كواسي إبياه سيعيد لكرتنا السودانيةهيبتها المفقودة،،    في أول تقسيمة رئيسية للمريخ..الأصفر يكسب الأحمر برعاية وتألق لافت لنجوم الشباب    الديوان الملكي السعودي: خادم الحرمين الشريفين يغادر المستشفى بعد استكمال الفحوصات الروتينية    خادم الحرمين الشريفين يدخل المستشفى    فيديو.. مشاهد ملتقطة "بطائرة درون" توضح آثار الدمار والخراب بمنطقة أم درمان القديمة    وزير الخارجية المكلف يتسلم اوراق اعتماد سفير اوكرانيا لدى السودان    عملية عسكرية ومقتل 30 عنصرًا من"الشباب" في"غلمدغ"    جريمة مروّعة تهزّ السودانيين والمصريين    تقارير: القوات المتمردة تتأهب لهجوم في السودان    شاهد بالصورة والفيديو.. شاب سوداني يترك عمله في عمان ويعود للسودان ليقاتل مع الجيش في معركة الكرامة.. وثق رحلته من مسقط حتى عطبرة ليصل أم درمان ويحمل السلاح ويطمئن المواطنين    شاهد بالصورة والفيديو.. شاب سوداني يترك عمله في عمان ويعود للسودان ليقاتل مع الجيش في معركة الكرامة.. وثق رحلته من مسقط حتى عطبرة ليصل أم درمان ويحمل السلاح ويطمئن المواطنين    شاهد بالصورة والفيديو.. "دعامي" يظهر في أحضان حسناء عربية ويطالبها بالدعاء بأن ينصر الله "الجاهزية" على "الجيش" وساخرون: (دي بتكمل قروشك يا مسكين)    شاهد بالصورة والفيديو.. إعلامية مصرية حسناء تشارك في حفل سوداني بالقاهرة وتردد مع الفنانة إيلاف عبد العزيز أغنيتها الترند "مقادير" بصوت عذب وجميل    د. مزمل أبو القاسم يكتب: جنجويد جبناء.. خالي كلاش وكدمول!    محمد وداعة يكتب: الامارات .. الشينة منكورة    العين إلى نهائي دوري أبطال آسيا على حساب الهلال السعودي    مصر تنفي وجود تفاهمات مع إسرائيل حول اجتياح رفح    إثر انقلاب مركب مهاجرين قبالة جيبوتي .. 21 قتيلاً و23 مفقوداً    السوداني في واشنطن.. خطوة للتنمية ومواجهة المخاطر!    تطعيم مليون رأس من الماشية بالنيل الأبيض    الخارجية الروسية: تدريبات الناتو في فنلندا عمل استفزازي    عن ظاهرة الترامبية    مدير شرطة شمال دارفور يتفقد مصابي وجرحى العمليات    مدير شرطة ولاية نهرالنيل يشيد بمجهودات العاملين بالهيئة السودانية للمواصفات والمقاييس    حدد يوم الثامن من مايو المقبل آخر موعد…الإتحاد السوداني لكرة القدم يخاطب الإتحادات المحلية وأندية الممتاز لتحديد المشاركة في البطولة المختلطة للفئات السنية    سفير السودان بليبيا يقدم شرح حول تطورات الأوضاع بعد الحرب    تواصل تدريب صقور الجديان باشراف ابياه    مدير شرطة محلية مروي يتفقد العمل بادارات المحلية    إيقاف حارس مرمى إيراني بسبب واقعة "الحضن"    «الفضول» يُسقط «متعاطين» في فخ المخدرات عبر «رسائل مجهولة»    سعر الريال السعودي مقابل الجنيه السوداني من بنك الخرطوم ليوم الإثنين    سعر الدرهم الإماراتي مقابل الجنيه السوداني ليوم الإثنين    نصيب (البنات).!    ميسي يقود إنتر ميامي للفوز على ناشفيل    لجنة المنتخبات الوطنية تختار البرتغالي جواو موتا لتولي الإدارة الفنية للقطاعات السنية – صورة    صلاح السعدني ابن الريف العفيف    أفراد الدعم السريع يسرقون السيارات في مطار الخرطوم مع بداية الحرب في السودان    بالصور.. مباحث عطبرة تداهم منزل أحد أخطر معتادي الإجرام وتلقي عليه القبض بعد مقاومة وتضبط بحوزته مسروقات وكمية كبيرة من مخدر الآيس    جبريل إبراهيم: لا توجد مجاعة في السودان    مبارك الفاضل يعلق على تعيين" عدوي" سفيرا في القاهرة    لمستخدمي فأرة الكمبيوتر لساعات طويلة.. انتبهوا لمتلازمة النفق الرسغي    عام الحرب في السودان: تهدمت المباني وتعززت الهوية الوطنية    مضي عام ياوطن الا يوجد صوت عقل!!!    