[email protected] رسالة كريمة من الأخت اعتماد طه تعقيباً على مقالي السابق بعنوان الإختشوا ماتوا. لقد لمست الرسالة جوانب عديدة ومهمة تستحق الوقوف أمامها والإنتباه إليها لأنها تمس حال الأمة ومستقبلها بكل تأكيد. وما أشارت إليه الأخت اعتماد طه يمثل موجهات هامة سأعود إليها بتفصيل أكثر في المقالات القادمة يإذن الله وسأترك للقاريء الكريم تلمسها كما جاءت في الرسالة. تقول اعتماد في رسالتها: بسم الله الرحمن الرحيم د/ معز عمر بخيت ، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته بعنوان الإختشو ماتو جاء مقالك. لقد وضعت يدك علي جرح امة تقيح من كثر ماسُكت عنه فهذه الامة ماسادت العالم في يوماً من الايام الابالعلم واتباع منهج الحق فالمؤمن في المنهج لايكذب ولايشهد زوراً . تحدثت عن من يبحث عن بحث علمي يشتريه (اي عن عالم يبيع علمه بالمال الي من يدفع اكثر) فنحن اصبحنا امة الكّم في كل شي الافي طلب العلم. الحقيقة ان العلم اصبح من اجل لقمة العيش ليس الا فالشهادة الجامعية من اجل الوظيفة والدراسات العليا من اجل الوجاهة الاجتماعية فاين المشكلة إذن؟ المشكلة ليست الضعف في القيم والمبادي فقط ولكن ايضاً ان هناك من يبيع علمه من اجل المال! اذاً فالعالم والجاهل يبحث عن لقمة العيش، فالعالم ليس مقيّم لذلك يضطر لبيع علمه ليعيش . ابحث داخل الجامعات ستري العجب مثلاً اذا بحثنا في كليات الهندسة ستجد مكاتب فتحت من اجل مساعدة الطلاب في التصميم والاظهار. هل تعتقد ان مهندساً لايستطيع ان يتخرج من كلية يؤتمن علي مباني وطرق يعيش فيها البشر؟ اسال عن مشاريع التخرج وتكلفتها ستجد مبالغ مخيفة والاسر تدفع ارضاءً لأبنائهم وكأن الامر لعبة تشتري وتهدى لطفل مدلل وتقام الحفلات والافراح للتخرج مظهر (ولدي مهنس يعني) وبعضهم لا يعرف المقطع من الواجهة. اعرف من يختار مشروع من النت ويتخرج به والكل يعرف المشروع الاصلي فاذا لم تصمم ولم تخرج العمل فكيف ستعمل في المستقبل؟! وقس علي ذلك الطب الذي اصبح للوجاهة فقط الكل يبحث عن المرور الا من رحم ربي والبحوث تباع لمن يدفع اكثر. فمن يشتري بحث التخرج من يعالج يا ترى؟ (ناهيك عن من يمارس الطب بالوجاهة والوسامة ويدعي انه نائب اخصائي. فالعلم اصبح للبيع سلعة لمن يدفع اكثر وهو علي يقين بانه سوف يجد وظيفة بشهادته اما العالم والذي لايجد وظيفة تكفيه ذل الحاجة فيضطر الي بيع العلم ليعيش وهكذا انقلبت الموازيين وهكذا لن تقوم للعلم قائمة في امة جعلت العلم سلعة من يدفع يأخذ . اكرموا العلماء.. حاربو الجهل والامية بكل اشاكلها .. فلتكن الوظيفة لمن يستحقها بعلمه وعمله.. فليكن العلم من اجل العلم اولاً ثم العيش ..ان الله يحب اذا عمل احدكم عملً ان يتقنه. وانما يخشي اللهَ من عباده العلماءُ ودامت الامة الاسلامية امة علم وعمل (اعتماد طه). تعليق: بالتأكيد وكما ذكرت في مقدمة المقال أنني سأعود لاحقاً لما ورد في رسالة الأخت إعتماد، إلا أنني أؤكد على بعض ما ورد في الرسالة عبر ما سقته سابقاً في مقالي عن أزمة ثقافة التعليم حيث أشرت إلى أن التعليم في بلادي أصبح مظهراً للتباهي بين الأسر المقتدرة، فحين كان الطالب بالمدرسة الحكومية هو المتفوق وهو الذي توفر له الدولة كل وسائل الراحة وسبل التعليم الجيد من مدرسة ومعلم وداخلية وقلم وكتاب وكراس أصبح الطالب الحكومي هو الفقير الذي لا يملك أبجديات التعليم الأساسية وأصبحت المدرسة هي خرابة متهاوية وأصبح المعلم مهمشاً في كل شيء بل أصبح من لا يجد وظيفة يعمل ولو مؤقتاً بهذه المهنة حتى يجد له طريقاً آخراً لباب الرزق والمظهر. في حين بقيت المدرسة الخاصة هي رمز (للفشخرة) وتحولت لتجارة تعود بالمال لأصحابها بلا تخطيط استراتجي على كل المستويات. وكما افتقدت سياسة التعليم للمنهجية افتقدت إلى الرؤى السليمة ولم ترتبط بالتنمية لا من حيث احتياج سوق العمل ولا من حيث الفكر الموجه للنهوض بالوطن بعيداً عن الحزبية والعقائدية ولا من حيث البحث العلمي وهي ثقافة أخرى مفقودة لدينا. وبذلك انتفت أهمية التعليم التقني والمهني الذي يمثل البنية التحتية لمشاريع التنمية مع الطرق والمواصلات والكهرباء، إلخ (ونواصل).. مدخل للخروج: فتعالي يا أمل الخطى لسهى المواقف.. علمي خصل الهوى معنى العواصف.. واحملي للناس خيرك والحنين.. فعليك أزهرت الحقول.. اليك أومأت الفصول.. وغلفت دنياك أحلام السنين.. والبحر في عينيك غاص من الجوى ..ورنا على أفق اشتهائك فارتوى.. ومشى بخاصرة النوى.. يقتات صدك والجنون ..لو كان يدري ما المواجع ما هوى.. أو كان لو علم الصبابة ما اكتوى.. لكنه أرخى عليك حجابه وانساب من بين العيون.. يأتيك بالعشق المخضب والرؤى.. بالصدق والمطر الحنون.. ياوردة الشمس التي فتحت كنوز السندسين وفجّرت ليل المحارم كي تكون.. (معز).. \\\\\\\\\\\\\\