لَيْسَ لِي أَنْ أَبْخَسَ مِنْ شَأْنِ اي اِتِّفَاقَ سِلَامٍ فِي حَرْبٍ لَمِ اِحْمِلْ فِيهَا بُنْدُقِيَّةُ وَ لَمْ تُصِبْنِي طَلْقَةٌ.. بل ارحب باي مسعى .. ذَلِكَ انَّ السُّلَّامَ وَ انَّ كَانَ نَاقِصَا يَظِلُّ أَحَقْنٌ لِلدِّمَاءِ وَ أَضُمَّنَّ لِلْاِسْتِقْرَارِ وَ اُقْلُ كَلَفَّةٍ مِنْ حَرْبِ لَا تَبْقَيْ وَ لَا تَذَرْ... غير أن الترحيب لا يمنع عن السؤال عن كم من الأيام علينا الانتظار لاختبار جدية الاطراف في الالتزام باتفاقهم؟ لحسن الحظ لن يطول الانتظار هذه المرة ، ف" العريس من بشتو.." و اتفاق جوبا الذي يضم مئات المواد و البنود، منها على الأقل بند واحد أراه من أشجع نصوص الاتفاقية و يمثل رشة الخريف و بشة العريس. و هو بند لا يكلف تنفيذه مليماً احمر و لا دولاراً أخضر.. لِيَتَعَلَّلُ أَحَدٌّ بِنَقْصِ الْمَالِ. يرد في اعمدة و جداول مصفوفة تنفيذ اتفاق دارفور الصفحة 13 الصف العاشر .. ستجد في عمود الانشطة ما نصه الآتي: التعاون مع المحكمة الجنائية الدولية و تيسير مثول المطلوبين أمامها ، والالتزام بقرار مجلس الأمن الدولي 1593. ثم يعلمنا العمود التالي بذات الجدول بالتوقيت الذى اتفق عليه الطرفان لنفاذ ذلك.. تقول المصفوفة : بعد التوقيع علي الاتفاق النهائي مباشرة.. الان و قد تم التوقيع النهائي؟ فمتي "مثول" المخلوع البشير وعبد الرحيم محمد حسين و احمد هارون امام محكمة لاهاي؟ الاجابة تعتمد علي معني كلمة "مباشرة" .. و برأي اذا التزم الطرفان بهذا البند في مواقيته سلم الاتفاق و اذا لم .. اضيف اتفاق جوبا لعشرات اتفاقيات و وثائق ومصفوفات سلام قبله.. لا اقول في شأنها إلا أنها : سلام و السلام.. يجب ملاحظ ان مصفوفة تنفيذ اتفاق جوبا بمسار دارفور تحديدا حسمت المواقيت غالبا بارقام و اعداد .. مثلا سيضمن اتفاق جوبا بالوثيقة الدستورية خلال عشرة أيام من التوقيع النهائي بينما تعيين الوزراء سواء كان باستحداث وزارات جديدة او احلال و ابدال بعد ذلك بسبعة أيام وكذلك تعيين اعضاء السيادي الجدد و هكذا .. أما مثول البشير و بقية المطلوبين لمحكمة الجنايات الدولية فلم يتفق عليها برقم إنما بكلمة .. فهل يعني بعد التوقيع علي اتفاق السلام مباشرة ؟ بعد يوم ؟ بعد عشرة؟ شهر؟ بالنسبة لفهمي ان مباشرة تعني مباشرة.. و لكن لا بأس من انتظار سبعة عشر يوماً هي أمد إدراج اتفاق السلام بالوثيقة الدستورية و تسمية الوزراء وأعضاء السيادي الجدد معاً. و لنر من سيلج الفتيل، المخلوع و صحبه من المطلوبين ؟ أم مصفوفة اتفاق جوبا. و يبقى إنزال هذا البند تحديدا اختباراً للجدية والرغبة في تنفيذ الاتفاقية علي أرض الواقع و الالتزام بها..ذلك ان البند لا يحتاج الي اي اعباء مالية لتنفيذه كما ذكرنا .. بل علي العكس، من المؤمل ان يسهم التعاون مع المحكمة الجنائية الدولية في التأكيد علي جدية السلطة الانتقالية بالخرطوم بِمَا يُمْكِنُهَا من الحصول علي دعم لتنفيذ اتفاق سلام جوبا و دفع فاتورته الطائلة والا فمن اين لنا باعباء تكاليف العودة الطوعية للاجئين، قضايا الأرض والحواكير، إعادة الاعمار، التعويضات وإعادة الممتلكات، العدالة الانتقالية والمصالحة وإنصاف الضحايا و .....والمفتاح عند النجار والنجار عايز فلوس والفلوس عند السلطان والسلطان عايز عروس..و العروس عايزة لاهاى. أمريكا ترامب تريدنا أن ندفع لها رغم انها تطبع الدولارات و نحن دولة على قدر حالنا .. الاتحاد الأوروبي و نادي باريس يشترطون - كما تفضل الإمام الصادق المهدي- أنضمام السودان لمحكمة الجنايات الدولية كشرط لإعفاء ديوننا التي تجاوزت الستين مليار دولار. الفرصة جاءت الآن لاصطياد عصفورين بحجر، انصاف أهل دارفور واعفاء الديون .. فمن أجل ماذا نضحي بتأجيل العدالة و تأخير الفوائد المترتبة على التعاون مع محكمة الجنايات الدولية؟ تقول لي انها مجرد و عود و سراب .. أقول لك فتحنا خشم بقرة نتنياهو بحثاً عن رفع اسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب و سال لعابنا لثلاثة او سبعة مليار دولار و قلنا لنا نوقنا و للأقصى رب يحميه . فهل سندقق فى وعد إعفاء الأوربيين للستين مليار و هي اصلاً في بطوننا و المقابل هم مجرمو الحرب؟ ثم بيني و بينك دعنا من ساس يسوس ، هل تستحق دولة تحمي حتى الآن مجرم قتل أكثر من مائتي ألف و شرد اكثر من مليوني شخص غير البقاء في قائمة الدول الراعية للإرهاب؟ .. خاصة و أنها و بعد عام ونصف من سقوط هذا المجرم لم تفتح بلاغاً واحد ضده في هذه الجرائم ..او لعله لازال- اي البشير- جلدنا الذي لا نجر فيه الشوك رغم تغير الزمان وتبدل الاحوال..أم أن الإرهاب هو قتل الامريكيين فقط ؟ شكراً مصفوفة اتفاق جوبا.. آخر القول أن روح الراحل الخالد جون قرنق و حكومة و شعب الجنوب بزعامة الرئيس سلفاكير أهدونا و بعد عام من التفاوض السبت الماضي انجاز احد اكبر مهام الفترة الانتقالية المتمثلة في التوصل لاتفاق سلام قابل للاضافة لاستصحاب من تخلف و خطوة نحو أحد شعارات الثورة ثلاثية الاضلاع. و الآن الكرة بملعب اطراف الاتفاق لتحويله من سلام على الورق، الى سلام على الأرض ينعكس على استقرار النازحين وعودة اللاجئين من المعسكرات وانصاف المظلومين و غيره من موضوعات تخاطب جذور المشكلة و تعالج آثار الحرب.. و السلام سمح .. و السلام حلو .. و السلام نور.. و حتى ان كان "سلام و السلام " فمرحبا به. عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.