مصدر بالصحة يكشف سبب وفاة شيرين سيف النصر: امتنعت عن الأكل في آخر أيامها    ماذا تعلمت من السنين التي مضت؟    واشنطن: اطلعنا على تقارير دعم إيران للجيش السوداني    إصابة 6 في إنقلاب ملاكي على طريق أسوان الصحراوي الغربي    تسابيح!    مفاجآت ترامب لا تنتهي، رحب به نزلاء مطعم فكافأهم بهذه الطريقة – فيديو    راشد عبد الرحيم: دين الأشاوس    مدير شرطة ولاية شمال كردفان يقدم المعايدة لمنسوبي القسم الشمالي بالابيض ويقف علي الانجاز الجنائي الكبير    وصفة آمنة لمرحلة ما بعد الصيام    الطيب عبد الماجد يكتب: عيد سعيد ..    تداعيات كارثية.. حرب السودان تعيق صادرات نفط دولة الجنوب    بعد نجاحه.. هل يصبح مسلسل "الحشاشين" فيلمًا سينمائيًّا؟    السلطات في السودان تعلن القبض على متهم الكويت    «أطباء بلا حدود» تعلن نفاد اللقاحات من جنوب دارفور    دراسة: القهوة تقلل من عودة سرطان الأمعاء    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



شاعر الدهليز: توفيق صالح جبريل .. بقلم: د. احمد عكاشة - لاهاي
نشر في سودانيل يوم 04 - 08 - 2011


(توفيق صالح جبريل 1897 – 1966 )
د. احمد عكاشة - لاهاي
[email protected]
الجزء الاول
حظ توفيق صالح جبريل هو في تمتعه إبان حياته بصحبة خيرة أدباء وشعراء سودان النصف الأول من القرن العشرين ( أحمد محمد صالح ، خليل فرح ، محمد سعيد العباسي ) وهم شُعراء مجيدون. وكذلك عرف الكثيرين من خيرة مثقفي السودان أمثال محمد عثمان يس. وكذلك أسف الحظ الشاعر في بقاء جُل نتاجه الشعري في ( حين أندثر أو هدَّد الاندثار شعر الكثير من الشعراء السودانيين ) ووجدت أشعار توفيق صالح جبريل طريقها للتحقيق والإيداع من بعد في دار الوثائق السودانية. ونالت حظَّاً من النقد والإهتمام. وتم نشر أربعة أجزاء حوت جُل أشعاره ( ديوان أفق وشفق ). ولقيت أشعاره حظَّاً وافراً من النقد الأكاديمي. أمَّا حظه في متاع الدنيا فقد كان ضئيلاً
غالبه الداء ومات مدقعاً.
لقد عرفت الحياة الأدبية الكثير من الشعراء الموهوبين ويشار إلى بعض نظمهم، ونسبة لأنهم لم يحظوا بامكانية طبع أعمالهم الشعرية ولا يمكن الوقوف على أهمية شاعريتهم ولا تمكن دراسة شعرهم ولا يتيسَّر الوقوف على إسهامهم في التاريخ الأدبي للشعر السوداني المعاصر. لقد أمكن جمع وإصدار أغلب ما نظمه توفيق صالح جبريل من شعر ( إذ طُبع ديوان شعره – أفق وشفق –
في عام 1972 بأجزائه الأربعة التي حوت زهاء ثلاثمائة وثمانين نصَّاً شعرياً ) مكَّن هذا الوقوف
على تجربته الشعرية. وتُشكِّل هذه الأشعار مادة غنية للوقوف على مختلف مسائل التاريخ الأدبي السوداني.
وفيما يختص بشعر توفيق صالح جبريل فإن هنالك ثلاث مسائل هامة وتضم : تحقيق وتوثيق ونشر أشعاره، والدراسات النقدية بشأنه والدراسة الثقافية بشأنه.
1- تحقيق وتوثيق أشعاره :
قام بهذه المهمة مؤرخ سوداني بارز وهو المرحوم د. محمد إبراهيم سليم وشاعر سوداني بارز وهو المرحوم محمد صالح حسن. وجُمِعت مُسودَّات أشعاره في دار الوثائق المركزية في عام 1968، وحملت الطبعة الأولى لديوان شعره تاريخاً يعود إلى عام 1972. وتعدى المحققان مهمة التدقيق وتناولوا شخصية الشاعر وطبيعة شعره ( أشاروا إلى نمطين من شعره: الشعر التقليدي- ما يماثل شعر شوقي وحافظ ويتميز بالصناعة ونمط آخر من الشعر الوجداني
الذاتي ويمتد إلى المشكلات الوطنية والصداقات والذكريات والخمر والمرض والمدن الجميلة كسلا مثالاً ). وعرج المحققان إلى موضوعات شعره، وهذه مسائل نقدية لا تندرج تخت التحقيق. ومما لا شك فيه أن د. أبي سليم (رحمه الله) والشاعر محمد صالح حسن قد أدَّيا دورهما كموثقين ومحققين. وبجمعهما لهذه الثروة الشعرية فانهما قد حفظا مصدراً هاماً للتاريخ الأدبي للشعر السوداني في بدايات القرن العشرين.
