الملك سلمان يغادر المستشفى    عملية عسكرية ومقتل 30 عنصرًا من"الشباب" في"غلمدغ"    جريمة مروّعة تهزّ السودانيين والمصريين    تقارير: القوات المتمردة تتأهب لهجوم في السودان    شاهد بالصورة والفيديو.. شاب سوداني يترك عمله في عمان ويعود للسودان ليقاتل مع الجيش في معركة الكرامة.. وثق رحلته من مسقط حتى عطبرة ليصل أم درمان ويحمل السلاح ويطمئن المواطنين    شاهد بالصورة والفيديو.. شاب سوداني يترك عمله في عمان ويعود للسودان ليقاتل مع الجيش في معركة الكرامة.. وثق رحلته من مسقط حتى عطبرة ليصل أم درمان ويحمل السلاح ويطمئن المواطنين    شاهد بالصورة والفيديو.. "دعامي" يظهر في أحضان حسناء عربية ويطالبها بالدعاء بأن ينصر الله "الجاهزية" على "الجيش" وساخرون: (دي بتكمل قروشك يا مسكين)    شاهد بالصورة والفيديو.. إعلامية مصرية حسناء تشارك في حفل سوداني بالقاهرة وتردد مع الفنانة إيلاف عبد العزيز أغنيتها الترند "مقادير" بصوت عذب وجميل    د. مزمل أبو القاسم يكتب: جنجويد جبناء.. خالي كلاش وكدمول!    محمد وداعة يكتب: الامارات .. الشينة منكورة    العين إلى نهائي دوري أبطال آسيا على حساب الهلال السعودي    تطعيم مليون رأس من الماشية بالنيل الأبيض    إثر انقلاب مركب مهاجرين قبالة جيبوتي .. 21 قتيلاً و23 مفقوداً    الخارجية الروسية: تدريبات الناتو في فنلندا عمل استفزازي    مصر تنفي وجود تفاهمات مع إسرائيل حول اجتياح رفح    السوداني في واشنطن.. خطوة للتنمية ومواجهة المخاطر!    "تيك توك": إما قطع العلاقات مع بكين أو الحظر    عن ظاهرة الترامبية    مدير شرطة ولاية نهرالنيل يشيد بمجهودات العاملين بالهيئة السودانية للمواصفات والمقاييس    مدير شرطة شمال دارفور يتفقد مصابي وجرحى العمليات    منتخبنا يواصل تحضيراته بقوة..تحدي مثير بين اللاعبين واكرم يكسب الرهان    حدد يوم الثامن من مايو المقبل آخر موعد…الإتحاد السوداني لكرة القدم يخاطب الإتحادات المحلية وأندية الممتاز لتحديد المشاركة في البطولة المختلطة للفئات السنية    المدير الإداري للمنتخب الأولمبي في إفادات مهمة… عبد الله جحا: معسكر جدة يمضي بصورة طيبة    سفير السودان بليبيا يقدم شرح حول تطورات الأوضاع بعد الحرب    طائرات مسيرة تستهدف مقرا للجيش السوداني في مدينة شندي    هيثم مصطفى: من الذي أعاد فتح مكاتب قناتي العربية والحدث مجدداً؟؟    ترامب: بايدن ليس صديقاً لإسرائيل أو للعالم العربي    تواصل تدريب صقور الجديان باشراف ابياه    مدير شرطة محلية مروي يتفقد العمل بادارات المحلية    إيقاف حارس مرمى إيراني بسبب واقعة "الحضن"    «الفضول» يُسقط «متعاطين» في فخ المخدرات عبر «رسائل مجهولة»    سعر الدرهم الإماراتي مقابل الجنيه السوداني ليوم الإثنين    سعر الريال السعودي مقابل الجنيه السوداني من بنك الخرطوم ليوم الإثنين    نصيب (البنات).!    