استمرار اللجان.. وهزيمة "هلال الجان"..!!    مدرب رديف المريخ يثمن جهود الإدارة..محسن سيد: لدينا مواهب مميزة وواعدة في الرديف    تعادل مثير بأجمل مباريات الدوري الانجليزي    وزير سوداني سابق يعلن عودته للمشهد بخطاب من رئيس الوزراء    عزمي عبد الرازق يكتب: عودة لنظام (ACD).. محاولة اختراق السودان مستمرة!    مسيرات انتحارية تستهدف عطبرة    وزير الداخلية يدشن العمل بإستخراج البطاقة الشخصية وبطاقة الأجانب من أصول سودانية    مبارك أردول: قصف مدفعي مكثف يستهدف الدلنج ونذر المواجهة المسلحة تقترب بشدة    شاهد بالصورة والفيديو.. "نهلة" تخرج في مقطع ترد فيه على زوجها "ميسرة" بعد أن اتهمها بشرب "البيرة" وإقامة علاقة غير شرعية مع شاب ببريطانيا    رئيس مجلس السيادة : عدم حرمان أي سوداني من استخراج الأوراق الثبوتية حتى وإن كان لديه بلاغات جنائية فهذه حقوق مشروعة    انخفاض أسعار السلع الغذائية بسوق أبو حمامة للبيع المخفض    مكتول هواك يترجّل    شاهد بالصورة والفيديو.. "نهلة" تخرج في مقطع ترد فيه على زوجها "ميسرة" بعد أن اتهمها بشرب "البيرة" وإقامة علاقة غير شرعية مع شاب ببريطانيا    شاهد بالفيديو.. الفنان أحمد أمين وعروسه الحسناء يرقصان في "جرتق" زواجهما على أنغام أغنية (يا سلام سلم)    شاهد بالفيديو.. الفنان أحمد أمين وعروسه الحسناء يرقصان في "جرتق" زواجهما على أنغام أغنية (يا سلام سلم)    هل استحق الأردن والمغرب التأهل لنهائي كأس العرب؟    توجيه بصرف اجور العاملين قبل 29 ديسمبر الجاري    شاهد بالصور.. المودل هديل إسماعيل تعود لإثارة الجدل على مواقع التواصل بعد ظهورها بأزياء ضيقة ومحذقة ومثيرة    "ونسة وشمار".. زوجة مسؤول بالدولة تتفوه بعبارات غاضبة وتعبر عن كراهيتها للإعلامية داليا الياس بعد إرسال الأخيرة رسالة "واتساب" لزوجها    تونس.. سعيد يصدر عفوا رئاسيا عن 2014 سجينا    مستشار ترامب يصل إلى الرياض    هل يمكن أن يؤدي الحرمان من النوم إلى الوفاة؟    بنك السودان يتأهب لإطلاق المقاصة الإلكترونية    الأردن يفوز على السعودية برأس رشدان ويتأهل لنهائي كأس العرب    والي الخرطوم يوجه بالالتزام بأسعار الغاز حسب التخفيض الجديد    المغرب يحسم بطاقة نهائي كأس العرب الأولى على حساب الإمارات    البرهان يصل الرياض    ضبط أخطر تجار الحشيش وبحوزته كمية كبيرة من البنقو    تعرف على جوائز كأس العرب 2025    النوم أقل من 7 ساعات ثاني أكبر قاتل بعد التدخين    ريال مدريد ينجو من فخ ألافيس ويلاحق برشلونة    بعد غياب طويل.. أول ظهور للفنانة المصرية عبلة كامل بعد قرار السيسي    منع نقل البضائع يرفع أسعار السلع في دارفور    ترامب يعلن: الجيش الأمريكي سيبدأ بشن غارات على الأراضي الفنزويلية    كارثة إنسانية قبالة اليونان وغالبية الضحايا من مصر والسودان    ترامب يلغي وضع الحماية المؤقتة للإثيوبيين    الإعلامية والشاعرة داليا الياس ترد على إتهام الجمهور لها بالتسبب في فصل المذيع الراحل محمد محمود حسكا من قناة النيل الأزرق    إليك 7 أطعمة تساعدك في تقليل دهون الكرش طبيعياً    قوات الجمارك بكسلا تحبط تهريب (10) آلاف حبة كبتاجون    وفاة إعلامي سوداني    مسيّرتان انتحاريتان للميليشيا في الخرطوم والقبض على المتّهمين    إسحق أحمد فضل الله يكتب: (حديث نفس...)    