غير أن النظرة الفاحصة لتلك الحقائق تكشف عما هو أعمق ويشمل ذلك:-
- إن ما جُمِع من حقائق حول حياة الشاعر ( أصوله، تعليمه، عمله بالتعليم والإدارة والتجارة .... الخ ) وما نُشِر من أشعاره خاصة ما عالجته من شئون السياسة والحياة والأدب، تسمح جميعها بدراسة قضايا وتطوّر الشعر في بدايات القرن العشرين.
- ما جُمِع حول التعليم الأصيل ( التعليم الديني ) والتعليم الإستعماري الذي اقتصر على المعارف الحديثة اللازمة لخلق كادر محلِّي يساعد الإدارة الاستعمارية، يبين كل هذا ما يلي:
- التحديث المحدود والأثر الثقافي الضئيل كفكر وثقافة الغرب الصناعي على السودانيين وشعرهم.
- الصراع بين ما هو تقليدي وما هو حديث وما هو محلِّي وما هو كوني من المؤثرات الفكرية والثقافية.
- ضُعف الحياة الإجتماعية والثقافية والسياسية في بدايات القرن العشرين.
وعبر ما جُمِع من شعر توفيق صالح جبريل يمكن الوقوف على بعض عوامل وجوانب عصرنة الشعر السوداني.
وكذلك يمكن تتبُّع وتمايز أنواع الشعر السوداني بعضها عن البعض الآخر ( بروز وتطور الشعر الفصيح، واستخدام صور وجماليات متطورة، وتميز الشعر الفصيح عن ما هو تراثي وشعبي وتباينه عن شعر المدائح والشعر الغنائي والعاطفي والدوبيت وسائر أشكال النظم في سودان نهايات القرن التاسع عشر وبدايات القرن العشرين ).
لقد انتهى شعر توفيق صالح جبريل إلى عهد بدايات القرن الماضي وتعاظم أبانه أثر الإستعمار الغربي والثقافة الغربية. كذلك تأثر الشعراء والشعر بالتطورات التقنية والعلمية والثقافية والإعلامية - وهي التطورات التي تلاحقت بسرعة هائلة إبان القرن العشرين وتركت معظم الأثر على حياة وثقافة وأدب وشعر السودانيين. وهكذا فإن حياة وشعر توفيق صالح جبريل يرويان بعض أوجه الالتحام بين السودان والعصر الحديث. وفي تلك الظروف قدر الشاعر أن ينظم شعراً جديداً ومن أهم خصائصه ما يلي:
- أثر ثقافة وشعر العصر ( ثقافة وشعر المستعمِر والمعاصر من ثقافة وشعر الشرق الأدنى )
- نتيجة لهذين التأثيرين الثقافيين أضحى الشعر السوداني يُبنى على قاعدة أشد إحكاماً ألا وهي المجاز والإستعارات يُضاف إليها شكل القصيدة.
- يُلمس في أشعار توفيق صالح جبريل محاولات التوصُّل إلى معنى وإحساس ب
بهوية وطنية سودانية ). وكانت هذه المحاولات تركز على موضوع التعارض فيما (a sense ) بين التقدُّم والتخلف في مجال الثقافة والأدب والشعر.
- اختلف شعر توفيق صالح جبريل عن ما يُعد ب
( ثقافة العوام والأدب الشعبي أو الفلكلوري ) mass culture and popular literature
وهي الآداب المعروفة في نهايات القرن التاسع عشر وبدايات القرن العشرين.
- عكس الشعر الجديد (الشعر الفصيح) بدايات وأثر التطور الحضري
وأثر الاتجاهات الثقافية للغرب الصناعي والشرق العربي الحديث. urbanization
- لقد ضمن التقدم الأدبي في إطار محاولات المتعلمين أدباء أم شعراء، ضمن ذاك التقدم خلق وعي سياسي وإجتماعي وفضح ظلم المُستعمِرين وأجَّج من بعد المشاعر الوطنية (كما دلَّت عليه أحداث عام 1924 المرتبطة بحركة اللواء الأبيض وغيرها ).
- بعد التعرُّف على الآداب الغربية والأدب العربي المعاصر، استطاع الأدباء والشعراء السودانيين ومن بينهم توفيق صالح جبريل، استطاعوا سودنة الشعر العربي الحديث
.indigenized modern Arab poetry
تضمَّن شعر توفيق صالح جبريل مثل الشعر المنظوم في العشرينيات والثلاثينيات من القرن العشرين، تضمَّن التمعُّن في الواقع الإجتماعي وفي المشكلات التي واجهت السودان تحت السيطرة الاستعمارية. وفي فحص ذاك الواقع الخاضع للاستعمار نهج هؤلاء الشعراء نهجاً معاصراً وخلصوا إلى أبعاد مستحدثة في أشعارهم، وعبرها جعلوا العقول السودانية تدرك الطبيعة الفظَّة للاحتلال الاستعماري. وأوجد شعرهم إمكانية مقارنة الخير والعاطفة والكرامة الكامنة في شعبنا السوداني مقارنة بالفظائع والشرور الاستعمارية.