ميسي يقود إنتر ميامي للفوز على ناشفيل    لجنة المنتخبات الوطنية تختار البرتغالي جواو موتا لتولي الإدارة الفنية للقطاعات السنية – صورة    صلاح السعدني ابن الريف العفيف    أفراد الدعم السريع يسرقون السيارات في مطار الخرطوم مع بداية الحرب في السودان    بالصور.. مباحث عطبرة تداهم منزل أحد أخطر معتادي الإجرام وتلقي عليه القبض بعد مقاومة وتضبط بحوزته مسروقات وكمية كبيرة من مخدر الآيس    جبريل إبراهيم: لا توجد مجاعة في السودان    مبارك الفاضل يعلق على تعيين" عدوي" سفيرا في القاهرة    لمستخدمي فأرة الكمبيوتر لساعات طويلة.. انتبهوا لمتلازمة النفق الرسغي    عام الحرب في السودان: تهدمت المباني وتعززت الهوية الوطنية    مضي عام ياوطن الا يوجد صوت عقل!!!    مصدر بالصحة يكشف سبب وفاة شيرين سيف النصر: امتنعت عن الأكل في آخر أيامها    ماذا تعلمت من السنين التي مضت؟    إصابة 6 في إنقلاب ملاكي على طريق أسوان الصحراوي الغربي    تسابيح!    مفاجآت ترامب لا تنتهي، رحب به نزلاء مطعم فكافأهم بهذه الطريقة – فيديو    راشد عبد الرحيم: دين الأشاوس    مدير شرطة ولاية شمال كردفان يقدم المعايدة لمنسوبي القسم الشمالي بالابيض ويقف علي الانجاز الجنائي الكبير    وصفة آمنة لمرحلة ما بعد الصيام    الطيب عبد الماجد يكتب: عيد سعيد ..    تداعيات كارثية.. حرب السودان تعيق صادرات نفط دولة الجنوب    بعد نجاحه.. هل يصبح مسلسل "الحشاشين" فيلمًا سينمائيًّا؟    السلطات في السودان تعلن القبض على متهم الكويت    «أطباء بلا حدود» تعلن نفاد اللقاحات من جنوب دارفور    دراسة: القهوة تقلل من عودة سرطان الأمعاء    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تاريخ العالم لم يسجل حربا خسرها الطرفان كما حدث بين طرفى السودان الشمالى والجنوبى. بقلم: النعمان حسن
نشر في سودانيل يوم 17 - 06 - 2014

ليس امام الدولتين من بديل غير الوحدة الاقتصادية لتعويض ما فقده مواطنوا البلدين بسبب الانفصال
العنصرية التى مذقت وحدة السودان من المؤكد انها اليوم اكثر خطرا على وحدة البلدين
ماذا تقول القوى السياسية الشمالية والجنوبية وضحايا الحروب الاهلية تضاعفت فى الجانبين
انظروا لاوربا كيف جعلت منها الوحدة الاقتصادية قوى عالمية لمصلحة شعوبها دون مساس باسقلاليتها
بورندى التى مذقتها الحرب العنصرية استقرت ويعتبر اليوم مجرما من ينسب نفسه لعنصرغير الدولة
لماذا لم نتعظ من فشل تجربة الحكم الذاتى للجنوب عندما كتبت نهايتها الخلافات العنصرية والقبلية
النعمان حسن
السودان دولة بحجم قارة وبلد اكرمه الله بما يفوق مجموعة من الدول المميزة اقتصاديا لانه فى حقيقته مجموعة دويلات تاريخيا جمعها الاستعمار فى كيان واحد اداريا ليحكم فبضته عليها ولانه كان اجنبيا فان هيمنته على مركزية السلطة لم تثير النعرات العنصرية والقبلية والدينية خاصة وان الاستعمار نفسه اعتمد على مشاركة الادارة الاهلية فى كل مناطق السودان لتصبح هى شريكته فى الحكم دون ان يرسخ وجودها ككيان يقوم علي نظام الحكم ولكن مع تولى القوى السياسية للسلطة بعد تحرر السودان من الاستعمار فان السلطة غلبت عليها النعرة العربية الاسلامية مما اثار الفتنة مع العنصريات والجهويات والاديان الاخرى لاحساسها بتميز عناصر على اخرى
لهذا كان يتعين على من تولوا الحكم الوطنى بعد الاستقلال ان ينتبهوا لهذا الامر وان يعملوا على تاسيس السودان فى دولة واحدة تقوم على المواطنة وليس القبيلة او الدين حتى ينعموا بخيراته الوفيرة ولا تحس اى عنصرية بالتهميش ولكنهم اغفلوا الامر وتجاهلوه لانهم لم يولوا هذه الاستراتيجية الحتمية اهميتها .
