تحت عنوان: (ماذا يخطط حميدتي)؟! نشر الكاتب المتميز زهير السراج مقالًا سأل فيه: (ماذا يريد (حميدتي) و الى ماذا يرمي بالاجتماعات شبه اليومية التي يعقدها مع الوفود القبلية من مختلف بقاع السودان، والتقرب الى القبائل والسعي الدؤوب لإحياء الادارة الاهلية والعمل وإصدار قانون الادارة الاهلية الأمر، ما يمكن أن يساهم في إحياء التعصب القبلي والنعرة القبيلة على حساب الهوية السودانية والمواطنة التي يجب أن تكون أساس الحقوق والواجبات والتعامل بين المواطنين، بغض النظر عن الجنس واللون والدين والعرق ..إلخ، وليس القبلية التي ينشط (حميدتي) في إحيائها ورفع راياتها..!). وأحاول في هذه المساهمة أن أدلي بدلوي في الإجابة على السؤال. أبدأ بالقول بأن محاولة الفريق (خلاء) حميدتي الأخيرة لحشد القبائل وكسب تأييدهم، ومحاولته رشوتهم بالحوافز المالية، وتقوية نفوذهم عن طريق سن قانون جديد للإدارة الأهلية، ليست هي المحاولة الأولى. فقد سبقتها محاولة أخرى في بدايات ظهوره كنائب للبرهان، في التوليفة العجيبة التي استولت على حكومة الثورة. فقد تابعناها في محاولته تلك لحشد المئات ممن يسمون بزعماء القبائل، ورشح وقتها بأنه أهدى لكل واحد منهم سيارة دفع رباعي فارهة، وجمعهم، وخطب فيهم خطبة (خلوية) عصماء، وعدهم فيها بالمن والسلوى، حيث وعدهم فيها بحل جميع مشاكل البلاد في غمضة عين. ولا تزال هذه الخطبة منشورة في اليوتيوب لمن شاء متابعتها. والقصد، في تقديري، بائن من كلا المحاولتين، وما بينهما. وهو أن البرهان وحميدتي يريدان تفويضًا شعبيًا، وقد صور له خياله، أو بالأحرى خيال من يخططون لهما من وراء حجاب، من شيوخ دولة الإمارات والسعودية، بأن السبيل إلى كسب هذه القاعدة الشعبية الكبيرة، بسرعة البرق، يمكن إحرازه، كما أحرزوه في إمارتهم وممالكهم، برشوة زعماء القبائل بالحوافز المادية، ثم بتمكين شيوخ القبائل عن طريق منحهم السلطات الإدارية الواسعة، التي تعضد قبضتهم على مقاليد الأمور في مختلف الأقاليم، وفي مناطقهم، لضمان استمرار ولائهم لحكم البرهان وحميدتي، بتفويض شعبي، يرفع عنهما حرج الاتهامات بالتسلط على الحكم بالقوة العسكرية، ليسدا به ذريعة معارضة الدول الغربية لسطو الجناح العسكري في المجلس السيادي على سلطة حكومة الثورة، ويتجاوز بذلك خطر الوقوع في متناول يد قانون التحول الديمقراطي الذي أصدره الكونجرس الأمريكي مؤخرا. عوار هذا التخطيط الإماراتي/ السعودي، كان يمكن أن يكون صحيحًا وناجحًا، لو كان السودان لا يزال دولة عشائرية متخلفة مثل دول الإمارات والسعودية، ولكن السودان قد غادر محطة النظام القبلي والعشائري، ونظام نفوذ الإدارة الأهلية، منذ أكثر من نصف قرن من الزمان. إن زعماء العشائر في السودان الآن لا يتمتعون بسلطة ونفوذ كاملين، ولا حتى على من المنتمين لهم عرقيًا من بتي وبنات عشائرهم، دعكم من أن تمتد سلطتهم ونفوذهم في مناطقهم، وتسود على غير المنتمين لقبائلهم من السكان. فقد زاد الوعي بين السودانيين، وخاصة في أوساط الثوار و الكنداكات، الذين فجروا ثورة الوعي المظفرة في ديسمبر 2018، واتسع بدرجة تجعل من المستحيل الرجوع بالسودان إلى عهود التخلف والرجعية، التي تقنن السلطة القبلية والعشائرية وتجعلها مركز سلطات الحكم المحلي والإقليمي في السودان. ليت أمراء وشيوخ الإمارات والسعودية يعلمون هذا، ويستيقنون حقيقة أن السودان ليس الإمارات، وليس السعودية! وأن الذي يفرق بين شعبنا وبين تابعيهم، الذين يطيب لهم أن يطلق عليهم بالتابعين، ولا يسمون بالشعوب، هو بون شاسع، وبعيد كبعد السماء عن الأرض. فإذا هم أدركوا هذه الحقيقة، الظاهرة ظهور الشمس في وضح النهار، لكانوا قد أراحونا من هذه الغثاثة، ووفروا على أنفسهم جهودًا ضخمة وكبيرة، تضيع سدى، من التي تبذلها أجهزة مخابراتهم، والتي لا تتقن شيئًا مثلما تتقن مؤامرات الجهل النشط. وكانوا قد وفروا على محافظهم المليارات من ريالاتهم، التي من الأولى بهم صرفها على تعليم أبنائهم، حتى يحرروهم من رق وتخلف الأنظمة العشائرية، والخروج بهم إلى باحات المجتمعات الإنسانية الحديثة. هذه نصيحتي لهم، فليعملوا بها إن أرادوا، وإلا فإن كل هذا العبث الذي يمارسونه بمحاولات تدخلهم الغبية في السودان، سينتهي قريبا، وسيذهب زبده جفاء، ويومها لن يجدوا أمامهم خيارًا أفضل من أن يرجعوا من حيث أتوا، وليأخذوا معهم وقتها حميدتي إلى خلاءاتهم، إن هم أرادوا، فهوفريق (خلاء) جاهز! عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.