هذه هي بعض خصائص الشعر الفصيح في تلك الفترات الباكرة من دخول السودان العصر الحديث. وهي أيضاً المسؤولة عن التقدير الكبير الذي يُكن في السودان لأبكار الشعراء ومنهم توفيق صالح جبريل.
2- الدراسات الأدبية والنقديَّة:
لقد تمَّ التعرُّض لسيرة وشعر توفيق صالح جبريل في دراسات أدبية ونقديَّة قام بها سودانيون ( محجوب عمر باشري، صلاح الدين الملك، هنري رياض، محمد محمد علي، ود. عباس محجوب ) وأخرى أنجزها نقاد عرب ( د. مصطفى هدارة وعبده بدوي). كذلك وجدت دراسات أكاديمية
إحداها لنيل إجازة جامعية أولى وأخرى لنيل إجازة الدراسات العليا (ماستر). وتناولت هذه الدراسات مشكلات التجديد الشعري وما هو سياسي من الشعر الفصيح، وقد أجمعت هذه الدراسات على ما يلي:-
- إن شعر توفيق صالح جبريل حوى بعض الاستنتاجات فيما يتعلق بالسياسة والمجتمع في سودان أوائل القرن العشرين.
- وإن شعره فيه الجديد ( المغاير لما عُرف من نظم إبان القرن التاسع عشر ) – المرحلة السابقة لاحتلال البلاد من قِبل الاستعمار. وأن هذا الشعر يحمل تأثير العصر الحديث ( ثقافة الغرب الصناعي والشرق العربي الناهض ) وكذلك فيه نقد الحياة وله جماليات جديدة وفيه إمتاع.
بل أن هذه الدراسات لاحظت أن الشعر السوداني كان قد انتعش في ظروف وجود شعراء مثل التجاني يوسف بشير، محمد عبد الوهاب القاضي، إبراهيم أنيس وأحمد محمد صالح إلى جانب توفيق صالح جبريل.
لقد جمعت هذه الدراسات حقائق جمَّة حول حياة الشاعر ( أصوله، تعليمه وحياته العملية ( التعليم، الإدارة والتجارة ) ووقفت على جُلَّ شعره. إلا أنه فاتها الوقوف على حقائق هامة حول تطور الشعر السوداني ( الشعر الفصيح ) الذي أضحى المحبَّذ لدى الصفوة السودانية بل أضحى أهم آدابها طوال القرن العشرين ).
- لما كان التعليم الاستعماري محدوداً ( إقتصاره على المعارف الحديثة الضرورية لخلق كادر محلِّي يساعد الإدارة الاستعمارية ) فإن التحديث كان محدوداً وبالتالي قل الأثر الثقافي لفكر وثقافة الغرب الصناعي على السودانيين. وبالتالي قلت معرفتهم بالشعر الغربي ( الإنكليزي مثالاً ) واستعاضوا بشعر الشرق العربي الناهض والمتأثر بالرومانسية الإنكليزية والفرنسية، ( عُرف الشعر الغربي عبر تراجم وأشعار أدباء الشرق العربي ).
- كانت المعرفة الحديثة القليلة التي اكتسبت من التعليم الاستعماري – الذي هو حديث ،
كانت كفيلة بعصرنة شعر العشرينيات والثلاثينيات.
- بعصرنته بدأ الشعر المنظوم بالعربية الفصحى وبجماليات وفكر عصريين، بدأ في التمايز من أنواع الشعر السوداني الأخرى – التراثي والمنظوم بالدارجة السودانية ( المدائح والدوبيت والأغاني والترانيم الخاصة بثقافات وأقاليم السودان.
كان هنالك ميل كافة هذه الدراسات إلى التوصل إلى مفهوم شاعر أو شعراء من السودان يمكن
. وضُمِّن توفيق صالح جبريل في قائمة Sudanese classic poet عدهم كشعراء من الطراز الأول
لمثل هؤلاء الشعراء قد تطول أو تقصر. غير أن ما فات هذه الدراسات الوقوف على أسباب النجاح الواسع الذي أحرزه شعر توفيق صالح جبريل، من بين هذه:-
وسلاسة أبياته الشعرية واحتواء أشعاره على charm of his verses سحر وظرف نظمه
الكثير من الرؤى حول وقوع البلاد تخت تأثير الاستعمار وعلى الكثير من التوترات التي تسبب فيها القهر الاستعماري. وأن أشعاره كانت تحتوي على عناصر وقائع من سيرته الذاتية
) individual وما هو فردي ( )Historical وإشارات تاريخية ( ما هو (autobiographical)
) وكذلك كان هنالك الكثير مما يجوز النظر إليه ك communal وما هو مجتمعي ضيق (
( المواقف السياسية الذاتية ). ولهذه الأسباب في جملتها شغل شعر توفيق صالح personal political
جبريل معاصريه وكل مهتم من بعد بالشعر السوداني الفصيح.
