التقى بروفيسور مبارك محمد علي مجذوب.. كامل ادريس يثمن دور الخبراء الوطنيين في مختلف المجالات واسهاماتهم في القضايا الوطنية    هيمنة العليقي على ملفات الهلال    ((المدرسة الرومانية الأجمل والأكمل))    من يبتلع الهلال… الظل أم أحبابه؟    الحرب الايرانية – الاسرائيلية: بعيدا عن التكتيات العسكرية    نشاط مكثف لرئيس الوزراء قبل تشكيل الحكومة المرتقبة    نقل أسلحة إسرائيلية ومسيرات أوكرانية الى افريقيا بمساعدة دولة عربية    والي الخرطوم يصدر عدداً من الموجهات التنظيمية والادارية لمحاربة السكن العشوائي    أدوية يجب تجنب تناولها مع القهوة    كامل إدريس يصدر توجيهًا بشأن الجامعات.. تعرّف على القرار    شاهد بالفيديو.. رجل سوداني في السبعين من عمره يربط "الشال" على وسطه ويدخل في وصلة رقص مع الفنان محمد بشير على أنغام الموسيقى الأثيوبية والجمهور يتفاعل: (الفرح والبهجة ما عندهم عمر محدد)    شاهد بالصور والفيديو.. الفنان حسين الصادق ينزع "الطاقية" من رأس زميله "ود راوة" ويرتديها أثناء تقديم الأخير وصلة غنائية في حفل حاشد بالسعودية وساخرون: (إنصاف مدني النسخة الرجالية)    رئيس الوزراء يطلع على الوضع الصحي بالبلاد والموقف من وباء الكوليرا    الجيش الكويتي: الصواريخ الباليستية العابرة فوق البلاد في نطاقات جوية مرتفعة جداً ولا تشكل أي تهديد    إدارة مكافحة المخدرات بولاية البحر الأحمر تفكك شبكة إجرامية تهرب مخدر القات    شاهد بالصورة والفيديو.. وسط ضحكات المتابعين.. ناشط سوداني يوثق فشل نقل تجربة "الشربوت" السوداني للمواطن المصري    اردول: افتتاح مكتب ولاية الخرطوم بضاحية شرق النيل    (يمكن نتلاقى ويمكن لا)    خطوة مثيرة لمصابي ميليشيا الدعم السريع    عناوين الصحف الرياضية السودانية الصادرة اليوم الأثنين 16 يونيو 2025    سمير العركي يكتب: رسالة خبيثة من إسرائيل إلى تركيا    شاهد بالفيديو.. الجامعة الأوروبية بجورجيا تختار الفنانة هدي عربي لتمثل السودان في حفل جماهيري ضخم للجاليات العربية    شاهد بالفيديو.. كشف عن معاناته وطلب المساعدة.. شاب سوداني بالقاهرة يعيش في الشارع بعد أن قامت زوجته بطرده من المنزل وحظر رقم هاتفه بسبب عدم مقدرته على دفع إيجار الشقة    رباعية نظيفة .. باريس يهين أتلتيكو مدريد في مونديال الأندية    بالصورة.."أتمنى لها حياة سعيدة".. الفنان مأمون سوار الدهب يفاجئ الجميع ويعلن إنفصاله رسمياً عن زوجته الحسناء ويكشف الحقائق كاملة: (زي ما كل الناس عارفه الطلاق ما بقع على"الحامل")    على طريقة البليهي.. "مشادة قوية" بين ياسر إبراهيم وميسي    المدير العام للشركة السودانية للموارد المعدنية يؤكد أهمية مضاعفة الإنتاج    المباحث الجنائية المركزية بولايةنهر النيل تنجح في فك طلاسم بلاغ قتيل حي الطراوة    من حق إيران وأي دولة أخري أن تحصل علي قنبلة نووية    كيف أدخلت إسرائيل المسيرات إلى قلب إيران؟    أول دولة عربية تقرر إجلاء رعاياها من إيران    خلال ساعات.. مهمة منتظرة لمدرب المريخ    السودان..خطوة جديدة بشأن السفر    3 آلاف و820 شخصا"..حريق في مبنى بدبي والسلطات توضّح    ضربة إيرانية مباشرة في ريشون ليتسيون تثير صدمة في إسرائيل    بالصور.. زوجة الميرغني تقضي إجازتها الصيفية مع ابنتها وسط الحيوانات    معركة جديدة بين ليفربول وبايرن بسبب صلاح    معلومات جديدة عن الناجي الوحيد من طائرة الهند المنكوبة.. مكان مقعده ينقذه من الموت    بعد حالات تسمّم مخيفة..