يحوم كالفراشة ويلدغ كالنحلة.. هل يقتل أنشيلوتي بايرن بسلاحه المعتاد؟    حزب الأمة القومي: يجب الإسراع في تنفيذ ما اتفق عليه بين كباشي والحلو    دول عربية تؤيد قوة حفظ سلام دولية بغزة والضفة    تشاد : مخاوف من احتمال اندلاع أعمال عنف خلال العملية الانتخابية"    يسرقان مجوهرات امرأة في وضح النهار بالتنويم المغناطيسي    صلاح العائد يقود ليفربول إلى فوز عريض على توتنهام    الفنانة نانسي عجاج صاحبة المبادئ سقطت في تناقض أخلاقي فظيع    وزير الداخلية المكلف يقف ميدانياً على إنجازات دائرة مكافحة التهريب بعطبرة بضبطها أسلحة وأدوية ومواد غذائية متنوعة ومخلفات تعدين    جبريل ومناوي واردول في القاهرة    وزيرالخارجية يقدم خطاب السودان امام مؤتمر القمة الإسلامية ببانجول    وزير الخارجية يبحث مع نظيره المصري سبل تمتين علاقات البلدين    (لا تُلوّح للمسافر .. المسافر راح)    سعر الريال السعودي مقابل الجنيه السوداني من بنك الخرطوم ليوم الأحد    سعر الدرهم الإماراتي مقابل الجنيه السوداني ليوم الأحد    سعر الدولار مقابل الجنيه السوداني في بنك الخرطوم ليوم الأحد    بوتين يحضر قداس عيد القيامة بموسكو    انتفاضة الجامعات الأمريكية .. انتصار للإنسان أم معاداة للسامية؟    الأمم المتحدة: آلاف اللاجئين السودانيين مازالو يعبرون الحدود يومياً    وفاة بايدن وحرب نووية.. ما صحة تنبؤات منسوبة لمسلسل سيمبسون؟    برشلونة ينهار أمام جيرونا.. ويهدي الليجا لريال مدريد    وداعاً «مهندس الكلمة»    النائب الأول لرئيس الاتحاد ورئيس لجنة المنتخبات يدلي بالمثيرأسامة عطا المنان: سنكون على قدر التحديات التي تنتظر جميع المنتخبات    الجنرال كباشي فرس رهان أم فريسة للكيزان؟    ريال مدريد يسحق قادش.. وينتظر تعثر برشلونة    الأمعاء ب2.5 مليون جنيه والرئة ب3″.. تفاصيل اعترافات المتهم بقتل طفل شبرا بمصر    شاهد.. حسناء السوشيال ميديا أمنية شهلي تنشر صورة لها مع زوجها وهما يتسامران في لحظة صفاء وساخرون: (دي محادثات جدة ولا شنو)    شاهد بالصور والفيديو.. رحلة سيدة سودانية من خبيرة تجميل في الخرطوم إلى صاحبة مقهى بلدي بالقاهرة والجمهور المصري يتعاطف معها    تمندل المليشيا بطلبة العلم    ((كل تأخيرة فيها خير))    الإتحاد السوداني لكرة القدم يشاطر رئيس مجلس السيادة القائد العام للقوات المسلحة الأحزان برحيل نجله محمد    دراسة تكشف ما كان يأكله المغاربة قبل 15 ألف عام    مستشار سلفاكير يكشف تفاصيل بشأن زيارة" كباشي"    نانسي فكرت في المكسب المادي وإختارت تحقق أرباحها ولا يهمها الشعب السوداني    قائد السلام    بعد عام من تهجير السكان.. كيف تبدو الخرطوم؟!    شاهد.. حسناء السوشيال ميديا أمنية شهلي تنشر صورة حديثة تعلن بها تفويضها للجيش في إدارة شؤون البلاد: (سوف أسخر كل طاقتي وإمكانياتي وكل ما أملك في خدمة القوات المسلحة)    الأمن يُداهم أوكار تجار المخدرات في العصافرة بالإسكندرية    العقاد والمسيح والحب    الموارد المعدنية وحكومة سنار تبحثان استخراج المعادن بالولاية    بعد فضيحة وفيات لقاح أسترازينيكا الصادمة..