3- دراسة مجازيات واستعارات شعر توفيق صالح جبريل:
بين كل الدراسات هنالك الدراسة التي قام بها المرحوم محمد عثمان يس ( وقد كان مثقفاً مهتماً بالفن والشعر والتشكيل ) وحملت تلك الدراسة أراء ونقد وذكريات الشاعر توفيق صالح جبريل
ذكريات وأحاديث بيروت دار الثقافة بيروت 1971 ). ومن بين هذه الذكريات وجود الشاعر في مدن ساحرة عديدة في السودان ( وعلى رأسها كسلا ) الجنات الأرضية الصغيرة
little...towns - little...paradises
وأكثر ما أثار اهتمام محمد عثمان يس في أشعار توفيق صالح جبريل هذه ما يلي:
.personal political - إن فيها من الوصف ما يثير مناظر بصرية
- مرئيات.
.for – reaching suggestiveness - والإيحائية البالغة لهذه الأشعار
- وأن هذه الأشعار كانت تسمح بالتركيز والاستيعاب ضمن التجربة الشعرية المفصح عنها أو المقروءة تلك.
وكان هنالك محتوى هذه الأشعار والذي يشتمل على ما يلي:
- تصوير المدينة المعنية كتجسيد للجمال الذي يحس به في الطبيعة المحسوسة في أرجاء السودان.
- الانبهار إزاء أو التعاطف مع كل ما يحيط بالشاعر من مشاعر ومناظر في تلك المدن – شبيهة بالجنان.
- وإذا ما تلاشت أو تسارعت عناصر تلك الطبيعة في وعي وفي خيال الشاعر فإن ذلك يجعله أسيراً لجمال تلك البقعة في السودان ويزيد من إرتباطه بها وشحن ذاكرته بذكريات وشجون.
- هنالك دائماً الشعور بهيبة ( عظمة ) الطبيعة وجمالها البديع إلى جانب إدراك عظمة الخالق.
وبالقراءة المتأنية للأشعار حول الجهات / التي تشابه الجنان يتضح أن تجربة الشاعر مع الطبيعة هي مفعمة بالحيوية عاطفياً وأن لتجربته هذه أهميتها إذ تنتج الذكريات. وكذلك تضمنت تجربة الشاعر مع الطبيعة مجاز واستعارة لشاعر يرغب في الخلاص من وحدته ويسعى حثيثاً للراحة في العديد من وهي حوارات تتجدد كثيراً، ولعل الشاعر قد وجد السلوى في monologues الحوارات الشخصية
مشاركة الأصدقاء والشعراء في ما أكتشفه من طبيعة مختلف أنحاء السودان: أكانت كسلا، أم رشاد وحتى دامر المجذوب.
كل هذا الإهتمام بالشاعر وشعره وكذلك شيوع بعض نظمه يسمح بإضافة توفيق صالح جبريل إلى قائمة الشعراء السودانيين من الطراز الأول وبالطبع لم يكن أعظمهم إلا أن شعره فيه الكثير مما يعين الوقوف على الحياة الأدبية والتاريخ الأدبي للشعر في السودان عند بدايات القرن الماضي : وقد أكتسب شعره قيمة حقيقية إن نم عن قيمة كبيرة للغاية في التاريخ الأدبي للشعر الفصيح في السودان. وقد أكتسب شعره قيمة عالية على الرغم من أنه لم يصنف ضمن أكثر النظم مجداً وجمالاً . وقد عكس ذاك الشعر حقيقية أن توفيق صالح جبريل كان طليق الفكر وتميز بالذكاء والدهاء في تناول قضايا الشعر والعيش على السواء.
تنويه
هذه المقالة جزء من دراسة موسعة عن الشاعر توفيق صالح جبريل ستنشر في كتاب اقوم باعداده مع الصديق عادل عثمان عوض جبريل . للتعليق او الرغبة في مدنا باي مادة ارشيفية عن الشاعر توفيق صالح جبريل الرجاءالاتصال بنا عبر البريد الالكتروني
[email protected]
[email protected]
*************
شاعر الدهليز: توفيق صالح جبريل
الجزء الثاني
مصادر شاعرية وشعر توفيق صالح جبريل
د. أحمد عكاشة أحمد فضل الله – لاهاي
يختص هذا الفصل الثاني بالبحث عن مصادر الإلهام الشعري لتوفيق صالح جبريل للشعراء السودانيين إبان المراحل الباكرة من القرن العشرين (يجرى الحديث عن Sources Of Sudanese Poetics ) مصادر الإلهام الشعري ونقترح كمصادر رئيسية Sudanese Poetics ما يلي:
- الرقة واللطف والمرح والإبتهاج Mellowness
- راجحة العقل (التعقل) Sanity
- البساطة وكذلك بعض السزاجة Simplicity
- حب الطبيعة Love of nature
- الصبر والجلد Patience
- عدم المبالاة (خاصة خيال الجوانب العملية) Old rogue
- الخبث واللؤم والتشرد في الماضي (الهمبتة مثالاً) Fecundity
- وفرة الإنتاج (إنجاباً) وكذلك في الإبداع
- الإقتصاد في الإنفاق وليس الشح Frugality
- حب الحياة الأسرية Love of family
- الجنوح للسلم pacifism
- القناعة (الرضى بقضاء الله أو بالنصيب...الخ) contentment
- المرح (الفكاهة) Humor
- المحافظة إجتماعياً وسياسياً والتزمت فكرياً وعقائدياً conservatism
- بعض الحسية (حب الشهوات) Sensuality
هذه هي بعض القيم التي رصدناها في ما توفر من إشعار توفيق صالح جبريل ومعاصريه من الشعراء ولابد من القول بأنها في حجمها قيم عظيمة إلا بعضها يبدو نوعاً من الخطايا عوضاً عن الفضيلة وكذلك أن بعض هذه القيم يبدو حيادياً أي أنها قد تكون منبع قوة أو مظهر ضعف، مثال قد يسفر التعقل عن تقييد للخيال الشعري ويمنع جنوحه أي ذهابه بعيداً في الآفاق كذلك قد يفسر الميل للسلم على أنه نوع من الجبن أو الوهن وكذلك قد يسفر الصبر عن تحمل على نحو غير سوي للشرور والظلم. وكذلك فإن المحافظة الفكرية تولد الكسل والتردي وكذلك كثرة التوالد تكون في صالح الأمة بكاملها وقد تؤدي إلى إحقار الأسر والأفراد.