تصريحات ترامب المسيئة للصومال تثير غضبا واسعا في مقديشو    حريق سوق شهير يسفر عن خسائر كبيرة للتجار السودانيين    مياه الخرطوم تكشف تفاصيل بشأن محطة سوبا وتنويه للمواطنين    إدارة التعدين بولاية كسلا تضبط (588) جرام و (8) حبات ذهب معدة للبيع خارج القنوات الرسمية    محافظ بنك السودان المركزي تزور ولاية الجزيرة وتؤكد دعم البنك لجهود التعافي الاقتصادي    إحباط تهريب كميات كبيرة من المخدرات والمواد الخطرة بنهر النيل    الصحة الاتحادية تُشدد الرقابة بمطار بورتسودان لمواجهة خطر ماربورغ القادم من إثيوبيا    مقترح برلماني بريطاني: توفير مسار آمن لدخول السودانيين إلى بريطانيا بسهولة    إحباط تهريب أكثر من (18) كيلوجرامًا من الذهب في عملية نوعية    وصول 260 ألف جوال من الأسمدة لزراعة محاصيل العروة الشتوية بالجزيرة    الشتاء واكتئاب حواء الموسمي    عثمان ميرغني يكتب: تصريحات ترامب المفاجئة ..    "كرتي والكلاب".. ومأساة شعب!    ما الحكم الشرعى فى زوجة قالت لزوجها: "من اليوم أنا حرام عليك"؟    حسين خوجلي: (إن أردت أن تنظر لرجل من أهل النار فأنظر لعبد الرحيم دقلو)    حسين خوجلي يكتب: عبد الرجيم دقلو.. إن أردت أن تنظر لرجل من أهل النار!!    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



نظرية تخفيض أو تعويم العملة!! هل تناسب وضع السودان الآن؟؟ .. بقلم: د. محمد محمود الطيب
نشر في سودانيل يوم 20 - 02 - 2021

مازالت حكومة حمدوك تصر علي ممارسة سياسات التجويع والإفقار ضاربة بعرض الحائط معاناة الجماهير المتزايدة يوميا والتي وصلت حدا لا يطاق ومتجاهلة ابسط مطالب الثورة والثوار في الحلم بحياة كريمة تتوفر فيها ابسط مقومات الحياة من ماكل ومشرب0
لم تكتفي هذه الحكومة برفع الدعم عن السلع الأساسية وخاصة الوقود والكهرباء إضافة لسياسات أخرى خاطئة أشعلت نار التضخم والذي اصبح خارج نطاق التحكم والسيطرة مثل سياسة الإفراط النقدي والصرف البذخي على أجهزة الحكم المترهلة وزيادة المرتبات الغير مدروسة ورغم تأكد خطل هذه السياسات وانعكاس آثارها بشكل يومي على حياة المواطن مازالت هذه الحكومة غير المسؤولة إطلاقا مازالت سادرة في غيها في مواصلة واكمال مابدا من سياسات مدمرة انصياعا والتزاما بتنفيذ روشتة صندوق النقد الدولي0
والآن تطالعنا الأنباء عن نية الحكومة في الإعلان عن آخر حلقات هذه السياسات الكارثية الا وهي التحرير الكامل لسعر الصرف او تعويم الجنيه0
دوافع تعويم الجنيه
من أهم الدوافع لتعويم الجنيه الالتزام التام بتنفيذ شروط صندوق النقد وفق الاتفاق المبرم من خلال برنامج مراقبة الصندوق وكل ذلك يتم في اطار ما يسمى ب مبادرة "الهيبك" والتي تهدف إلى تقليل او تخفيف أو إلغاء الديون المتراكمة وفق الالتزام بتطبيق برنامج تقشفي قاسي وبعدها يقرر الصندوق إذا كان السردان مؤهلا ام لا0
وايضاً الهدف من هذا البرنامج ان يتمكن السودان من معاودة نشاطه مع الصندوق والبنك الدولي وتمكنه من الحصول على القروض والمساعدات المشروطة0
والغريب في الأمر أن إمكانية الحصول علي هذه القروض والمساعدات غير مؤكدة وغير مضمونة اطلاقا (دخل السودان 14 برنامج مراقبة صندوق في السابق ولم يتمكن من الوصول لنقطة اتخاذ القرار ابدا) رغم هذه التكلفة العالية علي الشعب السوداني والذي يتحمل فاتورة هذه السياسات التقشفية القاسيه0
والجدير بالذكر انه حتى إذا تمكن السودان من الدخول في برنامج مساعدات أو قروض فقد لاتتجاوز هذه القروض "الثلاث مليار دولار" في احسن التوقعات حسب حصة السودان المسموح بها وفق نظام الصندوق0
والسؤال الهام هل يستحق هذا المبلغ المتواضع كل هذه المعاناة والضنك في بلد يزخر بكل هذه الموارد والثروات!!!! إنها التبعية والارتهان للخارج ليس الا!!!!!
