عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته. أعجبني مقال على سودانايل للدكتور زهير السراج " صنع فى السودان". فعلاً، لقد صدق لماذا لا نصنع من منتجاتنا فى السودان ما يمكن تصديره؟. أثناء سفري هنا وهناك وزيارة لمدن أوروبية وأميركية أثار إنتباهي وجود خضروات طازجة فى السوبر ماركيت الكبيرة وارد مصر. هنا في إنجلترا وحتى كل أسواق مدن الدول الإسكندنافية نشتري الملوخية والبامية والفاصوليا والفول المصري كلها خضراء طازجة مثلجة وارد مصر ( شركة قها مثال). الخضروات المثلجة توجد فى الدكاكين على مدار السنة والفريش منها تكفي كل الأسواق الأروبية وغيرها خلال فترة الشتاء التى ينعدم فيها الإنتاج المحلي. وفكرت فى نفسي " أنا السودان " وغصة فى حلقي وعبرة إحتوتني وأنا أسترجع كيف كان أهلنا بمنطقة بربر وريفها يفرحون بقدوم الخريف ونجاح فيضان نهر النيل وكيف كانوا يهرعون حتى المدرسون والموظفون منهم لتقاسم المساحات المروية بأودية العتمور فيزرعون ويحصدون خيراتها يشبعون منها ويبيعون ما تبقى لذلك الشباب كانوا يتزوجون بدون خوف ولا كنا نعرف ما تعنيه كلمة العنوسة، والكبار من الشباب والشيوخ يحجون ويعتمرون أكثر من مرة ويأكلون ما لذ وطاب على موائد أفراح متجددة وكانوا أصحاء لا يمرضون وبجميل الثياب يلبسون ويتدثرون. وكيف كان عبدالعزيز فرج عليه رحمة الله "سر تجار بربر" له متجراً بسوق بربر ما هو إلا مكتب تصدير الحبوب ( الفاصوليا والقمح والشعير والحمص والذرة البيضاء ) كان عنده تيليفون يربطه بالعالم الخارجي وكان من أوائل الذين إمتلكوا السيارات الخاصة وأذكر منهم كذلك التجار علي محمد شبرين وعبدالباقي عوض الله وأبناء يوسف علي ابشر وأبسبعة وحسن موسى وحسن السيد بحاضرة القدواب. تذكرت أيضاً كيف كان مشروع الجزيرة فقط بوسط السودان يكفي دخله ليغطي حاجة ميزانية كل الوطن، وتذكرت خيرات كردفان ودارفور والقاش والجنوب سابقاً والنيل الأبيض والقضارف وضفاف النيل الخصبة بشمال السودان ، كلها لو وجدت اليوم اليد أو قل الماكينة الحديثة التي تزرع وتحصد لما وصل بِنَا الدرك إلى حالنا هذا حتى صرنا ننتظر الإنقاذ والعون ليأتينا من الخارج. بل الحسرة أن جيل اليوم " خاصة موعودو الستين عجبي ماذا يريدون ؟ " الكثير منهم من تهمه فقط بطنه وجيبه وعلى الوطن السلام بل يبقى حظه السيء كدقيق نثروه غدراً فوق نار فاحترق، ويحترق بدورهم فقط المساكين من نيران الحرابات والخراب والفقر أتساءل لماذا تتفوق علينا مصر زراعياً ومياهنا وأراضينا الخصبة تتفوق عليها ولماذا ثروتنا الحيوانية لا نستفيد منها كما تفعل نيوزيلندا التي تصدر لحومها طازجة أو مثلجة بدلاً من تصدير حيواناتها حية كما نفعل نحن ونعرضها للجوع فنقص الوزن والمرض فتعود لنا بضاعتنا كاسدة مرجوعة بحجة انها دون المواصفات المطلوبة ؟ المشكلة في إعتقادي أنها تنكر من قبلنا لجميل الوطن علينا وتغاضينا عن جوهر مفهوم الوطنية الحقة، ايضاً مشكلة فساد أخلاقي وعدم أمانة تفشت بل عدم إحساس بأن هذا الوطن وطنك يا كل سوداني ووطن أجيال تأتي من بعدك آلاف سنين تنتظر، فكيف يحق لمن حُمِّلَ مسؤلية ما أن ينسى أنه إن لم يُسأل فى الدنيا " من أين لك هذا" فسؤال الآخرة لأقرب إليه من حبل الوتين. الخلاصة ، أقترح الآتي: إعادة النظر فى مادة قانون الإستثمار فى السودان بتفاصيله الواسعة وتقنينها وتطبيقها بشفافية ودقة بحيث يكون واضحاً أن الهدف الأول من التصديق على أي مشروع إستثماري هو النفع الذي يعود أولاً وآخراً إلي خزينة الوطن وبالتالي أثره على المواطن من توفر فرص وظائف وتوفر مجتمع الرفاهية بتحقيق خدمات ضرورية هي فى الأصل من واجب الدولة تجاه مواطنيها وتنتهي بالتالي مسرحية العون الذاتي التى ظل يعاني منها جيب كل سوداني منذ اكثر من إثنين وثلاثين عام وأيضاً تنهي أسطوانة الدعوات لوقفات الإشادات لهذا وذاك أو التبرعات المخجلة . هكذا يتلخص موضوعي فى الحديث عن السهل الممتنع " الزراعة والثروة الحيوانية" والإستثمار فيهما. فسهل واقع هو لأن