مامن احد مهما بلغ به سوء الظن من مبلغ, يشك ان اهل الانقاذ قاموا بتقويض مؤسسات الحكم الديمقراطي وتولوا امر البلاد ليكون حالها مثل ماهو عليه اليوم.صحيح لابد انهم كانوا يعلمون ان حماية النظام الشمولي يحتاج الي اجراءات استثنائيه وقرارات قاسيه , مثل الفصل والحبس والقتل .........الخ,لكن بالتاكيد تصوراتهم لم تصل حد التنبؤ بان قرارات الحبس والفصل والتشريد باسم الصالح العام,لكي تحقق اغراضها,يجب ان تطال معظم الاسر والبيوت وان الدائره ستدور عليهم ليشمل الفصل والحبس حتى الذين ساهموا في صناعة الانقاذ فكرا وعملا,عسكريين ومدنيين,بل يمتد اكثر ليشمل حتى الحاكم الفعلى والاب الروحي للانقاذ. بالتاكيد لم يدربخلدهم ان قتل النفس التي حرم الله لن يكون مقصورا علي من اعطوا هم انفسهم حق تاصيل قتلهم دينيا,بل سيكون عليهم ايضا قتل زملاء السلاح ومناصريهم ومن ساهموا معهم فى صناعة الانقاذ . لقد اعلنت الانقاذ ومنذ البدايه نيتها في تغيير التركيبه الاجتماعيه والاقتصاديه للبلد,وانها ولاجل تمكين الدين ستتمكن في السلطه ولاجل التمكن في السلطه ستتمكن في المال العام,ورغم ميكافيلية التبرير,الا انه لم يدربخلد اهل الانقاذ ان التمكن في المال,او بالاحرى الفساد,ولكي يؤدي دوره في التمكن من السلطه لابد ان يشملهم جميعا بحيث لايصبح في مقدور احدهم ان يرمي الاخر بحجر وهم الذين كانوا يفاخرون بانهم اتوا من حي كوبر وغيره من الاحياء الفقيره. بالتاكيد لم يدربخلدهم ان الفساد سيبلغ مرحله ان تتمرد اربعه عشره مؤسسه حكوميه ووزاره علي خضوع ميزانيتها للمراجعه بما في ذلك وللاسف وزارة العدل,الوزاره المطلوب منها ,ولو ظاهريا حمايه اموال الشعب. لم يدر بخلدهم ان سياسة الاقصاء والفساد والافساد ستؤدى الى ظهور طبقتين لا ثالث لهما ,اقليه معلومه تصاب بالتخمه فى السلطه والثروه والتطاول فى البنيان ,فى مواجهة غالبية الشعب التى تعانى البطالة والفقر والحرمان ,والحال تكشف عنه صفحات الصحف المتخصصه فى نشر الجريمه ,الابن يقتل ابيه والاب يقتل ابنه ,ثم اعلانات المحاكم الشرعىه عن قضايا الطلاق والنفقه والبنوه ....الخ . لقد كان اهل الانقاذ يدركون ومنذ البدايه انه ولحماية النظام الشمولي لابد من تكبيل الحقوق والحريات وسيادة حكم القانون,وان ذلك يتطلب شل يد السلطه القضائيه باعتبارها اداة حماية الحقوق والحريات وسيادة القانون,ولكن لم يدربخلدهم ان احداث ذلك الشلل لن يتوقف بمجرد فصل القضاة باسم الصالح العام وان الكثير ممن بقى من القضاة سيتمسكون بحيادهم وبمهنيتهم بما سيضطر الانقاذ للجوء لبعض الاجراءات الغريبه والدخيله مثل تعيين بعض الكوادر الحزبيه لتولي القضاء وتحليف البعض قسم الولاء للتنظيم الحاكم ودخول البعض كاعضاء في التنظيم وفي جهاز الامن. ثم يظل القضاء يدار بواسطة عضو المكتب السياسي للحزب الحاكم ,وحده دون غيره,حتى لو ادى ذلك للتزوير في المستندات الرسميه لتواكب سنه السن القانونيه . بالتاكيد لم يدربخلدهم ان الشيطان سيوسوس لهم ليقنعهم بانه وللحفاظ على السلطه لابد ايضا من تغيير بعض الانظمه المجاوره وبالتالي عليهم ان يتامروا ويخططوا لقتل رؤساء الدول,وان الشيطان سيبث فيهم الغرور ليقدموا علي المحاوله دون وضع اي حسابات لاحتمالات الفشل ,ليصبح تداعيات