بسم الله الرحمن الرحيم كان من المفترض أن يرى هذا المقال النور فى أيام الذكرى السنوية لوفاة السيد على الميرغنى وأبنه السيد أحمد الميرغنى، ولكن شاءت الأقدار أن يضل المقال طريقه الى الصحف السيارة. وما كان لى أن أتعرض لسيرة الأخوين لولا تأثيرهما سلباً وأيجاباً على حياتنا العامة السياسية منها والدينية. أن كل متابع للحياة السياسية السودانية ومدافعاتها وللطريقة الختمية ودورها يوقن يقيناً تاماً لا يساور فيه الشك أن رحيل مولانا السيد أحمد الميرغنى فى هذا المنعطف الخطير الذى تمر به أمتنا السودانية قد جعل بوصلة الحياة السياسية عامة والحزب الأتحادى الديمقراطى خاصة والطريقة الختمية بالأخص أن تفقد هذه البوصلة أتجاهاتها وصارت تؤشر عكس مجالها المغناطيسى. وفقدان البوصلة لمؤشرها الصحيح أكثر وضوحاً فى مسار السيد محمد عثمان الميرغنى - رئيس الحزب الأتحادى الديمقراطى ومرشد الطريقة الختمية ورئيس التجمع الوطنى الديمقراطى – منذ رجوعه مع جثمان أخيه لأن صاحب الجثمان قد كان البوصلة الحقيقية لمسارات أخيه. ولذلك فقد تنكب السيد محمد عثمان الميرغنى الطريق وتخبط وأنحرف عن جادة الطريق لفقدان الهداى. وظهر جلياً أن توازن السيد محمد عثمان الميرغنى فى السابق كان نتيجة للدور المتعاظم لأخيه المرحوم السيد أحمد الميرغنى فى حياته لما عرف فيه من حكمة وسعة أفق وتمرس وعلم وخبرة نتيجة أحتكاكه السياسى بالقامات السامقة من الرعيل الأول للحركة الوطنية والسياسية الذين كافحوا من أجل أن ينال السودان أستقلاله من الأستعمار البريطانى. وحقيقة الأمر أن حكيم الأمة السودانية مولانا السيد على الميرغنى قد حدد مسار أبنيه منذ البداية ليكون السيد محمد عثمان للسجادة والطريقة الدينية والسيد أحمد للعمل الوطنى والسياسى ولكن السيد محمد عثمان الميرغنى أبى الا أن يتغول على دور أخيه ممسكاً بالدورين معاً ضد أرادة المغفور له والده السيد على الميرغنى. لقد أنشأ وربى وهيأ مولانا السيد على الميرغنى أبنيه لتقاسم واحد للأدوار من بعده وقد كان ينادى السيد أحمد بالملك بكل ما تحمله الكلمة من معنيى دماثة الخلق والأخلاق والملك على رأس قومه وقد تحققت نبوته بتولى السيد أحمد الميرغنى رئاسة مجلس رأس الدولة فى الديمقراطية الثالثة منتخباً بأرادة ممثلى الشعب فى البرلمان السودانى. ولذلك أكتفى مولانا السيد على الميرغنى بتعليم السيد محمد عثمان حتى المرحلة المتوسطة بمدرسة الأشراف التى أفتتحها لأبنيه وأبناء كبار خلفاء الختمية وأغلقها بتخرجهم منها وكانت تعرف بمدرسة الأشراف. وكان السيد على الميرغنى موقناً يقيناً كاملاً أن خلافة الطريقة والأرشاد الدينى لا يحتاج لأكثر من هذا فى التعليم ولذلك لم يدفع بأبنه الكبير خليفته فى الطريقة لينال تعليماص أكثر من المرحلة المتوسطة وجعله بجانبه ليتعلم منه فنون أدارة الطريقة الختمية والأرشاد الدينى. أما السيد أحمد الميرغنى فقد دفع به والده السيد على الميرغنى ليستمر فى التعليم الى مراحل عليا وذلك للحصول على الثانوية من كلية فيكتوريا بمصر والبكالوريورس والماجستير من جامعة لندن فى الأقتصاد وأدارة الأعمال والعلوم السياسية والتجارية. ولقد كان السيد أحمد الميرغنى