لهذا اصبحت خيرات السودان وحكمه مصدرا لنزاعات بين مختلف عنصرياته وقبائله مما افقد شعبه حق التمتع به بل فقد الشعب بسبب هذا التهميش وما افرزه من ضحايا حروب اهلية فقد بسببها الملايين من ابنائه الابرياء من الذين لا مصلحة لهم فى هذه النزاعات الانانية من اجل السلطة بسبب احتراب من نصبوا انفسهم زعماء وقيادات من اجل السلطة من اجل الاستئثار بخيراته والتى امتدت لاكثر من ستين عاما ولاتزال بل ولا يعرف لها احد نهاية..
كما ان هذا الانحراف السلوكى للحكم ترتب عليه حرمان المواطن العادى من تمتعه بالتعليم والعلاج المجانى كما كان فى عهد الاستعمار مما ولدالاحساس بتجنى القابضين على السلطة من العنصر العربى الاسلامى بانهم استاثروا بمزايا الحكم على حساب حقوقهم المشروعة التى حرص عليها الانجليز
والمؤسف فى هذه الصراعات انها استغلت الفوارق العرقية والعنصرية والقبلية لتجعل منها مبررا للاحتراب والاقتتال منذ مطلع الخمسينات بدلا من ان تكون واحدة من اهم اهتمامات الحكم الوطنى ان يحقق التوافق بينها لتامين مقومات استقرار المواطن دون تفرقة حتى يتمتع بما وهبه لهم لله من خيرات.بلد يعتبر الاغنى بين دول العالم ويكفى انه رشح لان يكون سلة غزاء العالم الا انه اصبح من اكثرها فقرا وجوعا بل وغير امنا على نفسه
ولعل المفارقة الاكبر ان السلطة عندما كانت حكراعلى المستعمر وكان كل السودانيين يخضعون لحكمه لم يكن السودان يشهد هذه النزاعات القبلية والعنصرية والعرقية واخيرا الدينية من اجل السلطة. لان هذه العنصريات لم تكن تحس بهيمنة العنصر العربى الاسلامى على الاخريات كما حدث فى عهد الحكم الوطنى
ولقد كانت ولاتزال اكبر كوارث الحكم الوطنى بعد تحرير السودان من الاستعمار ان القوى التى قبضت على امره وحلت محل المستعمر والتى رفعت علم السودان وجعلت منه هدفا وانجازا فى شكله وليس مضمونه لم تكن تدرك ان الاولوية فى السودان ان تعاد صياغته كدولة تقوم على الهوية السودانية بتحقيق التوافق والتعايش بين عنصرياته وعرقياته واديانه المختلفة وان تصبح (السودانوية) هى الرابط بين ابناء الشعب الواحد فى توافق وانسجام ومساواة فى الحقوق ولكن المؤسف ان القوى الوطنية فى فترة النضا ل ضد الاستعمار انقسمت على نفسها بين تابع لمصر ينادى بوحدة وادى النيل (فى عنصرية عربية اسلامية)قبل ان ينادى بوحدة السودانيين بتحقيق التوافق بين مختلف اعراقهم وعنصرياتهم واديانهم وهو مالم يحققوه حتى اليوم اما القوى الثاتية فلقد كانت تابعا للاستعمارالانجليزى طمعا فى تنصيب زعيمها ملكا على السودان تحت عباءة المستعمر ولان كلاهما من هوية واحدة عربية واسلامية فلقد كانوا سببا مباشرا فى تفجر الخلافات العرقية والعنصرية من بدايات العهد الوطنى .
ويالها من مفارقة فان تحقيق التوافق يومها بين الشما ل والجنوب لم يكن يتتطلب اكثر من تنفيذ ما وعد به الحكم الوطنى الجنوب فى دولة فدرالية والتى كانت تمثل اقصى سقف لمطالب الجنوب ولكنهم خانوا العهد ولم يلتزموا بما وعدوا به بل انصرفوا كما اوضحت لوحدة وادى النيل فعمقوا من اتعدام الثقة بين العنصرية العربية والدينية من جهة وبقية العنصريات بصفة خاصة الجنوب قبل ان تلحق بها مناطق دارفور وجنوب كردفان والنيل الازرق
تلك كانت البداية الخااطئة للحكم الوطنى التى دفع ثمنها السودان ولا يزال يسدد فواتيرها فى كل من الشما ل والجنوب. بل وفى الدولتين بعد الانفصال
ولكم هو اكثر غرابة ان يذهب ضحيه هذه الصراعات والحروب العنصرية عشرات الملايين من شعب السودان من جنوبه وشماله مع بدايات الحكم الوطنى منذ تمرد توريت فى مطلع الخمسينات وان يتواصل سقوط الضحايا من الجانبين حتى بلغ اقصى مداه فى عهد الانقاذ و ليتضاعف عدد ضحاياه اكثر بعد الانفصال فى ا لدولتين بدلا من ان يتوقف سقوط الضحايا .