إغلاق مطعم مصري شهير وتوقيف مالكه    رئيس مجلس الوزراء يؤكد أهمية الكهرباء في نهضة وإعادة اعمار البلاد    إنهاء معاناة حي شهير في أمدرمان    وزارة الصحة وبالتعاون مع صحة الخرطوم تعلن تنفيذ حملة الاستجابة لوباء الكوليرا    فجرًا.. السلطات في السودان تلقيّ القبض على34 متّهمًا بينهم نظاميين    رئيس مجلس الوزراء يقدم تهاني عيد الاضحي المبارك لشرطة ولاية البحر الاحمر    وفاة حاجة من ولاية البحر الأحمر بمكة    اكتشاف مثير في صحراء بالسودان    رؤيا الحكيم غير ملزمة للجيش والشعب السوداني    مسؤول سوداني يطلق دعوة للتجار بشأن الأضحية    محمد دفع الله.. (صُورة) تَتَحَدّث كُلّ اللُّغات    في سابقة تعد الأولى من نوعها.. دولة عربية تلغي شعيرة ذبح الأضاحي هذا العام لهذا السبب (….) وتحذيرات للسودانيين المقيمين فيها    شاهد بالفيديو.. داعية سوداني شهير يثير ضجة إسفيرية غير مسبوقة: (رأيت الرسول صلى الله عليه وسلم في المنام وأوصاني بدعوة الجيش والدعم السريع للتفاوض)    تراجع وفيات الكوليرا في الخرطوم    أثار محمد هاشم الحكيم عاصفة لم يكن بحاجة إلي آثارها الإرتدادية علي مصداقيته الكلامية والوجدانية    وزير المالية السوداني: المسيرات التي تضرب الكهرباء ومستودعات الوقود "إماراتية"    "الحرابة ولا حلو" لهاني عابدين.. نداء السلام والأمل في وجه التحديات    "عشبة الخلود".. ما سرّ النبتة القادمة من جبال وغابات آسيا؟    ما هي محظورات الحج للنساء؟    قُلْ: ليتني شمعةٌ في الظلامْ؟!    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



صندوق النقد الدولي والفوضي الاقتصادية في السودان .. بقلم: عرض وتقديم: د. محمد محمود الطيب/واشنطون
نشر في سودانيل يوم 14 - 12 - 2018

بداية العلاقة بين السودان ومؤسسات التمويل الدولية وبالتحديد البنك الدولي وصندوق النقد كانت إبان الحكم المايوي وذلك عندما مر النظام بأزمات اقتصادية وسياسية حادة أدت لخضوع نظام مايو لتلك المؤسسات خضوعا تاما ملتزما بتوصياتها ومتبعا لكل مايملي علية من سياسات بعد ان اصبح النظام يبحث عن اَي سبيل للبقاء في السلطة وباي ثمن وكان ذلك في العام 1979 من خلال مايسمي ببرنامج الإصلاح الهيكلي للاقتصاد السوداني والذي بموجبه تمكن النظام من الحصول علي بعض القروض والمساعدات الفنية مقابل الالتزام بكل التوصيات او بمايسمي بروشتة الصندوق والتي تشمل تخفيض العملة وسحب الدعم عن السلع الاساسية وزيادة الضرائب وتحرير التجارة الخارجية وغيرها من الشروط المجحفة في حق المواطن السوداني لصالح الطبقات
الرأسمالية والطفيلية 0 وعقب الانتفاضة العظيمة في مارس ابريل 1985 والتي أدت الي سقوط نظام حكم الفرد واستعادة الديمقراطية عم شعورا عاما بالفرح والتفاول المبرر اذ شعرالمواطن وتنسم عبير الحرية والديمقراطية لأول مرة بعد فترة حكم ديكتاتوري بغيض وكانت البلاد تستعد لبزوغ فجر جديد تسوده الحرية والديمقراطية والعدل والمساواة وفِي تلك الأجواء كان الشأن الاقتصادي الهم الشاغل لكل الناس. وكان الأمل كبيرا في ان يتمكن النظام الديمقراطي الجديد من تغيير الواقع الاقتصادي المرير من جراء فشل سياسات النظام المايوي وان يتمكن النظام الجديد من اجزاء إصلاحات أساسية وهيكلية تمكن المواطن البسيط بالشعور بالامن والامان الاقتصادي والسياسي0
