كشف سيف الإسلام القذافي, من خلال الكلمة التي ألقاها نيابة عن والده رغم انه لا يحمل أي صفة رسمية غير أنه نجل الرئيس, عن وجهه الحقيقي بعد أن استتر خلف صورة مقارع ديناصورات النظام المنحاز للحريات حتى يصبح في نظر العامة رائد الإصلاح و محارب الفساد الذي سيحمل لواء رفعة الشعب الليبي. فقد كان والده يصقله حتى يخلفه في عرش رفضه قبل نيف و أربعين عاماً للملك الليبي إدريس السنوسي الذي انقلب عليه في الفاتح من سبتمبر 1969 بحجة قهره لأحفاد عمر المختار. و ها هو ينكل بهم الآن. جاء خطاب سيف الإسلام ممهوراً بالوعد و الوعيد و منقوعاً بذاتيةٍ أودت بطغاةٍ مازال جرحهم ينقح عليهم ألماً. فقد قيل إنما الجاهل من لا يستبد, لكن الجاهل من لا يعتبر بغيره, الجاهل من يظن أن مقارعة الشعوب أمر يسير يمكن أن يحسمه حفنة من المرتزقة. إن تراكمات الغبائن التي تعيشها الشعوب تبني جُدراً من العناد تكون بصلابة الشعب المرجانية و تجعل خوض السياسيين في البلاد كالإبحار في بحر القلزم الذي استعصى على البحارة منذ دهر بعيد و ابتلع غالبهم. لقد أعمل النظام سيفاً بقي في غمده حين أغمط الباطل و دام و استله في وجه طالبي الحرية الذين ارتدوا غبائنهم تروساً و نازلوا السيوف بالحناجر التي هي أمضى على النظام الخناجر فدكهم بالطائرات. أي راعٍ هذا الذي يستبيح دماء رعيته؟ كلما تهاوت أجساد الشهداء أرتقت هامات الرجال و بانت سوءة النظام الذي استورد بلطجية غرباء لحصد الثائرين بثمن بخس يكشف عن قيمة المواطن في وطن القذافي الذي دفع صاغراً عشرون ملياراً من الدولارات ثمناً لما اقترفت يداه في لوكربي. حق للشعب الليبي أن يفخر أن نظامه المتهاوي بعد حوالي نصف قرن من الحكم لم يستطع أن يصنع من بعضهم بلطجيةً يستعين بهم في الملمات كما استعان بمرتزقة أفارقة و مرتزقة إعلامٍ يمارس التعمية و التضليل ليل نهار. لقد ذاق الشعب الليبي الأمرين من استطالة الجاهلين و لكن الصبح آتٍ آت و ستبزغ شمس الحرية كما بزغت في تونس و مصر.