الصحة المصرية تدخل على الخط بتصريحات رسمية    راشد عبد الرحيم: يا عابد الحرمين    تعلية خزان الرصيرص 2013م وإسقاط الإنقاذ 2019م وإخلاء وتهجير شعب الجزيرة 2024م    بيان جديد لشركة كهرباء السودان    أمس حبيت راسك!    دخول أول مركز لغسيل الكلي للخدمة بمحلية دلقو    شركة توزيع الكهرباء في السودان تصدر بيانا    تصريحات جديدة لمسؤول سوداني بشأن النفط    دخول الجنّة: بالعمل أم برحمة الله؟    الملك سلمان يغادر المستشفى    جريمة مروّعة تهزّ السودانيين والمصريين    عملية عسكرية ومقتل 30 عنصرًا من"الشباب" في"غلمدغ"    بالصور.. مباحث عطبرة تداهم منزل أحد أخطر معتادي الإجرام وتلقي عليه القبض بعد مقاومة وتضبط بحوزته مسروقات وكمية كبيرة من مخدر الآيس    مضي عام ياوطن الا يوجد صوت عقل!!!    الطيب عبد الماجد يكتب: عيد سعيد ..    بعد نجاحه.. هل يصبح مسلسل "الحشاشين" فيلمًا سينمائيًّا؟    السلطات في السودان تعلن القبض على متهم الكويت    «أطباء بلا حدود» تعلن نفاد اللقاحات من جنوب دارفور    دراسة: القهوة تقلل من عودة سرطان الأمعاء    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الصيرفة الإسلامية دعوة للتفاكر و الحوار الجاد (الحلقة 7) .. بقلم: الهادي هباني
نشر في سودانيل يوم 17 - 03 - 2009

(الجذور التاريخية و النشأة و الإرتباط بحركة الأخوان المسلمين)
هل هذا التطور الذى تشهده الصيرفة الإسلامية نابع من مرونتها و قدرتها على إيجاد تكييف شرعى متفق مع تعاليم الدين الإسلامى لكثير من المنتجات و الأدوات التى تقدمها البنوك التقليدية؟؟ أم أنه كما يرى بعض الفقهاء نكوص و تحريف للإسلام الهدف منه تحقيق أرباح ليس إلا؟؟؟؟
و الإجابة على هذا السؤال بشقيه تستدعي بالضرورة التوقف قليلا لفهم الظروف التاريخية التي نشأت و تطورت فيها حركة الأخوان المسلمين كواحدة من أهم حركات ما اصطلح عليه تاريخيا بحركة النهضة العربية أو البعث الإسلامي و التي كانت تمثل فيها حركة الأخوان المسلمين الذراع الأيديولجي للفكر الديني السلفي الثيوقراطي المتطرف المتصادم مع حقائق الكون و قوانينه (و الذي تفرخت عنه فيما بعد كل الحركات الإسلامية السلفية المتطرفة في العالم) و الذي كان و لا يزال يحاول تقديم الإسلام كدين و دولة، و كنظام فكري شامل لكل نواحي الحياة السياسية، الاقتصادية، الاجتماعية (في مقابلة الرأسمالية و المد الشيوعي) لا مجرد دين نظري لاهوتي منحصر فقط في الطقوس و العبادات و علاقة الإنسان الفرد بربه.
و كما كانت حركة البعث الإسلامي و النهضة العربية (كما يبين المفكر الراحل حسين مروة في الجزء الأول من النزعات المادية في الفلسفة العربية الإسلامية) تقدمية في حسها القومي المناهض للغرب و رجعية متخلفة في عجزها عن تقديم بديل متكامل متصالح مع شعوب المنطقة و تطلعاتها مهما اختلفت شعاراتها، اشتراكية، قومية، أو إسلامية ، فقد فشلت أيضا حركة الأخوان المسلمين منذ نشأتها في عام 1928م بالإسماعيلية و حتى الآن في تقديم نظام اسلامي متكامل و مترابط له سماته و أسسه و قوانينه و خصائصه الخاصة التي تميزه عن غيره من الأنظمة في كافة مناحي الحياة السياسية، الاجتماعية، و الاقتصادية ،،، و أن كل محاولات مؤسسيها و مفكريها و اجتهاداتهم في صياغة هذا النظام المتكامل جاءت بعد تأسيسها.