والكل يتساءل الآن لماذا الاصرار علي كل هذه التجاوزات وما هي الدوافع والأهداف لسياسة التعويم ارى شخصيا ان الامر يتلخص في هذه الدوافع والأسباب:
أولا/دوافع إيديولوجية عقائدية:
يعتقد رئيس الوزراء وكل فريقه الاقتصادي السابق والحالي اعتقادا جازما في الفكر الاقتصادي النيوليبرالي فكر مدرسة ميلتون فريدمان وإجماع واشنطون وكل ذلك يعتبر الأساس النظري والعقائدي لسياسات التحرير الاقتصادي وبرامج صندوق النقد الدولي والبنك الدولي التي يقوم بتنفيذها هذا الفريق بالكامل في كل أفعاله وقراراته0
ثانيا/ أسباب سياسية:
تتلخص في الاتجاه كليا نحو الخارج للحصول على القروض والمساعدات ويعزي ذلك الى ضعف حكومة حمدوك في مواجهة دولة التمكين والقضاء على امتيازاتها من أموال وممتلكات وعقارات وشركات وتسهيلات مصرفية وإعفاءات ضريبية وجمركية رغم ان القضاء على دولة التمكين سيمكن الدولة من الحصول على موارد ضخمة ملك للشعب السودانية وتعزز موقف إيرادات الميزانية والميزان التجاري وتغنيه عن التسول والارتهان0
ثالثا/ أسباب اقتصادية:
تفترض النظرية الاقتصادية للتحرير الاقتصادي على ان التحرير الكامل لسعر الصرف أو التعويم سيقضي على السوق الموازي وتتجه أسعار الصرف نحو التوحيد ويؤدي ذلك إلى جذب الاستثمار الأجنبي وتحويلات المغتربين و سنبين لاحقا خطل هذه النظرية0
تستند نظرية تعويم سعر الصرف على التحرير الكامل لكل الأسعار في الاقتصاد أي ترك قوى السوق العرض والطلب تحدد كل الأسعار ومن ضمنها سعر الصرف دون أي تدخل حكومي إلا في الحالات الحرجة وتفترض النظرية الافتراضات الآتية:
أولا/ وجود قدر مناسب من احتياطي النقد الأجنبي أو ما يعادلها من الذهب لدى البنك المركزي0
ثانياً/ وجود مصادر قوية للنقد الأجنبي من عائد الصادرات وتحويلات المغتربين ومن الأستثمار الأجنبي وغيرها أي وجود قطاع خارجي قوي0
ثالثا/ استجابة عالية ومرونة عالية لمصادر العملة الأجنبية للتغيرات في سعر الصرف0
رابعا/ ثقة عالية في القطاع المصرفي وفِي الاقتصاد الوطني بصفة عامة
خامسا/ بيئة جاذبة للاستثمار الأجنبي من ناحية استقرار سياسي وقوانين وبنيات أساسية من مصادر طاقة ووسائل ترحيل وطرق0
وتعمل النظرية علي أساس ان التحرير الكامل او التعويم سيقضي على السوق الموازي وتتجه أسعار الصرف نحو التوحيد ويؤدي ذلك الي تجاوب كل مصادر النقد الأجنبي مع سعر صرف السوق الحر والسعر التوازني والذي سيكون جاذبا كما تفترض النظريه0
وتعترف النظرية أن سعر الصرف "سعر الدولار" عند التعويم مباشرة سيرتفع بشكل جنوني ويحدث
"Overshooting"
