الشكر للأخ دكتور حسن حميدة من ألمانيا على إرساله لي قبل قليل مقال الدكتور الواثق كمير لأهميته. بالأمس وصلتني بالصورة والصوت خطبة الدكتور محمد الأمين إسماعيل فقدرت انفعاله ، من منطلق مهنتي، ولكن فى نفس الوقت ليته بعد كل ذلك كان الأفضل منه كخطيب راتب لجامع معتبر وداعية قدوة أن يأتي وبهدوئه المعهود على التلفزيون بذكر "ما هو الأفضل" فى رأيه من بديل مواد نافعة لتلك الفئة العمرية من التلاميذ وهو حسب ظني أستاذ جامعي يرجى منه ذلك. رديت مشاركاً فى نفس مساء الأمس على بعض الزملاء الأصدقاء عن ما دار من جدل وهنا ألخص الأهم ورودا بمشاركتي معهم بالآتي: الأعزاء الإخوة شكراً على توافق ردودكم بخصوص الجدل حول منهج الكتاب المدرسي للصف السادس وخاصة ما أثاره تواصلياً ( بين قادح ومادح) ردة إنفعال الشيخ محمد الأمين إسماعيل، أثناء أدائه لخطبة الجمعة، فالدكتور الشاب كنّا نعِّول عليه أكثر من من سبقوه على تلك المنابر التى نعتبرها أيضاً مدرسة مهمة لإصلاح الشيب والشباب مجتمعين ونتطلع كذلك إلى تطويرها إلى الأحسن . على كل لا ألومه وقد انفعل، لكن لا أحبذ التسرع ومهاجمة شخص بعينه إن لم يكن بيدي البينة بأن فلان هو الفاعل لكنني أوافقه بأن المنهج بهذه الطريقة لأطفال صغار بالصف السادس " توو متش " ومثل هذا المستوى من الفكر والتفكير والقضايا الجدلية عالية المستوى ممكن يناسب درجها ضمن المواد التي تدرس لطلبة الثانويات العليا مستوي صف ثالث وما فوق. أذكر أنني بكل صراحة وأنا طالب بمدرسة بربر الثانوية العليا جاءنا الشاب الأنيق المهذب أستاذ الفنون كمال حسن بشير عليه رحمة الله وكان جداً نشطا ومتحمساً لتعليمنا الفنون بالطريقة الصحية وقال لازم البداية لدخول بيت الفنون أن تكون بمعرفة تاريخ الفنون History of Art . هكذا وجدنا أنفسنا قد دخلنا لأول مرة فى تاريخ أروبا وخلطة أسماء غريبة علينا وكنائس عصر النهضة ولاول مرة نسمع بكلمة نهضة The Renascence وكان يخلط كلامه عربي وإنجليزي فمرت الحصص النظرية ثقيلة صعبة الهضم ولم نستوعب أي شيء. كان ذلك أثناء الدراسة بالصف الأول. وفى الصف الثالث كرهت أثناءها مادة التاريخ لأننا درسنا فيها تاريخ أوروبا بدقة متناهية وكان من أصعب الاستيعاب تعقيدات تلك الحروب والقضايا المتشعبة عندما استغرق ،مستمتعا ، الناظر فوزي جمال الدين رحمه الله ( مؤلف كتاب تاريخ أوروبا الوسطى) فى تفاصيل دقيقة عن منطقة البلقان وأول مرة نسمع عن البوسنة هيرسوكوفينا ومعاهدة بسمارك ( يريد منا حفظها) وعليه قررت إسقاط مادة التاريخ من الخيارات المتاحة من مواد إمتحان الشهادة إضافة للعلوم والرياضيات ، فاخترت عوضاً مادة الفنون التي أنقذتني من السقوط فى طريق التاريخ "بجيد" ، وصارت لى من ذلك الزمن عقدة من التاريخ وسوالفه إلى اليوم. لذلك أرى أن قبل طبع هذا الكتاب المدرسي الجديد كان الأحرى بالدكتور القراي وهو كما يقولون "رأس الحربة " أن يعرض مواده للجنة تضم اطباء الأطفال بشقيهما النفسي والسريري والنموي developmental وبعضًا من علماء الدين الوسطيين إن توفروا ، والرعاية الإجتماعية وكذلك فنانين تشكيليين وأدباء وقانونيين ... إلخ ( لعله قد فعل!), لأن مخ الإنسان هو عبارة عن الماعون الذي يحتوي على الملايين من الخلايا التي تستوعب مراكزها حسب تكوينها ووظيفتها الإشارات الخارجية وإن لم يكتمل نموها إضافة إلى صقلها بالتجربة لا يمكن أن ننجح فى تطويره حشوا هكذا بمواد جدلية فلسفية عالية المستوى. هذا رأيي الشخصي فى الموضوع المثير للجدل . عدا ذلك أوافقكم " أين كان كل هؤلاء الخطباء المحترمين وأعضاء ما يسمي بمجمع العلماء أو الفقهاء ، لم نسمع لهم قولة حق ضد القهر والظلم والفساد والدمار على مدى ثلاثين سنة عانى فيها جل شعب السودان المسلم وظُلم ظلم الحسن والحسين وانفصل الجنوب واستبيحت حلايب وغيرها الكثير المثير من الخراب ، على عينك ياتاجر! أعود للعنوان أعلاه فالشكر للدكتور الواثق كمير على ملاحظاته الدقيقة التي جاءت نقداً بناءا وموضوعياً مفيداً يستحق الإستعانة بكل ما ورد فيها لتصحيح الخطأ وهكذا أجد نفسي أصحب الدكتور الواثق مبحراً على ظهر قاربه بأن تدريس مثل هذه المواد بهذه الطريقة فى هذه السن المرحلية بالذات من عمر الطفولة لا يجوز. أيضاً لا عيب وحرج من مراجعة أعمالنا او أفعالنا الآونة والأخرى لكي نصححها أو نطورها فالرجوع إلى الحق فضيلة أما الإنفعالات والتشنجات والمشاحنات والشتائم من غير طرح البدائل المقنعة بدراسة الجدوى نرجو أن لا تكون سمة مجتمعنا الحضاري المنشود لأن نتيجتها فى غالب الأحيان تكون عكسية وهدامة بل ضارة كالسرطان بحاضر ومستقبل الأمم. ما عرضه الواثق تجربة عملية عشتها وأنا فى مستوي أعلى من مستوى صف سادس اليوم ( والحق أقول لا ننكر ذكاء أطفالنا يومنا هذا مقارنة بزمننا الغابر). عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.