ولكن المفارقة هنا ان سقوط الضحايا تضاعف عندما اصبح الاحتراب بين الجنوبى و وشقيقه الجنوبى الذين كانوا يحاربون فى جبهة واحدة ضد الشمال و وكذلك بين الشمالى والشمالى ولنفس السببب وهو الفوارق العنصرية والعرقية والدينية فى البلدين والتى كانت السبب فى الانفصال والاحساس بان خيرات البلد سواء فى الشمال او الجنوب يتمتع بها العنصر القابض على السلطة
وبهذا اصبح التوافق بين شركاء الامس فى الحرب جنبا الى جنب من المستحيلات بعد ان تداخلت فيها مصالح القوى الاجنبية والاقليمية الطامعة فى خيرات السودا ن من الغرب بقيادة امريكا ودول الجوار ممثلين فى الايقاد من الطامعين فى الجنوب والذين اصبخوا قابضين على ملف السودان الذى لم يعد بيد اهله اصحاب الحق بعد(0خراب نيفاشا ) الذى اسلمهم ملف السودان فى طبق من ذهب عندما اجمعت الانقاذ ومعارضوها على ذلك حيث انهم لم يتفقوا الا على الحاق الضرر بوحدة السودان قبل ان يعودوا ليتباكوا على ما ارتكبوه فى حق الشعب الذى لم يفوض اى منهم على ذلك
عجبا من هذا الذى شهده السودان فالتاريخ لم يحدث ان شهد حربا بين طرفين خسرها الطرفان المتحاربان بقوة السلاح ولم يكسبها اى طرف منهما رغم المظاهر الخادعة حيث ان كلا من السودان الشمالى والجنوبى خرج متضررا بخسارة اكبر امنيا واقتصاديا وبسقوط ضحايا اكثر حيث تعرض كلاهما لحروب اهلية اخطر مما كانت عليه قبل الانفصال ليتضاعف عدد الضحايا بسبب هذه الحروب فى البلدين وليزداد شعب كلا البلدين جوعا وتشريدا ولنفس السبب (الصرعات العنصرية والقبلية من اجل السلطة ومكاسبها الخاصة)
وهنا لابد من الوقوف فى محطة هامة لم يتعظ منها طرفى الحرب اللذان انساقا وراءالمخطط الامريكى و حسما ما بينهما من صراع حيث حققا له ما اراد الانفصال لاسباب عنصرية وجهوية فلو انهما اجادا قراءة التاريخ لادركا ان حسم النزاع العنصرى بينهما بالانفصال بدلا من العمل على تحقيق التوافق بين العنصريات والجهويات والاديان حتى يؤمنوا على الهوية السودانية بديلا للعنصرية سوف يكون مردوده وثمنه اغلى على الطرفين بعد الانفصال لانه سوف يؤدى لنفس الصراعات حيث ينقل الحروب العنصرية من شمالية فى مواجهة الجنوب وانما بين الجنوبى والجنوبى والشمالى والشمالى
وهذا ما حدث بصورة افظع بعد ان اصبحت كل دولة قائمة لذاتها حيث ان التاريخ شهد ما حققه اتفاق النميرى مع حركة الانانيا المتمردة والتى كانت اسبق من الحركة الشعبية والذى امن على تحقيق الحكم الذاتى للجتوب فى نموذج مصغر لدولة الجنوب عندما ابرمت مايو هذا الاتفاق مع قادة الانانيا جوزيف لاقو وجوزيف ادوهو والذى حقق لاول مرة استقرارا امنيا بين الشمال والجنوب حيث توقف فيه لاول مرة سقوط اى ضحايا من الجانبين ولكنه عجزعن تحقيق الاستقرار للجنوب عندما عاد من وقعوا على اتفاق الحكم الذاتى للجنوب كاقليم واحد والذى حقق للجتوب دولة موحدة الا انهم الموقعين على الاتفاق عادوا وطالبوا النميرى بتعديل الاتفاق ليصبح الجنوب ثلاثة اقاليم بدلا عن اقليم واحد جامع لكل قبائل الجنوب وذلك لما تبين لهم ان الجنوب الموحد