الدعم الأريحي لأن سياستها تتوافق مع أيديولوجية النظام الحاكم ذلك الزمن. سنين مضت أذكر أثناء تفاقم العوز حتى صار الكريم العفيف مضطراً يتحسس العون من الآخرين ، قمت بكتابة المقال أدناها صورت فيه بإختصار "نثرًا وشعراً" لوحة تحكي حال معظم البيوت السودانية. بالصدفة كان تاريخ نشر المقال خلال شهر اكتوبر قبل سبعة سنوات. أستبيح القاريء عذراً فى إعادة نشره وهذا ليس قدحاً فى سياسة السيد رئيس الوزراء لكن السبب هو علة ما بقي من سرطان الحكم البائد الذي لا يزال ينهش ما تبقى من جسد برغمه نحيل. الحل يا السيد رئيس مجلس الوزراء فى إجتثاث المرض قبل كل شيء " فالجسد لا يقبل هكذا تأهيلًا " زهرة الليلاك : "مهداه لمن يهمه الأمر" بقلم د طبيب عبدالمنعم عبد المحمود العربي نشر على سودانايل فى اكتوبر 2014 الضمان الإجتماعي وتأمين العيش والعلاج وحتي السكن للمحتاج مسؤلية الحكومات في دول أروبا وأميريكا. في السويد بعض الوافدين من بلاد الشام الذين يستفيدون من الإعانة الإجتماعية من الدولة يطلقون لقب "بيت العم" علي مكتب المساعدة والتأمين الإجتماعي وذلك لأن المكتب يكفيهم من الحاجة واللجوء الي التسول وأعوذ بالله من العجز والفقر وضرورة مد اليد للآخرين من البشر، خلافا لما عهدناه نحن في السودان فكلمة "العم" تعني والد الزوجة عند أهل الشام والخليجيين. للأسف الشديد في بلاد العالم الثالث لا يوجد ضمان إجتماعي شامل حددت له وزارة لها ميزانيتها الكافية خاصة في بلاد المسلمين التي تفيض معظم خزائنها وجيوب حكامها بالثراء الفاحش. عندنا في السودان الجميل أريحية تكافل إجتماعي مميز وإشتراكية جاءت عفوية وقد تأصلت من ينابيع الكرم الفطري الذي جبل عليه الإنسان السوداني علي مر العصور خاصة في القري والبوادي البعيدة . عندما كنا طلاباً في مراحل الدراسة حتي الثانوية منها كنا نلاحظ إكتظاظ مكتب البريد مع بداية كل شهر وذلك لأن الكثير من الموظفين والعمال الذين يعملون في أصقاع السودان القريبة والبعيدة يحرصون علي مد أهلهم وذويهم شهرياً بالعون المالي من غير ضجر مهما قل الدخل وكان الناس هكذاحامدين شاكرين وفي غني عن السؤال وكانت أموال الزكاة الطوعية من قبل الموظفين والتجار والمزارعين تصل إلي ذوي القربي خاصة ثم المساكين وتحل مشاكل كثيرة. جاء عهد الرئيس الأسبق النميري بالفكرة "الجهنمية" إنشاء ما يسمي "ديوان الزكاة". الهدف منه أن يفي بحل حاجة الفقراء والمحتاجين ويقضي علي الفقر كلية فهل ياتري نجح المشروع في مسعاة وهل حقق الهدف المنشود علي مر عقود طويلة من السنين وهل هناك دراسة بحثية علمية في جدواه (سلبياته وإيجابياته) وهل يجب أن يستمر علي وضعه أم ماذا؟؟؟ وهل نحن السودانيون نتقبل النقد بروح طيبة من أجل الإصلاح؟؟؟. إنني أعرف أن أسراً وكثيرون لم يسمعوا أبداً بديوان الزكاة ولم يسمع هو بدوره عنهم. كعادة التواصل عبر الأسافير والتيليفوني هذه الأيام إتصلت مرة بشقيقي الذي يعمل بجدة د. محمد استشاري الكبد والجهاز الهضمي فقال لي من ضمن الحديث "أحمد الله أنني قد قضيت أجمل عطلة بنهاية الأسبوع في المدينةالمنورة وعند خروجي مودعاً من باب مهبط الوحي رن الموبايل وصوت ينادي من إحدي مدن السودان البعيدة. قال تعجبت لأنني لا أعرف أحداً في تلك المدينة. فقال المتصل أنا فلان. بالله أسعفنا علي بنك النيلين رقم الحساب ..... وانقطع الإتصال". الرسالة قد وصلت. تلك القصة الحقيقية أثارت فضولي وخيالي ولكن لم أجرأ لأسال عن من هو فلان ذاك. لكن للأسف نجد في الواقع أن مثل فلان هذا يكثر شكلا ولونا وحالا في زمننا هذا، والذي يزور الخرطوم يشعر بالمرارة إذا لا قدر الله ذهب ليشتري بنفسه خبزاً من أي المخابز أو خضاراً أو فاكهة لأن أشخاصاً كباراً وأطفالاً جوعي كثر يحاصرونه عبر الصف الطويل ويأبي ضميره بتغابيهم والمشهد يتكرر كل ساعة وكل يوم وفي كل حي ومدينة فما الحل يا رب ؟.فكرت في "فلان" ذاك الذي اضطر للسؤال عبر القارات بحثاً عن العون والنجدة السريعة بعد أن عجز محلياً عن توفير ما يسد رمق أهله أو يفي بحاجاتهم. لعله في الأربعين أو الخمسين أو الستين من عمره ولعله أباً لصغار يحتاجون عونه لمواصلة التعليم أو لعله يعول كباراً أهلكهم المرض وأرهقته هو تكاليف علاجهم .... إلخ. تخيلت زوجة فلان تلك. لعلها كانت زهرة جميلة عندما خطبها ودخل بها. مهما تكن فإنها لجميلة عنده. بنيا قصوراً ذهبية في الخيال الواسع وسافرا في عوالم الأمل العريض الذي لا يحتاج إلي جوازات سفر أو تأشيرات خروج ودخول ورسوم مغادرة. لكن بمرور السنين والتي صارت عجافا لم تغدوا الحياة هي الحياة ولا الأمل هو الأمل ولا حلاوة الوصل وصل سهل مفرح تجتر ذكرياته . تخيلت مؤتمر تلك الأسرة الصغيرة المحتاجة الذي يعقد كل صباح وكل مساء وللأسف من غير نتائج موجبة وجدوي أو بارقة أمل. وتخيلت حال أولئك الذين سحقتهم الحروب الغاشمة الرعناء. لذلك علي لسان "فلان الفلاني" الذي لا أعرفه وقد إتصل يوماً بشقيقي أهدي من الأعماق هذه الكلمات الشاعرات إلي من له شعرة من ضمير حي : "لمن يهمه الأمر" وأسأل الله صادقاً أن يبدل حال كل فلان محتاج وحال كل زهرة فقدت نضرة النعيم والجمال الأنثوي نتيجة الفقر والجوع والمرض وحال كل أسرة بعثرتها الحروب والكوارث وأن يجزيهم الله أحسن الجزاء علي الصبر الجميل ...... وأقول إذا ضاقت هذه الدنيا العبوس بأحد، فإن الآخرة أرحب للذين يعرفون حقيقة الدنيا والآخرة زهرة الليلاك جاءت فى خريف دنياهاالغض كعادتها هزيلة هلكانة تحاورني بشقاوتها وكثير شكواها تؤرقني كهرباؤنا انقطعت نارنا انطفأت ماؤنا انعدمت بطون أطفالنا جاعت شياهنا حليبها قطَّ فما الحل يا شيخ؟ قلت ماذا دهاك يا زهرة الليلاك ُكفِّى بالله عنى كثير شكواك يا عجبى ويا قدري أما دراك يازوجتي المثلي بنت فلان إن الجيب فلسان والقلب سقمان والبدن هلكان فما عادت الدنيا روح وريحان ؟ دعينا نقف في ليلنا ندعو لعل سماؤنا تسخو وفرجاً قريباً يبشر به الصبح نشوف أطفالنا فرحى و"تنطط" أغنامنا مرحى تعود لشفاهنا البسمة و طعم حياتنا يحلو من جديد نعود نشدو طول صبحنا نشكر نواصل كل ليلنا ندعو محامل الخير والفرح علها علي شواطئنا ترسو عبدالمنعم عبدالمحمود العربي اللهم إغننا بحلالك عن حرامك وأغننا بفضلك عن من سواك. اللهم لا تكلنا إلي غيرك طرفة عين. إستشاري باطنية وكلي - المملكة المتحدة عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.