لا أدري إن كان رأي الدكتور محمد مندور المهدي بضرورة اطلاق سراح زعيم المؤتمر الشعبي الدكتور حسن الترابي يصب في اطار حملة العلاقات العامة المحمومة التي يطلق هذه الأيام أم أن لديه قناعة حقيقية بأن هناك (تجاوزا) ما في استمرار اعتقال الرجل الطاعن في السن.. لا نقلل من صدق نوايا الدكتور مندور فهو رجل سياسي ذكي ولماح، ولكن نقول أنه خلافا لتلك المزايا في شخصيته كان قد اطلق منذ منذ فترة سيل من (العنتريات) من شاكلة سحق المعارضة أو كما نقل عنه في ذلك اللقاء الذي أعتقد أنه خاص أو كان من المفترض أن يكون خاصا لأن مقال يقتضي أن يكون له مقام خاص ولكن الباب كان مفتوحا على مصراعيه مما كشف عن سوء في تقديرات المعنيين بالتنظيم.. المهم في الأمر أن رأي الدكتور مندور نائب رئيس المؤتمر الوطني بولاية الخرطوم رأي جرئ يستحق عليه الاشادة.. رغم أن الدكتور مندور حرص في حواره مع صحيفة الاهرام أن يشدد على أنه رأي خاص لكن الرأي الخاص لسياسي بحجم مندور أمر له اعتباره خاصة إذا ما أعلنه عبر الصحافة.. يقول مندور وفقا لما نقلته عنه "الاهرام": (رأيي الخاص إن كانت هناك قضية أمنية، كان أن يقدم الترابي إلى محاكمة في ما يتعلق بالقضية الأمنية، وواضح جداً أن هناك تجاوزاً لفترة الاعتقال المنصوص عليها وفق القوانين، فإمّا أن يُقدم الترابي إلى محاكمة، كما قالت الأجهزة الأمنية، أو يطلق سراحه، هذه هي الخيارات المتاحة، وأنا أدعو إمّا أن يُقدم الترابي إلى محاكمة أو يطلق سراحه من المعتقل، لأنه لا يوجد أي تبرير بعد انقضاء الفترة المنصوص عليها في القوانين لاستمرار حبس الترابي، ينبغي احترام القوانين بصورة عامة داخل السودان، نحن في ظل دولة مدنية لها دستور وقوانين).. لا يسيغ العقل الرشيد ولا المنطق السديد ولا حتى أخلاقنا السودانية أن يستمر اعتقال الرجل هكذا؟!.. نعم (هناك قضايا أمنية، تستدعي في فترة زمنية محددة أن تُثبت هذه القضايا الأمنيّة ويقدم للمحاكمة، انقضى الزمن وإلى هذه اللحظة لم تقدم أدلة فينبغي أن يطلق سراحه)، هذا ما قاله كذلك الدكتور مندور بدون حذف أو اضافة.. المجتهدون يقولون أن سر الاعتقال هو خشية بعض المرتجفين من أن ينجح الرجل في تحريك الشارع!!.. نقول إن قُدّمت الخشية من الله، فلن تكون هناك خشية من الترابي.. أخشوا الله قبل أن تخشوا الترابي. المنطق يقول ألا يكون هناك من يرغب في اعتقال الدكتور الترابي حتى في حال توفر مسوغ أمني أو أي مبرر.. ربما كان الرجل نفسه الأكثر استفادة من الاعتقال عبر الزخم الاعلامي الذي يثور بمجرد الاقتراب من منزله.. حالة الركود السياسي التي تعصف بحزب المؤتمر الشعبي تجعل زعيم الحزب يتربص بكل سانحة يمكن أن تنعش الحالة السريرية المتأخرة التي تحيط بالحزب.. على صعيد العمل السياسي فشل الحزب في تسويق رؤيته السياسية القائمة على الانتقام ممن (انتزع) منهم السلطة!!.. حالة الفشل واليأس التي تحيط بالحزب تدفع قادته لركوب ظهر حركة العدل والمساواة المتمردة في دارفور، حتى أن الأمر تعدى التنسيق مع حملة السلاح إلى أن تصبح الحركة المتمردة جناحا عسكريا.. الفشل في اعتماد العمل السياسي وسيلة فعالة ونزيهة للوصول للسلطة ليس مدعاة للعمل العسكري سرا، واثارة القلاقل والفتن.. آخر الأخبار أن بعض قادة "الشعبي" سافروا إلى عطبرة لإيقاف الحوارات الشخصية التي كان يقودها أفرادا من الحزب مع نظرائهم من (الوطني)، من بينها حوار حول ورقة لوحدة الحركة الإسلامية نوقشت في مدينة الحديد والنار!! [email protected]