الدعم السريع يعلن السيطرة على النهود    وزير التربية والتعليم بالشمالية يقدم التهنئة للطالبة اسراء اول الشهادة السودانية بمنطقة تنقاسي    سقطت مدينة النهود .. استباحتها مليشيات وعصابات التمرد    عقار: بعض العاملين مع الوزراء في بورتسودان اشتروا شقق في القاهرة وتركيا    عقوبة في نواكشوط… وصفعات في الداخل!    الهلال يواجه اسنيم في لقاء مؤجل    تكوين روابط محبي ومشجعي هلال كوستي بالخارج    عثمان ميرغني يكتب: هل رئيس الوزراء "كوز"؟    كم تبلغ ثروة لامين جمال؟    شاهد بالصورة والفيديو.. حسناء الشاشة نورهان نجيب تحتفل بزفافها على أنغام الفنان عثمان بشة وتدخل في وصلة رقص مؤثرة مع والدها    سلسلة تقارير .. جامعة ابن سينا .. حينما يتحول التعليم إلى سلعة للسمسرة    حين يُجيد العازف التطبيل... ينكسر اللحن    شاهد بالفيديو.. في مشهد نال إعجاب الجمهور والمتابعون.. شباب سعوديون يقفون لحظة رفع العلم السوداني بإحدى الفعاليات    أبوعركي البخيت الفَنان الذي يَحتفظ بشبابه في (حنجرته)    من رئاسة المحلية.. الناطق الرسمي باسم قوات الدعم السريع يعلن تحرير النهود (فيديو)    شاهد بالصور والفيديو.. بوصلة رقص مثيرة.. الفنانة هدى عربي تشعل حفل غنائي بالدوحة    تتسلل إلى الكبد.. "الملاريا الحبشية" ترعب السودانيين    إعلان نتيجة الشهادة السودانية الدفعة المؤجلة 2023 بنسبة نجاح عامة 69%    والد لامين يامال: لم تشاهدوا 10% من قدراته    الحسم يتأجل.. 6 أهداف ترسم قمة مجنونة بين برشلونة وإنتر    استئناف العمل بمحطة مياه سوبا وتحسين إمدادات المياه في الخرطوم    هيئة مياه الخرطوم تعلن عن خطوة مهمة    هل أصبح أنشيلوتي قريباً من الهلال السعودي؟    جديد الإيجارات في مصر.. خبراء يكشفون مصير المستأجرين    باكستان تعلن إسقاط مسيَّرة هنديَّة خلال ليلة خامسة من المناوشات    ترامب: بوتين تخلى عن حلمه ويريد السلام    إيقاف مدافع ريال مدريد روديغر 6 مباريات    تجدد شكاوى المواطنين من سحب مبالغ مالية من تطبيق (بنكك)    ما حكم الدعاء بعد القراءة وقبل الركوع في الصلاة؟    عركي وفرفور وطه سليمان.. فنانون سودانيون أمام محكمة السوشيال ميديا    تعاون بين الجزيرة والفاو لإصلاح القطاع الزراعي وإعادة الإعمار    قُلْ: ليتني شمعةٌ في الظلامْ؟!    الكشف عن بشريات بشأن التيار الكهربائي للولاية للشمالية    ترامب: يجب السماح للسفن الأمريكية بالمرور مجاناً عبر قناتي السويس وبنما    كهرباء السودان توضح بشأن قطوعات التيار في ولايتين    تبادل جديد لإطلاق النار بين الهند وباكستان    علي طريقة محمد رمضان طه سليمان يثير الجدل في اغنيته الجديده "سوداني كياني"    دراسة: البروتين النباتي سر الحياة الطويلة    خبير الزلازل الهولندي يعلّق على زلزال تركيا    في حضرة الجراح: إستعادة التوازن الممكن    التحقيقات تكشف تفاصيل صادمة في قضية الإعلامية سارة خليفة    الجيش يشن غارات جوية على «بارا» وسقوط عشرات الضحايا    وزير المالية يرأس وفد السودان المشارك في إجتماعات الربيع بواشنطن    حملة لمكافحة الجريمة وإزالة الظواهر السالبة في مدينة بورتسودان    ارتفاع التضخم في السودان    شندي تحتاج لعمل كبير… بطلوا ثرثرة فوق النيل!!!!!    