متفوقاً فى هذين المجالين وذا عقلية جبارة. ولكن السيد محمد عثمان بعد رحيل والده أبت نفسه الا أن يستحوذ على الدورين السياسى والدينى وصار فى النهاية هو الرئيس فى الحزب السياسى والمرشد فى الطريقة الدينية، الطريقة الختمية وجاعلاً من السيد أحمد الميرغنى بالديفاكتو نائبا له فى الحزب وفى الطريقة الختمية. وبأدب الأشراف ما كان من السيد أحمد الميرغنى الا الأستجابة لهذا الوضع الشاذ وأن كانت فى نفسه شئ من حتى وحفاظاً على ألا يظهر خلافاً فى البيت الميرغنى تلوكه الألسن وفى ذهنه الخلاف الكبير الذى حدث بين والده وأبن عمه السيد محمد عثمان السيد أحمد السيد محمد عثمان الأقرب والمعروف بمحمد عثمان شمبات وأخيه السيد الحسن بكسلا. ولذلك تحمل السيد أحمد الميرغنى كل هذا الحيف من شقيقه الأكبر حفاظاً على تماسك البيت الميرغنى وأدباً وتأدباً لأخيه الأكبر، خاصة وهو لم يعرف عنه تشبث بالأشياء بل ما عرف عنه العزوف عن كل ما يمكن أن يولد شقاقاً. لقد كان السيد أحمد الميرغنى عليه رحمة الله دمث الخلق والأخلاق ، طويل البال، حلو المعشر، محبوباً لكل من ألتقى به أو ألتصق به أو تعامل معه. لقد كان لين العريكة، صبوراً، رقيق المشاعر والأحاسيس يألف وي}لف ويحاول دائماً أن يتألف الناس وأكثر ميلاً لتأليف البسطاء والمساكين. ولقد كان جم التواضع يتعامل مع الكل بعفوية نادرة المثال وصاحب مزحة ونكتة يمتص بها دائماً غضب من يراه غاضباً فى ثوان. أن كل من قابلت وعلمت معرفته بالسيد أحمد الميرغنى وسألتهم عنه الا ووجدتهم جميعاً مجمعين على كل ما ذكرت من شمائله. وللسيد أحمد الميرغنى ذكاء حاد ومقدرة فا~قة على حفظ الأسماء وما يلتقيك الا ويسألك عن جميع أهلك وأهل بيتك وأبنائك بالأسم وسائلاً عن مصائر الأبناء والبنات سواء فى التعليم أو العمل أو الزواج. أذا تتبعنا كل هذه الشمائل التى ذكرتها آنفاً عن السيد أحمد الميرغنى وبحثنا عنها فى شخص السيد محمد عثمان الميرغنى فنادراً ما نجد شيئاً من هذه الشمائل فى شخصه. والأنسان ليستغرب لأختلاف الشمائل للذين من صلب رجل واحد ورحم أمراة واحدة وعاشوا وتربوا فى نفس ظروف التربية فى بيت واحد. اللهم الا أن تكون لنا عبرة فى أبنى آدم هابيل وقابيل. ولكن أيضاً لنا أمثال سودانية لمثل هذه الحالات تقول أن " البطن بطرانة " فهى تخرج العسجد بمثلما تخرج الحصرم. فالسيد محمد عثمان الميرغنى كل من حوله يخافونه ولا يحبونه ويحترمونه خوفاً لا حباً وقد سمعناهم عند خلواتهم يقولون فيه ما لم يقله مالك فى الخمر، وبالعكس من ذلك فأن كل من حول السيد أحمد الميرغنى يحترمونه ويجلونه حباً لا خوفاً لأنه يبادلهم الحب بالحب والمشاعر الطيبة بالمشاعر الطيبة. السيد محمد عثمان الميرغنى قاسى وغليظ القلب لا يحترم صغيراص ولا يوقر كبيراً وكأنه لم يسمع خطاب العلى القدير لرسوله وصفوة خلقه محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم " ولو كنت فظاً غليظ القلب لأنفضوا من حولك ....". السيد أحمد الميرغنى لا ينتهر أحداً ويرد على ما لا يعجبه بكل الهدوء واللباقة دونما جرح أو تجريح. السيد أحمد الميرغنى أكثر تأنياً فى أتخاذه للقرارات وقد أحاط نفسه بقمم المجتمع من