(السودانيون الذين قرروا مصيرهم - بدون نيفاشا - واستوطنوا باطفالهم في اصقاع الدنيا هربا من دولة الانقاذ يفوقون عددا سكان ولايتي نهر النيل والشمالية مجتمعتين ) ( ابناء الجنوب اختاروا الانفصال من دولة الجبهة الاسلامية لا من دولة السودان ) فقرات من صحيفة سوابق الحركة الاسلامية بالسودان.
ينظر كثير من الناس الى الاستاذ علي عثمان محمد طه كرجل دولة وقور وعقلاني وحكيم ، على الاقل مقارنة برجال دولة الانقاذ الآخرين ، ولم يرتبط اسم الرجل – على حد علمي – بضلوعه او افراد اسرته باي قضايا فساد مالي او اداري ، و لا احد يدري شيئا عن اخوانه واخواله ، ولم ترد سيرة احد من اهله بالحق او بالباطل . كما يعتقد كثير من الناس ان الاستاذ علي عثمان قد اسهم في خروج الحكومة من كثير من مآزقها الاقليمية والدولية التي نجمت عن ( هوشات ) الرئيس الذي لا يؤتمن على لسانه بمجرد ان تصدح الموسيقى ويرفع عصاه الى اعلى عند لقاء جماهير المؤتمر الوطني في اية مناسبة من المناسبات ..... هذه المقدمة كان لا بد منها من قبيل الانصاف . علي عثمان هو الاب الشرعي لاتفاقية نيفاشا ، فهو الذي تولى بنفسه مفاوضة الحركة الشعبية بصبر قال عنه الرئيس البشير في اول تصريح له بعد توقيع الاتفاقية بانه ما كان – اي الرئيس – ليقدر عليه لو انه في مكان طه ، ولم يتفضل علي عثمان بتنوير رعايا دولة السودان بكلمة واحدة عما كان يجري داخل غرف المفاوضات بشأن مستقبلهم ومستقبل وطنهم ، ولم يشرك حزبا من الاحزاب معه ولم يأخذ رأيا صائبا او خائبا لكائن من كان داخل هذا الوطن ، وكأن ارض السودان يمتلكها علي عثمان على الشيوع مع اركان حزبه يتصرفون فيه بجبر الخاطر . الواقع ان علي عثمان و اعضاء وفده التفاوضي ممن اطلق عليهم ( ابطال نيفاشا ) لم يروا في الاتفاقية الا جانبها المضيئ ، وهو تحقيق السلام وايقاف الحرب ، وبدى الامر – هذه الايام - كما لو انهم قد (تفاجأوا ) ببنود الاتفاقية الاخرى ، وكأنهم لم يطلعوا عليها من قبل ، فبالاضافة الى حالة الذهول التي اصابت مسئولي الانقاذ – فجأة ايضا - من واقع ضياع ( ثروة ) الجنوب ( لا الجنوب في ذاته ) ، فقد اشتملت الاتفاقية على احزمة ناسفة اخرى لم يتنبه لها علي عثمان ولا ابطال نيفاشا الآخرين الا مع اقتراب يناير المشئوم ، وهي : أولا: كان من الضروري ان تشتمل اتفاقية ابطال نيفاشا على تعريف واضح لعبارة ( اهالي ابيي ) التي وردت بها ، والتي تحدد وتعرف الاشخاص الذين يحق لهم التصويت بتحديد تبعية المنطقة للجنوب او للشمال ، وقد دفع اغفال التفسير بكل من الحركة الشعبية والمؤتمر الوطني للتمسك ب ( مفهومه ) الخاص للعبارة ، فالحركة اعتبرت ان عبارة ( اهالي ابيي ) مقصود بها سكانها المقيمين بها من ابناء الدينكا ، دون ابناء المسيرية الذين يفدون الى المنطقة في رحلات موسمية ، بينما يتمسك حزب المؤتمر الوطني بأحقية المسيرية في التصويت باعتبارهم من ( اهالي ) المنطقة ولو لم يقيموا فيها بصفة دائمة ، ولن اضيف شيئا اذا قلت بان هذه معضلة لن تنفك لا بسهولة ولا بصعوبة وهي – اي المعضلة – من فعل علي عثمان (المحامي ) وحده . ثانيا : اغفلت اتفاقية ابطال نيفاشا وضع تعريف وتفسير واضحين لطبيعة ومفهوم ( المشورة الشعبية ) الخاص بمنطقتي جنوب كردفان وجنوب النيل الازرق ، وقد تم تفسير المشورة الشعبية من قبل اهالي المنطقتين بانه ( حق تقرير المصير ) فيما تعذر – حتى كتابة هذه السطور – تقديم معنى او توضيح للمقصود من مفهوم المشورة الشعبية بواسطة الحكومة او حتى من جانب الحركة الشعبية ، وغني عن القول ان قانون المشورة الشعبية قد اهدى على طبق من ذهب اهالي المنطقتين ذريعة التمسك بحق تقرير المصير الذي سيفضي – في النهاية – اما الى انفصالهما او الدخول في حالة حرب جديدة هذه المرة اطرافها مسلمين لا يصح المجاهدة فيهم . الواقع ان ابناء الجنوب لم يكن ليختاروا الانفصال من حضن الوطن لو انهم تفاوضوا واتفقوا مع حكومة وطنية تمثل اهل السودان ، فالذي حدث ان الحركة الشعبية اختارت الانفصال من دولة الجبهة الاسلامية لا من دولة السودان ، ولو ان اقاليم السودان الاخرى منحت الخيار لتقرير مصيرها لاختارت جميعها الانعتاق من حكم عصابة حكومة المؤتمر الوطني ، فاذا كان الوطن سوف يفقد 5 مليون من ابنائه في يناير القادم بتحديدهم لمصيرهم بالانفصال ، فان عددا اكبر من هذا بكثير من السودانيين قد سبق ان قرروا مصيرهم بايديهم واختاروا العيش في اقاصي الدنيا واركانها هربا من جحيم هذا النظام وتركوا خلفهم الاهل والامل بلا رجعة ، فالسودانيون الذين قرروا مصيرهم خلال العقدين المنصرمين واستوطنوا في مصر وحدها يفوقون عددا سكان ولايتي نهر النيل والشمالية مجتمعتين . بعد ان تمسك الاستاذ علي عثمان بثوب الحكمة طوال الاسابيع الماضية ، واعلن – في حياء – ادانته لتصريحات الفالتين من ابناء حزبه ، خرج من ثوبه بتصريح نشر بالمواقع الصحفية المختلفة يقول ( ان انفصال الجنوب لن يؤثر على الوضع الاقتصادي للشمال ) ، ومثل هذا القول يشبه ما يكتبه صبيان وصبايا المؤتمر الوطني بموقع سودانيز اون لاين ، فاحدى الصبايا دائما ما تقول ( عليهم يسهل وعلينا يمهل ) في اشارة منها لاستغناء الشمال عن الجنوب ، ولم يقل لنا علي عثمان ولا صبايا الاسفير ، كيف ينفصل الجنوب دون ان يلقي بظلاله الاقتصادية على الشمال . الشاهد ان سودان ما قبل البترول كان عامرا بالصناعات التحويلية المرتبطة بالزراعة ، فكان ينتج كامل احتياجاته من زيوت الطعام والصابون ( وكلاهما من مستخرجات بذرة القطن ) ، وصناعة النسيج والملبوسات وصناعة الورق وصناعة الحلويات والمعكرونة والاجبان والبلاستيك وبطاريات واطارات السيارات وتعليب الفواكه والكناف ( الجوالات ) والجلود والاحذية .... الخ وقد تم تدمير كافة الصناعات بانهيار المشاريع الزراعية المنتجة للمواد الخام وبيعت المصانع الحكومية كحديد خردة ، وهذه جميعها منتجات ضرورية ومن لوازم الحياة ، فاذا لم يكن الشمال ينتجها وليست لديه مصادر نقدية لاستيرادها من الخارج بخروج البترول كمصدر نقدي ، فكيف لا يتأثر الشمال بانفصال الجنوب ؟ ..... نواصل سيف الدولة حمدناالله عبدالقادر ( مواطن سوداني قامت الانقاذ بتقرير مصيره نيابة عنه بالعيش خارج وطنه بعمر النظام ) [email protected]