سوف يكون تحت هيمنة القبائل ذات العددية الاكبر وعلى راسهم بصفة خاصة قبيلة الدنكا والتى جاء الاتفاق برئيس لاقليم الجنوب الموحد من ابنائها الذى لم يكن طرفا فى التمرد والذى لم يكن من الموقعين على اتفاق الحكم الذاتى مما ارغم النميرى للتراجع عن الاتفاق وليعدل الاتفاق ليصبج الجنوب من ثلاثة اقاليم وليس اقليما واحدا مما رسخ الجهوية والقبلية وهذا ما يؤكد واكده الواقع اليوم بعد انفصال الجنوب ان الخلافات القبلية فى الجنوب التى اطاحت بالحكم الذاتى للجنوب الموحد هى نفسها ستصبح خطرا على دولة الجنوب بعد الانفصال ولنفس السبب حيث ستتفجر فيه الخلافات القبلية التى لا تقبل هيمنة قبيلة على اخرى وهذه هى نفس الظروف التى افشلت الحكم الذاتى لجنوب موحد وستفشل الجنوب كدولة واحدة مالم يحقق الجنوب رؤية جديدة للمواطنة الجنوبية وليس الانتماء للقبلية والا لواجه الجنوب نفس المصير والذى يشهد اليوم حروبا طاحنة بين القابائل. وسوف يشهد المزيد منها مالم يؤسسس لمواطنة خارج قالب الانتماء للقبيلة
.فلقد ظل الشماال والجنوب للاسباب الى اوردتها يعيش لما يقرب ستين عاما فى حالة حرب لم تتوقف الا فترات بسيطة لم نحسن قراءتها بسبب الصراع العنصرى لاحساس الجنوب بانه مضهد من الشمال العربى باغلبيته المسلمة وانه مهضوم الحقوق وهو محق فى ذلك ولكن المفاجأة الاكبر انه بعد الانفصال تفجرت فى كلا الطرفين حروب اهلية اشد خطرا وضراوة بسبب النزاعات العنصرية والقبلية بنفس الاحساس بالتفرقة والتهميش
ولم يسلم من هذه الحروب حتى السودان الشمالى بعد ان اصبحت اغلبيته العظمى عربية ومسلمة ومع ذلك فان الحروب التى كانت قاصرة بين الشمال و الجنوب وحده اصبحت اكثر انتشارا فى دارفور وجنوب كردفان والنيل الازرق (,البقية فى الطريق من الشرق واقصى الشمال) و هكذا كان الحال فى الجنوب بعد الانفصال حتى بعد ان اصبح كله من العنصر الزنجى ولم يعد فيه وجود اى عربى ومع ذلك تصاعدت الحرب بين عنصرياته وقبليته بصورة اكثر حدة مما كانت عليه ليسددوا فاتورة اشد قساوة واخطروعنصرياته وقبلياته تتصارع من اجل الهيمنة على الجنوب (وكانا يا قيس لا رحنا ولا جينا) والتى ستسير حتما نحو تقسيم الجنوب لثلاثة دول كما كان حال الاقاليم الثلاثة ان لم تحسم هوية الدولة الجنوبية الموحدة بعيدا عن القبيلة والعنصرو ان لم ينجح سلفاكير فى ذلك فان الجنوب لن يشهدالاستقرار وسيبقى مهددا بالتقسيم من دعاة الاتفصال
وبهذا فالدولتين مهددتين بمزيد من التمذق لنفس السبب خاصة وان مطامع الغرب ودول الجوار اصبحت اللاعب الرئيسى كما كان حالهم فى السودان الموحد جتى مذقوه.وهاهى يوغندا بقواتها داخل الجنوب طرفا فى حربه الاهلية. لا من اجل وحدته ولكن لمصلحة طرف من اطرافه
هذا بلا شك يؤكد فشل القوى السياسية فى البلدين الذين عجزوا عن قراءة مخاطر الفوارق العنصرية والعرقية حتى يؤسسوا لدولة سودانية مبراة من هذه الفوارق حتى لايكون مصير السودان شمالا وجنوبا اختفائهما من الخارطة العالمية وحتى لايكونا هدفا للمطامع العالمية والاقليمية كما هو الحال الان.