فيما يخص الإبداع فان الرقة واللطف والمرح والإبتهاج فإنها أفرزت قوته وحيويته وحالميته romance
نظم الشعر العربي Arab Poetics :
وتعني فرض الشعر على النحو الذي توارد إلى أصحاب القريحة من اللغة والنحو والعروضيات والقيم خاصة ال Religious Imperative وما تضمنته الدراسات اللغوية والنحوية لدى العرب والمسلمين ومن أهم المعارف والمعتقدات حول نظم الشعر أصول العروض الخليلي وتناسب الإيقاع وضرورات الإنشاء، وتشير الدراسات الأدبية "مثال هنري رياض توفيق صالح جبريل شاعراً وثائراً" يتعلم توفيق صالح جبريل مبادئ العروض وقراءة دواوين الشعراء على يد أحمد محمد صالح "شاعر سوداني بارز 1897 – 1973م" وعشق شعر المتنبي وإستظهر عيون الشعر العربي وأدمن مراجعة الحماسيين وأفتتن بشوقي وبشاره الخوري...".
ولا تعني معرفة ال Arab Poetics أنها القواعد سوف تتغلب على الشعر السوداني الفصيح الوليد، ففي حالة أهم شاعر سوداني معاصر ألا وهو أحمد حمد صالح (ديوان الأحرار) وكذلك في حالة توفيق صالح جبريل "أفق وشفق" فإن منحى ما في جماليات شعرها وهو أنه لا يمكن للشعر أن يلجم بالقواعد العروضية وليدة روحه ورشاقته ولهذا يلزم درجة طفيفة من التحلل عن القيود العروضية، كانت هنالك الحاجة عند ولادة الشعر السوداني الفصيح للإبداع وليس لتطبيق القواعد ، وكان النحو الأكبر الذي قابل شعراء سودانيين كثيرين في المراحل الباكرة للقرن العشرين (التجاني يوسف بشير ، محمد عبد الوهاب القاضي، أحمد محمد صالح وتوفيق صالح جبريل)، هو إيجاد سبل لتقوية النظم الشعري والإرتقاء بالشعر بحيث يعظم أثره على الوعي الوطني وعلى الحياة الأدبية في سودان العشرينيات والثلاثينيات من القرن العشرين.
عموماً كان هنالك التحول بعض الشيء عن قواعد النظم وهي التي استخدمت بصورة رئيسية في نظم القصيدة الشعرية التاريخية إلا أن أهم تطور حدث في الشعر السوداني (الفصيح) الوليد هو التغيرات التي أدخلت عليه نتيجة جهود أحمد محمد صالح "الشاعر وعالم العروضيات والمطلع على الشعر خاصة الإنكليزي" وتلميذه توفيق صالح جبريل وشملت هذه التغيرات:
نظم الشعر "السوداني الفصيح" على نحو يسهل فهمه.
الإبتعاد عن أسلوب المنطق Ornate Style نسبة التعقيد فيه وعدم سهولة فهمه.
التسهيل لأغراض وضوح المعنى خاصة عند استخدام البيان.
كانت هذه بعض خيارات كل من قام بنظم الشعر في سودان بدايات القرن العشرين. وقد سبق نهج هذه الخيارات قرارات هامة كان قد إتخذها الشاعر الهام للغاية أحمد محمد صالح (1898 – 1973) بشأن Poetic Forms الأشكال الشعرية وشمل هذا الحفاظ على ال ode القصيدة كأهم شكل مسيطر في عالم الشعر السوداني المعاصر – وهو الشعر الناشئ آنذاك ، وجعل أحمد محمد صالح ومن بعد توفيق صالح جبريل القصيدة إطاراً لContextualizing أي جعلها قرينة على أو سياق عاقد سرد في أشعارهم، وإكتسب هذه الخاصية "جعل القصيدة قرينة أو سياقاً عاقد ضمنوه أشعارهم – إكتسبت هذه الخاصية أهمية كبيرة خاصة في حالة الشعر الوطني، أي الشعر السياسي المعادي للإستعمار البريطاني". وكذلك لها أهميتها حينما نبحث العلاقة بين الشعر والمجتمع والسياسة والثقافة في سودان بدايات القرن العشرين.
