شهود عيان يؤكدون عبور مئات السيارات للعاصمة أنجمينا قادمة من الكاميرون ومتجهة نحو غرب دارفور – فيديو    الغرب "يضغط" على الإمارات واحتمال فرض عقوبات عليها    دورتموند يسقط باريس بهدف فولكروج.. ويؤجل الحسم لحديقة الأمراء    وزارة الخارجية تنعي السفير عثمان درار    العقاد والمسيح والحب    واشنطن: دول في المنطقة تحاول صب الزيت على النار في السودان    شاهد بالفيديو.. حسناء السوشيال ميديا السودانية "لوشي" تغني أغنية الفنان محمد حماقي و "اللوايشة" يتغزلون فيها ويشبهونها بالممثلة المصرية ياسمين عبد العزيز    شاهد بالصور.. المودل والممثلة السودانية الحسناء هديل إسماعيل تشعل مواقع التواصل بإطلالة مثيرة بأزياء قوات العمل الخاص    شاهد بالصورة والفيديو.. نجم "التيك توك" السوداني وأحد مناصري قوات الدعم السريع نادر الهلباوي يخطف الأضواء بمقطع مثير مع حسناء "هندية" فائقة الجمال    شاهد بالفيديو.. الناشط السوداني الشهير "الشكري": (كنت بحب واحدة قريبتنا تشبه لوشي لمن كانت سمحة لكن شميتها وكرهتها بسبب هذا الموقف)    محمد وداعة يكتب: الروس .. فى السودان    مؤسس باينانس.. الملياردير «سي زي» يدخل التاريخ من بوابة السجن الأمريكي    «الذكاء الاصطناعي» بصياغة أمريكية إماراتية!    الموارد المعدنية وحكومة سنار تبحثان استخراج المعادن بالولاية    طبيب مصري يحسم الجدل ويكشف السبب الحقيقي لوفاة الرئيس المخلوع محمد مرسي    "الجنائية الدولية" و"العدل الدولية".. ما الفرق بين المحكمتين؟    الى قيادة الدولة، وزير الخارجية، مندوب السودان الحارث    السودان..اعتقال"آدم إسحق"    فلوران لم يخلق من فسيخ النهضة شربات    رئيس نادي المريخ : وقوفنا خلف القوات المسلحة وقائدها أمر طبيعي وواجب وطني    المنتخب يتدرب وياسر مزمل ينضم للمعسكر    عائشة الماجدي: دارفور عروس السودان    لأول مرة منذ 10 أعوام.. اجتماع لجنة التعاون الاقتصادي بين الإمارات وإيران    فينيسيوس يقود ريال مدريد لتعادل ثمين أمام البايرن    والي الخرطوم يدشن استئناف البنك الزراعي    دولة إفريقية تصدر "أحدث عملة في العالم"    أول حكم على ترامب في قضية "الممثلة الإباحية"    بعد اتهام أطباء بوفاته.. تقرير طبي يفجر مفاجأة عن مارادونا    تعويضاً لرجل سبّته امرأة.. 2000 درهم    الحراك الطلابي الأمريكي    سعر الدرهم الإماراتي مقابل الجنيه السوداني ليوم الثلاثاء    أنشيلوتي: لا للانتقام.. وهذا رأيي في توخيل    بعد فضيحة وفيات لقاح أسترازينيكا الصادمة..الصحة المصرية تدخل على الخط بتصريحات رسمية    راشد عبد الرحيم: يا عابد الحرمين    بعد أزمة كلوب.. صلاح يصدم الأندية السعودية    تعلية خزان الرصيرص 2013م وإسقاط الإنقاذ 2019م وإخلاء وتهجير شعب الجزيرة 2024م    شاهد بالفيديو.. الفنانة ندى القلعة تواصل دعمها للجيش وتحمس الجنود بأغنية جديدة (أمن يا جن) وجمهورها يشيد ويتغزل: (سيدة الغناء ومطربة الوطن الأولى بدون منازع)    سرقة أمتعة عضو في «الكونجرس»    شاهد بالصورة.. بعد أن احتلت أغنية "وليد من الشكرية" المركز 35 ضمن أفضل 50 أغنية عربية.. بوادر خلاف بين الفنانة إيمان الشريف والشاعر أحمد كوستي بسبب تعمد الأخير تجاهل المطربة    بيان جديد لشركة كهرباء السودان    أمس حبيت راسك!    