تَواصُل الحِّوار الجنوبي الشمالي له مبرراته القوية تاريخياً، وإجتماعياً، وإقتصادياً، وثقافياً، إثنياً، أمنياً، وجيوسياسياً، كما أن له أهدافه الصائِبة لتحقيق دولةَ المدنية المشتركة التي تُكرّس للسلام والاستقرار والتنمية والإندماج الإجتماعي والوفاقي بين الشعوب وثقافاتها، ودينها ومصالحها فلماذا الوقوع في مصيدة الإنقاذ؟ والذي يُفسر عدم وجود هذا الحوار أو نقله إلى عاصمة الجليد خارج السودان مع أهميته البالغة في هذا الوقت الحرج هو حرص أطرافه لإنجاحه. وهنا أٌذكّْر بأن النّظم الشمولية بطبيعتها المفتقِّرة للديمقراطية تحرص على الدخول في اتفاقيات ثنائية كوجهٍ من وُجوهِ العلاقات العامة والمحاصصات البينية، ولكنها لا تستطيع أن تلتزم باتفاقيات قد تسبب تراخياً في القبضة الأمنية أو المشاركة الإقتصادية، أو قد تنطوي على إجتهاد سياسي يخرج على مرجعياتها السياسية الجامدة أو إختراقاً لقيادتها القصرية أو مس هوسها الديني. نتحدى المؤتمر الوطني في إثبات أدنى مصداقية للعمل من أجل الوحدة بوضع حدِّ للمتفلتين من مستشاري الرئيس ووزراء دولته مروجي الفتنة وفاقدي الحنكة الدبلوماسية بل إنهم يعمهون في الرشد ويتحيرون من خيبة معالجة أمر إتفاقيتهم النيفاشية وتوفير الأمن والسلم والحقوق المدنية لشعوبهم. بل يتحايلون ويجتهدون لتزوير الإستفتاء وشراء ذمم البسطاء أو تهديدهم بالفناء. بخصوص الفترة الحرجة كم من الوقت يلزم لتَتمة تسوية القضايا المعلقة؟. وقمة الإستهبال في مطالبة الشركاء بالإسهام في دفع الطرفين لاستدامة إتفاقية السلام الشاملة واستكمال استحقاقاتها مع يقينهم بالموقف الأمريكي الرسمي مع إنفصال الجنوب عبر الإستفتاء المزعوم. والأكثر غرابة تحميل القوى السياسية الوطنية التي لم تشرك يوماً في النصوص الثنائية بالتحرك السريع وبإرادة مندفعة وليس استباقاً ومصادرة!، لا وألف لا يا سيادة نائب رئيس الجمهورية لأن المرحلة تتطلب حراكاً وطنياً عاماً وقراراً جمهورياً بإعلان فشل المشروع الحضاري أمام الوحدة الطوعية واستقالة جماعية مع محاكمة سياسية لنظام المؤتمر الوطني من أجل إنقاذ وحدة العباد والبلاد بدلاً من السعي لإستفتاء يكون معيناً ودافعاً لتكريس الهيمنة الشمولية لشرعنة بيع بقية الإتفاقيات الإقتصادية المشبوهة والمشاريع الإستراتيجية المتبقية. أوليس أكبر رهاناً للتشبث بالحكم، النكوص عن رفض المؤتمر الوطني التوقيع على إعلان المبادئ بحق تقرير المصير للجنوب ولو أدى لإسقاط الحكومة أو إنهيار مفاوضات الإيقاد؟ ألم يكن هذا هو الموقف الرسمي للنظام حتى نهاية العام 1994الميلادي؟ أم هو ترسيخ الفساد المالي والإداري والقبلي للاستفراد التنظيمي والحزبي والتخبط والجهل السياسي وهذه ممارسات النظام التي أدخلت السودان في هذا المأزق الإنفصالي؟. ثم دارفور وما أدراك ما الإستراتيجية الأمنية والمستبعدة لأية فكرة سياسية أو إقتصادية بل والمرسخة للتناحر الإجتماعي والقبلي والجهوي على وجه السواء. فهي موجهة لطمر المحرقة والإبادة الجماعية وإزالة معسكرات النازحين لتصفيتهم وثورتهم الدارفورية بدم بارد. هكذا صياغ دعوتنا للدولة المدنية الرشيدة دولة المواطنة والمؤسسات الحقيقية وحتماً المسؤولية الوطنية تفرض علينا عدم قبول أية صفقة تآمرية لحكومة الجنوب مع المؤتمر الوطني مناصفةً لإعادة تدوير الحكم الثنائي وذلك بالإلتفاف حول إذكاء وتعبئة شعوب التماس وعملاء الوطني في أبيي وجنوب كردفان وجنوب النيل الأزرق للمواجهات والصراعات والحروب. وهذا الترويع بالإنفصال لن يقف حائلاً دون إستعادة الوحدة الطوعية للسودان الجديد وسلب حقوق المواطنة هو القرار الذي يسبح عكس التاريخ بل هو النتيجة الحتمية والمحصلة الفعلية لحصاد الانقاذ الذي أستنفذ كل حيثيات البقاء وأستوجب التنحية بأصحاب الحوار من شرفاء الحركات المسلحة والنخبة العلمانية. المهندس/ علي سليمان البرجو عد الفرسان/ نيالا 971506521662+