فالنشأة كانت مجرد تعبير عن دافع ديني و شعور قومي لبعض شرائح البرجوازية الصغيرة المتأسلمة بقيادة مؤسس الحركة حسن البنا على أفكار ابن تيمية و أبو الأعلى المودودي من المعلمين و الأطباء و طلبة و أساتذة الأزهر و بعض خريجيه و خريجي المعهد الديني و دار العلوم و بعض المعاهد الدينية و الجامعات و الكليات المصرية بضرورة وجود كيان إسلامي للدفاع عن أحقية الدفاع عن عقيدة الإيمان بالله و ضرورة إحياء التراث الإسلامي في مواجهة الغرب و كذلك في مواجهة المد الشيوعي ابان اندلاع الثورة البلشفية في روسيا عام 1917م و انتشاره في مصر و الذي تبنته بعض العناصر اليهودية بالإسكندرية و بدأت بنشره تحت إشراف جوزيف روزنتال (و كذلك تبناه فيما بعد بعض شباب اليهود المصريين أمثال هنري كورييل و مارسيل إسرائيل و تحديدا بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية) كما أورد بدر محمد بدر في عرضه لكتاب (اليسار المصري و الصراع العربي الإسرائيلي للكاتب الإسرائيلي يوسي أميتاي) و الذي ساعد على انتشاره انهيار الاقتصاد الرأسمالي متأثرا بأزمة أسواق المال الأمريكية و ما أدت إليه من كساد اقتصادي كبير و عميق انتاب كل دول العالم الرأسمالي و كثيراً من البلدان المرتبطة به لما يزيد عن عقد و نيف من الزمان و كان له تأثير موجع عليها و لم تتأثر به منظومة الدول الاشتراكية القائمة و التي كانت تشهد انتعاشا اقتصاديا ملحوظا في كافة المجالات مما فرض على العالم نموذج كينز و مدرسة الاقتصاد الكلى القائمة على تدخل الدولة و التى برزت أسسها و قواعدها فى خضم الأزمة نفسها فى منتصف الثلاثينات فى أعظم مؤلفات جون كينز بعنوان النظرية العامة (الذى يعتبر من أعظم المؤلفات التي تزخر بها المكتبة الاقتصادية) و التي استمرت لسنوات طويلة ساعدت أمريكا في التربع على عرش الرأسمالية مدفوعة و مدعومة بتفوقها فى مجال التصنيع العسكري بالذات فى تكنلوجيا الذرة و السلاح النووي ، تكنلوجيا الفضاء ، و سلاح الجو الذي كان له دور رئيسي فى حسم الصراع لصالح الحلفاء في الحرب العالمية الثانية.
و أيضا في مواجهة المد اليهودي في المنطقة العربية و على وجه الخصوص مصر التي كان لليهود فيها تأثير كبير على الاقتصاد و التجارة و الصيرفة حيث سيطروا على أكبر المؤسسات الاقتصادية منذ بداية هجرتهم إلى مصر بتشجيع محمد علي باشا و ازديادها في عهد الخديوي إسماعيل و تمتعهم بكل الامتيازات الأجنبية، حتى وصلت أعدادهم حسب تعداد السكان لعام 1917 حوالي 59,581 نسمة، وكان التطور الاقتصادي في مصر هو عامل الجذب الأساسي لقدومهم واستيطانهم فيها مما ساعدهم على مراكمة رؤوس أموالهم و ثرواتهم و تنميتها للدرجة التي مكنتهم من الصمود بل و الاستفادة من فترة الكساد الاقتصادي العظيم الذي أعقب أزمة أسواق المال الأمريكية عام 1928م و تأثيراتها على كل دول العالم بما في ذلك مصر (فيما عدا منظومة الدول الاشتراكية) (و هي نفس الفترة التي نشأت فيها حركة الأخوان المسلمين).