المثقفين ومن أساتذة الجامعات والمتخصصين فى مختلف ضروب الحياة يستشيرهم ويستأنس بآراآئهم وكان يعتبرهم أضافة اليه وليس خصماً عليه، فى حين أن السيد محمد عثمان الميرغنى لا يحب المثقفين ولا يقرب اليه أصحاب الأراء الشجاعة ويعتبرهم خصماً عليه وليس أضافة اليه ، ولذلك فقد جمع حوله معظم الجهلاء وشذاذ الآفاق الذين لا يقولون له الا ما تهوى نفسه ولا يناصحونه لأنهم يخافونه وليس لهم الشجاعة لقول الرأى الحر وصاروا له كملأ فرعون الذين أخرجوه عارياً كما ولدته أمه، يضخمون له الأشياء ويضخمون له ذاته حتى ضل الطريق فى الحياة العامة أما الآخرة فعلمها عند ربه الذى لا يضل ولا ينسى. وبذلك فقد البوصلة وصار يتعامل مع القضايا الوطنية خبط عشواء كأنما قد خرجت الحكمة من عقله. وصار بعد ذلك مطية لأصحاب المصالح من التجار وأنصاف المتعلمين والمتسلقين من متعلمى وتجار الشايقية الذين فى النهاية سيوردونه مورد الهلاك. أن السيد أحمد الميرغنى قد كان كريماً ينفق ماله يميناص وشمالاً ويتألف به الناس بحل مشاكلهم ويقينه أن المال ما هو الا وسيلة وليس غاية عنده فى حد ذاته، ولذلك كان يوضعه فى موضعه الصحيح ولا يبخل به عند الضرورة وكان ينأى بنفسه من أى صراع من أجل المال. السيد محمد عثمان فى أمر المال جد شحيح وأن كان له من المال ما تنوء بحمله العصبة أولى القوة ولكنه دائماً يبحث عن المزيد مما جعل كثير من مواقفه السياسية تأخذ الصورة المهزوزة وحديث الشارع السودانى عن البيع والشراء لأن رجالات المؤتمر الوطنى يتحدثون فى المجالس وفى الأعلام وتكثر شائعاتهم لأن السيد محمد عثمان عندما يجتمع بهم يقولوا أن كل حديثه عن الأموال المصادرة وليس عن القضايا الوطنية ولا يستصحب فى مثل هذه الأجتماعات غير أبناءه وليس معه أى قيادة حزبية أخرى مما يعنى خصوصية الحديث وهذا يؤيد ما ذهب اليه الناس من أستنتاجات. وقد رشح هذا الحديث من قبل من على كرتى الذى قال أن قيادات المعارضة تستلم منا الأموال باليل وتنكر بالنهار وتعارض بالنهار ولم يستطع أحد أن يرد عليه. أختم وأقول أنه آن الأوان للسيد محمد عثمان الميرغنى أن يغير مساره وأن يلتزم سجادته لأن الفشل قد لازمه فى مساره السابق والأعتراف بالأخفاق والخطأ فضيلة ولأن مساره الحالى أذا أستمر على هذا المنوال يؤثر على واقع ومستقبل السودان من حيث يدرى ولا يدرى وأنه قد أضاع أحلام وأمانى شعب كان ينظر اليه كمخلص لهم من براثن الأنقاذ وتحول بقدرة قادر من الأقتلاع من الجذور وسلم تسلم الى زيارة صلاح قوش رمز الطغيان والديكتاتورية وكبت الحريات والتعذيب وهضم حقوق الأنسان وأذلال وأهانة كرامة الشعب السودانى وبعد كل هذا يريد أن يقول أنه قائد من قيادات الشعب السودانى. الشعب السودانى براء برآة الذئب من دم أبن يعقوب من مثل هذه القيادات التى حنطت الشعب السودانى بأكاذيبها. آن الأوان للسيد محمد عثمان الميرلاغنى أن يترجل عن أمتطاء الحياة السياسية السودانية وعلى رأسها الحزب الأتحادى الديمقراطى حزب الحركة الوطنية وحزب الوسط وأمل الأمة السودانية الذى يحتاج لزعامات فى قامة الشهداء الزعيم الرئيس أسماعيل الأزهرى والشريف حسين الهندى. Aushake Hamad [[email protected]]