بتاريخ 11/2/2011 ، ورغم التنازلات المتتالية التي قدمها الرئيس المصري السابق مبارك ونائبه عمر سليمان تحت ضغط الثورة الشعبية المصرية ورغم بيانات الجيش المفعمة بالتهديدات المبطنة والداعية إلى العودة إلى البيوت والواعدة بتحقيق الاصلاحات الشكلية المقترحة من رأس النظام والحماية من الاعتقالات الأمنية للمتظاهرين ، خرج الشعب المصري كله إلى الشوارع فور سماع خطاب مبارك الأخير الرافض للتنحي ثم تحركت الأمواج البشرية الهادرة من ميدان التحرير وحاصرت مبنى التلفزيون المصري ومنعته من ترديد الأكاذيب اليومية المعتادة ثم حاصرت الوزارات والقصور الرئاسية ومنعت الدخول إليها والخروج منها ومن ثم سقط مبارك ونظامه ذلك النظام الذي كان البعض يعتقد أنه أكثر رسوخاً من إهرامات أبو الهول! من الملاحظ أن سقوط مبارك قد أثار ابتهاجاً عارماً في سائر المدن المصرية وفي أرجاء العالم العربي من المحيط إلى الخليج ، فقد خرجت مظاهرات الاحتفال بسقوط النظام المصري في قطر ، البحرين ، الأردن، تونس، لبنان، اليمن والجزائر وحتى أمريكا ، التي كانت تعتبر أكبر حلفاء النظام الساقط، لم تشأ أن تخرج من الزفة المصرية بلا حمص ، ولذلك سارعت بتهنئة الشعب المصري على انجازه الثوري العظيم ولعل سر ذلك الابتهاج الشعبي الكاسح يكمن في السخط العارم على النظام المصري الذي تحول إلى آلة لافقار وقمع شعبه في الداخل وإلى شرطي شرق أوسطي في الخارج يقوم ، مقابل الحصول على المعونات الأمريكية، بمحاصرة قطاع غزة ويحمي حدود إسرائيل أكثر من إسرائيل نفسها ويبيع لها الغاز المصري بأسعار تفضيلية ويجبر المصريين على شرائه بأسعار تنافسية! من المؤكد أن سقوط مبارك ينطوي على درس بليغ لكل الشعوب المقهورة ولسائر الحكومات الاستبدادية في العالم العربي وهو أن التشبث المرضي بالسلطة وإدعاء عدم الفهم الرسمي للدعوات الشعبية العادلة المطالبة بالخبز والحرية والتعامل معها بالعنف الأمني ينتهي دائماً بسقوط الأنظمة المتسلطة تحت أقدام الجموع الثائرة حيث لا ينفع حينها الفهم المتأخر الذي لا يسمن ولا يغني من جوع! ومع أنه ليس من شيمنا الابتهاج بسقوط الساقطين ولا التشفي في هروب الهاربين إلا أننا لا نملك إلا أن نهنيء الشعب المصري العظيم على نجاح ثورته السلمية وعلى وعيه السياسي المتقدم الذي تخطى آثار الفتنة الدينية المفتعلة ووحد بين صلاة المسلمين وقداس المسيحيين في ميدان التحرير كما لا نملك إلا أن نشدد في ذات الوقت على عدم السماح باختطاف ثمار الثورة المصرية فيجب ممارسة الاصرار الشعبي على انتقال مدني للسلطة يمر عبر صناديق انتخابية نزيهة لا تزيف نتائجها هراوات الأمن ولا سواطير البلطجية، أما تلك الدول التي اختارت أن تكون ملاذاً آمناً للروساء العرب الساقطين والهاربين من غضب شعوبهم فلا نملك إلا أن نقول لها : يتربوا في عزكم! فيصل على سليمان الدابي/المحامي