انتشار مرض "الغدة الدرقية" في دارفور يثير المخاوف    مستشفى الكدرو بالخرطوم بحري يستعد لاستقبال المرضى قريبًا    "مثلث الموت".. عادة يومية بريئة قد تنتهي بك في المستشفى    وفاة اللاعب أرون بوبيندزا في حادثة مأساوية    5 وفيات و19 مصابا في حريق "برج النهدة" بالشارقة    عضو وفد الحكومة السودانية يكشف ل "المحقق" ما دار في الكواليس: بيان محكمة العدل الدولية لم يصدر    ضبط عربة بوكس مستوبيشي بالحاج يوسف وعدد 3 مركبات ZY مسروقة وتوقف متهمين    الدفاع المدني ولاية الجزيرة يسيطر علي حريق باحدي المخازن الملحقة بنادي الاتحاد والمباني المجاورة    حسين خوجلي يكتب: نتنياهو وترامب يفعلان هذا اتعرفون لماذا؟    من حكمته تعالي أن جعل اختلاف ألسنتهم وألوانهم آيةً من آياته الباهرة    بعد سؤال الفنان حمزة العليلي .. الإفتاء: المسافر من السعودية إلى مصر غدا لا يجب عليه الصيام    بيان مجمع الفقه الإسلامي حول القدر الواجب إخراجه في زكاة الفطر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تاريخ العالم لم يسجل حربا خسرها الطرفان كما حدث بين طرفى السودان الشمالى والجنوبى. بقلم: النعمان حسن
نشر في سودانيل يوم 17 - 06 - 2014

ليس امام الدولتين من بديل غير الوحدة الاقتصادية لتعويض ما فقده مواطنوا البلدين بسبب الانفصال
العنصرية التى مذقت وحدة السودان من المؤكد انها اليوم اكثر خطرا على وحدة البلدين
ماذا تقول القوى السياسية الشمالية والجنوبية وضحايا الحروب الاهلية تضاعفت فى الجانبين
انظروا لاوربا كيف جعلت منها الوحدة الاقتصادية قوى عالمية لمصلحة شعوبها دون مساس باسقلاليتها
بورندى التى مذقتها الحرب العنصرية استقرت ويعتبر اليوم مجرما من ينسب نفسه لعنصرغير الدولة
لماذا لم نتعظ من فشل تجربة الحكم الذاتى للجنوب عندما كتبت نهايتها الخلافات العنصرية والقبلية
النعمان حسن
السودان دولة بحجم قارة وبلد اكرمه الله بما يفوق مجموعة من الدول المميزة اقتصاديا لانه فى حقيقته مجموعة دويلات تاريخيا جمعها الاستعمار فى كيان واحد اداريا ليحكم فبضته عليها ولانه كان اجنبيا فان هيمنته على مركزية السلطة لم تثير النعرات العنصرية والقبلية والدينية خاصة وان الاستعمار نفسه اعتمد على مشاركة الادارة الاهلية فى كل مناطق السودان لتصبح هى شريكته فى الحكم دون ان يرسخ وجودها ككيان يقوم علي نظام الحكم ولكن مع تولى القوى السياسية للسلطة بعد تحرر السودان من الاستعمار فان السلطة غلبت عليها النعرة العربية الاسلامية مما اثار الفتنة مع العنصريات والجهويات والاديان الاخرى لاحساسها بتميز عناصر على اخرى
لهذا كان يتعين على من تولوا الحكم الوطنى بعد الاستقلال ان ينتبهوا لهذا الامر وان يعملوا على تاسيس السودان فى دولة واحدة تقوم على المواطنة وليس القبيلة او الدين حتى ينعموا بخيراته الوفيرة ولا تحس اى عنصرية بالتهميش ولكنهم اغفلوا الامر وتجاهلوه لانهم لم يولوا هذه الاستراتيجية الحتمية اهميتها .
لهذا اصبحت خيرات السودان وحكمه مصدرا لنزاعات بين مختلف عنصرياته وقبائله مما افقد شعبه حق التمتع به بل فقد الشعب بسبب هذا التهميش وما افرزه من ضحايا حروب اهلية فقد بسببها الملايين من ابنائه الابرياء من الذين لا مصلحة لهم فى هذه النزاعات الانانية من اجل السلطة بسبب احتراب من نصبوا انفسهم زعماء وقيادات من اجل السلطة من اجل الاستئثار بخيراته والتى امتدت لاكثر من ستين عاما ولاتزال بل ولا يعرف لها احد نهاية..