ويحدث هذا الارتفاع في المدى المباشر للتعويم بافتراض ان السوق يتعرض لأنشطة مضاربة ضخمة وعادة ماتعاني أسواق الصرف من عدم الفعالية نتيجة
Asymmetric Information and
adjustment obstacles
عدم تكافؤ في الحصول علي المعلومات بين جميع المتعاملين في السوق وكل هذه العوامل تخلق معوقات لاتجاه سعر الصرف نحو التوازن في المدى القصير وتفترض الحكومة أن يتم هذا التوازن في المدى المتوسط والطويل عندما تتفاعل كل العوامل بشكل جيد0
وأهمية وجود الاحتياطي من العملات الحرة من أجل التدخل السريع من البنك المركزي في حالة الارتفاع الحاد والمفاجئ لسعر الصرف نتيجة للأسباب سالفة الذكر0
والسؤال الهام هل تتوفر كل هذه العوامل في حالة السودان؟
الإجابة قطعا لا فمصادر النقد الأجنبي للاقتصاد السوداني لا تستجيب لتخفيض سعر الصرف او حتى تعويمه0
نلاحظ ذلك في قطاع الصادر والذي يعاني من مشاكل هيكلية ولا يتأثر بسعر الصرف فقط فهناك مشكلات حقيقية في جانب العرض والإنتاج والانتاجية والجودة والتسويق والترحيل وليست مشاكل في جانب الطلب والاسعار.وايضا قطاع الواردات لا يستجيب أو استجابته ضعيفة لتغيرات سعر الصرف0
كذلك تحويلات المغتربين لاتتوقع ان تتدفق عبر النظام المصرفي بمجرد تعويم سعر الصرف وذلك لأن احجام المغتربين نتيجة لعدم الثقة وعدم وجود نظام حزم تحفيزية مناسبة لهم وتشجع تعاملهم عبر القنوات الرسمية0
اما الاستثمار الأجنبي يصعب الحديث عنه في ظروف السودان الحالية من عدم استقرار سياسي وأمني وضعف في البنيات الاساسية وخاصة الطاقة والطرق وتذبذب القوانين والقرارات الاقتصادية وعدم استقرار سعر الصرف ومعدلات التضخم الخارج عن السيطرة0
إضافة لعدم توفر أهم شرط ألا وهو توفير الاحتياطات المناسبة من العملة الحرة أو ما يعادلها من الذهب0
لكل ما ذكر من أسباب أعلاه يؤكد ان الاقدام على خطوة الإعلان عن التحرير الكامل لسعر الصرف او التعويم عبارة عن انتحار سياسي وقفزة في الظلام لحكومة حمدوك والأثر المباشر سيحدث ارتفاع جنوني لسعر الصرف
"Serious Overshooting"
ويستمر في اتجاه الصعود لعدم وجود الاحتياطي من النقد الأجنبي للتدخل في الوقت المناسب وعدم إمكانية السوق للتعافي لضعف او عدم تجاوب العرض والطلب للتغيير في سعر الصرف للأسباب سالفة الذكر
ربما تتم بعض العمليات الإسعافية من بعض الجهات الدولية او الإقليمية لأسباب سياسية
"Rescue Package"
وغالبا ما تكون ذات تأثير محدود ومؤقت ولا تعالج جوهر الازمة الاقتصادية الهيكلية المزمنة والتي يمثل تدهور سعر الصرف احد ابرز تجلياتها!!!!
ما يترتب علي سياسة التعويم من آثار سياسية اقتصادية واجتماعية!!
