بسم الله الرحمن الرحيم يتحدث الشارع اليوم في كل العالم عن الغلاء في الاسعار وما يصاحبه من تداعيات تؤثر في حياة الافراد والشعوب،(والسودان ليس بمعزل عن هذا الامر بلا شك) وتضع كل دولة استراتيجيتها وخططها لمواجهة هذا الامر ويقدم الجميع رؤيتهم. ولكن يبقى الحل الناجع في الرؤية التي تحل هذه المعضلة ولعمري لا حل الا بالمنهج الاسلامي المتكامل . وتكامل هذا المنهج يبرز من خلال النسيج الموزع فكما للدولة دور فكذلك للفرد دور:وهذا مناط امرنا من هذه الرؤية التي هي طلُ من وابل خير الاسلام العميم. اولاً: هنا قضية مهمة:وهي قضية العقيدة،اذ يجب الا تغيب على المسلم ان الامور كلها بيد الله وان الله هو الرزاق ذو القوة المتين،وكذلك لا نغفل حقيقة الخيرية كما في الحديث الذي اخرجه الامام مسلم الذي يرويه صهيب الرومي عن النبي صلى الله عليه وسلم: (عجبا لأمر المؤمن . إن أمره كله خير. وليس ذاك لأحد إلا للمؤمن . إن أصابته سراء شكر. فكان خيرا له. وإن أصابته ضراء صبر . فكان خيرا له):فترى الامر بين الشكر والصبر مهما كانت الحادثات. ثم نضيف كذلك لامر العقيدة : ان المسعر هو الله،فقد ورد عن أنس قال غلا السعر على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا يا رسول الله سعر لنا فقال: إن الله هو المسعر القابض الباسط الرزاق وإني لأرجو أن ألقى ربي وليس أحد منكم يطلبني بمظلمة في دم ولا مال) رواه الترمذي. فيتبين لنا من هذا الحديث انه حتى في افضل العهود : عهد النبي صلى الله عليه وسلم فقد حدث هذا الامر. وكذلك نلمح جلياً مدار العقيدة في الاشارة للاسماء الحسنى:القابض الباسط الرزاق وعلاقتها باي واقع اقتصادي في اي زمان ومكان. ثانياً: ندلف الى كيفية التعامل مع هذا الواقع الآن (غلاء الاسعار) ونحن نتحدث على مستوى الفرد ولكن وفق رؤية واضحة وضع في ذهنك وقلبك حديث المصطفى صلى الله عليه وسلم : إن الإسلام بدأ غريبا ، وسيعود غريبا كما بدأ ، فطوبى للغرباء) وذلك حتى لا تستوحش ان رايت ان اسلوب المعالجة غريب وربما يستهزأ به في هذا الزمان وكن صاحب ثقة بالله ورسوله. فنقدم جملة من الحلول والمعالجات(وليست كل الحلول) إذ ان بستان الاسلام واسع ويانع 1:الانفاق والتصدق: قال تعالى( مثل الذين ينفقون اموالهم في سبيل الله كمثل حبة انبتت سبع سنابل في كل سنبلة مائة حبة والله يضاعف لمن يشاء والله واسع عليم ) : البقرة الاية261 والانفاق يكون كل حسب سعته،والمضاعفة هنا ليست شأنها الاخرة فحسب بل للعبد نصيب منها في حياته الدنيا فحاشا لله تعالى ان نعامله نقداً فيعاملنا نسيئة.وكذلك روى ابي كبشة الانماري رضي الله عنه من حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:(ثلاث أقسم عليهن وأحدثكم حديثا فاحفظوه قال : ما نقص مال عبد من صدقة ولا ظلم عبد مظلمة صبر عليها إلا زاده الله عزا فاعفوا يعزكم الله ولا فتح عبد باب مسألة إلا فتح الله عليه باب فقر) رواه البخاري،فكيف من بعد قسم الحبيب مصطفى صلى الله عليه وسلم؟! 2.صلة الرحم: فانها تبسط الرزق للعبد فقد اخرج البخاري عن انس رضي الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (من سره أن يبسط له في رزقه ، أو ينسأ له في أثره ، فليصل رحمه) 3.الاستغفار: وفوائدة للمجتمع وللفرد فتأمل بالله عليك هذه الايات: (فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا (10) يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا (11) وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَارًا (12) سورة نوح، فالمدد مستمر طالما الاستغفار مستمر ، و اخرج النسائي فيما روى ابن عباس رضى الله عنهما من حديث النبي صلى الله عليه وسلم: (من لزم الاستغفار جعل الله له من كل ضيق مخرجا ومن كل هم فرجا ورزقه من حيث لا يحتسب). 4.الاذكار:والتي لو التزمنا بها لكانت حياتنا كلها نور وخير،ونأخذ هنا بعضاَ منها وليست كلها ويتبين لنا من خلالها البصمة الاقتصادية الكبرى التي تعود بالنفع لحياة كل منا: فمثلاً دعاء دخول المنزل: روى جابر من فيما اخرجه مسلم من حديث النبي صلى الله عليه وسلم: إذا دخل الرجل بيته، فذكر الله عند دخوله وعند طعامه، قال الشيطان: لا مبيت لكم ولا عشاء. وإذا دخل فلم يذكر الله عند دخوله ، قال الشيطان: أدركتم المبيت. وإذا لم يذكر الله عند طعامه، قال : أدركتم المبيت والعشاء)فليس الشأن هنا في كمية الطعام والشراب ولكن في فقه التعامل مع الطعام والشراب وحلول البركة وعدمها. ويتبع ذلك السلام على الاهل فقد أوصى النبي صلى الله عليه وسلم انس بن مالك فيما اخرجه ابن حبان: يا بني إذا دخلت رحلك فسلم علي أهل بيتك يكون بركة عليك وعلى أهل بيتك ) ومعنى البركة: قال الراغب: البركة هي ثبوت الخير الألهي في الشيء، قال تعالى: ﴿ وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ ﴾ سورة الأعراف 96 وسمي بذلك لثبوت الخير فيه ثبوت الماء في البِرْكة والمبارك ما فيه ذلك الخير. قال ابن القيم - رحمه الله -: " البركة حقيقتها الثبوت واللزوم والاستقرار، والبركة في احد معانيها هي النماء والزيادة:فيمكننا ان نقولهنا في هذا المقام ليس الشأن في قطعة الخبز التي تأكلها ولكن الشأن في البركة التي في حبة الخبز،فانظر بالله الفرق بين الامرين. وكذلك في شأن التسمية والذكر بعد الفراغ من الاكل ففي صحيح ابن ماجه عن ابن عباس رضي الله عنهما ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:من أطعمه الله طعاما فليقل اللهم بارك لنا فيه وارزقنا خيرا منه ومن سقاه الله لبنا فليقل اللهم بارك لنا فيه وزدنا منه فإني لا أعلم ما يجزئ من الطعام والشراب إلا اللبن.فتطلب بعد حمد الله مزيد الرزق من خير الله فأي طلب واي عظمة اعلى من هذه. وبعد: كما سطرت في البداية فهذا طل من وابل خير اهداه لنا هذا الاسلام العظيم فالمجال واسع وكبير فلا تغيب عن اذهاننا أمر التعامل الاسلامي في الاقتصاد وترك الربا والغرر وغيره من المنهي عنه،ولكن آثرت ان اقدم رؤية في مقدور كل واحد منا تطبيقها. والله نسأله الاعانة عوداً وختماً محمد يوسف العركي ادارة النظم والمعلومات/شركة شيكان للتامين 16/1/2011 mohammed alaraki [[email protected]]