أشرت في مقال سابق ان هيمنة العناصر الخارجية على أزمة دارفور جعلت منها الحكم الفصل. ويقودنا هذا الحديث الى إزدواجية التعويل في التعامل مع الخارج، إنه سلاح ذا حدين: مفيد في لحظة النجاح وقاتل في حالة الفشل مصحوبة بالعواقب الوخيمة. ومن هذا المنطلق فان المخرج الملائم لحل ازمة دارفور يتجسد في الحل السوداني - السوداني. تعود الايام بنا الى عصر السلم والإستقرار لدارفور الكبرى عندما كانت النزاغات تحل في حينها من قبل قيادات الإدارة الأهلية والتي كانت هي ايضا الحكم الفصل. اَنذاك كانت الإدارة الحاكمة في الإقليم تتجه نحو زعماء العشائر لحل أي مشكلة إقليمية متعثرة.لقد كانوا حقا أصحاب الحكمة في الرأي وإتخاذ القرار. الاَن غيبت وبترت صلاحيات زعماء القبائل ونم تفكيك النسيج الإجتماعي لمجتمع دارفور وهي من الأسباب التي أوصلتنا الى هذا الوضع الملتهب.هنا اتوقف للترحم على ارواح زعماء دارفور الذين كان لهم الفضل في المحافظة على تراث الإقليم منذ رحيل السلطان علي دينار،واورد اسماءا على سبيل المثال لا على سبيل الحصر: المقدوم عبدالرحمن ادم رجال، الناظر ابراهيم موسى مادبو، السلطان عبدالرحمن بحرالدين، الناظر علي الغالي ، السلطان بشارة دوسة ، الناظر عيسى دبكة ، الناظر ضوالبيت عبدالدئم ، الناظر علي السنوسي ، الديمنقاوي سيسى اتيم ، الناظر عيسى السماني ، الملك الصياح ، والناظر ادم حامد حسين . بلى اسكنهم المولى الكريم فسيح جنات النعيم وايضا غيرهم من الذين رحلوا الى جوار ربهم من قيادات عشائر دارفور واترحم على ارواح كل من ساهم في ازدهار هذا الإقليم.نعم لو ظل النهج الحكمي كما كان عليه في عهد المذكورين لتعايشنا وضعا اَخرا غير الماثل اليوم في الإقليم. عشية ولوج الأخ مني اركو ميناوي للسلطة نوهت له خلال لقائي معه في مدينة امستردام الأهمية البالغة لإعادة رتق النسيج اللإجتماعي لمجتمع دارفور وإعطائه الأولية بالتحدث مع قيادات الإدارة الأهلية ومشاركتهم في الرأي وإشعارهم بأنهم أصحاب قرار. وتبادلنا الحديث حول أهمية فتح باب الحوار مع كافة شرائح مثقفي الإقليم ، ومشاركتهم في إتخاذ القرار. وللأسف جنحت قيادات الحركات المسلحة التي تشارك في السلطة إلى إسلوب غير موفق بإستخدامها وسائل الإعلام وخاصة الصحف اليومية لتصفية حساباتهم مما جعل الالفاظ النابية فكرا سياسيا والتراشق بالمسبات وما شابه ذلك نضالا . إن العبرة عبر التاريخ تقول من لا يسمع الرأي الآخر ربما يدفع الثمن غاليا. اخواننا من جنوب الوطن يجدر بنا أن نتخذهم إسوة بكيفية تعاملهم مع مواطنيهم، حيث يأتي شاغلي المناصب الدستورية والتنفيذية للسوق الأفرنجي في الخرطوم ويتجولون في البرندات مستمعين لهم لايجاد الحلول لمشاكلهم ، ناهيك عن فتح أبواب منازلهم لاستقبالهم. إن كرسي السلطة يشغل المرؤ أحيانا عن هموم ومشاكل منطقته، وهكذا حال ابناء الاقالبم المهمشة .وعبر مراحل الحكم الوطني كانت هناك سابقة واحدة لابناء دارفور عبرت عن مشاعر عدم الرضا لسياسة الدولة تجاه المنطقة وغادر على أثرها السودان حاكم دارفور السابق في فترة حكم جعفر النميري ولم تطأ قدميه ارض البلاد بعد. إن الخروج من الأزمة الراهنة الجاسمة على صدر دارفور يستدعي توحيد الكلمة لابناء الإقليم بمختلف إنتمائاتهم ويعني هذا إن على حاملي السلاح الإتفاق مع مختلف شرائح دارفور للوصول الى رؤية موحدة لحل الأزمة (العبرة من الحركةألشعبية لجنوب السودان) ،ومن هذا المنطلق تجنيب البلاد ويلات المستقبل. إن مستقبل وحدة تراب السودان يدعو الى الإلتزام بتحقيق العدالة وجلب الأمن والإستقرار لإقليم دارفور . وخلال الحقبة المنصرمة لهذه الأزمة شبعت اروقة الحكم من ملفات المؤتمرات وتوصيات اللجان وما طرح ونوقش عبر وسائل الإعلام(داخليا وخارجيا) ومن المفترض إذا تم تنفيذ القليل منها على ارض الواقع لقبرت هذه الأزمة.والاستاذ محمد ابراهيم نقد بطلعته البهية لا يفوت فرصة دون ان يردد بصرامة ان حل مشكلة دارفور تكمن في تطبيق توصيات لجنة مولانا دفع الله الحاج يوسف ولوفرنا علينا هذه الهجمة العالمية. نقلا عن صحيفة اجراس الحرية برلين