دخول أول مركز لغسيل الكلي للخدمة بمحلية دلقو    شركة توزيع الكهرباء في السودان تصدر بيانا    تصريحات جديدة لمسؤول سوداني بشأن النفط    دخول الجنّة: بالعمل أم برحمة الله؟    الملك سلمان يغادر المستشفى    عملية عسكرية ومقتل 30 عنصرًا من"الشباب" في"غلمدغ"    جريمة مروّعة تهزّ السودانيين والمصريين    بالصور.. مباحث عطبرة تداهم منزل أحد أخطر معتادي الإجرام وتلقي عليه القبض بعد مقاومة وتضبط بحوزته مسروقات وكمية كبيرة من مخدر الآيس    لمستخدمي فأرة الكمبيوتر لساعات طويلة.. انتبهوا لمتلازمة النفق الرسغي    مضي عام ياوطن الا يوجد صوت عقل!!!    إصابة 6 في إنقلاب ملاكي على طريق أسوان الصحراوي الغربي    مدير شرطة ولاية شمال كردفان يقدم المعايدة لمنسوبي القسم الشمالي بالابيض ويقف علي الانجاز الجنائي الكبير    الطيب عبد الماجد يكتب: عيد سعيد ..    بعد نجاحه.. هل يصبح مسلسل "الحشاشين" فيلمًا سينمائيًّا؟    السلطات في السودان تعلن القبض على متهم الكويت    «أطباء بلا حدود» تعلن نفاد اللقاحات من جنوب دارفور    دراسة: القهوة تقلل من عودة سرطان الأمعاء    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تقطيع الرؤوس وتفكيك النصوص! ... بقلم: مصطفى عبد العزيز البطل
نشر في سودانيل يوم 01 - 04 - 2009


[email protected]
إذا كان الشك قد ساورك – أيها الأعز الأكرم - فها أنا أقطع شكك بيقين. نعم فى "تقطيع الرؤوس" تلميح إلى ذلكم التصريح المروع عن "قطع الأوصال والأيدي والرؤوس". وهو التصريح الذي ملأ الدنيا وشغل الناس حيناً من الدهر. وكان بعض السفهاء قد أصابوا مدير جهاز الأمن والمخابرات بجهالة إذ نسبوا إليه انه هدد بقطع رؤوس وأوصال من يؤيدون قرارات المحكمة الجنائية الدولية، ولكن هؤلاء السفهاء أصبحوا، بعد ذلك، على ما فعلوا نادمين. والواقع أن التصريح في نصه الأصل يقول بلسان عربي مبين أنه ليس في واقع الأمر من حرج على من شاء من الناس أن يؤيد نساوين لاهاي وأن يبارك قراراتهن، إذ ان الناس في دولة الانقاذ أحرار في اتخاذ مواقفهم. وليس أدل على ذلك من أن بعض قادة الأحزاب السياسية ما فتئوا يجاهرون في العشيات والبكور - دون خشية من عذاب - بمساندتهم للمحكمة، بل ويطالبون رأس الدولة بالارتهان لإرادة هؤلاء النساوين وتسليم نفسه لهن طوعاً. ولكن سيد الأمن والمخابرات إنما هدد بذلك العقاب الرادع المروِّع من يسعون من الناس (للتدخل لإنفاذ تلك القرارات). ونص الخطاب الذي ألقاه المسئول الأمني ارتجالاً في حفل أقيم لتكريمه متاح لطالبيه في الصحافة الورقية وبعض المساطب الالكترونية. وفارق بين التزام موقف وإشهار رأي من ناحية، وبين اتخاذ خطوات عملية باتجاه معاونة قوى خارجية لوضع مخططاتها موضع التنفيذ الفعلي. وقد تبدو مقولة الرجل الذي ائتمنته الدولة على سلامة كيانها شديدة الوقع من حيث قسوة الكلمات والصفات التي اشتملت عليها، ولكن الناس يعرفون، ولاشك أن السياسة في خطابها العام تسع مثل هذه المقولات ولا تضيق بها، فلطالما اخترقت آذاننا في منعطفات عديدة من تاريخ السودان عبارات من شاكلة ما سمعنا يرددها رجال السياسة الحكمية. ومن