كما ان هذا الانحراف السلوكى للحكم ترتب عليه حرمان المواطن العادى من تمتعه بالتعليم والعلاج المجانى كما كان فى عهد الاستعمار مما ولدالاحساس بتجنى القابضين على السلطة من العنصر العربى الاسلامى بانهم استاثروا بمزايا الحكم على حساب حقوقهم المشروعة التى حرص عليها الانجليز
والمؤسف فى هذه الصراعات انها استغلت الفوارق العرقية والعنصرية والقبلية لتجعل منها مبررا للاحتراب والاقتتال منذ مطلع الخمسينات بدلا من ان تكون واحدة من اهم اهتمامات الحكم الوطنى ان يحقق التوافق بينها لتامين مقومات استقرار المواطن دون تفرقة حتى يتمتع بما وهبه لهم لله من خيرات.بلد يعتبر الاغنى بين دول العالم ويكفى انه رشح لان يكون سلة غزاء العالم الا انه اصبح من اكثرها فقرا وجوعا بل وغير امنا على نفسه
ولعل المفارقة الاكبر ان السلطة عندما كانت حكراعلى المستعمر وكان كل السودانيين يخضعون لحكمه لم يكن السودان يشهد هذه النزاعات القبلية والعنصرية والعرقية واخيرا الدينية من اجل السلطة. لان هذه العنصريات لم تكن تحس بهيمنة العنصر العربى الاسلامى على الاخريات كما حدث فى عهد الحكم الوطنى
ولقد كانت ولاتزال اكبر كوارث الحكم الوطنى بعد تحرير السودان من الاستعمار ان القوى التى قبضت على امره وحلت محل المستعمر والتى رفعت علم السودان وجعلت منه هدفا وانجازا فى شكله وليس مضمونه لم تكن تدرك ان الاولوية فى السودان ان تعاد صياغته كدولة تقوم على الهوية السودانية بتحقيق التوافق والتعايش بين عنصرياته وعرقياته واديانه المختلفة وان تصبح (السودانوية) هى الرابط بين ابناء الشعب الواحد فى توافق وانسجام ومساواة فى الحقوق ولكن المؤسف ان القوى الوطنية فى فترة النضا ل ضد الاستعمار انقسمت على نفسها بين تابع لمصر ينادى بوحدة وادى النيل (فى عنصرية عربية اسلامية)قبل ان ينادى بوحدة السودانيين بتحقيق التوافق بين مختلف اعراقهم وعنصرياتهم واديانهم وهو مالم يحققوه حتى اليوم اما القوى الثاتية فلقد كانت تابعا للاستعمارالانجليزى طمعا فى تنصيب زعيمها ملكا على السودان تحت عباءة المستعمر ولان كلاهما من هوية واحدة عربية واسلامية فلقد كانوا سببا مباشرا فى تفجر الخلافات العرقية والعنصرية من بدايات العهد الوطنى .
ويالها من مفارقة فان تحقيق التوافق يومها بين الشما ل والجنوب لم يكن يتتطلب اكثر من تنفيذ ما وعد به الحكم الوطنى الجنوب فى دولة فدرالية والتى كانت تمثل اقصى سقف لمطالب الجنوب ولكنهم خانوا العهد ولم يلتزموا بما وعدوا به بل انصرفوا كما اوضحت لوحدة وادى النيل فعمقوا من اتعدام الثقة بين العنصرية العربية والدينية من جهة وبقية العنصريات بصفة خاصة الجنوب قبل ان تلحق بها مناطق دارفور وجنوب كردفان والنيل الازرق
تلك كانت البداية الخااطئة للحكم الوطنى التى دفع ثمنها السودان ولا يزال يسدد فواتيرها فى كل من الشما ل والجنوب. بل وفى الدولتين بعد الانفصال
ولكم هو اكثر غرابة ان يذهب ضحيه هذه الصراعات والحروب العنصرية عشرات الملايين من شعب السودان من جنوبه وشماله مع بدايات الحكم الوطنى منذ تمرد توريت فى مطلع الخمسينات وان يتواصل سقوط الضحايا من الجانبين حتى بلغ اقصى مداه فى عهد الانقاذ و ليتضاعف عدد ضحاياه اكثر بعد الانفصال فى ا لدولتين بدلا من ان يتوقف سقوط الضحايا .