السودان غني بالأرض الخصبة والمياه العذبة تنهمر بغزارة وفيض كرم من الله من السماء مباشرة كما توفرها أيضاً يتم من الأنهار وجوف الأرض، وسهل لأن السودان جداً لغني بالثروة الحيوانية. والممتنع فى الواقع هو فشل التخطيط والتنفيذ ووقوف حمار الشيخ فى العقبة، لا يستطيع أحد من زحزحته . أقصد بذلك للأسف فشلنا الذريع فى كيف تستثمر الدولة بنفسها وشعبها ورؤس ماليتها مستفيدة من كل تلك الخيرات المتاحة وعندنا الأيدي العاملة متوفرة بالملايين، لو شمر الشباب عن سواعدهم ، وحاربوا ضياع سنين العمر الثمينة فى ما لا يفيد حاضرهم ولا مستقبلهم.لذا أقترح فى هذا الإطار إعادة النظر فى كيفية إيجاد مخرج للإستثمار جديداً ويكون واعداً ( ليس لمصلحة زيد أو عبيد) يفيد الوطن كله من الإنتاج الزراعي والحيواني الوافر لأنها هي وصفة العلاج والإنقاذ الحقيقي وأن تسن قوانين جديدة للإستثمار تصب فى مصلحة الوطن قبل كل شيء إضافة إلى رسم خارطة طريق للإستفادة من كل عشب ونبت وفاكهة وحبوب وزيوت وانتاج حيواني ليتم تصديره منتجاً سودانياً ( صنع فى السودان، كما تمناها السراج) ينافس عالماً بالجودة والنوعية وذلك لا يتم إلا بالدراسة والتجارب العلمية والبحثية فى كل المجالين من قبل متخصصين من كليات الزراعة والبيطرة ومعاهد البستنة. أذكر كانت توجد خلال السبعينيات من القرن الماضي بمنطقة الحديبة جنوبالدامر فى نهر النيل محطة تجارب زراعية ناجحة تحت إشراف دكاترة زراعيين هدفها تطوير النوعيات وتشخيص ومحاربة الأمراض. أين هي الآن ؟ أذكر أنني قابلت عام سبعة وثمانين أحد مبعوثيها فى هامبورج الألمانية كان يقوم بتجارب بحثية هامة مستفيداً من التقنيات الألمانية. فى الحقيقة السودان محتاج إلى محطات بحوث زراعية عديدة ، وليس واحدة أًو إثنتين ، فى الشرق والغرب والجنوب لأن المناخات ونوع التربة تختلف من إقليم وإقليم حسب طبيعة تكوينها. أقترح أن يتم تكوين لجنة تضم متخصصين في علوم الزراعة والثروة الحيوانية والصناعة والإقتصاد من الجامعات السودانية إضافة إلى مستشارين قانونيين وممثلي وزارة التجارة والصناعة والبنك المركزي والطرق والمواصلات وامن الدولة. تكون هذه اللجنة مهمتها وضع خطة حماية الإنتاج الزراعي والحيواني من التغول عليه من أجانب وسماسرة بل هم أعداء يقفون وراء عدم تقدم مسيرة نهضة السودان ليقف على قدميه ولينعم شعبه بخيراته أولا ً وآخراً. أيضاً أقترح العمل الجاد على الإستثمار من قبل الدولة والمواطنين فى مجال التصنيع والتعليب وتصدير منتجات الثروتين للخارج والإستفادة من الفائدة المضافة. صدق الدكتور ( لعله من قطر) يعظ أهل السودان بعد ثورة ديسمبر عبر فيديو على اليوتيوب فحوى رسالته " بصراحة يا أهل السودان الحل عندكم وبأيديكم الإنقاذ لا تنتظرونه ياتيكم من الخارج. عندكم خيرات الارض والزرع والشباب وعندكم الجامعات وكلكم متعلمون دكاترة وخبراء، أغلقوا بابكم عليكم واعملوا تنجحون)، فلماذا لا نصدر الخضر والفاكهة خلال الشتاء إلى أروبا وأمريكا فهم فى أشد الحاجة إليها وعائد أرباحها جداً مجزي. لماذا زيت السمسم السوداني " أجود زيوت السمسم العالمية" يعاد تعبئته و بيعه organic بغالي الثمن فى خارج السودان من قبل جهات غير سودانية وتكتب على القنينة "المصدر :من عدة أقطار"؟ فيا أهل السودان إستثمروا بانفسكم فى خيرات وطنكم ولا تجاملون أجنبياً ( الحساب ولد، كما يقولون) فالأجانب مصلحتهم الذاتية هي بالدرجة الأولى أهم مقاصدهم عندما يستثمرون فى الدول النامية ( أمطار العين فى شمال السودان لخير مثال" . إنهم لا يريدون نمو تلك البلاد ورفاهية شعبها بل يستنزفون مواردها ويتركون أهلها عالة يتسولون وما هذا النوع من الإستثمار إلا نوع من أنواع الغش بل الإستعباد تحت قناع أو مدخل شرعي ( للأسف). أرجو أن أكون قد بلغت. ويا رب عونك وعينك على السودان ترقبه تحفظه من تسلط عفاريت البشر الذين لا يخافونك فهم كثر ولا عجب أن يكون بعضهم من مواطنيه للأسف الشديد. عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.