بسم الله الرحمن الرحيم وأفضل الصلاة و أتم التسليم على سيدنا محمد. مشاهدة الكثير من الڨيديوهات المتداولة ذات الطابع السياسي الصادرة من جهات (سودانية) مختلفة تصيب المرء بالقشعريرة السياسية و الغثيان و ذلك لما تحويه من البذآءات و الأرآء المتطرفة التي لا تدعو إلى الإقصآء و حسب بل تروج للفرقة و العنصرية و الجهوية و القبلية و التقتيل و الإبادة و الطرد و الإحتلال. في الآونة الأخيرة تعالت النعرات العنصرية و القبلية و الخطاب الجهوي في بلاد السودان بصورة غير مسبوقة و انحسر الحس الوطني تماماً حتى بين الكثير من "المتعلمين". و الحال هو أن المصالح الشخصية و الجهوية و القبلية قد علت كثيراً على المصلحة العامة و مصلحة الوطن الكبير الذي تقطنه كل (الشعوب السودانية) ، و أصبحت العديد من الجماعات و الجهات ترى مصالحها الحقيقية في الوطن (الجهة) و في (القبيلة) الممتدة عبر الجهة الأخرى من الحدود و ليست مع هذا (الوطن السودان) في هذا الجانب من الحدود. و الخطورة في أن هذا الخطاب العنصري/الجهوي/القبلي له فعل السحر و القبول الواسع وسط جموع البسطآء الذين يجمعهم الغبن و الحرمان و الفاقة ، هؤلآء البسطآء ليسوا في حوجة إلى الكثير من الجهد حتى يحفزوا و يساقوا إلى طريق التطرف المفضي إلى الإنفجار و العنف و الدمار. الشاهد أن البراكين الموشكة على الإنفجار قد طغت على الخارطة السياسية و الجغرافية في بلاد السودان. بعض الأرآء المتداولة حالياً في المسآئل الشآئكة في السياسة و التمثيل في إجهزة الحكم و الجهاز التنفيذي و الإقتصاد و دمج الحركات المسلحة في القوات النظامية التي يتم تداولها في النقاشات قد حادت عن الجادة و التفكير القويم و أصبحت لا تسير على طريق السلام و الوحدة الوطنية و لا تشجع (إطلاقاً) على التفآؤل. و لمن يشكك أو يسأل عن الشواهد و الأدلة على هذه (الإعتقادات) فهي متاحة في الشبكة العنكبوتية و الوسآئط الإجتماعية و في الإعلام المرئ و المسموع و المقروء و في أحاديث قادة الجماعات المسلحة و في تصريحات بعض من التنفيذيين و السياسيين و الناشطين و في أحداث الشرق و الغرب و الجنوب. يبدوا أن الفرقآء المتخاصمين في بلاد السودان لا يملكون المزاج السياسي و لا المقدرة القيادية على تقديم الحلول أو التنازلات التي تقود إلى التوافق و السلام ، بل لا يبدوا أن لديهم الرغبة في التوافق أصلاً ، و يبدوا أنهم لا يعلمون أن التعايش لا يكون إلا عن طريقة المحبة و التسامح و الرحمة و إحسان الظن في الآخر و قبوله و في تجاوز المرارات و في تقديم التنازلات المتبادلة ، و يبدوا أنهم يجهلون أن الأمم لا تبنى عن طريق الكراهية و الإقصآء و لا بمحاكمة التاريخ و الموتى ، و أن الشعوب و الأمم لا تتطور و تنمو بالأماني و الخطب و الإحتفاليات الغنآئيةَ ، و إنما تبنى بالرؤى الواضحة الطموحة و الخطط و المشاريع التنموية التي يقف من ورآءها الجهد و العمل الشآق و ذلك في أجوآء من المحبة و الرحمة و السلام ، و يبدوا أن العوامل الأخيرة قد تفوقت في شحها على ندرة الوقود و الخبز في بلاد السودان. ما حسبه بعضٌ من الشعب السوداني أنه إتفاقيات سلام تنظر إليه جموع من شعوب بلاد السودان على أنه محصاصات و (تهميش) جديد و بصورة مبتكرة للمعسرين من غير أهل الأطراف ، و أن الإتفاقات الأخيرة قد فشلت في لم الشمل و في الخروج بقرار واضح حول كيف تحكم بلاد السودان؟ و يبدوا أن الإتفاقيات الموقع عليها حديثاً لا تخرج في أحسن الإفتراضات عن دآئرة المكاسب الشخصية و الجهوية ، هذا الإتفاقات قد تمت قرآءتها خطئاً من جهات عديدة على أنها دعوات للإقصآء و الإنتقام (بأثر رجعي) ، و يبدوا أن هذه القرآءات الخآطئة قد وجدت قبول و صدى واسعين عند بعضٍ من الأقوام في بلاد السودان. يجب على كل الأقوام في بلاد السودان قبول الحقيقة الواضحة التي تشير إلى أن المحبة و الود و الرحمة في تناقص شديد بين مكونات الشعب السوداني (المراجع الأحداث في: كسلا/بورتسودان/دارفور/الخرطوم/الكنابي/جنوب كردفان/البطانة إلخ... إلخ... إلخ...) ، و أن عوامل الفرقة بين (الجماعات) و (الأقوام) في بلاد السودان أكثر من تلك التي تجمع. و يبدوا أن الهوة بين الفرقآء السياسيين و المتحاربين من العمق و التباعد بمكان يصعب معه الجسر أو الردم ، و يبدوا أنه لا مجال للتوافق أو التواصل أو الإلتقآء عند الوسط ، بل أن الشاهد أنه حتى جسور التواصل القآئمة الآن قد شاخت و انتهت مدة صلاحيتها و هي مقبلة على الإنهيار. إن الحديث عن القوة في الإتحاد و الدعوة إلى السلام و تصفية النفوس في بلاد السودان كالحرث في البحر. و إلى أن ينسحب الجهلآء من الساحة السياسية و العمل العام ، و إلى أن تختفي المصالح الشخصية و النعرات العنصرية و النبرات الجهوية و الدعوات إلى الإقصآء و الإنتقام و الثأر "للتظلمات التاريخية" من الساحة السياسية ، و إلى أن يعود خطاب العقل و الرحمة و المحبة فإنه لا سبيل إلى السلام و البنآء في بلاد السودان إلا عن طريق: 1- تقرير المصير للجميع ، و يبدوا أنه خيار جيد في غياب الإجماع على (رؤية الوطن الواحد) و (المصلحة العامة) و (رفاهية كل مواطني السودان) ، و هذا الحل ربما يفضي إلى: 2- الإنفصال و حسن الجوار إن كان ذلك ممكناً ، و يبدوا أن أمل الحل الوحدوي الوحيد هو في: 3- الثورة التي لا تبقي و لا تذر ، و التي يبدوا أنه ليس لها رواج محلي أو إقليمي أو عالمي و الحمد لله رب العالمين و أفضل الصلاة و أتم التسليم على سيدنا محمد. فيصل بسمة FAISAL M S BASAMA عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.