ذلك هو التنازل عن تراب الوطن شمالا وشرقا ارضاءا لدولة المجنى عليه ودولة مسرح الحادث . بالتاكيد لم يدر بخلدهم ان سياسه الظلم والاستبداد والانفراد بالراي والسلطه ستؤدي الى هجرة ملايين السودانيين بابنائهم الى كافة الدول بما في ذلك اسرائيل,ليعانوا من اثار اختلاف البيئه والثقافه والحنين للوطن,وليلعنوا من كان السبب صباح ومساء. بالتاكيد لو يدربخلدهم ان سياسه الفساد والاستبداد واحتكارالحقيقه وحل النقابات والاحزاب ستؤدى الى نشوء القبليه والجهويه والى تمرد معلن ضد السلطه تشهده كافة اقاليم السودان تطالب بحقوقها في المال والسلطه, وان الشيطان سيقنعهم بان الحل ليس في المجادله بالتي هي احسن ,لكن لابد من المزيد من الاستبداد واطلاق يد الجيش ليقتل حتى الاسير والجريح ليكون تداعيات ذلك ان تجد قوى الاستعمار الحديث فرصتها لتحقيق ماربها واطماعها وليصبح راس الدوله طريد العداله الدوليه. بالتاكيد لم يدر بخلدهم ان الدوله الدينيه التي اعلنوا انهم اتوا لاقامتها لا وجود لها,رغم مضي اكثر من عشرين عاما على حكمهم,ليس ذلك فحسب,بل ان جريهم المتواصل لحماية نظامهم الشمولي,وبالاصح حماية انفسهم, ستنتج عنه جرائم وافعال واساليب ومفردات تخاطب لاتليق برجال الدوله فحسب, لكنها تتناقض حتى مع مبادئ ديننا الحنيف,بل تتنافى مع ابسط مكارم الاخلاق الموجوده اصلا فى بني البشر والتي لم يات خاتم الانبياء الا لتكملتها. بالتاكيد لم يدربخلدهم وهم الذين اعلنوا بانهم اتوا للوقوف في وجه دول الكفر والاستكبار والاستعمار الحديث,انهم بسياساتهم وافعالهم سيصبحوا مجرد عملاء ورهائن في يد ذات الدول تحركهم كيفما شاءت وتنزع عنهم ثياب الوطنيه لتفعل بالبلاد ما تريد . وبعد, لقد كان حصاد كل هذه الماسي ان فقدت الدوله هيبتها امام مواطنيها والعالم من حولها, واصبحت تصنف في مقدمة قائمه الدول الاكثر عجزا وفسادا,واصبحت نزاعاتها الداخليه بكل تفاصيلها المؤسفه المخجله تبحث عن الحل في كل بقاع الدنيا ماعدا داخل السودان,لتجد المنظمات ودول الاستعمارالحديث,حتى الصغيرة منها,فرصتها في هذا الضعف والهوان فاصبحوا يدسون انوفهم في كل كبيره وصغيره,يدخلون البلاد ويخرجون منها دون اذن من احد ويترفعون حتى عن مقابله السيد رئيس الجمهوريه بحجة انه مطلوب للعداله الدوليه,وللاسف رغم ذلك يفرح بهم رجال الانقاذ ويرتمون في احضانهم هربا من الشعب ويخرجون السنتهم لبنى وطنهم يطلبون منهم(لحس الكوع). وبعد, لقد قلنا في حق الانقاذ كل مانستطيع ان نقوله,متجاهلين عمدا ما حققته من انجازات لنكون فقط امام السلبيات وليبقى السؤال ثم ماذا بعد؟ماهو المخرج؟ ولكي يكون من حقنا الاجابه ,يجب علينا ان نسال انفسنا بشجاعه ووضوح ماذا فعلنا لهذا الوطن نحن الذين نقف في مواجهة الانقاذ ونسمي انفسنا بالمثقفين او المستنيرين او قادة الراي العام من الحزبيين او غيرهم؟ نتجنى علي الحقيقه ونبترها اذا قلنا ان الانقاذ قامت بتقويض نظام الحكم الديموقراطي الذي ارتضاه الشعب,فالحقيقه المؤسفه ان بعض ذات القوى النقابيه التي ساهمت في صناعة الانتفاضه ,ساهمت في اضعاف النظام الديمقراطي وهز هيبته بدخولها في اضرابات مطلبيه متواصله يصعب على الدوله الاستجابه لها,ثم كان هناك تسابق محموم من عدة جهات نحو تقويض النظام الديمقراطي وكل مافعلته الانقاذ انها سبقت غيرها في تحقيق نتيجه كانت وللاسف مطلب الكثير من الجهات. ثم رفع المسبوقون (قميص الديمقرطيه) كذبا و(خرخره) في مواجهة الانقاذ. ان مصيبة اهل الانقاذ فيما فعلوه بالوطن والمواطنين وفي انفسهم عظيمه ,ويكفى القول انهم وبعد مضي اكثر من عشرين عاما ورغم الحديث عن الشرعيه والانتخابات يجدون انفسهم لازالوا ممسكين بالزناد تحرسهم الدبابات والدوريات المسلحه والقوانين الاستثنائيه المكبله للحقوق والحريات والمخالفه حتى للدستور الذي ارتضوه, وتقف امامهم تحديات وطنيه كبرى لن يكون حلها بمواصلة الارتماء في احضان قوي الاستعمار الجديد. لتشتري وتبيع كبرياء الوطن وكرامة اهله. اما نحن فمصيبتنا اعظم,ليس لاننا فشلنا فى وقف الانقاذ عند حدها, لكن لاننا اصلا لا نؤمن بالديمقراطيه وهي في نظرنا مجرد سلاح نتباهى به ونشهره في مواجهة بعضنا البعض عند اللزوم, ليصبح الصراع مجرد صراع على السلطه. ثم تدور الدوائر وينسد الباب امام الجميع حكاما ومحكومين, ونستعرض مااصابنا طوال سنوات الحكم العسكري الشمولي التي مرت علينامنذ الاستقلال ليصل الجميع الي قناعه بانه لاخلاص لهذا الوطن الا في الديمقراطيه والتي مهما كانت عيوبها فان عيبها الاساسي انه لا بديل لها,وبالتالي يجب علينا ان نصبر عليها ونعاني منها لتنمو وتستقر ويجنى ثمارها مقبل الاجيال وهذا ابسط مايمكن ان نكفر به مافعلناه بهذا الوطن واهله الطيبين. واجد نفسي متفائلا لان الديمقراطيه المنتظره هذه المره ستنمو في مناخ افضل ليس لمجرد خروجنا من تجربه شموليه قاسيه فحسب,وانما لان هناك انجاز ضخم قد تحقق يجب الا نكابر بانكاره ,وهو وقف الحرب في الجنوب وتحقيق رغبه اهله في الانفصال,لطالما كانت حرب الجنوب هي السبب الاساسي لؤاد كل الديمقراطيات السابقه وظهور العسكر على المسرح السياسي. لذلك يجب علينا حكاما ومعارضه ان نتق الله في هذا الوطن وشعبه ونجلس للوصول لكلمة سواء, وفي تقديري المتواضع انه من الصعب الوصول لكلمه سواء دون فتح ملفات القضايا الصعبه,ولا اعني بها قضايا كيف يحكم السودان وكيف نحل قضايا اهلنا في دارفوروغيرها من مناطق البلاد النازفه, فهذه كلها مقدور عليها,ولكن اعني بها الملفات التي تشكل هاجسا لاهل الانقاذ وبدون فتحها يصعب عليهم الاطمئنان للشعب ويصعب علي الشعب طي صفحات الماضي: - كيفية رد اموال الشعب؟ - كيفية رد الحقوق والمظالم الخاصه؟ - كيفية معالجه الجانب المتعلق بالعداله في المسالة الدارفوريه؟ - كيفية اصلاح الخدمه المدنيه والقضاء والجيش والقوات النظاميه بحيث تتحول كلها من مؤسسات حزب الي مؤسسات قوميه؟ والاهم كيفية معالجة هذه الملفات بحكمه وموضوعيه بعيدا عن التشهير وشهوة التشفى والانتقام واحلال مرارات جديده مكان مرارات قائمه ؟ هذا هو التحدى الذى باجتيازه نكون قد فجرنا شكلا جديدا من اشكال الثورات السلميه الحضاريه تطلعا لدولة الحقوق والحريات والمساواة والعداله والديمقراطيه .علينا ان نسرع الخطى فالثورات العارمه التى يقودها الشباب واصحاب المظالم والجوعى ,بدات زحفها على المنطقه وجزورها اصلا مغروسه فى السودان . اسال الله ان يعيننا جميعا على ما فيه خير هذا البلد عبد القادر محمد احمد المحامى abdu ahmad [[email protected]]