ففي حالة أحمد محمد صالح كانت هنالك معرفته الواسعة بتقاليد وقواعد وجماليات الشعر العرا إسلامي التاريخي وبجهود إحياء الشعر (البارودي ، أحمد شوقي، بشارة الخوري) وآخيراً كانت هنالك معرفته الوثيقة بحكم تعليمه الحديث ومعرفته باللغة الإنجليزية – بالشعر الإنجليزي وهنالك حقيقة تلقى توفيق صالح جبريل للمعارف الشعرية على يدي ذلك الشاعر السوداني المعاصر وإلهام ومعاً أقرا بقواعد العروض الخليلي ومعاً قاما بتطوير الخيال الشعري والتحرر بعض الشيء من صرامة تلك العروضيات.
في كل من أحمد محمد صالح وتوفيق صالح جبريل عثرنا على ما يعرف ب Modern Poet شاعر العصر الحديث – من بدايات الى ما بعد النصف الأول من القرن العشرين، وأن كل من الشاعرين كان المفتاح للإستلهام الروحي بواسطة من تبعهم من الشعراء لمعجزات وتطورات القرن العشرين، بل أن شعر أحمد محمد صالح وتوفيق صالح جبريل قد فتح ما يمكن الإشارة إليه ب Aestheticized Landscape روضة إبداع صمدت في وجه الهوان والظلم الإستعماري وفي وجه الصعوبات التي واجهت مقتضى وأدباء السودان تحت ظروف القهر الإستعماري والتخلف الإجتماعي والثقافي . وأوجد شعر كل واحد من الشاعرين وعياً ثقافياً وسياسياً بمشكلات التحرر الوطني ، والتقدم الإجتماعي. وكان لقصائدهما المقدرة على فضح على نحو فريد ومرير ومفزع ما هو من طبيعة القهر الإستعماري وخصائص ذاك العصر في السودان المعاصر.
ونتيجة لجهد الشاعرين طرأت على الشعر السوداني – الذي أضحى فصيحاً في بدايات القرن العشرين طرأت عليه متغيرت منها:
- توسع أغراض قرض الشعر: إذ أضيف السياسي والإجتماعي منها الى المجال الأدبي والوجداني.
- أضحت أفكاراً – الشعر أكثر نسقاً وأضحى أكثر إمتاعاً وجدانياً.
- تسللت إليه الرومانسية من الشعر الغربي والرومانسية العربية (خليل مطران إيليا أبو ماضي ، وعمر أبو ريشة) فأضحى محباً للطبيعة، وذا فلسفة وعمق وجداني وإمتد الخيال عند نظم الشعر وتم التوسع في تعابير العاطفة والوجدان وإحتوى على الصور الشعرية الممتدة وإزدادت الوحدة العضوية للإشعار السودانية "وحدة المقاطع لا وحدة البيت الشعري".
3- الأثر الثقافي للغرب الصناعي على الشعر السوداني المعاصر:
كان كل من توفيق صالح جبريل وأستاذه أحمد محمد صالح ومعاصريهم وشعراءهم من أدباء وشعراءهم نتاج التعليم الذي أنشاءه الحكم الإستعماري (كلية غردون التذكارية، مدرسة العرفاء او مدرسة الإدارة ...إلخ) قد أوقد ذاك التعليم في نفوسهم كطلاب ومتعلمين من بعد الميل الى الأدب الغربي ودائماً كانت هنالك الروابط بين ذاك التعليم وتكافؤ الأضداد الذي ينسحب على جهودهم فما تبقى من حياتهم وفي عملهم كموظفين حكوميين وكأدباء وكسياسيين.
كذلك يوطن ذاك التعليم في وعي الطلاب والمتعلمين ومن بعد صفوه البلاد سمو الثقافة الغربية والتي يدرس الطلاب على ضوئها، ولعل أهم أثر تركته الثقافة على الوعي الثقافي والجمهور الإبداعية نثراً وشعراً هم Alienating Hybridity الهجينية المفضية للإغتراب في كل ما سطر أو نظم من الأدب السوداني المعاصر وكذلك إستقر ذاك الأثر كثقافة وأدب الغرب الى التباين في الأشكال الأدبية. فقد عرف الشعر السياسي "شعر الوطنية السودانية المعاصرة" الذي صاحب وجوده البيانات والسير الذاتية والمقالات والقصة ومن بعد الرواية السودانية، فأضحى بعضها يكتب وكذلك يقرض الشعر على نحو إبداعي مطلق أو لأغراض إبداعية محددة مثل الدراما والإنشاء والغناء والنثر الشعري.