ولكن المفارقة هنا ان سقوط الضحايا تضاعف عندما اصبح الاحتراب بين الجنوبى و وشقيقه الجنوبى الذين كانوا يحاربون فى جبهة واحدة ضد الشمال و وكذلك بين الشمالى والشمالى ولنفس السببب وهو الفوارق العنصرية والعرقية والدينية فى البلدين والتى كانت السبب فى الانفصال والاحساس بان خيرات البلد سواء فى الشمال او الجنوب يتمتع بها العنصر القابض على السلطة
وبهذا اصبح التوافق بين شركاء الامس فى الحرب جنبا الى جنب من المستحيلات بعد ان تداخلت فيها مصالح القوى الاجنبية والاقليمية الطامعة فى خيرات السودا ن من الغرب بقيادة امريكا ودول الجوار ممثلين فى الايقاد من الطامعين فى الجنوب والذين اصبخوا قابضين على ملف السودان الذى لم يعد بيد اهله اصحاب الحق بعد(0خراب نيفاشا ) الذى اسلمهم ملف السودان فى طبق من ذهب عندما اجمعت الانقاذ ومعارضوها على ذلك حيث انهم لم يتفقوا الا على الحاق الضرر بوحدة السودان قبل ان يعودوا ليتباكوا على ما ارتكبوه فى حق الشعب الذى لم يفوض اى منهم على ذلك
عجبا من هذا الذى شهده السودان فالتاريخ لم يحدث ان شهد حربا بين طرفين خسرها الطرفان المتحاربان بقوة السلاح ولم يكسبها اى طرف منهما رغم المظاهر الخادعة حيث ان كلا من السودان الشمالى والجنوبى خرج متضررا بخسارة اكبر امنيا واقتصاديا وبسقوط ضحايا اكثر حيث تعرض كلاهما لحروب اهلية اخطر مما كانت عليه قبل الانفصال ليتضاعف عدد الضحايا بسبب هذه الحروب فى البلدين وليزداد شعب كلا البلدين جوعا وتشريدا ولنفس السبب (الصرعات العنصرية والقبلية من اجل السلطة ومكاسبها الخاصة)
وهنا لابد من الوقوف فى محطة هامة لم يتعظ منها طرفى الحرب اللذان انساقا وراءالمخطط الامريكى و حسما ما بينهما من صراع حيث حققا له ما اراد الانفصال لاسباب عنصرية وجهوية فلو انهما اجادا قراءة التاريخ لادركا ان حسم النزاع العنصرى بينهما بالانفصال بدلا من العمل على تحقيق التوافق بين العنصريات والجهويات والاديان حتى يؤمنوا على الهوية السودانية بديلا للعنصرية سوف يكون مردوده وثمنه اغلى على الطرفين بعد الانفصال لانه سوف يؤدى لنفس الصراعات حيث ينقل الحروب العنصرية من شمالية فى مواجهة الجنوب وانما بين الجنوبى والجنوبى والشمالى والشمالى
وهذا ما حدث بصورة افظع بعد ان اصبحت كل دولة قائمة لذاتها حيث ان التاريخ شهد ما حققه اتفاق النميرى مع حركة الانانيا المتمردة والتى كانت اسبق من الحركة الشعبية والذى امن على تحقيق الحكم الذاتى للجتوب فى نموذج مصغر لدولة الجنوب عندما ابرمت مايو هذا الاتفاق مع قادة الانانيا جوزيف لاقو وجوزيف ادوهو والذى حقق لاول مرة استقرارا امنيا بين الشمال والجنوب حيث توقف فيه لاول مرة سقوط اى ضحايا من الجانبين ولكنه عجزعن تحقيق الاستقرار للجنوب عندما عاد من وقعوا على اتفاق الحكم الذاتى للجنوب كاقليم واحد والذى حقق للجتوب دولة موحدة الا انهم الموقعين على الاتفاق عادوا وطالبوا النميرى بتعديل الاتفاق ليصبح الجنوب ثلاثة اقاليم بدلا عن اقليم واحد جامع لكل قبائل الجنوب وذلك لما تبين لهم ان الجنوب الموحد