ولعل النموذج البورندى يقدم الدرس لشعب السودان من شماله وجنوبه حيث ان بورندى شهدت حربا عنصرية وعرقية اشد خطرا من التى شهدها السودان وسقط فيها ضحايا اكثر ولكن الحا ل عندما وضع شعب بورنديى يده على اصل العلة التى تتمثل فى النعر ات العنصرية والقبلية تدارك الموقف حيث استقر بهم الامر اخيرا لنبذ العنصرية والقبلية و التوحد والاستقرار تحت الهوية البورندية وليس شيئا اخر وذهبوا للمستو ى الذى يعتبرون فيه من ينسب نفسه لعرق ا قبيلة او دين مجرم يحاسب على ذلك بالقانون لتبقى الهوية البورندية هى الاساس للمواطنة فى دولتهم الجديدة. مما حقق لهم المعيشة الامنة دون تهديد
وهذا ما فشل فيه السودان لانه لم يفكر فيه اصلا كما ان السودان ليس له من مخرج الا بالانتقال للمواطنة السودانية وليس الانتماء للعنصرية والقبلية والدينية وهو ما يبدو بعيد المنال تحت الظروف التى يعيشها السودان وغياب القوى السياسية . التى تقدم الوطن على مكاسب السلطة.
اذن لابد هنا واولا من ان تعترف كل القوى المتصارعة والمشهرة للحرب والسلاح من حكام ومعارضين ان يعترفوا بما تسبببوا فيه من ضرر للدولتين حيث ان الانفصال عاد بالوبال على الجانبين؟
ثانيا لابد للقيادات من الطرفين فى الدولتين ان يدركوا انه يتعين عليهم ان يستوعبوا الدرس من بورندى ون يعملوا على تحقيق هوية للمواطنة فى كلا البلدين تنبذ الانتماء العنصرى القبلى والدينى ليضعوا حدا للانتماء غير الوطنى
ثالثا ان تدرك الدولتان انهما لاخيار لهم لتجنب سابيات ما سببه الانفصال من اضرار على البلدين بان كلاهما
يكملان بعضهما البعض وسوف لن يحققان ما يتمتعان به من قدرات اقتصادية دون التو افق بين الطرفين اذ ليس بيد اى منهما ان يستغنى عن الاخر سواء على مستوى النفط او المنافذ الخارجية وغيرها من ارتباطات متعددة فى كافة المجالات الاقتصادية والاجتماعية فالوضع لا يقبل او يحتمل اى تنازع وتنافر بينهما خاصة فى المناطق الحدودية وما يتبعها من مشكلات تفضى للفتنة والتوتر بينهما فان اخطا الطرفان بما فرضوه على السودان من تمذق فانه لاسبيل ليكفروا عن خطائهم الا بوقف الحرب والتنلزع بين البلدين وهذا لن يتحقق الا بالتو افق على الهوية السودانية الشمالية والجنوبية بعيدا عن العنصرية ووالقبلية لحسم التوترات المثيرة للفتنة بين البلدين بسبب الصراعات والحروب العنصرية والقبلية من الجانبين مما يفجر الاوضاع والاتهامات المتبادلة بين البلدين
ولابد لكل طرف ان يهئ نفسه لتقديم التنازلات فى هذا الجانب سواء من جانب حكم الانقاذ فى الشمال او حكم الحركة الشعبية فى الجنوب حيث ا اصرار كل منهما على فرض رؤيته و ذاته سوف يفجر الاوضاع اكثر ويزيدها تعقيدا مما هى عليه رابعا ان العمل وفق الخطوط الرئيسة اعلاه ربما يقود للوحدة السودانية لما كانت عليه ان لم يكن فى دولة واحدة ففى دولة كونفدرالية طالما ان مستقبل البلدين رهين بالتعاون المطلق بلا حدود بينهما.
ولكن اهم من هذا كله وتحت الظروف الحالية ولتهيئة المناخ المناسب لعودة الروح بين الدولتين اللتان فرض عليها خطأ تاريخى من الجانبين ان تؤسس الدولتان لوحدة اقتصادية لا مناص منها كمرحلة اولية لابد منها لحل الازمات الاقتصادية التى يعانيها البلدان .