وفِي تلك الأيام عقد مؤتمر اقتصادي هام يكاد ان يكون الاول من نوعه في تاريخ السودان الحديث وكان يهدف الي دارسة الواقع الاقتصادي المرير من جراء سياسات نظام مايو والبحث عن سبل الإصلاح واستشراف المستقبل من خلال تقديم دراسات شاملة من خيرة الخبراء والأستاذة في مجال الاقتصاد والسياسة وكان المؤتمر تحت إشراف كلية الاقتصاد جامعة الخرطوم ومساهمة منظمة فردرش ايبرت الألمانية 0
عقد الموتمر في ياناير 1986 في قاعة الصداقة وكان الاستاذ بشير عمر مقررا للجنة سياسات الاقتصاد الكلي واصبح اول وزير مالية في العهد الديمقراطي الجديد0
قدمت خمس ورقات في مجال سياسات الاقتصاد الكلي وكانت كل الورقات في غايه الاهمية والقيمة الاكاديمية والعملية0
سنتعرض في هذا المقال لعرض وتحليل ورقة الاساتذة الإجلاء بروفسور علي عبدالقادر وبروفسور محمد نورالدين من جامعة الجزيرة وكانت الورقة بعنوان "صندوق النقد الدولي والفوضي الاقتصادية في السودان
تجربة السوق السوداء"
اخترت الحديث عن هذه الورقة تحديدا لما تشمله من تحليل لسياسات مشابهة شكلا ومحتوي لما يحدث الان من فوضي في مجال إدارة النقد الأجنبي ومجمل سياسات الاقتصاد الكلي ولايفوت علي فطنة القاري الاختلاف الجوهري لطبيعة النظام المايوي ونظام المتاسلمين كما وكيفا مع وجود بعض أوجه التشابه في سياسات سعر الصرف والالتزام التام بتوجهات صندوق النقد الدولي في هذا الإطار0
ما أشبه الليلة بالبارحة هذا العنوان يصف واقع الحال الْيَوْمَ رغم انه يتحدث عن ويحلل الأوضاع الاقتصادية في فترة نظام مايو 1979 ممايدل علي اننا ندور في نفس الحلقة المفرغة من التخبط وتكرار الأخطاء واجترار التجارب الفاشلة وكما يقول المثل من جرب المجرب حاقته الندامة 0
في مقدمة البحث تعرض الباحثان لتلخيص سياسة الصندوق في السودان وشرح اهم بنودها واكدت الدراسة خطل سياسة الصندوق في السودان وفشلها في ارض الواقع واستندت الورقة في التحليل علي عدة شواهد نظرية وعملية لإثبات فشل فرضيات سياسة الصندوق في السودان0
تعرضت الورقة لاستعراض ماجاء في ادبيات ونظريات سعر الصرف في ظروف الدول النامية 0
قدمت الورقة النموذج العملي والمودل الاحصائي لتحديد سعد الصرف والذي يعتمد عليه الصندوق في تبرير سياساته في الدول النامية اومايسمي
بنموذج (نواك) والذي يستند علي افتراضات محددة0
توصل الباحثان لتقديم نموذج بديل استند علي عدة افتراضات تختلف عن افتراضات نموذج (نواك) وفي الختام تتعرض الورقة لأثر سياسة الصندوق علي مجمل سياسات الاقتصاد الكلي0
تلخص الورقة ماجاء في ادبيات تحديد سعر الصرف بالتعرض علي آراء. بعض الأكاديميين علي سبيل المثال لخصت آراء كروقر(1983) الذي يري ان معظم الدول النامية تتعرض لتقلبات في شروط التبادل التجاري لذلك ان تحديد سعر الصرف بعينة ربما لم يستمر كسعر توازني للصرف. كما يري. دياز واليخاندرو(1983) ان سعر الصرف حتي اذا استخدم كاداة مثلي للسياسة الاقتصادية فلايوجد دليل علي سلوك سعر الصرف هذا سيكون السعر الحقيقي علي المدي الطويل0 بلاك (1976) يقول ان السوق الحر للنقد الأجنبي يتسم بعدم الاستقرار0اما كروقر (1983) فيري ان العلاقة بين تعديلات سعر الصرف وازدياد الواردات او علي الاقل تقليل الفجوة بين الأسعار المحلية والعالمية للصادر او السلع المنافسة للوارد يري كروقر ان هذا السؤال لم يحسم بعد0