اولا/ ارتفاع جنوني في أسعار العملات الأجنبية "تدهور متسارع لقيمة العملة الوطنية" وعجز البنك المركزي من التدخل لعدم توفر الاحتياطي مع عدم استجابة مصادر النقد الأجنبي للتعويم للأسباب سالفة الذكر0
ثانيا/ ارتفاع جنوني في أسعار كل السلع والخدمات وبلوغ مستوى التضخم إلى حدود التضخم الجامح وهو تسارع مستويات التضخم وتجاوزه نسبة ال 50% شهريا0
ثالثا/ يصاحب هذا التضخم الجامح حالة من الانكماش في النشاط الاقتصادي لقلة الطلب وارتفاع التكلفة بسبب ارتفاع أسعار مدخلات الإنتاج المستوردة يؤدي ذلك إلى خروج الكثير من الشركات من المنافسة وإعلان الافلاس0
رابعا/ يؤدي كل ذلك إلى تفاقم حدة المعاناة للمواطن والذي يعاني أصلا من الفقر والجوع والمرض والفاقة والعجز والعطالة وسترتفع معدلات الفقر لتشمل كل قطاعات الشعب السوداني ماعدا طبقة الطفيلية المتأسلمة المتمكنة في الاقتصاد اضافة للطبقة الجديدة والتي تتشكل الآن وتعمل من أجل المحافظة على مصالح النظام البائد مقابل المشاركة في اقتسام الغنائم على حساب الشعب السوداني0
خامسا/ سياسيا سيتزايد السخط العام ويتشكل في اتجاه الثورة العارمة وخاصة عندما يصبح المواطن لايبالي في الخروج والموت من أجل إسقاط النظام وتغييره للافضل بدلا من الموت جوعا في بيته ووسط أبنائه وأسرته والتي لا يستطيع توفير ابسط مقومات الحياة لهم في ظل هذا النظام العميل و المتآمر على الشعب السوداني0
وقد يتساءل البعض خاصة من ا"لحمدوكيين القحاتة" طيب وينو البديل؟؟
يمكن تلخيص البرنامج البديل في تحديد ان مشكلة الاقتصاد السوداني هي مشكلة سياسة وسياسات وغياب رؤية وتحديد أولويات ونلخص ذلك في الاتي:
اولا/ السلطة الحاكمة الآن غير جادة في وضع وتبني وتنفيذ البرنامج الوطني الذي ينحاز الي الجماهير ويحقق أهداف الثورة وبإمكانها تحقيق ذلك ولكن لغياب الإرادة السياسية وانحيازهذه الحكومة لأعداء الثورة وللطفيلية المتأسلمة تتقاعس وتماطل وتتهرب من تحقيق ذلك0
ثانيا/ أدي ذلك إلي خلق إشكالات ومشاكل مفتعلة اوصلت الاقتصاد السوداني إلى هذه الحالة من التردي مثلا هناك تهريب وهروب متعمد لعوائد الصادر الدولارية وتهريب ضخم للذهب وتجنيب عوائده في الخارج وايضاً تحويلات المغتربين تتم في الخارج وهي مبالغ ضخمة وكل هذه الممارسات تتم بواسطة الفلول والطبقة الطفيلية المتأسلمة بعلم الطبقة الحاكمة وفِي بعض الأحيان بمشاركتها0
ثالثا/ اذا تمت السيطرة الكاملة على كل هذه الموارد لكنا في وضع أفضل بكثير من الآن فمثلا عوائد تصدير الذهب يمكن ان تصل الي6 مليار دولار حسب الطاقة الانتاجية القصوى وعوائد تحويلات المغتربين يمكن ان تصل الى 6 مليار دولار أيضا وعوائد باقي الصادرات مابين 3 الى 4 مليار دولار ويمكن تحقيق كل ذلك بسياسات واضحة ومنضبطة تهدف إلى تحقيق أهداف الثورة وتكون منحازة للجماهير0
رابعا/ أما فيما يتعلق بالميزانية والتوازن الداخلي ومكافحة التضخم فالدور السياسي واضح نلمسه في استمرار العجز في الميزانية المسبب للتضخم الناجم عن الانحياز في الصرف الحكومي للفئات المستفيدة من السلطة وتقوم بحمايتها وهي الأجهزة الامنية والعسكرية والدعم السريع وكذلك الطبقة السياسية الجديدة في مجلس الوزراء والسيادي وحكام الولايات والسلك الدبلوماسي والذي تستنزف ميزانيته موارد العملة الحرة الشحيحة أصلا وكل ذلك يتم بشكل بذخي استفزازي على حساب المواطن الذي يتضور جوعا ويموت بحثا عن الدواء كما أثبتت ميزانية العام 2020 و العام 02021