وعلى هذا الأساس استطاع اليهود في مصر تحقيق مكاسب اقتصادية كبيرة بلغت أقصاها في الفترة من 1940 وحتى 1946 في الوقت الذي كان الاقتصاد العالمي يعاني ركودا كبيرا نتيجة لأزمة الثلاثينات و ظروف الحرب العالمية الثانية واستطاع يهود مصر ان يصبحوا أغنى طائفة يهودية في الشرق الأوسط، ولم يتأثروا بإلغاء الامتيازات الأجنبية عام 1937 أو انخفاض معدلات الهجرة الى مصر، أو حتى صدور قانون الشركات رقم 138 في يوليو 1947 لتنظيم الشركات المساهمة. و يظهر ذلك الثراء و الهيمنة الاقتصادية الكاملة على الاقتصاد المصري جليا (برغم عدم تجاوز نسبتهم 0.4% من إجمالي عدد السكان طوال فترة تواجدهم بمصر) من خلال:
ارتباط تاريخ البنوك في مصر بإنشاء اليهود و احتكارهم لها. واشتهرت عائلات بعينها في عالم البنوك مثل عائلة قطاوي والموسيري و سوارس فقد:
تأسس البنك العقاري المصري (أول بنوك مصر) عام 1880 من قبل ثلاثة عائلات يهودية هي سوارس، رولو، قطاوي و كان رأسماله عند تأسيسه 40 مليون فرنك فرنسي وصل الى 8 ملايين جنيه مصري عام 1942 وقد لعب هذا البنك دورا خطيرا في الاقتصاد الزراعي المصري فنتيجة للقروض التي منحها للملاك الزراعيين أصبح يتحكم في أكثر من مليون فدان مصري.
وفي عام 1898 تم انشاء البنك الأهلي المصري والذي لعب دورا هاما في تاريخ مصر الاقتصادي.
و في عام 1920م أسسوا البنك التجاري المصري الذي كان يعرف قبلها ببنك التسليف الفرنسي عند تأسيسه عام 1905م.
و إبان فترة الكساد الاقتصادي العظيم أسسوا بنك موصيري عام 1935وبنك سوارس عام 1936م بالإسكندرية.
كما أنهم امتلكوا عددا من الشركات المالية المرتبطة بنشاط الصيرفة، كالشركة المصرية الفرنسية للتسليف التي أنشئت عام 1934م.
والى جانب البنوك امتدت سيطرة اليهود لمجالات اخرى هامة مثل قطاع التأمين كشركة التأمين الأهلية المصرية التي أسسها أصلان قطاوي عام 1900م، و قطاع البترول حيث قام أميلي عدس بتأسيس الشركة المصرية للبترول برأسمال 75,000 جنيه في بداية العشرينات، في الوقت الذي احتكر فيه اليهودي (ايزاك ناكامولي) تجارة الورق في مصر.
كما اشتهر اليهود في تجارة الأقمشة والملابس و الأثاث و انتشر عدد كبير منهم في شارع الحمزاوي الذي كان مركزاً لتجارة الجملة، و كذلك جاءت شركات مثل شركة شملا وهي محلات شهيرة أسسها (كليمان شملا) كفرع لمحلات شملا باريس و التي تحولت الى شركة مساهمة عامة عام 1946 برأسمال 400,000 جنيه مصري.
كما أن محلات شيكوريل أسستها عائلة شيكوريل عام 1887 ورئيس مجلس إدارتها عميد العائلة اليهودي (مورنيو شيكوريل) برأسمال 500,000 جنيه. و كذلك فإن بونتبور يمولي التي كانت تعتبر حينها أشهر شركات الديكور و الأثاث، فقد قام بتأسيسها الأخوان هارون و فيكتور كوهين. و أيضا قام موريس جاتينيو الذي لعب دوراً كبيراً في دعم الصهيونية و مساعدة المهاجرين اليهود بتأسيس سلسلة محلات جاتينيو التي احتكرت تجارة الفحم ومستلزمات السكك الحديدية. هذا بجانب عائلة (عدس) اليهودية الشهيرة في عالم الاقتصاد و التي اشتهرت بامتلاك و تأسيس شركات مصرية معروفة مثل بنزيون، ريفولي، هانو، عمر أفندي.
كما احتكر اليهود أيضا صناعات هامة مثل صناعة السكر و مضارب الأرز التي أسسها سلفاتور سلامة عام 1947 برأسمال 128,000 جنيه مصري، وكانت تنتج 250 طن أرز يوميا، وشركة الملح والصودا التي أسستها عائلة قطاوي عام 1906.
كذلك امتدت سيطرة اليهود لتصل الى قطاع الفنادق حيث ساهمت موصيري في تأسيس شركة فنادق مصر الكبرى برأسمال 145,000 جنيه وضمت فنادق شهيرة مثل كونتيننتال، ميناهاوس، سافوي، سان ستيفانو.