سوف يكون تحت هيمنة القبائل ذات العددية الاكبر وعلى راسهم بصفة خاصة قبيلة الدنكا والتى جاء الاتفاق برئيس لاقليم الجنوب الموحد من ابنائها الذى لم يكن طرفا فى التمرد والذى لم يكن من الموقعين على اتفاق الحكم الذاتى مما ارغم النميرى للتراجع عن الاتفاق وليعدل الاتفاق ليصبج الجنوب من ثلاثة اقاليم وليس اقليما واحدا مما رسخ الجهوية والقبلية وهذا ما يؤكد واكده الواقع اليوم بعد انفصال الجنوب ان الخلافات القبلية فى الجنوب التى اطاحت بالحكم الذاتى للجنوب الموحد هى نفسها ستصبح خطرا على دولة الجنوب بعد الانفصال ولنفس السبب حيث ستتفجر فيه الخلافات القبلية التى لا تقبل هيمنة قبيلة على اخرى وهذه هى نفس الظروف التى افشلت الحكم الذاتى لجنوب موحد وستفشل الجنوب كدولة واحدة مالم يحقق الجنوب رؤية جديدة للمواطنة الجنوبية وليس الانتماء للقبلية والا لواجه الجنوب نفس المصير والذى يشهد اليوم حروبا طاحنة بين القابائل. وسوف يشهد المزيد منها مالم يؤسسس لمواطنة خارج قالب الانتماء للقبيلة
.فلقد ظل الشماال والجنوب للاسباب الى اوردتها يعيش لما يقرب ستين عاما فى حالة حرب لم تتوقف الا فترات بسيطة لم نحسن قراءتها بسبب الصراع العنصرى لاحساس الجنوب بانه مضهد من الشمال العربى باغلبيته المسلمة وانه مهضوم الحقوق وهو محق فى ذلك ولكن المفاجأة الاكبر انه بعد الانفصال تفجرت فى كلا الطرفين حروب اهلية اشد خطرا وضراوة بسبب النزاعات العنصرية والقبلية بنفس الاحساس بالتفرقة والتهميش
ولم يسلم من هذه الحروب حتى السودان الشمالى بعد ان اصبحت اغلبيته العظمى عربية ومسلمة ومع ذلك فان الحروب التى كانت قاصرة بين الشمال و الجنوب وحده اصبحت اكثر انتشارا فى دارفور وجنوب كردفان والنيل الازرق (,البقية فى الطريق من الشرق واقصى الشمال) و هكذا كان الحال فى الجنوب بعد الانفصال حتى بعد ان اصبح كله من العنصر الزنجى ولم يعد فيه وجود اى عربى ومع ذلك تصاعدت الحرب بين عنصرياته وقبليته بصورة اكثر حدة مما كانت عليه ليسددوا فاتورة اشد قساوة واخطروعنصرياته وقبلياته تتصارع من اجل الهيمنة على الجنوب (وكانا يا قيس لا رحنا ولا جينا) والتى ستسير حتما نحو تقسيم الجنوب لثلاثة دول كما كان حال الاقاليم الثلاثة ان لم تحسم هوية الدولة الجنوبية الموحدة بعيدا عن القبيلة والعنصرو ان لم ينجح سلفاكير فى ذلك فان الجنوب لن يشهدالاستقرار وسيبقى مهددا بالتقسيم من دعاة الاتفصال
وبهذا فالدولتين مهددتين بمزيد من التمذق لنفس السبب خاصة وان مطامع الغرب ودول الجوار اصبحت اللاعب الرئيسى كما كان حالهم فى السودان الموحد جتى مذقوه.وهاهى يوغندا بقواتها داخل الجنوب طرفا فى حربه الاهلية. لا من اجل وحدته ولكن لمصلحة طرف من اطرافه
هذا بلا شك يؤكد فشل القوى السياسية فى البلدين الذين عجزوا عن قراءة مخاطر الفوارق العنصرية والعرقية حتى يؤسسوا لدولة سودانية مبراة من هذه الفوارق حتى لايكون مصير السودان شمالا وجنوبا اختفائهما من الخارطة العالمية وحتى لايكونا هدفا للمطامع العالمية والاقليمية كما هو الحال الان.
