كما ذكرنا في المقال السابق أن الغربيين بداوا يتخوفون من أن الإسلام هو الوارث الحتمي بعد سقوط المعسكر الشرقي واضطراب المعسكر الغربي فباتوا يفكرون في بديل قوي يحد من حركة الإسلام ويقلل من خطورته ففكروا في عمل استباقي ينزوي الإسلام بسببه في ركن قصي ويبعده عن ساحة الصدام أو يضعفه . فجندوا كل امكاناتهم العسكرية والاقتصادية والاستخباراتية وبصورة اكبر حاولوا استغلال الوسائط الإعلامية المتنوعة ليصدوا الناس عن الإسلام مروجين لعملهم القادم من خلال إظهار عيوب للإسلام دون إظهار محاسن ما هم مقدمين عليه من عمل استباقي محسنين سلعتهم بإظهار مساوئ سلعة الآخر. وبعد التمهيد لهذا العمل اهتدوا إلى أن يواجهوا الإسلام بفكرة تناهض فكرته العالمية مستقلين أحوال المسلمين من ضعف وتفرق واختلاف فكانت فكرة العولمة وساعدهم على ذلك ان شهد العالم تقدما هائلا في مجال تكنولوجيا المعلومات فكان التقدم في هذا المضمار داعما لفكرة العولمة فالعولمة هي مشروع لمركزة العالم العولمة هي عملية مستمرة من التغيير وتشمل عولمة الاقتصاد Globalization في حضارة واحدة والسياسة والثقافة وهذا يعني تحول كل منها من الإطار القومي ليندمج ويتكامل مع نظم أخرى في إطار عالمي يهدف الى قيام نظام تتوحد فيه جميع الهويات الأخرى أي سياسة كونية جديدة بديلة تقوم على نظام واحد والسؤال المطروح هو هل باستطاعة العولمة ا ن تفعل ذلك وتجعل البشرية جسدا واحدا إذا اشتكى منه عضوا تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى ، وبعد أن جعلت وسائط الإعلام العالم قرية واحدة وللإجابة على هذا السؤال نستعرض أفكار وأراء بعض مفكري العالم والغربيين بصفة خاصة فهذا عالم الاجتماع السويسري جون زبقتر يقول أن منظمة التجارة العالمية وهي الذراع الاقتصادي للعولمة تجسد الليبرالية الجديدة في صورتها المتطرفة وهي تعني ضمن ما تعني موتا محققا للعالم الثالث ويرى المفكر الفرنسي جورج لابيكا في العولمة سوى حركة تدعمها الولاياتالمتحدة والشركات متعددة الجنسيات هدفها سحق مواطني العالم ويقول الدكتور مصطفى محمود العولمة مصطلح بدأ لينتهي لتفريغ المواطن من وطنيته وقوميته وانتمائه الديني والاجتماعي حيث لا يبقى منه إلا خادما للقوى الكبرى والشهادة الكبرى التي يدعمها الواقع المعاش والحال المشاهد هي أن العولمة أتت تحمل أسباب نهايتها وأنها لن تكون كما أراد لها دعاتها بعد تهاوي الرأسمالية وهي شريان الحياة للعولمة وان دعاتها هزموها فى أكثر من موقع وموقف وأخرها مؤتمر ديربن لمحاربة العنصرية والذي انسحب منه أكثر من دولة غربية تجنبا لإدانة إسرائيل ووصفها بالعنصرية تم تقرير الأممالمتحدة عن غزة لما أتى ليدين إسرائيل فى حربها على غزة قال عنه الرئيس الإسرائيلي انه ظالم ومنحاز وكان رد الفعل من بان كي مون بان اعتبر التقرير وثيقة داخلية غير قابلة للتداول والنقاش هذه هي العولمة وهؤلاء هم دعاتها فمن بين ركام الشيوعية ومعارك الرأسمالية المتهاوية خرج الإسلام كما يخرج من بين فرث ودم لبنا خالصا سائغا للشاربين لم يمسسه سوء عالمي الدعوة جماعي الفكرة وحدوي الوجهة وسطي المنهج فاتح مداخله للبشرية جمعاء لا ترهيب ولا ترغيب وذلك بقوله (وقل الحق من ربكم من شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر) لا شروط للانتساب ولا صكوك ولا رسوم إلا أن تشهد أن لا اله إلا الله وان محمدا رسول الله جاء الإسلام ليثبت واحدية اصل الإنسان بقوله : ( يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة ) جاء ليجعل التفاضل بين البشر بالتقوى والعمل الصالح وليس باللون او الشكل او العرق (يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله اتقاكم ) جاء الاسلام ليزيل الحدود الجغرافية والفواصل الإقليمية داعيا إلى الأمة الواحدة ذات الرب الواحد والقبلة الواحدة مناديا بذلك الى عولمة حقيقية تتم طوعا وتلقائيا إذا عم الإسلام البسيطة لان المسلم اخو المسلم لا يظلمه ولا يخذله ولا يحقره فالمسلمون في تعاونهم وتراحمهم كالبنيان يشد بعضه بعضا وكالجسد الواحد اذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى فبهذا يكون الإسلام هو الدين والنظام الوحيد الذي له مؤهلات العولمة بتعريفها انف الذكر ويحمل في جوانحه مقوماتها فان كان فرانسيس فوكوباما الكاتب الأمريكي يرى في سقوط الشيوعية نهاية التاريخ وحتمية الرأسمالية لمصير الشعوب فانا نرى في سقوط الاثنين معا الشيوعية والرأسمالية النهاية الحقيقية للتاريخ وحتمية الإسلام لمصير الشعوب وهذا يدعمه توجيه الفاتيكان التماس الحلول للاقتصاد العالمي في الاقتصاد الإسلامي. فان للإسلام لكل مشكل حل وله في كل امر قول فهلا تواضع دعاة العولمة وقد رأوها تترنح أمام أعينهم هلا تواضعوا ليصغوا إلى الإسلام ليحدثهم عن نفسه وهو القائل : (ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن) وهل بامكانكم أن توسعوا صدوركم لتعرفوا الإسلام على حقيقته دون فكرة مسبقة أو تشويه أو تضليل وهل بوسعكم إزاحة تلك السواتر والمصدات التي وضعتموها قصدا او جهلا أمام الإسلام حتى يعرفه الآخرون عن قرب هكذا يكون التحضر وحرية الفكر والاعتقاد والاستماع للأخر وبعدها نقول لكم كما قال الله تعالى: (لا إكراه فى الدين قد تبين الرشد من الغي).فعلى المسلمين أن يقوموا بواجبهم اتجاه غير المسلمين وذلك بإيصال الدعوى إليهم مستقلين الثورة العلمية وتكنولوجيا المعلومات فهي الطاقة المساعدة على نشر الإسلام والذي يحسن توظيف هذه الثورة يمتلك مصير ويمكنه التأثير في الآخرين بما في ذلك إدارة العالم سياسيا واقتصاديا وللإسلام من المقدرات ما يكفي على فعل ذلك فهل انتم فاعلون الخليفة احمد التجاني احمد البدوي