وجهة الرصد التاريخى فإن مُحتسب الأمن الانقاذى، ليس هو أول مسئول يهدد بقطع رؤوس الأعداء، فالتاريخ المحضور يسجل أن قصب السبق في هذا المضمار إنما هو من نصيب السيد أحمد المهدي، الذي تولَّى وزارة الداخلية خلال فترة الديمقراطية الثانية، وقد اشتهرت عنه عبارة (جز الرؤوس)، ولفظة "جزَّ" في تقديري أكثر بشاعة من "قطع". وفي العهد المايوي عرفنا الوعيد بالسحق تحت جنازير الدبابات، بل أننا سمعنا جماهير الشعب نفسها تهتف في الطرقات: (لا تهاون بل بالهاون). والدعوة هنا مقتضاها حسم الخصوم السياسيين ضرباً بمدافع الهاون. والهاون – لفائدة الأجيال الصاعدة - مدفع من المدافع الجبارة التي كانت تُستخدم في الحروب، أفل نجمها واندثر زمنها، وأبدلتنا مصانع الشرق والغرب (خيراً) منها. الفقرتان المتقدمتان، يا هداك الله، ليستا موجهتين إليك تحديداً، وإنما هما مجرد (عينة) أقدمها للمتنفذين في حكومة الانقاذ للتعريف بمهاراتي ومقدراتي في مضامير المنطق واللغة والصحافة والتحليل السياسي والعلاقات العامة. وهي مهارات ومقدرات أضعها – بغير تحفظ – بين يدى العصبة المنقذة، وأعرض عليها عرضاً صريحاً وضيحا غير مشروط أن تنظر في أمر استتثمارها في مجالات الدفاع عن مواقفها الوطنية ووجهات نظرها السياسية، في مواجهة الانتقادات الواسعة والتهجمات الضارية التي تتعرض لها من قبل المفترين والسفهاء بين الفينة والأخرى. لا سيما وأن الشواهد قد تواترت على هشاشة هذا الثغر من ثغور الانقاذ، وقلة حيلة القائمين عليه وعَزاز كسبهم وهوان أمرهم على الناس. ولا ترفعنَّ حاجبيك بالدهشة، أيها الأعز الأكرم – فها أنا أطمئنك أن قراري بعرض خدماتي على العصبة المنقذة جاء بعد تثبت وقراءة متأنية لتحليل منهجي متعمق، وخلاصات صلدة مسنودة علمياً، انتهى إليها عالم نحرير وروائي كبير اسمه الحسن بكري. وكان هذا المثقف العالم – أبقاه لله ذخراً ونفعنا بعلمه - قد تفضَّل مشكوراً ب (تفكيك نصوص) إحدى مقالاتي السابقة وأعلمني بعد ذلك من أمري ما لم أكن أعلم. ومن ذلك أنني في خويصة نفسى أتمنى على سلطة الانقاذ أن تستأجرني فأكون فتاها القوي الأمين الواقف على ثغرة إعلامها، وهو ما اكتشفه أستاذنا العلاّمة، كما ذكرت، بعد (تفكيكه) نصوص مقال واحد فقط. وسآتيك إلى الحسن و (تفكيكاته)، والنظرية التفكيكية نفسها، لو أنك اصطبرت برهةً واحدة. كنت، قبيل سفري في مهمة عمل إلى ولاية اوريغون، قد كتبت وأرسلت إلى (الأحداث) مقالتين لتغطية التزامي نحو زاويتي الأسبوعية حتى عودتي إلى منيابوليس. وقد نشرت الصحيفة المادة الأولى بعنوان (نساوين لاهاي) في حينها، إلا أن المادة الثانية وعنوانها (ليس دفاعاً عن المستشار) لم تجد طريقها إلى القارئ، إذ ارتأى الرقيب لاعتبارات قدّرها انها لا تصلُح للنشر. ولا اعتراض لي على قرار الرقيب فذلك عمله الذى يؤجر عليه أجراً شهرياً، وفي الأثر: (من أخذ الأجر حاسبه الله بالعمل). وقد تداولت لاحقاً مع رئيس التحرير في محاولة لتخمين ما عساها أن تكون العلة في المادة المحجوبة فأتداركها في مقبلات المقالات. وقد كان من رأي رئيس التحرير أن مقالاتي يشوبها شئ من الغموض في مقدماتها ونتائجها، وأن الرقيب ربما لم يطمئن قلبه إلى أسلوبي الذي يحير القارئ أحياناً فلا يميز بين جده وهزله. وقد كان من فضل الله ونعمائه السابغة على عبده أن أرسل من فوق سبعة سماوات دليل براءتي الشاملة الكاملة من كل ما شاب ذهن الرقيب من ظنون وتوهمات بشأن النتائج والمقدمات، وما يضمر فؤادي من الرغائب والغايات. والله سبحانه وتعالى هو الذي يرسل الغوث ويسبب الأسباب. وقد شاءت إرادته الغالبة أن يأتي دليل براءتي على يد عالم جهبذ من عباده الصالحين، وهو الروائي الحسن بكري الذي أخبرتك عنه وسأزيدك إن شاء الله. وقد بعثت من فوري إلى أخي الرقيب، عبر رئيس تحرير الصحيفة، بصورة مستنسخة من السلسلة الالكترونية التي (فكك) في أتونها الحسن بكري نصوصي وتوصل إلى نتيجة مؤداها انني في الأصل إنقاذي الهوى، وانني أتَطَلّع إلى منصب في حكومة المنقذين، وأعرض مواهبى وخدماتي فى سوقها. كما بعثت إلى الرقيب أيضاً بعنوان المنبر نفسه وهو منبر الصفوة المعروف باسم السودان للجميع (سودان فوراول). والسيد الحسن بكري روائي كامل الدسم، وقد حصلت احدى رواياته وعنوانها (أحوال المحارب القديم) قبل بضعة سنوات على جائزة أدبية قيمتها واحد ألف دولار أمريكي. وله إلى جانب ذلك، نشاط الكتروني مكثّف وضعه في مصاف أعيان العوالم الإسفيرية. وقد أطلقت كاتبة سودانية نوعية، فى مقال نشرته تحت اسم مستعار، على الحسن بكرى ونظرائه من أعيان الأسافير لقب (الايقونات الاليكترونية). وكانت هذه الايقونة - أعني الحسن بكري – قد لفتت الأنظار قبل حوالي العامين عندما خرج ذات ليلة إسفيرية ممطرة، من غير مقدمات، ليوجه اتهاماً شاملاً ومباشراً إلى الروائي السوداني الآخر محسن خالد بأنه سرق روايته (الكلب والسجان) من رواية الأديب الإنجليزي البولندي الأصل جوزيف كونراد (قلب الظلام). وقد رفض الأول هذا الاتهام على الفور وتحدَّى الايقونة الالكترونية علانيةً مطالبا اياه بإثبات مزاعمه من خلال دراسة يوضح فيها للكافة كيف ولماذا وعلى أي وجه يظن بأن محسناً سرق الرواية الكونرادية. وقد شرع الايقونة بالفعل في هذه الدراسة ثم توقف فجأة واختفى، دون أن يقدم الأدلة المطلوبة على السرقة المدعاة، وتركنا معلَّقين مع المتهم بين أروقة العدالة الإسفيرية! أما وقد حدثتك عن الحسن بكري، الذي أرسل الله على يديه دليل براءتي من ظنون الرقيب وتوهماته، مثلما أرسل براءة عائشة على يد جبريل، فلعلني أمضي خطوة أخرى إلى الأمام فأحدثك عن مصطلح (تفكيك النص)، الذى تقابله في اللفظ الإنجليزي كلمة (ديكونستركشن). وهو واحد من تلك المصطلحات التي تبعث الرهبة في نفوس عامة المتعلمين، ولكن بعض المتثاقفين يُكثر من استخدامها، فتكون مؤشراً على أصالة محتدهم وعلو كعبهم فى عشيرة بني ثقيف. والعبارة ذات أصل فرنسي إذ استولدها وأدخلها إلى عالم المصطلح جاك دريدا، الذي يحتل مكانة أساسية ضمن جيل ما بعد سارتر من الفلاسفة الفرنسيين. هذا الجاك دريدا الذى يُطلق عليه لقب " فيلسوف التفكيكية " إذن هو صاحب نظرية (التفكيك) وسيدها. ووفقاً للمزاعم السائدة عند بني ثقيف فإنه (من خلال ادعاء معرفي سلطوي شمولي يصبح تفكيك النص استراتيجية علمية). (والتفكيك يستبدل النص نفسه بعد أن ينتشر فيه، وله حق مساءلة النص من داخله. وليس للنص الأصل أية سلطة سواء في نطاق الخطاب النقدي أو في مستوى توجيه إبداعيته). غير أن هناك خلافا سائدا بين جمهرة المفككين، ( فبينما يرى بعضهم جواز اعادة بناء النص بعد تفكيكه، فان آخرين يرفضونه ويرون فى ذلك خروجا على تفكيكية دريدا التى ترفض فكرة اعادة بناء النص على أساس انها فكرة غائية ميتافيزيقية تحريفية). هل فهمت شيئاً؟ مش مهم، ولكن الزم حدك واعرف قدرك وارعى بقيدك، وأياك وحقول بنى ثقيف. كتب الايقونة الحسن بكري في مقام تفكيك نص مقالتي الموسومة "نساوين لاهاى": (يتيح مدخل هذه المقالة فرص طيبة لتأكيد خطل الافتراض بإمكانية تحليل الخطاب في مستوى أدنى من النص. أتاحت دراسة نعوم شومسكي بنية التراكيب اللغوية على نحو ريادي إطلاق العنان للدراسات التي تركز على دراسة النصوص، رغم أن تشومسكي في الأساس ابتكر ما أسماه النحو التحويلي وهو نحو يقوم على تحليل الجملة المجردة من أي سياق نصي. سيطور تشومسكي لاحقاً نحوه التحويلي فيضيف إليه المديين المعنوي والصوتي. أظن أن قيمة مساهمات تشومسكي اللغوية تكمن في فتحها الباب على مصراعيه فيما بعد لتأسيس وتقعيد الدراسات اللغوية التي تقوم على تحليل الخطاب والنص فضلاً عن الجملة. كما أنها بثرائها وجدتها رفدت علم اللغة بحيوية بالغة لفتت إليه انتباه المؤسسات العلمية بقدراتها المادية والبشرية الهائلة). " انتهى النقل ". وقد لاحظت أن الايقونة يكتب اسم العالم اللغوي بالتاء في مقدمة الاسم (تشومسكي) حيناً، ثم (يفك) التاء من الاسم أحياناً أخرى فيجعله (شومسكي). وربما كان أمر (ربط) التاء و( فكها) من اسم الرجل متعلقاً بنوع آخر من التفكيك هو (تفكيك الأسامى) تقتصر الدراية به على الراسخين في العلم من الايقونات دون غيرهم من الخلائق. ونعوم تشومسكي هو أستاذ جامعي أمريكي عملاق يعرف بأنه صاحب نظرية النحو التوليدي، التي تعتبر من أهم الاسهامات في مجال اللغويات النظرية في القرن العشرين، إلى جانب نظريات أخرى متميزة في مجالات علم النفس وفلسفة اللغة والعقل. ولا أخفيك يا هذا بأنني شعرت بفخر لا يدانيه فخر، حتى لقد خُيِّل إليّ انني أمشي فوق السحاب مرتديا حذاءً من نوع أديداس، عندما تناهى إلىّ بأن سلطة علمية دولية ضاربة في حجم نعوم تشومسكي قد تم استدعاؤها من قبل الايقونة في مسعاها لتفكيك نصوصي، بل انني ترحمت على والدتى ودعوتها: (فينك يا ماما عشان تشوفى العز اللي صار فيهو ابنك)! ومما كتب الايقونة في وارد تفكيك نصوصي: (لتحقق إفادة أن مستقبل السودان لا تحدده ثلاث نساوين مرسوماً، يجب أن تتوفر معارف نصية وفوق نصية ولن تكفي القرائن النحوية والمعانيه لتغدو الإفادة عين الفعل). ولا أريد أن أمضي قُدماً في إيراد نماذج الأيقونة الحسن بكرى التفكيكية العلمية، فيظن بي الظنون أصدقائي من الكتاب الصحافيين ويتصور بعضٌ منهم أنني، وقد أخذت بأقطارى الخيلاء والعُجب، إنما أبتغي أن أغيظهم وأتمنظر عليهم بما أفاء الله عليّ به من فتحٍ تفكيكى على يد ايقونات بنى ثقيف، هو فتح إن دلَّ على شئ فإنما يدل على انني قد بلغت في صنعة الكتابة بحول الله شأواً بعيداً. غير أنني لابد أن أوافيك بدليل براءتي من ظنون الرقيب التي حملتها الفقرة التالية مما توصل إليه العالم النحرير بعد أن (فكك) مقالتي تفكيكاً مستعيناً بأحدث التقنيات