استعرضت الورقة النموذج الذي صاغه نواك عام 1984 والذي يشرح كيفيه اداء السوق غير الرسمية للنقد الأجنبي ومن المعروف ان هذا المودل يستخدم بواسطة صندوق النقد الدولي لتبرير سياسته لتحديد سعر الصرف0ويعتمد نموذج نواك علي عدة فرضيات تمخضت عنها نتاىج محددة ومن اهم هذه الافتراضات0
اولا0 تعرف السوق السوداء وتتحد مصادر النقد الأجنبي فيه من عائداتتهريب سلع الصادر0
ثانيا0 يعتمد عرض النقد الأجنبي في السوقين الرسمي والاسود علي الأسعار النسبية المناسبة بحيث يكون يكون تأثير أسعار الصرف النسبية علي عرض النقد الأجنبي متساويا في السوقين وبناء علي هذه الافتراضات الجوهرية اضافة لعدة افتراضات اخري توصل نواك الي النتائج التالية:
اولا 0كلما حدث تخفيض في سعر الصرف الرسمي (يعني تخفيض قيمة الجنيه) أدي ذلك الي ارتفاع في سعر الصرف في السوق السوداء اَي ان هناك علاقة عكسية 0ويري نواك ان السبب في ذلك يعزي الي ان تحويل الموارد من انتاج السلع غير التبادلية الي سلع الصادر ويودي ذلك الي توسع العرض الاجمالي لسلع الصادر علي الرغم من انكماش البيع في السوق السوداء0 وتنبه الورقة هنا ان التوصل لتلك النتيجة قد تم باستخدام القيد المفروض علي تأثير أسعار الصرف النسبية علي حصيلة الصادر مرونة الصادر لتغيير سعر الصرف في السوقين 0
تنوه الورقة ايضا ان النتيجة التي توصل اليها نواك تذهب لتؤيد مادرج عليه الصندوق من توصية للدول النامية لاتباع سياسات خفض سعر الصرف العملات المحلية بحجة ان من شانه تضيق الشقة بين السعرين السعر الرسمي والسعر في السوق الموازي0
من ابتكارات هذه الورقة القيمة انها أتت بنموذج بديل لنموذج نواك او النموذج الذي يستند عليه الصندوق في تبرير سياساته 0
واستند هذا النموذج البديل علي افتراضات مختلفة عن نموذج نواك والمعروف في علم الاقتصاد ان اَي تغيير في افتراضات اَي نموذج يتوقع ان يأتي بنتائج مختلفة بطبيعة الحال وهنا علينا ان نشير الي ان الافتراضات التي استند عليها النموذج البديل اكثر ملائمة وواقعية لظروف الاقتصاد السوداني استند النموذج البديل علي عدة افتراضات اهما
اولا0 تتم مقابلة الطلب الزائد علي النقد الأجنبي في سوق موازية او سوق سوداء رسمية تمثل مصادر النقد الأجنبي فيها من تحويلات المغتربين
تانيا0 يعتمد عرض النقد الأجنبي في السوق علي سعر الصرف الرسمي بحيث تكون مرونة الصادرات للسعر الرسمي مساوية للصفر بينما تعتمد تحويلات المغتربين علي نسبة السعر الموازي السعر الرسمي بطريقة مباشرة0ويتوصل النموذج البديل علي نتايج مختلفة تماما عن نموذج
نواك 0
النتائج التطبقية للنموذج البديل
لاختبار اطروحة الصندوق قام الباحثان باجراء بعض التجارب التطبقية من خلال استخدام الدالة الخطية Linear regression analysis
وذلك لاختبار العلاقة بين سعرالصرف الرسمي وسعر الصرف في السوق السوداء وكما اسلفنا ان نموذج نواك قد توصل لوجود علاقة عكسية بين سعرالصرف الرسمي وسعر الصرف في السوق السوداء في مسار نحو التوحيد0اما النموذج البديل فقد قام الباحثان المحترمان باستخدام معلومات تعكس واقع الاقتصاد السوداني وكانت المعلومات عبارة عن المتوسطات الشهرية لاسعار الصرف في السوق السوداء في الفترة من سبتمبر 1981
الي فبراير 1985 وكانت نتائج التقديرات الاحصائية تؤكد وجود علاقة مباشرة قوية بين سعرالصرف الرسمي وسعر الصرف في السوق السوداء0وهذه النتيجة تؤكد علي رفض اطروحة الصندوق باستقرار سوق النقد في السودان او بمعني اخر الاتجاه العام لاسعار الصرف نحو التوحيد0وخلاصة النموذج البديل ان اي تخفيض في سعر الصرف الرسمي يؤدي الي المزيد من التخفيض في سعر الصرف في السوق الموازي0