ولعل النموذج البورندى يقدم الدرس لشعب السودان من شماله وجنوبه حيث ان بورندى شهدت حربا عنصرية وعرقية اشد خطرا من التى شهدها السودان وسقط فيها ضحايا اكثر ولكن الحا ل عندما وضع شعب بورنديى يده على اصل العلة التى تتمثل فى النعر ات العنصرية والقبلية تدارك الموقف حيث استقر بهم الامر اخيرا لنبذ العنصرية والقبلية و التوحد والاستقرار تحت الهوية البورندية وليس شيئا اخر وذهبوا للمستو ى الذى يعتبرون فيه من ينسب نفسه لعرق ا قبيلة او دين مجرم يحاسب على ذلك بالقانون لتبقى الهوية البورندية هى الاساس للمواطنة فى دولتهم الجديدة. مما حقق لهم المعيشة الامنة دون تهديد
وهذا ما فشل فيه السودان لانه لم يفكر فيه اصلا كما ان السودان ليس له من مخرج الا بالانتقال للمواطنة السودانية وليس الانتماء للعنصرية والقبلية والدينية وهو ما يبدو بعيد المنال تحت الظروف التى يعيشها السودان وغياب القوى السياسية . التى تقدم الوطن على مكاسب السلطة.
اذن لابد هنا واولا من ان تعترف كل القوى المتصارعة والمشهرة للحرب والسلاح من حكام ومعارضين ان يعترفوا بما تسبببوا فيه من ضرر للدولتين حيث ان الانفصال عاد بالوبال على الجانبين؟
ثانيا لابد للقيادات من الطرفين فى الدولتين ان يدركوا انه يتعين عليهم ان يستوعبوا الدرس من بورندى ون يعملوا على تحقيق هوية للمواطنة فى كلا البلدين تنبذ الانتماء العنصرى القبلى والدينى ليضعوا حدا للانتماء غير الوطنى
ثالثا ان تدرك الدولتان انهما لاخيار لهم لتجنب سابيات ما سببه الانفصال من اضرار على البلدين بان كلاهما
يكملان بعضهما البعض وسوف لن يحققان ما يتمتعان به من قدرات اقتصادية دون التو افق بين الطرفين اذ ليس بيد اى منهما ان يستغنى عن الاخر سواء على مستوى النفط او المنافذ الخارجية وغيرها من ارتباطات متعددة فى كافة المجالات الاقتصادية والاجتماعية فالوضع لا يقبل او يحتمل اى تنازع وتنافر بينهما خاصة فى المناطق الحدودية وما يتبعها من مشكلات تفضى للفتنة والتوتر بينهما فان اخطا الطرفان بما فرضوه على السودان من تمذق فانه لاسبيل ليكفروا عن خطائهم الا بوقف الحرب والتنلزع بين البلدين وهذا لن يتحقق الا بالتو افق على الهوية السودانية الشمالية والجنوبية بعيدا عن العنصرية ووالقبلية لحسم التوترات المثيرة للفتنة بين البلدين بسبب الصراعات والحروب العنصرية والقبلية من الجانبين مما يفجر الاوضاع والاتهامات المتبادلة بين البلدين
ولابد لكل طرف ان يهئ نفسه لتقديم التنازلات فى هذا الجانب سواء من جانب حكم الانقاذ فى الشمال او حكم الحركة الشعبية فى الجنوب حيث ا اصرار كل منهما على فرض رؤيته و ذاته سوف يفجر الاوضاع اكثر ويزيدها تعقيدا مما هى عليه رابعا ان العمل وفق الخطوط الرئيسة اعلاه ربما يقود للوحدة السودانية لما كانت عليه ان لم يكن فى دولة واحدة ففى دولة كونفدرالية طالما ان مستقبل البلدين رهين بالتعاون المطلق بلا حدود بينهما.
ولكن اهم من هذا كله وتحت الظروف الحالية ولتهيئة المناخ المناسب لعودة الروح بين الدولتين اللتان فرض عليها خطأ تاريخى من الجانبين ان تؤسس الدولتان لوحدة اقتصادية لا مناص منها كمرحلة اولية لابد منها لحل الازمات الاقتصادية التى يعانيها البلدان .
