ربما يعتبر أمر طبيعي مثول صحافي أمام محكمة في قضية تتعلق بالنشر، لأن لا أحد فوق القانون، لكن أن تكون الدولة هي الشاكية، وان تتولى مؤسسة واحدة من دون المؤسسات، وليست وزارة العدل قضية التشاكي، فان الأمر قد يتعدى حدود القانون، وقد يفسر بأنه نوع من التضييق على الحريات الصحفية طالما أن الأمر يتعلق بقضايا الرأي العام. وفي السودان يظل الصحافي في "شبهة من أمره " من قبل الأجهزة الأمنية، في كل ما يكتب، لا سيما وان كان الصحافي، أو الكاتب من غير المرضي عنهم داخل دوائر اتخاذ القرار السياسي في البلاد، والغريب أن تشمل الاتهامات " انتقاص هيبة الدولة"، في وقت لا تزال المفاهيم مشوشة فيما يتعلق بالدولة والحكومة والحزب، فعند البعض فان الدولة هي الحكومة، والحكومة هي الحزب، وهي تعريفات تتطابق مع طبيعة الأنظمة ذات الأوجه الشمولية، وهو ما يجعلنا ندعو لحوار شفاف، وصريح حول مفهوم الدولة، وهيبة الدولة، ومن يحمي الدولة؟؟؟. وربما لهذا الالتباس فقد حل السودان فى المرتبة الثالثة قبل الاخيرة عربيا فى تصنيف اعدته منظمة (مراسلون بلا حدود) حول حرية الصحافة وجاءت أغلب الدول العربية في ذيل الترتيب،وحسب التصنيف فقد احتلت لبنان المرتبة الأولى على الصعيد العربي بترتيب 78 ثم الإمارات والكويت في المرتبة 87 ، كما حلت موريتانيا وجيبوتي قبل الأردن في المرتبتين 95 و,110 على التوالي. وتصنيف السودان تسنده مسوقات، وأدلة لا يمكن اخفائها، وأبرز تلك الأدلة، الرقابة القبلية الأمنية التي يمارسها جهاز الأمن الوطني والمخابرات من حين لآخر على الصحف، وتعد الممارسة من أقسى التجارب التي مرت بها الصحافة السودانية عبر تاريخها الممتد منذ عام 1902، ولأكثر من قرن، حيث يأتي ضباط يفرغهم الجهاز لمهمة الاطلاع على الصحف، وتحديد ما يصلح للنشر، وما لا يصلح، اي أنهم يقومون بالضبط بمهمة "رئيس التحرير"، فيما تبتدع السلطة الحاكمة أساليب أخرى للتضييق على الحريات، من خلال شح الاعلانات التجارية، وفرض الضرائب والرسوم على مدخلات انتاج صناعة الصحافة، مما يؤدي لغلاء الورق، والأحبار، والطباعة. أما أكثر الأساليب "شيوعاً" فهي الملاحقة بالبلاغات القضائية، والاحتكام للقانون الجنائي، وليت أهل القانون في السودان يفتونا حول هذا القانون، والذي يطلقون عليه "قوانين الشريعة الاسلامية"، وليكشفوا لنا علاقة " تقويض النظام الدستوري، والتجسس، والارهاب، والمعارضة المسلحة، وانتقاص هيبة الدولة بنشر الأخبار ومقالات الرأي، و من هذه الأمثلة " تغويض النظام الدستوري. 50- من يرتكب أى فعل بقصد تغويض النظام الدستوري للبلاد أو بقصد تعريض استقلالها أو وحدتها للخطر ، يعاقب بالإعدام أو السجن المؤبد أو السجن لمدة أقل مع جواز مصادرة جميع أمواله. التجسس على البلاد. 53- يعد مرتكباً جريمة التجسس ويعاقب بالاعدام أو بالسجن المؤبد او السجن لمدة أقل مع جواز مصادرة جميع أمواله ، من يتجسس على البلاد بأن يتصل بدولة أجنبية أو وكلائها أو يتخابر معها أو ينقل اليها اسراراً وذلك بقصد معاونته فى عملياتها الحربية ضد البلاد او الاضرار بمركز البلاد الحربي . فاذا لم يكن التجسس بذلك القصد ولكن يحتمل ان يضر بالبلاد سياسياً أو اقتصادياً ، يعاقب بالسجن مدة لا تجاوز عشر سنوات أو بالغرامة أو بالعقوبتين معاً. منظمات الإجرام والإرهاب. 65- من ينشئ أو يدير منظمة تدبر لإرتكاب أى جريمة ومن يشارك أو يعاون قصداً فى تلك المنظمة، سواء كانت تعمل داخل السودان ام خارجه ، يعاقب بالسجن مدة لا تجاوز خمس سنوات او بالغرامة او بالعقوبتين معا ، فاذا كانت الجريمة التى تدبر لها المنظمة هي الحرابة او النهب أو من الجرائم المعاقب عليها بالاعدام أو الإرهاب بتهديد الجمهور أو السلطة العامة ، يعاقب بالسجن مدة لا تجاوز عشر سنوات كما تجوز معاقبته بالغرامة . نشر الأخبار الكاذبة. 66- من ينشر أو يذيع أى خبر أو اشاعة أو تقرير ، مع علمه بعدم صحته ، قاصداً أن يسبب خوفاً أو ذعراً للجمهور أو تهديداً للسلام العام ، أو انتقاصاً من هيبة الدولة ، يعاقب بالسجن مدة لا تجاوز ستة أشهر او بالغرامة او بالعقوبتين معاً. هذه دعوة للحقوقويين، والناشطين والمهتمين بقضايا الفكر والنشر والرأي لتكثيف حملات ضد "القانون الجائر"، ولفضح ضيق الحكومة بحرية الصحافة، والرأي الآخر، أما أن يصنف السودان في ذيل قائمة؛ فأي مادة من مواد القانون الجنائي تكفي لوضع السودان في ذيل القائمة. Faiz Alsilaik [[email protected]]