العلمية، ومستشهداً بالثقات من العلماء ممن سارت بذكرهم ركبان اليانكي وشدا بنشيدهم حداة الفرنسيس. كتب الايقونة الحسن بكري لا شلت يمينه: (في دفاع الكاتب عن الذين هاجموا البرلماني وفي هجومه على الذين ناصروا الرئيس تستبين تحيزات الكاتب ويقترح، وإن بطريقة مواربة، تقديم خبراته الصحفية والدبلوماسية للرئيس وبدرجة أقل لمستشاره، البرلماني الكبير)! الله أكبر ولله الحمد. أخيرا ظهر الحق. ظهر مفككا، ولكنه ظهر. والحق أبلج (قل هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين). وهذا هو برهاننا يتوهج فى أيدينا فماذا بوسع الرقيب أن يقول إذن يا عادل
الباز بعد هذا القبس المثقف الساطع. هذا كلام العلم يا صاح، تمشي به الايقونات الالكترونية فوق أديم الأسافير في تواضع العلماء وجلال الأنبياء. وأصدقك القول - وهل عهدت مني غير الصدق - بأنني أسعد الناس طراً في يومي هذا بعد أن (استبانت تحيزاتي)، وأثبت العلم الحديث، من خلال منهج تفكيك النصوص الذي وضع لبنته الفيلسوف العمدة جاك دريدا، ونظرية النحو التحويلي التي وضع القواعد من بيتها العالم الهزبر نعوم تشومسكي، أنني في خويصة ذاتى أحب الانقاذ حباً جماً ولا أريد بها إلا الخير، وأن كتاباتى التي أساء الظن بها رقباء جهاز الأمن والمخابرات المرابطين فى دار الصحيفة فحجبوا بعضها عن قراء الداخل، إنما كان الهدف منها فى جلية الأمر تبصير القيادات النافذة في الدولة إلى ما يصلحهم ويقوّم أمرهم، وبسط قدراتي "الصحفية والدبلوماسية" فى خدمة رأس الدولة وأركان النظام (كنت وأيم الحق أعرف أن لديّ قدرات صحفية، ولكن العلم التفكيكى الحديث فاجأني من حيث لم أحتسب بإثباته أن لي بجانبها أيضاً قدرات "دبلوماسية"، ولم يكن لي بذلك دراية، والفضل من بعد لله للايقونة الحسن بكرى). وأنا أتقبل بصدر رحب نتائج هذا المبحث المدجج بسلطة المنهج التفكيكي الصارم الذي اجترحه هذا العالم المثقف الثِبْت، وأعلن التزامي بنتائجه، كوني من أشد المؤمنين بالعلم الحديث والمتعلقين بأستار كعبته. ثم أنني أجد نفسي، بعد ذلك، في مواجهة إخواني من معاشر الكتاب الصحافيين، في الداخل والخارج، بشيراً لهم ونذيراً بما سبق أن أعلنه الحسن بكرى من أن مبادرته بتفكيك نصوصي، ليست عملاً معزولاً. اقرأ، يا هداك الله، العنوان الذي وضعه الحسن لتجريدته: (مقاربات نصية: نساوين ورجاجيل.. وكتابات أخرى)، وقد لحق ذلك العنوان توضيحٌ صريحٌ فصيحْ بأن الايقونة يزمع إخضاع مقالات كتاب آخرين أيضاً للتفكيك في مُقبلات الأيام. هناك إذن رؤوس ونصوص أخرى قد أينعت وحان قطافها. بلوا رؤوسكم يا كتاب بلادى، دريدا من خلفكم، وتشومسكي من أمامكم، ولا عاصم لكم اليوم من (مفك) الحسن بكرى!
بينى وبين القارئ
يصدر هذا المقال فى نسخة الصحيفة الورقية وقد حُذفت بعض أجزائه وأعيدت صياغة أجزاء اخرى منه، بناء على توجيه مسئول الرقابة الأمنية، وقد اتصلت بى ادارة الصحيفة هاتفيا لتخيرنى بين حجب المقال كليا أو نشره على الوجه الذى أصبح عليه. وقد اخترت النشر مع العلات والتشوهات رهانا على فطنة وحصافة قراء الداخل ممن يطالعون النسخة الورقية.
نقلا عن صحيفة ( الاحداث )
مقالات سابقة:


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.