[email protected] * قلت امس اننى زرت قرية الشوال بولاية النيل الأبيض وكنت شاهد عيان على طريقة تعامل الشركة الصينية التى شيدت خط الانابيب ( فى عهد الانقاذ)، والشركة الالمانية التى شيدت طريق كوستى جبل أولياء ( فى عهد الرئيس السابق نميرى ) مع مواطنى قرية (الشوال) التى اختارتها الشركتان مقرا لاقامة المهندسين والمشرفين على تنفيذ المشروعين .. حيث أنشأت الثانية مدينة قائمة بذاتها بالمواد الثابتة وتركتها للمواطنين عند رحيلها، بالاضافة الى استخدامهم فى وظائف متنوعة اثناء تشييد الطريق وبيع المعدات الصغيرة اليهم مثل التراكتورات بثمن بخس، بينما لم تترك لهم الاولى اى شئ ولم تستخدم اى مواطن فى أى عمل مهما صغر، بل اعتمدت اعتمادا مطلقا على العمالة الصينية، بالاضافة الى انها قامت بتشييد مقر اقامة مهندسييها وعمالها من الخيم وتسويرها بخندق لا يزال موجودا حتى اليوم و تحول الى مستنقع دائم للمياه الراكدة ومصدر خطر كبير على اهل المنطقة بسبب توالد البعوض والحشرات الضارة ..!! * وفى الحقيقة فان زيارتى الى ( الشوال) وكانت فى عام 2005 لم تكن بغرض توثيق (سوء) معاملة او (حسن) معاملة الشركة الصينية او الشركة الألمانية للمواطنين، وانما لتوثيق الحياة فى القرية والمناطق المجاورة وعكس المشاكل التى يعانى منها المواطنون سواء فى مجال الزراعة التى تعتبر عصب الحياة للشوال ولمعظم الريف السودانى، أو فى المجالات الأخرى مثل التعليم والصحة للمسؤولين والقراء الآخرين خاصة ان القرية تعد من اوائل القرى بل والمدن فى السودان التى تميزت فى السابق بمستوى تعليمى وصحى وحضارى عال جدا ثم اصابها الانهيار مثل غيرها بسبب اهمال الحكومات المتعاقبة ..!! * أذكر اننى وعدد من الزملاء الكبار تبنينا موضوع تأهيل مدارس القرية واعادة تأهيل البيارة الرئيسية لمشروع الشوال الزراعى، وكتبنا عنهما عدة موضوعات والتقينا بمسؤولين كبار فى الدولة، ولقد أثمرت جهودنا والحمدلله فى مجال التعليم وصارت مدارس الشوال تنافس من جديد فى الدخول الى الجامعات بعد ان كانت قاب قوسين من الاغلاق ..!! * اما البيارة الرئيسيى للمياه التى لا تقل اهمية عن المدارس لانها عصب الزراعة والزراعة هى عصب الحياة، فلا تزال مجرد خرابة رغم الوعود الكثيرة التى بذلها المسؤولون بمختلف مستوياتهم، وهى لم تكن تحتاج لغير قليل من المال مقارنة بالنتائج العظيمة التى ستتحقق من اعادة تأهيلها وتجميع أكثر من 17 مشروع زراعى صغير وريهم من قناة رئيسية واحدة مما يؤدى لتوفير الحياة الكريمة لحوالى ستين ألف أسرة أو ربع مليون مواطن..!! * تكلفة تأهيل البيارة لم تكن تزيد فى ذلك الوقت عن 7مليون دولار أمريكى، أى بميزانية تنمية لا تزيد عن 2 دولار فقط للمواطن فى العام أو 30 دولارا فى خمسة عشر عاما حيث اثبتت الدراسة التى وضعها خبراء اكفاء ان المبلغ الذى سينفق على تاهيل البيارة سيضمن استمرار عملها لمدة خمسة عشر سنة متواصلة بدون الحاجة الى صيانة رئيسية، وهو لا يساوى اى شئ بالنسبة للاموال التى تهدر على احتفال واحد من حتفالات الحكومة، غير ان الحكومة بخلت به عليهم !! * تخيلوا مبلغ دولارين فقط فى العام للمواطن لتحقيق الاستقرار والتنمية له ولابنائه بخلت به الدولة على الشوال، بل والأسوأ من ذلك انها عندما شيدت خط أنابيب البترول الذى يمر بالقرية لم تجعل لاهلها نصيبا من خيره سوى مستنقع كبير للمياه و الملاريا والامراض الفتاكة الاخرى ..!! الاخبار، 20 يوليو 2011