السكر تلك السلعة التي ظلت تتصدر قائمة المواد الأكثر استهلاكا في بيوتنا وهي بمثابة أكثر السلع ايضا استنزافا لميزانيات الأسر والدولة على حد سواء، رغم أن الانتاج المحلي قد زاد بكميات كبيرة وملحوظة وتوسعت البلاد في صناعتها وفي الطريق أكبر مصنع لانتاج السكر الا أن البلاد لاتزال تعاني من ازمات عديدة في مجال توفير تلك السلعة الاستراتيجية. وقد أضحت تلك السلعة تؤرق المسئولين في الدولة منذ أمد بعيد، وصارت هي محل جشع بعض ذوي النفوس المريضة من التجار الجشعين الذين لايفكرون الا في الثراء السريع واللعب بقوت الشعب المسكين، ولعل ذلك ينبع من أن تلك السلعة استراتيجية تدخل في العديد من الصناعات والمنتجات، فمنذ زمان بعيد وهي تعد من السلع التموينية الهامة التي ظلت تتربع على القائمة التموينية وتحتل مركزا هاما في بطاقة التموين الخاصة بالمواطنين فقيرهم وغنيهم. والغريب في الأمر أن الحلول لآزمات السكر العديدة التي مرينا بها لم تتطرق لأحد الأسباب الهامة التي تعد في نظري من الأسباب الهامة لارتفاع استهلاكنا من هذه السلعة الاستراتيجية، وهو الاستهلاك العشوائي غير المرشد للسكر، ويخيل الى أننا الشعب الوحيد في العالم الذي يستهلك تلك السلعة دون وعي بأمور كثيرة وبشكل عشوائي، والدليل على ذلك أنظر الى بائعات الشاي اللائي يستخدمن (كمشة) وليس معلقة في (غرف) السكر من وعائه الى الكباية، حتى أنه قيل اننا نشرب سكر بشاي (لا شاي بسكر). لدرجة ان الشاي يصبح (عسل) كما نقول في أحاديثنا العامية. اذن الأمر يرجع الى سوء الاستهلاك أولا وأخيرا دون وعي من الجميع، فالمشكلة تحتاج الى زيادة الوعي ورفع مستوياته بين أفراد المجتمع وأرباب الاسر وربات البيوت،. ونحتاج الى حملة قومية اعلامية مكثفة تتصدرها ربات البيوت بالتنسيق مع نقابة الأطباء تكون من شقين، شق توعوي طبي يشرح فيه الأطباء مضار السكر الأبيض على صحة الانسان وذلك على نطاق السودان تشارك فيها كل وسائل الاعلام من راديو وتلفزيون وصحف وغيرها، هذا بجانب دور المرأة وربات البيوت في اقامة الندوات والمحاضرات والمنتديات عبر كل المنابر المتاحة في الأحياء والحارات ومناطق التجمعات السكنية لشرح عملية الترشيد في الاستهلاك، وعلى سبيل المثال ليكن شعار تلك الحملة (وفر معلقة كل يوم)، واذا طبقنا هذا الأمر ففي كل أسرة صغيرة مكونة من اربعة اشخاص سنوفر اربع معالق سكر في كل مرة تشرب فيها الاسرة الشاي، فضلا عن الضيوف. اذن الامر في الأساس يقع على عاتق ربات البيون والأمهات ولكن لابد من مساندتهن من قبل أجهزة الاعلام التي أصبح لاهم لها سوى التركيز على الأغاني والطرب، حيث تحتل تلك المواد الغنائية نصيب الأسد من خارطة برامجها ودوراتها الاذاعية والتلفزيونية، نريد من تلك الوسائل ان توظف لخدمة المجتمع وقضايا الناس وأن تكون مواكبة وايجابية لما يدور في الساحة. وبترشيد استهلاك السكر على نطاق القطر سنجد أننا وفرنا كميات كبيرة من تلك السلعة الاستراتيجية وحافظنا على صحة الجميع وساعدنا على الوصول الي الاكتفاء الذاتي ووفرنا العديد من الدولارات المهدرة التي يمكن أن تستغل في استيراد بعض الأدوية أو السلع الضرورية التي من شأنها أن تدعم اقتصادنا القومي وتعزز موقف بعض الصناعات التي تفتقر الى قطع الغيار الحساسة التي يمكن ان تتوفر عبر الاستغناء من معلقة سكر فقط. alrasheed ali [[email protected]]