تلقت " صفحة مع المهاجر " رسالة من أم حزينة لغياب ابنها الذي ابتلعته الغربة منذ خمسة عشر سنة ، حيث كان في بداية غربته موصولا بأسرته في مدينة الأبيض، إلا انه قبل عشرة سنوات قطع رسائله واتصالاته على الرغم من التأكد من حقيقة وجوده متنقلا بين مدن السعودية .. وتقول الأم وهي " بتول صالح " أنها تتطلع بسعادة لان تسمع صوت ابنها محمد هارون 34 عاما ، وان يعود إلى دفء الأم وسعة الوطن مهما كانت ظروفه" المادية" . .. وتفتح رسالة هذه الأم الحزينة ملفات متراكمة لكثير من السودانيين الذين أصبحت " الغربة " بالنسبة لهم ابتعاد عن الوطن بلاهدف ، وحتى ان وجد الهدف تعوزهم آليات تحقيقه في ظل ظروف" اغتراب صعبة" باتت معروفة للجميع . ففي السعودية وحدها مايزيد عن ال 800 ألف سوداني، أكثر من نصفهم بحسب تقديرات غير رسمية" يعملون في مهن وحرف لاتحقق أي هدف ، ولاتساعد حتى على مجرد عودة " تًبل الشوق" .. وقلة من هولاء تكاد تكون صلتهم بأسرهم انقطعت أو تقطعت ، أو أوشكت على الانقطاع .. رغم التقنيات الحديثة التي سهلت أمر التواصل الكترونيا " عبر الايميل " أو عبر رسائل الجوال .. الآن بعض السودانيين كأبن بتول" وغيره ، وهم كثر ، من بينهم من لايقوى على إعالة نفسه ، ناهيك عن من تتكفل به السجون ، كحال 5000سوداني يقبعون داخل السجون اللبنانية بحسب إفادة د. كرار التهامي أمين جهاز شئون السودانيين العاملين بالخارج ..وهولاء في حاجة لجهد الدولة للعمل على إعادتهم ، على ان تسبق ذلك حملة إعلامية وتثقيفية ، تستعرض " سعة الوطن مقابل ضيق الغربة" ..وبداية تغني رائعة محجوب شريف التي غناها صلاح مصطفى ونهديها لابن " بتول" ومن معه : سافر زمان قبال سنين لأجاب جواب لا جاب خبر امو تسأل كل طاير وكل عائد من سفر خيالو ما فارق عيونها وطيفو ما غاب ليه اثر وما زال هناك .. في الركن داك صوتو وغناهو وضحكتو وصورو المعلقة في الجدار وجرايدو والكتب الزمان الليلة كاسيهم غبار مصباحو في الركن الحزين ومكانو مازال في انتظار اصحابو انداد الطريق قدام عيونا مشو اخضرار. وقبل ان تكتمل هذه البكائية لاتنسى الأم " بتول " الحنونة أن تناجي وتحًمل الوصية لكل من يحزم حقائبه تأهبا لمغادرة الوطن ولسان حالها يقول : ياماشي لي بلدا بعيد .. قول للمخاصم اسرتو قول للمفضل هجرتو: ماعاد قطار ووصل جواب اسمك تهزّها ذكرتو والبيت وراك لو شفتوا كيف .. ضاعت مواسمو وخضرتو ياحليلو لمن كان صغير.. تلميذ بيمشى المدرسة تشفق عليهو من الطرق وتخاف عليه من المسا كيف ينسى عيدية وحنان وكفاح سنين كيفن نسا ؟ سافر زمان قبال سنين لاجاب جواب لا جاب خبر. .. ختاما نقول لقد الأوان لكي تصبح العودة إلى حضن الوطن ليست مجدولة بانجازات واستحقاقات جراء سنوات طويلة من الاغتراب ، فجميع الظروف تمضي بمعظم المغتربين عكس ذلك .. وهو أمر يجعل أمر العودة مسألة حتمية لأعداد كبيرة ، حتى لانتمادى في غربة تسكن الأحزان نفوس الأحبة دون طائل. مصطفى محكر