التصريحات التي أدلى بها الدكتور عبد الله حمدوك لصحيفه الفاينانشال تايم بخصوص الموقف السلبي التي تتخذه الادارة الأمريكيه من حكومته ..هذا التصريح يعبر عن خيبة امل بالغه تلبست الرجل .. وحالة احباط مزريه تبين من بين ثنايا حديثه عن المخاطر التي تحيط بالفترة الانتقاليه..بل صعوبه الوصول بها الي مرافئها الختاميه حيث الانتخابات والاتجاه نحو تجربه ديمقراطيه جديده كهدف أساس للتغيير الذي حدث في ابريل2019 ..وحق لحمدوك أن ينزعج ويغضب من المماحكه والتباطؤ الأمريكي في إنفاذ الوعود والإيفاء بالعهود..فلقد كان الرجل متفائلا حد الاسراف عند تسنمه قمة الجهاز التنفيذي ..وأطلق الوعود وداعب الاحلام ورفع سقف الطموحات الي أقصي مدي..وراهن علي فرس الخارج اكثر من رهانه علي مابين يديه وتحت قدميه..واستجاب لكل طلبات الجانب الأمريكي في خفه ولهاث يحسد عليهما..حتي لو أحدثت هذه الاستجابه أضرارا بليغه سياسيه واقتصادية للشعب السوداني..ولكنه كان يعول علي سرعة الاستجابه الامريكيه لتعويض هذه الخسائر وجبر الضرر الذي اتي من تلقاها..املا كان يراه قريبا و في متناول اليد..ويراه من له ولو قدراضئيلا من الحصافه السياسيه أبعد من الثريا ..فالجراب الأمريكي لاتنفد افاعييه(جمع افعي) وحياته (بتشديد الياء).. فكلما بطل مفعول حيه أو افعي اخرج الأخري ..المدمره كول..سفارتي نيروبي ودار السلام..برجي مركز التجارة..واخيرا عقده المنشار..التطبيع مع إسرائيل ..وهنا مربط الفرس ..اذن الأمر منذ البدايه لم يكن امر رعاية ارهاب أو امر دولة متمردة علي المجتمع الدولي..إنما الأمر كله الطفلة المدلله إسرائيل.. أمنها.. واستقراره.. وسلامتها واستدامته..وهذا الامن..حدوده آلاف الأميال ..لاتقف في وجهه حدود دوله..أو مصلحه شعب..أو انمحاق امه..المهم إسرائيل اولا..ومن بعدها الطوفان..هذه الاعتبار لم يطرق ذهن الموظف الاممي المرموق والخبير الاقتصادي الفطحل بتاتا..والاقدار تضعه علي رأس فترة انتقالية من أصعب الفترات الانتقاليه التي مرت علي تاريخ السودان الحديث واقساها..لقد كانت رهانات الدكتور حمدوك من البدايه رهانات ساذجه بها قدرا من المثاليه وحسن الظن الكبيرين ..كان عليه ابتد0 أن يصوب نظره الي الداخل..فالبلاد لم تكن عدما محضا..صحيح أن التردي بلغ مبلغا عظيما..لكن كان هناك مايمكن البدايه به والبناء عليه..ففي المجال الاقتصادي مثلا لو كان لحمدوك مستشارين ذوي كفاءة وبصيرة..لكان اول نصيحه يسدونها إليه ..هو الذهاب لمناطق الزراعه بشقيها المروي والمطري..وللمصادفه فإنه مع بدايه ممارسه الحكومه الانتقاليه لمهامها في اغسطس2019 كان موسم الأمطار مبشر للغايه..فلو ذهب حمدوك ورهطه لهذه المناطق وراي علي الطبيعه كميه الإنتاج من سلع الصادر والمعوقات التي يمكن أن تسبب في عدم الاستفاده القصوى من هذا الإنتاج والعمل علي تلافيها وإزالة اسبابها ..ومن ثم نصحه رهطه بأن تكون الخطوة التاليه الاجتماع مع غرفه الصادر.. الذين وعدوا الرئيس السابق بأنهم _بإستطاعتهم_ تقليل الفجوة في الميزان التجاري البالغه 9 مليارات من الدولارات الي4مليارات يمكن أن تأتي من مصادر أخري كالمعادن بأنواعها والبترول ..