ما اجمل الاربعاء بصحبتكم تحت دوحة الرشيد. فلنترك مساء الاربعاء يتكلم عن شخص شامي جاء الينا من الشام. بلاد بها نهر بردى وفيروز والجولان ويافا، والبرتقال وزيتا والزيتون والرمان. وعكا والمسجد الاموي، وطبرية والبقاع وجبل الشيخ ودمشق، ومعاويه وبقيه ابناء كنعان. احتضنته مدينة الرشيد ليصبح بكر افلاذها وقد كان، ونشهد انه ابنها البكر. دفعني الي كتابة هذا المقال اخي وصديقي اديب عبد الله الشريف، استاذى الذي لا اطال ان ارد له طلب. اما بطل حديثنا فهو العم الياس شاشاتي ابرز اعلام المدينة. رجل بلون الذبيب الشامي، مربوع مكتمل الصحة والبدن. مستدير الوجه، ثاقب النظرة، جرئ ذو مهابة، يصلح لان يدير دولة او مؤسسة وقد كان. كثيف الشارب علي الطراز الشامي. وعندما تكون المسافة ما بين الشفة العليا وبين فتحتي الانف عريضة تبعا لذلك سيكون الشارب عريضا وضخما، وهذا ما تميز به اهل الشام. والشارب عندهم مصدر فخر. عمنا الياس رجل كامل الاناقة، نظيف البدن والزي، قوي الصوت مسموع الكلمة في مجتمعه. هذه الجمائل جعلته وفرضته ليكون الاب الروحي، وقس كنيسة مدينه الرشيد. وقد قادها كما بابا الفاتيكان. الياس شاشاتي كان من اثرياء مدينة الرشيد، والمع رجال الاعمال. وهو المجوهراتي الوحيد الذي كان يستورد الذهب والمجوهرات من بلاد المنشأ كسويسرا وبقيه الدول الاوربية التي ابدعت في صياغته ومسمياته. وكلنا يتذكر الجنيهات الذهبية التي كانت علي وجهيها ملوك اوربا، وبضعاً من اطلالهم في القرون الوسطي. بجانب هذا المعرض الضخم ، كان هنالك جناح خاص بافخر الاواني المنزلية ذات الطابع الملوكي، وهي من الخزف والصيني والبورسلين النمساوي، الذي غالبا ما تزدان بالنمنمات الزاهية التي تعكس للعالم جمال هذه الممالك وقوتها. ولاننسي ايضا الزخارف التي كانت تزين الاطباق والصواني اليوغسلافية والانجليزية التي كانت تعكس للعالم العصر الفكتوري وما قبله. وقد كان العم الياس بارعا في اختيار هذه الاواني وبدقة متناهية لانه يدري مدي حس وذوق اهل المدينة التي جلب اليها الباشري الخاص بحنة العريس، والطبق الضخم لزوم عصيدة الجير، والسرويس الملوكي لزوم الضلع، وقوالب الكنافة والبقلاوة وجَبَنات الصيني الفاخرة. متجر الياس شاشاتي من افخر المتاجر علي الاطلاق لفخامته وثراه بكلما هو جميل. وذا طابع ارستقراطي بجانب الامانة والنزاهة والبشاشة. هذه حقائق عن الجانب المادي. نأتي للجانب الانساني الذي برع فيه هذا الانسان بقدرة الله وبحسن تدبيره ورعايته. ومن ترائب وصلب هذا الرجل انتج للسودان ابر البنين وانفعهم نذكر منهم الدكتور عادل الياس شاشاتي حكيمباشي مستشفي الفاشر في الستينات. وقد ابلي بلاء المحارب لاجل المدينة التي انجبته. وقد كان بارا بوالديه محبا لاهل المدينة. وكانت لهجته كلمة يا حبيبي. ادلا الياس شاشاتي استشارية النساء والتوليد مديرة مستشفي الدايات بامدرمان سابقا، تم مديرة مستشفي الثورة الجديد نسال الله لها الصحة والعافية، فوالله هي خير معين لنا بمدينة امدرمان. وما زالت مقابلتها لاتتعدي حفنة من الجنيهات التي لا تفي فاتورة الكهرباء. ومازالت تعطي الخدمات بسخاء خاصة لاهل الفاشر وانا احدهم. الباشمهندس فاسيلي. الرجل الانسان الذي بيديه حُفرت جميع دوانكي شرق دارفور. وكان لعمله الاثر الكبير في توطين الرحّل، واستقرار المزارعين. وقد سمي الكثير من المواطنين، انجالهم بفاسيلي عرفانا منهم لما قام به. الاستاذ ميخائيل شاشاتي وهو الوحيد الذي ورث عن ابيه مهنة التجارة. وقد كان خيارا من خيار ايضا. كان سكرتيرا لنادي الاهلي الرياضي بالفاشر، وهو الان بمدينه الثورة له التحية. الدكتور منصور الياس شاشاتي الان هو مواطن باليونان مقيم بمدينة اثينا. وهو قبلة لاهل السودان، ولم ينسي الفاشر طرفة عين، ونحن نتابع مقالاته عن دارفور والسودان. هذه اسره الياس شاشاتي فاحكموا عليها باعمالها. وهذه حقائق شاهدتها وعشتها، ولا اكنّ الا الاحترام لهذه الاسرة. اخيرا كلفني الاستاذ اديب، بمداخلة سيرة الاستاذة ايفون ايوب. وقد تركت هذا الامر ليتولاه اخويّ الاستاذان شمشوم وجمّاع، ولاباس من اضافة بعض الحقائق عن العم شاشاتي واسرته الكريمة. اين انت يا كتبي قد غاب يراعك الذي يزيدنا قوة واصرارا. طابت ليلتكم ايها السمر، وسلمكم الله من شر ما خلق وسلمت بلادنا من هذا الوباء