ولتكن لهما عظة فى دول اوربا حيث تجمع بينها وحدة اقتصادية حتى فى العملة بالرغم من استقلالية كل دولة عن الاخرى سياسيا مما يحتم على الدولتين ان يتفقا حالا ودون ابطاءعلى استراتيجية الوحدة الاقتصادية حتى تتفجر طاقة البلد الذى كان واحدا وماكان له ان يصبح بلدين احقاقا لحقوق شعبه فى ان يتمتع بخيراته وان يعيش فى سلام وامان وحرام ما اهدرتموه من حقوقه لستين عاما..
هى حقيقة مكابر من ينكرها انه ليس من بديل امام الدولتين غير الوحدة الاقتصادية كخطوة اولى لازالة ما اصاب الشعب الذى فرض عليه ان يصبح شعبين قهرا ورغم انفه بما ارتكب من اخطاء فى حقه حتى تتفجر امكاناته وثرواته لصالح المواطن فى البلدين .
نريد وحدة اقتصادية بين دولتين يحكم فيها الانتماء للجنوب او الشمال وليس الانتماء للعنصرية او القبليىة والدينية وهذه المسئولية الاولى تقع على القابضين على مفاصل القرار من الحكام حتى نضع حدا لصراع الدنكا والنوير فى الجنوب وغيرهم وحتى لايكون فى الشما ل صراع هوية فى دارفور او جنوب كردفان او النيل الازرق بل وفى شرق السودان وعلى سلطتى الحركة الشعبية فى الجنوب والانقاذ فى الشسودان الشمالى ان يصححا هذه الاوضاع ا لتى يتحملون فيها المسئولية الاكبر.
نريد فى الجنوب ان تلتقى كلمة من جمعتهم الحركة الشعبية من مختلف القبائل وان تتوحد كلمتهم فى اعادة صياغة المواطنة فى الجنوب بنبذ القبيلية والعنصرية فهل يلتقى قادة الجنوب المتحاربين على كلمة سواء حتى يجهضوا اى تامر اجنبى او اقليمى على الجنوب قبل ان نراه يتمذق كما تمذق السودان. خاصة وان الجنوب بحاجة لان يضع فى حسبانه ان امريكا سوف لن تتعاطف مع بترول السودان شمالى او جنوبى لانها لن تغفر ان هذا استثمار صينى حل بديلا لشركات امريكية (شيفرون)
ونريد للسودان الشمالى ان يكف نظام الانقاذ فيه على فرض رؤيته السياسية والتى رسخت من الجهوية والعنصرية والدينية طمعا فى الهيمنة على السلطة و التى اصبحت مصدر للحروب التى تتهدد السودان بمزيد من التمذق ولابد للنظام ان يعيد النظر جذريا فى سياساته التى تقوم على استقطاب زعماء العشائر والقبائل حتى اوشك ان تصبح لكل قبيلة ولاية حتى تتمتع اسر الزعماء بخيرات الولاية كسلطة قابضة على مصالح المواطنين فالانجليز انفسهم عندما اعتمدوا على زعماءالقبائل لم يقسموا السودان لولايات قبلية وانما قصروه فى تسعة مديريات ادارية والتى اصبحت ستة بعد الانفصال وهذا نفس ما يحتاجه الجنوب للخروج من ماذق العنصريىة والقبلية
كما نريد من الحركات الثورية الا ترتكز على العنصرية والجهوية والنعرات القبلية. والوقوع تحت قبضة المصالح الغربية
ونريدمن قيادات الاحزاب السياسية التى لا نعرف مسماها ان كانت معارضة او روافد انقاذية كما يقول الحا ل وعلى راسها زعماء الطائفتين نريد منهما ان يكفرا عما ارتكبته هذه الاحزا ب فى فصل الجنوب وتهديد الوطن بالتمذق يوم اسلمت مستقبل السودان وقضيته لامريكا فى مؤتمر القضايا المصيرية باسمرا عام 95 ويوم روجت للحرب والعنف الذى لاتملك مقوماته كبديل للنضال الشعبى هذا الارث التاريخى لشعب السودان
ونريد بصفة خاصة من هذه القيادات ان ترفع يدها عن الهيمة على ديمقراطية هذه الاحزاب ليؤسسوا لديمقراطية حقيقية وليست زائفة تقوم على مؤسسات ديمقراطية وليس مؤسسات صورية فكفاهم ما الحقاه بالسودان عبر مسيرة حكم وطنى فاشل لستين عاما تولوا فيه السلطة بديمقراطية صورية و المشاركة فى الانقلابات العسكرية حبا فى السلطة
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.