وعدوا الرئيس السابق بهذا شريطه قرارات حازمه تزيل العوائق والمعوقين وارباب البيروقراطيه القاتله ..هذا عرض جاهز كان يمكن لحمدوك أن يبدأ به..وان يفعل مالم يفعله سلفه..ويبسط يده للمصدرين واعدا إياهم بكل ما يطلبون شريطه ان يفوا بألتزامهم بخصوص عائد الصادر (5 مليار دولار)..لو وضع حمدوك أمام ناظريه مابين يديه لاغناه ذلك عن اليد السفلي ..يستجدي امريكا وصويحباتها ..ولانتهج نهجا مغايرا في السياسه الخارجيه يجعل امريكا تطلب وده وقربه...لماذا سرب حمدوك وحاضنته السياسيه.. لدول لها وجود راكز في السودان لعقود عده..سرب لهم احساسا بأنهم غير مرغوب فيهم وان العصر القادم في السودان هو عصر امريكا..ما المصلحه بان ندير وجهنا للصين صاحبه أكبر استثمارات في البلاد في مجالات الطاقه والبني التحتيه..صحيح كان لها بعض الخلافات مع النظام السابق في اخر سنينه ..لكن قدرا من الكياسه مع بعض من دهاء سياسي..كان يمكن أن تصل حكومه حمدوك لصيغه ترضي الصين وتراعي مصلحه البلاد.. وفي النهايه فإنها سترضي بأي تسويه حتي لاتضيع عليها تدفاقاتها النقديه التي تحسب بمليارات الدولارات سدا..وكذلك لن تترك الساحه فراغا ليملأوه عدوتها اللدوده ومنافستها في السيطرة علي اسواق العالم امريكا..لو فعل حمدوك ماذكرناه لعبر حقيقة(الكلمة الذي ظل يرددها دائما) لامجاز وطق حنك..ولو فعل لاتته امريكا قطعا للطريق علي التنين الصيني..أو الدب الرئيسي..أو أي كان غيرهما.. فإثارة الغيرة بين الفاعلين الدوليين تنافسا عليك..يجعلك تمتلك نقاط قوة فاعله ..وكروت ضغط كثيرة..وهامش واسع للمناورة تجعلك المستفيد الاعظم..من هذا المارثون اللاهث..قد تكون لديك عناصر قوة عظيمه لكن بغفلتك وعدم انتباهك ..وحاله الدروشه التي تعتريك..تضيع عليك اللحظه التاريخيه الفارقه التي كان من الممكن أن تجعلك في الثريا بين النجيمات البعيده لو اهتبلتها..بدلا من وحل التخلف والازدراء الذي تقبع فيه..وهي لحظات تأتي خطف تري كالطيف العابر... لقد أضر قصر نظر حكامنا بنا ضررا بالغا..فنحن منذ جيل(صحن صيني لا فيه شق ولافيه طق) دون ان يعلموا الأجيال اللاحقة كيفيه المحافظه علي هذا(الصحن) ..منذ تلك الحقبة مانزال نستنسخ اخطاءنا الكبري بشكل يدعو للرثاء والامتعاط والشفقه..فنحن لم تعلمنا تجاربنا الذاتيه.. ذات الاخطاء المركبه ..ولم نتعلم من تجارب امم تفوقنا علما وتجربه..ولامن امم سبقناها علما ومعرفه ..بل علمناها كيفيه التعامل مع الحياه بحدها الادني..فأخذت منا اول الطريق ثم رسمت زي منهجا وسارت عليه حتي حققت ماتصبوا اليه..وتركتها خلفها نجتر الذكريات ونبكي علي الاطلال..حقا نحن شعب نسيج وحده.. ظللنا نهدر في الفرص الواحده تلو الأخري..حتي وصل بنا الحال بما عليه اليوم..استصغرتنا اشراف الامم وحقيرها....طمع في مابين ايدينا..رفيع الشعوب ووضيعها ..استأسد علينا حتي الصغار الذين لأهم في العير ولا في النفير..أصبح الكل يستوطأ حائطنا..يريد أن يقفز داخل حرمنا بحثا عن موضع قدم ليحقق مآربه..فلا عجب فلقد كدنا ان نصبح كالفريسه تحيط بها الضواري من كل شكل ونوع.. ينتظر الجميع احتضاره ليأخذ كل نصيبه ..لكن هل ينجح المتربصون ؟؟! وحدنا من يملك الاجابه نفيا أو اثباتا.. عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.