ولتكن لهما عظة فى دول اوربا حيث تجمع بينها وحدة اقتصادية حتى فى العملة بالرغم من استقلالية كل دولة عن الاخرى سياسيا مما يحتم على الدولتين ان يتفقا حالا ودون ابطاءعلى استراتيجية الوحدة الاقتصادية حتى تتفجر طاقة البلد الذى كان واحدا وماكان له ان يصبح بلدين احقاقا لحقوق شعبه فى ان يتمتع بخيراته وان يعيش فى سلام وامان وحرام ما اهدرتموه من حقوقه لستين عاما..
هى حقيقة مكابر من ينكرها انه ليس من بديل امام الدولتين غير الوحدة الاقتصادية كخطوة اولى لازالة ما اصاب الشعب الذى فرض عليه ان يصبح شعبين قهرا ورغم انفه بما ارتكب من اخطاء فى حقه حتى تتفجر امكاناته وثرواته لصالح المواطن فى البلدين .
نريد وحدة اقتصادية بين دولتين يحكم فيها الانتماء للجنوب او الشمال وليس الانتماء للعنصرية او القبليىة والدينية وهذه المسئولية الاولى تقع على القابضين على مفاصل القرار من الحكام حتى نضع حدا لصراع الدنكا والنوير فى الجنوب وغيرهم وحتى لايكون فى الشما ل صراع هوية فى دارفور او جنوب كردفان او النيل الازرق بل وفى شرق السودان وعلى سلطتى الحركة الشعبية فى الجنوب والانقاذ فى الشسودان الشمالى ان يصححا هذه الاوضاع ا لتى يتحملون فيها المسئولية الاكبر.
نريد فى الجنوب ان تلتقى كلمة من جمعتهم الحركة الشعبية من مختلف القبائل وان تتوحد كلمتهم فى اعادة صياغة المواطنة فى الجنوب بنبذ القبيلية والعنصرية فهل يلتقى قادة الجنوب المتحاربين على كلمة سواء حتى يجهضوا اى تامر اجنبى او اقليمى على الجنوب قبل ان نراه يتمذق كما تمذق السودان. خاصة وان الجنوب بحاجة لان يضع فى حسبانه ان امريكا سوف لن تتعاطف مع بترول السودان شمالى او جنوبى لانها لن تغفر ان هذا استثمار صينى حل بديلا لشركات امريكية (شيفرون)
ونريد للسودان الشمالى ان يكف نظام الانقاذ فيه على فرض رؤيته السياسية والتى رسخت من الجهوية والعنصرية والدينية طمعا فى الهيمنة على السلطة و التى اصبحت مصدر للحروب التى تتهدد السودان بمزيد من التمذق ولابد للنظام ان يعيد النظر جذريا فى سياساته التى تقوم على استقطاب زعماء العشائر والقبائل حتى اوشك ان تصبح لكل قبيلة ولاية حتى تتمتع اسر الزعماء بخيرات الولاية كسلطة قابضة على مصالح المواطنين فالانجليز انفسهم عندما اعتمدوا على زعماءالقبائل لم يقسموا السودان لولايات قبلية وانما قصروه فى تسعة مديريات ادارية والتى اصبحت ستة بعد الانفصال وهذا نفس ما يحتاجه الجنوب للخروج من ماذق العنصريىة والقبلية
كما نريد من الحركات الثورية الا ترتكز على العنصرية والجهوية والنعرات القبلية. والوقوع تحت قبضة المصالح الغربية
ونريدمن قيادات الاحزاب السياسية التى لا نعرف مسماها ان كانت معارضة او روافد انقاذية كما يقول الحا ل وعلى راسها زعماء الطائفتين نريد منهما ان يكفرا عما ارتكبته هذه الاحزا ب فى فصل الجنوب وتهديد الوطن بالتمذق يوم اسلمت مستقبل السودان وقضيته لامريكا فى مؤتمر القضايا المصيرية باسمرا عام 95 ويوم روجت للحرب والعنف الذى لاتملك مقوماته كبديل للنضال الشعبى هذا الارث التاريخى لشعب السودان
ونريد بصفة خاصة من هذه القيادات ان ترفع يدها عن الهيمة على ديمقراطية هذه الاحزاب ليؤسسوا لديمقراطية حقيقية وليست زائفة تقوم على مؤسسات ديمقراطية وليس مؤسسات صورية فكفاهم ما الحقاه بالسودان عبر مسيرة حكم وطنى فاشل لستين عاما تولوا فيه السلطة بديمقراطية صورية و المشاركة فى الانقلابات العسكرية حبا فى السلطة
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.