ومضت هذه الورقة القيمة في اجراء عدة اختبارات تطبقية احصائية كاختبار اطروحة عدم الاستقرار الديناميكي باستخدام فكرة شيانج (1974) وذلك باستخدام الدالة الخطية واثبت الباحثان احصائيا عدم الاستقرار الديناميكي في السودان وهذا يعني تباعد السعر مع سعر التوازن مع مرور الزمن وتؤكد الورقة ان شروط عدم الاستقرار الديناميكي للسوق السوداء تتوفر في السودان 0
وتعرضت الورقة بشكل ضاف لدراسة العوامل المؤثرة علي سعر الصرف في السوق الموازي وفي هذا الاطار قام حسين (1982) وهو احد المشاركين في الدراسة بصياغة الاطروحة التي تقول بان التغيرات في سعر الصرف في السوق الموازي يمكن ان تفسر بواسطة التغيرات في التسهيلات الائتمانية للقطاع الخاص كذلك التغيرات التي تحدث علي الفارق بين السعر الرسمي وسعر الصرف في السوق الموازي0
اكدت هذه الورقة القيمة خطل تطبيق سياسة تحرير سعر الصرف وخلق سوق اسود لسعر الصرف بفرضية اتجاه السعرين نحو التوحيد في المدي المتوسط والطويل انصياعا لتوجيهات صندوق النقد الدولي0
والغريب في الامر اصرار الحكومة في اتباع نفس النهج المجرب سابقا اذ طبقت هذه السياسات منذ العام 1979 إبان فترة الحكم المايوي وتكرر نفس الخطاء في بداية عهد حكومة المتأسلمين إبان تولي عبد الرحيم حمدي لوزارة المالية وتطبيقه لسياسة التحريرالاقتصادي0
والآن اتجهت الحكومة الي استخدام نفس الأسلوب فيما يسمي بسياسة الية
تحديد سعر الصرف وهي في مجملها سياسة تعويم تام لسعر الصرف الرسمي وتقنين للسوق الأسود ليس الا0
ونؤكد علي ماخلصت اليه هذه الورقة من ان اَي معالجات لمشاكل تحديد سعر الصرف سوف تكلل بالفشل الذريع في وحود هذه الحقائق:
أولا0 سيظل الاختلال الهيكلي المزمن في سوق سعر الصرف ماثلا أمامنا لارتباطه بطبيعة النظام السياسي الطفيلي فادا نظرنا الي الميزان الداخلي نجد ات هناك عجز في الموازنة ناجم من زيادة الإنفاق الحكومي وخاصة في بندي الأمن والدفاع والصرف السياسي مصحوبا في ضمور الإيرادات الضريبية والجمارك لضعف النشاط الاقتصادي والفساد والإعفاءات الضريبية والجمركية 0
ثانيا 0عجز مزمن في الميزان الخارجي يقدر بحوالي الخمس مليار دولار فالواردات تفوق الصادارات لأسباب هيكلية مزمنة فإذا نظرنا لهيكل الواردات وهي تمثل جانب الطلب علي الدولار فنجد معظم هذه الواردات تتمتع بعدم مرونة عالية للتغير في سعر الصرف فمعظم الواردات اما ادويه ومعدات طبية او مدخلات انتاج او سفر للعلاج في الخارج اضافة لبعض السلع الكمالية ومعظم هذه السلع لاتستجيب لتغيرات سعر الصرف بمعني ستظل الورادات تشكل عبئا وضغطا علي الطلب علي الدولار0
ثالثا0اذا نظرنا الي جانب العرض فنجد اهم مصادرة عوائد الصادرات وتحويلات المغتربين وعوائد بيع الذهب ومعظم هذه المصادر يتشكك في استجابتها لأي تغير في سعر الصرف مهما كان محفزا لأسباب تتعلق
بعدم الثقة في النظام السياسي والنظام المصرفي في السودان 0
في ختام هذه الورقة القيمة تعرض الأساتذة الإجلاء الي تلخيص اثار تجربة السوق السوداء لسعر الصرف علي الاقتصاد الكلي وتلخصت هذه الاثار في الجوانب الآتية :