خامسا/ جانب الإيرادات أيضا يؤكد الانحياز الطبقي لصالح الطفيلية المتأسلمة المتحالفة مع العسكر فنجد مازالت هناك الإعفاءات الضريبية والجمركية والتهرب الضريبي وايضاً نجد أن السياسات الضريبية تركز على الضرائب غير المباشرة والتي يتحمل اعبائها المواطن البسيط وكذلك ضعف الضريبة على أرباح الشركات وخاصة شركات الاتصالات
كل ما سبق ذكره يؤكد تماما أن المشكلة الاقتصادية والأزمات المفتعلة ذات طبيعة سياسية ويمكن التغلب عليها إذا كانت السلطة الحاكمة منحازة لجماهير الثورة ومؤمنة بأهدافها0
الإصلاح الحقيقي يبدأ من الداخل وفق الخطوات التالية
اولا/ حل الإشكال السياسي وإيجاد صيغة عادلة لتقسيم السلطة والثروة0
ثانيا/ الإصلاح المؤسسي الثوري الشامل لتركة نظام المتاسلمين السياسي ويشمل ذلك إصلاح المؤسسات السياسية والاقتصادية والاجتماعية0
ثالثا/ استعادة توازن الاقتصاد الكلي وفق رؤية وطنية تستهدف تفجير طاقات الاقتصاد الوطني الكامنة ويبدأ ببرنامج عاجل لكبح جماح التضخم بالإجراءات التالية:
اولا/ تغيير العملة مهما كلف ذلك من أموال فهي تكلفة مبررة0
ثانيا/ التحكم في الكتلة النقدية ووقف تمويل عجز الموازنة بطباعة العملة
ثالثا/ اعادة هيكلة النظام المصرفي وخاصة بنك السودان والبنوك التجارية
رابعا/ إقامة شبكة مواصلات عامة لتخفيف عبء تكاليف المعيشة علي المواطن0
خامسا/ تعميم تجربة التعاونيات الاستهلاكية والإنتاجية لتخفيف عبء تكاليف المعيشة0
سادسا/ تخفيف العبء الضريبي على المواطن وخاصة الضرائب غير المباشرة0
رابعا/ العمل على إعادة التوازن الداخلي بحيث يكون العجز في الحدود المتعارف عليها دوليا مثلا لا يتجاوز نسبة 5% من إجمالي الناتج القومي والاهم ان يكون الإنفاق في القطاعات الانتاجية والتنموية والخدمية الهامة لحياة المواطن ويخفض الصرف على الدفاع والقطاع السياسي والسيادي بقدر الإمكان ويعاد النظر في اعادة هيكلة جهاز الخدمة المدنية المترهل جدا المركزي والإقليمي والذي يكلف الدولة أموالا طائلة ويشكل عبئا على الميزانية يتحمله المواطن كما اتضح من ميزانية 2021
خامسا/ أما جانب الإيرادات فيجب عمل مراجعة شاملة للأداء الضريبي وإمكانية تحقيق أقصى عائد ضريبي للوصول إلى المستوى الأمثل من التحصيل الذي يمكن من تحقيق التنمية والنمو الاقتصادي المعافي وكذلك بالنسبة للجمارك وايضاً مراجعة عوائد الوحدات الحكومية الإنتاجية والتي تتحصل علي رسوم ويجب وقف التجنيب والتأكيد على سيادة وزارة المالية علي المال العام وايضاً التحكم واستعادة الشركات العسكرية والأمنية لملكية الدولة0
سادسا/ تحكم الدولة في إنتاج وتصدير الذهب والمحاصيل النقدية الأخرى عن طريق تأسيس مؤسسات القطاع العام حيث تمتلك الدولة النصيب الأكبر كما يجب الاحتفاظ برصيد من الذهب لدى البنك المركزي لدعم موقف الجنيه السوداني وقيمته التبادلية0
سابعا/ العمل علي برنامج اعادة هيكلة وتاهيل شامل لكل القطاعات الانتاحية في القطاع الزراعي والصناعي والطاقة والتعدين والبنيات الاساسية والسياحة0
ثامنا/ الاستثمار في الموارد البشرية في الصحة وفي التعليم والتدريب وإعادة التأهيل خاصة وسط الشباب والمرأة0
في الختام نؤكد في ظل الطلب المتزايد على الدولار من الحكومة ومن المستوردين ومن محفظة السلع ومن المواطنين مقابل شُح مزمن في الاحتياطي الحكومي وضعف عوائد الصادر وتهريب وتجنيب الدولار إلى خارج البلاد نتيجة لكل ما سبق ذكره ستؤدي خطوة اعلان تعويم الجنيه في هذه الظروف الي اعلان النهاية المحتومة للجنيه او بالأحري الانهيار التام للاقتصاد السوداني0
د0محمد محمود الطيب
عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.
فبراير 2021


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.