منذ أوئل الثمانينات لبست ألوان طرحتها الأنيقة وتعطرت ثم قدلت (عديل) في شارع الصحافة بلا خجل, كان خروج ألوان مثيرا إذ لم يألف الناس شكلا للصحافة إلا وهي ترتدي (ميني جوب) الاتحاد الاشتراكي تخرج من داره سافرة لا تتزيا إلا بصورة الرئيس القائد ولا تصفق إلا له, ألوان أعلنت منذ خروجها الأول أنها متمردة لوجه الله وضد التابوهات والأصنام والسادة. كانت ألوان زينة شباب الحي فاتنة بحق ولما كنا شبابا فتنا بها وكيف لا.... أي شباب لا تفتنه الفاتنات. كنا نتلصص على محياها وتدغدغ أحلامنا متى ما رأينها في الطيف أو في الصحيان. بدأت أغازل ألوان بالرسائل, كان ذلك زمان الرسائل والمنديل الموشى بالتطاريز البديعة, ما أكثر محبي ألوان!، أيامها كنا نتاسبق على صفحاتها كل يحاول إرضاء غرورها وما أسعدك أن تطلَّ على الآلاف من عشاقها. سحر ألوان وبريقها لا يدرك أحد كنهه... احتار الناس من أين ذيالك البريق؟. قالوا إنه من روحها وآخرون ادعوا أنه صادر من تحت عمامة حسين خوجلي !! وقطع كثيرون بعدم جدوى البحث عن مصدر شذا العطر!! روح ألوان متى ما تلبست حبر قلمك فلن تخرج إلا بخروج الروح نفسها أما لو تعودت أن تفكر بطريقة حسين خوجلي المبدعة سترهق كثيرا من الصحفيين الذين يرافقونك إذ إن الأفكار لدى حسين لا تكتمل إلا بجدتها وجرأتها وعمقها، وفوق ذلك عليك أن تُزيّن حروفها بلغة أدبية رفيعة. فحسين لا تعجبه العبارات المستهلكة ولا غرائب اللغة إنما بساطتها وقدرتها على صنع الدهشة وكثيرا ما كنا نأتي بموادنا التحريرية ونحن مزهويين فإذا بحسين وبطريقته العجيبة يعيدها إليك مبتسما وقائلا (دي مادة تافهة). هنا ما عليك إلا أن تذهب لتبحث لك عن لغة أخرى تكتب بها أو تعيد صياغة الفكرة بطريقة ألوان المدهشة والغرائبية. كثيرا ما غابت ألوان عن أرفف المكتبات بفعل فاعل ولكن قارئها لم يغب عنها أبدا. كانت ألوان في كل مرحلة عصية على النسيان. سنوات تغيب فيها ألوان عن الساحة فلا يتبدد رصيد قرائها، ومتى ما أطلت احتضنوها كأنها لم تغب يوما. الشيء الذي يغيظي أن حسين خوجلي حين تتوقف ألوان وتعود لا يدفع مليما للإعلان عنها ويكتفي بإطلالتها على المكتبات بلا حاجة لإعلان... يا له من مفترٍ!!. إذ نحتفي نحن خريجي مدرسة ألوان وتلاميذها بعام على عودتها نبعث بباقة محبة لمؤسسها أستاذنا حسين خوجلي بفضله وشذا أفكاره أصبح وجودنا في طيف الحياة الصحفية ممكنا بل أصبح كثير من شباب ألوان علامات في الصحافة السودانية.. كتاباتهم تخرج بعطر ألوان وروحها وجرأتها (عثمان شبونة وجمال حسن علي وغيرهم). لألون دائما (كلمة) لا تعرف غير الحق والجمال وصعود المدارج الخطرة فلتهبنا شيئا من مقدرتها على الصمود وسط هذه الأنواء السياسية والصحفية التي تحف بنا من كل اتجاه.