اولا0 الاثار التضخمية أكدت الورقة علي اعتراف الصندوق بتاثير تلك السياسيات السلبي علي الاقتصاد السوداني ففقد أدت التوقعات بتخفيض سعر الصرف الي عددا من الاثار الضارة منها المضاربات وتخزين سلع الصادر والوارد للحصول علي أرباح اوفر في حالة تخفيض العملة وفد أدي ذلك لازدياد حدة التضخم واختفاء كثير من السلع وذلك لطمع التجار والمضاربين من الطفيلية وتؤكد الورقة ان التخفيض أدي الي تحويل الدخل من المستهلكين او المنتجين الي طبقة التجار كما توجهت البنوك بتوفير التمويل اللازم لمعظم نشاطات العملة في السوق السوداء مما أدي الي توجيه الموارد في نشاطات غير منتجة وأضاع فرص تمويل لنشاطات اكثر جدوي اقتصادية0
ثانيا0الأثر السلبي علي توزيع الدخل أكدت الورقة علي في الفترة مابين العام 1977 و1983 فترة تطبيق تلك السياسات كان النمو الحقيقي في القطاعات الإنتاجية مثل الزراعة والخدمات والمواصلات سالبا بينما حقق دخل الفرد في قطاعات التجارة والبناء والتشييد اعلي معدلات نمو وهذا يؤكد ازدياد نهم الطبقات الطفيلية غير المنتجة والتي استفادات من تلك السياسات في نشاطات السمسرة والمضاربات وتخزين السلع الهامة بغرض الربح0
ثالثا0 تعرضت الورقة لأثر تلك السياسات علي عملية اتخاذ القرارات الاقتصادية فتجربة السوق السوداء أدت الي خلق سلوك طفيلي غير منتج مثل المضاربات وفقدان الثقة في الجنيه واستخدام الدولار كحافظ الثروة وكذلك برزت حمي هروب رؤوس الأموال المحلية للخارج مستفيدة من مايسمي بحرية التعامل في النقد الأجنبي كذلك يلاحظ انحراف سلوك القطاع المصرفي وانخراطه في تمويل عمليات السوق السوداء لصالح الطبقات الطفيلية غير المنتجة أصلا كل ذلك أدي الي تشويه عملية اتخاذ القرار الاقتصادي في السودان0
نستخلص من هذا الجهد الأكاديمي المقدر النتائج التالية:
اولا0 يستند صندوق النقد الدولي علي مودل لتحديد سعر الصرف مبني علي افتراضات لاتمت للواقع السوداني بصله وتاتي بنتائج غير واقعية وأثبت الباحثان عند صباغة النموذج البديل بالشواهد النظرية والتطبيقية انه وعند تغيير الافتراضات لتلائم الوضع السوداني ناتي بنتائج مختلفة وأكثر واقعية0
ثانيا0 يفترض نموذج الصندوق ان تخفيض سعر الصرف الرسمي يودي الي تقارب الفجوة بين السعر الرسمي والسعر في السوق الموازي في اتجاه نحو التوحيد وأثبت المودل البديل خطاء تلك النتيجة بالشواهد التطبيقية وواقع الحال يؤكد ان تخفيض سعر الصرف الرسمي يودي الي توسع نشاط السوق الأسود بشكل ملحوظ 0
ثالثا0 توكد الورق ان نشاط السوق الأسود واقعا ماثلا أمامنا ويغذي بنشاط تحويلات المغتربين وتهريب عوائد الصادر وان مهما حاولت الدولة من تقليل نشاط السوق الإسود باجراءات أمنية وإدارية ان ذلك لايحدي فتيلا
رابعا0توكد الورقة ان مرونة الصادرات لتخفيض سعر الصرف الرسمي متدنية للغاية وربما تصل للصفر لذا لايمكن توقع استجابة المصدرين واتجاههم نحو السوق الرسمي في ظل وحود نشاط السوق الأسود0
خامسا0يؤدي التخفيض في السوق الرسمي الي مزيدا من التخفيض في السوق الموازي ويكثف نشاط السوق الأسود كما اثبتت الورقة وتؤكده شواهد الواقع المعاش0
عرض وتقديم
د0محمد محمود الطيب
واشنطون
المراجع
صندوق النقد الدولي والفوضي الاقتصادية في السودان
تجربة السوق السوداء
بروفسور علي عبدالقادر
بروفسور محمد نورالدين جامعة الجزيرة
ورقة قدمت من خلال مؤتمر سياسات الاقتصاد الكلي
الخرطوم -قاعة الصداقة يناير 1986
عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.