كانت هنالك المترتبات الأخلاقية والجمالية والإبداعية لأثر الشعر الغربي (في الحالة السودانية – الشعر الإنكليزي) على الشعر السوداني الفصيح "لغوياً بالعربي".
إنشغلت الساحة الشعرية بجدال عما إذا كان للشعر دوراً إجتماعياً ولم يرسى ذاك الجدال على إتفاق حول مثل ذاك الدور.
تفاوت درجات ذاك الدور الإجتماعي للشعر فيما بين أي شاعر سوداني وشاعر سوداني آخر، فقد تطرق بعض منهم الى أحداث إجتماعية وتناول شق آخر منهم مسائل إجتماعية وكثيراً خاصة حينما إتضح الظلم والطغيان الإستعماريان – أضحى الشعراء كارهين للعدوان والتفرقة وبث الكراهية بين المواطنين...الخ. وكنتيجة لذلك أضحت الأشعار التي نظمت قبيل نيل الإستعمار الوطني عامرة بالملاحظات والإنتقادات السياسية والروحية والإجتماعية ...الخ. أي أن الشعر أضحى يؤدي دور Metaphor of Social Criticism (مجاز للنقد الإجتماعي) وإنطبع الشعر السوداني ببعض طابع الرمزية في الشعر الغربي Symbolism وفي شعر أحمد محمد صالح وكذلك في شعر توفيق صالح جبريل كانت هذه ال Symbolism تخلط صوراً بلاغية حازمة وثائرة (الجمع ما بين ما هو ديني وما هو سياسي إلى جانب الآراء والمواقف السياسية) في نظم شعري يستلهم الماضي السوداني وعراقة التاريخ، كذلك كان ذاك ال Symbolism عبارة عن تحديد (لا طائل ورائه ولا جدوى منه) من خيبة الأمل والتي لا تقتصر على عالم السياسة والمقاومة ضد المستعمر أو على الحياة الإجتماعية التي تتميز بالتدني والحرمان بل تتعداه الى سائر أوجه الحياة المعاصرة . لقد جمعت القصائد الشعرية لأحمد محمد صالح (ديوان مع الأحرار) ولتوفيق صالح جبريل جوانب عضوية وإجتماعية وكذلك الجمع بين إستعارات أو مجازيات تاريخية وعضوية وسياسية ودينية وإجتماعية وصوراً بلاغية شخصية يجمع بينهما بغرض التعبير عن فقدان الأمل في الحياة السودانية التي عصف بها الحكم الإستعماري وبطشه والتي قهرت عسكرياً وسياسياً خاصة إبان حركة عام 1924م، ونشوء الحركة الوطنية السودانية وعمدت أغلب أشعارهم الى التعبير عن السخط Articulation of Dismay وإكتشاف التردى في شتى أوجه الحياة في العقود الباكرة من القرن العشرين.
التجرية الحياتية:
يدخل توفيق صالح جبريل ضمن أبكار الشعراء السودانين المحدثين – وهو بصفته هذه يعد شخصية أدبية سودانية هامة، إذ قرض الشعر على نحو معاصر في زمان بدأ فيه السودان الإحتكاك المباشر بعالم القرن العشرين عصر تنامى الإقتصاديات وتسارعت وعظمت التطورات العلمية والثقافية وقد إرتقى شعره على الرغم من عدم تلقيه تعليماً عالياً وعلى الرغم من أنه لم يلق سعه في الرزق أو حظاً في إعتلاء المراتب وضعف صحته وشظف العيش عند كبر سنه ورغم هذه الصعاب إستطاع أن يلقي الإعتبار وأن يعد شاعراً من الطراز الأول، ومن أهم جوانب تجربته الشعرية أنه ترك زهاء 388 نصاً شعرياً تشكل سجلاً لحياته الداخلية Inner Life ولجهاده السياسي والحياتي الذي يشكل طريقاً طويلاً يشتمل على الكثير من التعليم الذاتي: الدراية بالعروض الخليلي والشعر العرا إسلامي التاريخي (المتنبي والحماسة ...الخ) وشعر الأحياء والنهضة العربية المعاصرة، وكان توفيق قد بدأ نظم الشعر المعاصر في وقت ندر فيه وجود أمثلة تحتذى في داخل السودان إبان بدايات القرن العشرين، وعلى الرغم من هذا فقد جاء شعره فاحصاً لأفكاره ودوافعه ومشاعره Introspective Poetry وقد تمكن من توفير سيرة ذاتية وهامة remarkable Self-Portrait وكذلك ترك شعره فرصة واسعة للأجيال التي تلت وسوف تلي للخوض في أشعاره وسيرته وعصره وأدب السودان إبان حياته لعهود قد تطول كثيراً.
تنويه:
هذه المقالة جزء من دراسة موسعة عن الشاعر توفيق صالح جبريل ستنشر في كتاب اقوم باعداده مع الصديق عادل عثمان عوض جبريل . للتعليق او الرغبة في مدنا باي مادة ارشيفية عن الشاعر توفيق صالح جبريل الرجاءالاتصال بنا عبر البريد الالكتروني
[email protected]
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.