نشط اليهود أيضا في امتلاك الاراضي الزراعية فتأسست شركات مساهمة كبري من عائلات يهودية معروفة احتكرت بعض الأنشطة الزراعية مثل شركة وادي كوم امبو التي تأسست عام 1904 بامتياز مدته 99 عاماً برأسمال 300,000 جنيه مصري وامتلكت 30,000 فدان في كوم امبو و قامت بشق ما يقارب ال 91 كم من المصارف والترع و 48 كم من السكك الحديدية. و كذلك شركة مساهمة البحيرة التي تأسست في يونيو 1881 برأسمال750,000 جنيه مصري وامتلكت 120,000 فدان.
و لم يسلم أيضا قطاع الصحافة و الإعلام منهم فقد طالته رؤوس أموالهم أيضا حيث امتلكوا صحيفة الشمس التي صدرت عام 1934م وتوقفت عام 1948م، وكان صاحبها اليهودي سعد يعقوب مالكي، وكانت تمثل لسان حال الصهيونية العالمية في مصر، و كذلك صحيفة الكليم التي تم إصدارها في فبراير 1945م وكان صاحبها اليهودي يوسف كمال.
و هكذا فإن انتصار الثورة البلشفية و تأثيراتها على المنطقة بجانب سيطرة اليهود على المصارف و المؤسسات المالية و الذي مكنهم من السيطرة على الاقتصاد المصري خلال الفترة التي نشأت فيها حركة الأخوان المسلمين و حتى قبل اندلاع ثورة 1952 كانت تمثل الظروف الموضوعية التي تبلورت خلالها فكرة إحياء الاقتصاد الاسلامي كبديل ثالث و التي رأى أصحابها أنها يمكن أن تتحقق من خلال:
محاربة المؤسسات الاقتصادية اليهودية بحملات المقاطعة المكثفة ضد المنتجات و المحلات اليهودية في القاهرة و الاسكندرية و غيرها من المدن التي يتواجد بها اليهود و توزيع كشوفات بالسلع و المحلات التي يجب مقاطعتها وعناوينها والأسماء الحقيقية لأصحابها. و وضعها أهدافا يتم مهاجمتها و تدميرها بقوة الحديث القائل (فمن رأى منكم منكرا فليغيره بيده و إن لم يستطع فبلسانه و إن لم يستطع فبقلبه و ذلك أضعف الإيمان) و ما تفجير سينما ريفولي حينها إلا دليلا صادقا على ذلك. و قد اشترك مع الأخوان المسلمين في كل ذلك جمعية مصر الفتاة و الشبان المسلمين من خلال لجنة عرفت باسم (لجنة تنظيم المقاطعة). و فتح باب التطوع للشباب لتنفيذ ذلك المخطط.
تكثيف و تشجيع البحث في فقه المعاملات الإسلامية في سبيل صياغة نظرية متكاملة للاقتصاد الإسلامي و تأسيس المؤسسات و المراكز التي ترعى هذه البحوث و الدراسات فانتشرت البحوث و الدراسات و المؤلفات في الاقتصاد الاسلامي و الصيرفة الاسلامية و توسعت بشكل ملحوظ بالذات خلال عقد السبعينات و العقود اللاحقة له و بدأت بعض الجامعات العربية والإسلامية الاهتمام بالدراسات والبحوث فى مجال الاقتصاد الإسلامى والمصارف الإسلامية ، وأخذ ذلك صيغاً عدة منها:
تزايد عدد رسائل الماجستير والدكتوراه فى مجال الاقتصاد الإسلامي والمصارف الإسلامية.
تدريس مواد الاقتصاد الإسلامي وفروعه المختلفة فى الجامعات .
إنشاء معاهد متخصصة للاقتصاد الإسلامي والمصارف الإسلامية مثل:
المركز العالمي للاقتصاد الإسلامي بجدة.
مركز صالح عبد الله كامل للاقتصاد الإسلامي بجامعة الأزهر.
مركز الاقتصاد الإسلامي بباكستان.
المعهد العالي للبنوك والاقتصاد الإسلامي بقبرص.
تنظيم الندوات والمؤتمرات الدولية للاقتصاد والمصارف الإسلامية.
إصدار مجلات متخصصة فى مجال الاقتصاد والمصارف الإسلامية مثل:
مجلة البنوك الإسلامية التي كان يصدرها الاتحاد الدولي للبنوك الإسلامية.
مجلة أبحاث الاقتصاد الإسلامي التي يصدرها المركز العالمي للاقتصاد الإسلامي بجدة.
مجلة الاقتصاد الإسلامي التي يصدرها بنك دبي الإسلامي .
مجلة النور التي يصدرها بيت التمويل الكويتي .
نشرات المصارف الإسلامية التي تصدرها المصارف الإسلامية.
إنشاء أقسام متخصصة للاقتصاد الإسلامي فى بعض الجامعات مثل:
قسم الاقتصاد الإسلامي بجامعة الملك محمد بن سعود الإسلامية.
قسم الاقتصاد الإسلامي بجامعة أم القرى مكة المكرمة.
قسم الاقتصاد الإسلامي بالجامعة الإسلامية بباكستان.
دبلوم الدراسات العليا فى الاقتصاد والمصارف الإسلامية بجامعة الأزهر.
تدريس الاقتصاد الإسلامي والصيرفة الإسلامية فى بعض الجامعات الأجنبية مثل جامعة كمبريدج التي تمنح شهادة دبلوم التمويل و الاستثمار الإسلامي.
التحالف و التعاون بين رجال المال والأعمال الإسلاميين مع رجال الشرع ورجال الاقتصاد الإسلاميين من أجل تأسيس مؤسسات اقتصادية إسلامية منافسة للمؤسسات الاقتصادية اليهودية بالذات في القطاع المالي المتمثل في المصارف و المؤسسات المالية و شركات التأمين خاصة و أن الإجتهاد الفقهي لصياغة نظرية للصيرفة الإسلامية ممهد أكثر من غيره في مختلف مصادر التشريع الإسلامي خاصة القرآن و السنة المؤكدة و كذلك لقناعة قيادات الحركة بأن القطاع المالي هو الطريق للسيطرة على الاقتصاد و السلطة. و قد كانت تجربة الدكتور/ أحمد النجار عام 1963م (الذي كان عضوا بارزا في حركة الأخوان المسلمين و يعتبر أحد رواد الاقتصاد الإسلامي البارزين و الذي أصبح فيما بعد أمينا عاما لاتحاد المصارف الإسلامية) مثالا حيا لذلك فقد قام بإنشاء بنوك ادخار محلية فى القرى متخذا من مدينة ميت غمر بداية للتجربة تقوم على فكرة تجميع مدخرات أهل القرى واستثمارها فى مشروعات اقتصادية تنموية داخل القرى نفسها وفقاً لنظام المضاربة الإسلامية وتوزيع الربح بين بنك الادخار كمضارب وبين أصحاب الأموال ولكن التجربة أجهضت من قبل الحكومة عندما عرفت توجهاتها السياسية و دمجت مع بنوك القطاع العام.
و لكن حققت التجربة برمتها نجاحا كبيرا خلال عقد السبعينات و ذلك للآتي:
الضربة التي وجهتها السلطة الناصرية للأخوان المسلمين و الدعاة أدت إلى هجرة قيادات متمكنة و مؤثرة فيها إلى دول الخليج و معظمهم من أساتذة و خريجي الأزهر و كلية دار العلوم و المعهد الديني و بعض الجامعات المصرية الأخرى و منهم الكثير ممن ذكروا في الجزء الثاني من مذكرات الدكتور يوسف القرضاوي مثل الشيخ الشعراوي، والشيخ الغزالي، والشيخ سيد سابق، والشيخ سيد صقر، والشيخ علي الطنطاوي، والأستاذ محمد المبارك، والأستاذ محمد قطب بالسعودية و كذلك الدكتور يوسف القرضاوي نفسه و الشيخ طايس الجميلي و الدكتور محمد عبد الستار نصار والشيخ مصباح محمد عبده، والأستاذ رشدي المصري بقطر و الشيخ أبي زهرة، الدكتور الاقتصادي الإسلامي عيسى عبده إبراهيم بالإمارات. فقد كان لهؤلاء و لبعض الإسلاميين غير المصريين و من جنسيات عربية و آسيوية الذين تخرجوا من الأزهر و بعض الجامعات و المعاهد المصرية و غير المصرية في السعودية و السودان و باكستان و العراق و غيرها (مثل الدكتور علي محي الدين القروداغي و الدكتور عبد الستار أبو غدة و الشيخ السالوس و غيرهم) دور كبير في نشر الدعوة في هذه البلدان التي أصبحت تمثل كياناً اقتصادياً له مكانته و أهميته العالمية.
استفادت حركة الأخوان المسلمين من الطفرة النفطية التي امتدت خلال الفترة من 1973م و حتى عام 1983م ((حيث ارتفعت فيها أسعار النفط لمعدلات لم تكن مسبوقة من قبل مفرزة بذلك ما عرف تاريخيا بأزمة الطاقة التي أفرزت بدورها أيضا ما عرف تاريخيا ب (تضخم التكلفة) أو (Cost inflation) (و هو الذي يعبر عن الارتفاع المتواصل في جميع السلع و الخدمات نتيجة لارتفاع سلعة واحدة استراتيجية) و الذي أثر سلبا على اقتصاديات الدول المستوردة للنفط بالذات الدول الرأسمالية الصناعية الكبرى في أمريكا و أوروبا و آسيا نتيجة لارتفاع تكلفة الإنتاج. في حين انتعشت اقتصاديات الدول المصدرة للنفط و على رأسها دول الخليج)) و من خلال قيادات حركة الأخوان المسلمين المهاجرة لدول الخليج نجحوا في خلق تحالف قوي مع عناصر مؤثرة و نافذة من ملوك و شيوخ و أمراء و أثرياء الخليج الذين تبنوا و تحمسوا لفكرة البعث الإسلامي في مجال الاقتصاد الإسلامي و الصيرفة الإسلامية و التأمين الإسلامي و على رأسهم الملك فيصل بن عبد العزيز آل سعود الذي كان متحمسا لفكرة إنشاء المصارف الإسلامية و إبنه الأمير محمد الفيصل آل سعود، الذي تبنى فكرة البنوك الإسلامية وخدمها ورعاها بماله ونفوذه ورأى أن يخلد ذكر أبيه الملك المحبب لدى جمهور المسلمين (فيصل بن عبد العزيز) بأن ينشئ سلسلة من البنوك الإسلامية تحمل اسمه فنشأ البنكان (فيصل الإسلامي) في مصر والسودان. و كذلك الحاج سعيد لوتاه من الإمارات الذي يرجع له فضل تأسيس بنك دبي الإسلامي (أول بنك إسلامي في العالم) في عام 1975م كما جاء في مذكرات القرضاوي.
و قد كان تأسيس بنك دبي الإسلامي بداية الانطلاق الحقيقي للمصارف الإسلامية و الذي اعتبرته حركة الأخوان المسلمين انتصارا و تحولا كبيرا فقد جاء في مذكرات القرضاوي ما يلي ((كان إعلان ذلك الحدث في التاريخ الاقتصادي للأمة يعد انتصارا لها في معركة من أخطر المعارك التي تخوضها، لتحرر اقتصادها من رجس الربا، ومن هيمنة الاقتصاد الرأسمالي بفلسفته وتطبيقاته منذ عصر الاستعمار على جميع مصارفها ومؤسساتها المالية و لقد كان إنشاء بنك بلا فائدة حلما، فأصبح اليوم حقيقة! كان (عبيد الفكر الغربي) كما سميتهم في كتاباتي، وأسرى الاقتصاد الوضعي، يقولون لنا لا تحلموا مجرد حلم بإقامة بنوك بلا فوائد. فهذا مستحيل. إن الاقتصاد عصب الحياة، والبنوك عصب الاقتصاد، والفائدة عصب البنوك، ومن زعم إقامة بنك بغير فوائد، فهو واهم أو مغرق في الخيال!. وشاء الله أن يتحول الحلم أو الوهم أو الخيال، إلى واقع نشهده بأعيننا، ونلمسه بأيدينا. وكان هذا تطورا محمودا في موقف الأمة من هذه القضايا وأمثالها، وكان هذا تجسيدا للصحوة الإسلامية في ميدان الاقتصاد)). و أيضا فإن هذا التحالف بين الأخوان المسلمين و الرأسمالية الإسلامية الخليجية يعتبر تدشينا للمرحلة الرابعة في حركة البعث الإسلامي المخطط لها سلفا التي تعتبر ضمن المراحل التي يرى الدكتور القرضاوي في مذكراته أن الأمة مرت بها في مواجهتها لما أسماه مواجهة الغرب و هي:
مرحلة الاستسلام والتبعية المطلقة.
مرحلة أخذ نهج الغرب و تبريره بفتاوى شرعية، وأسانيد دينية، تجعل حرامه حلالا، ومنكره معروفا.
مرحلة ردود العلماء على المحاولات التبريرية المذكورة أعلاه.
مرحلة تعاون رجال المال والأعمال، مع رجال الشرع، ورجال الاقتصاد الإسلاميين.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.