بقلم: محمد عبدالله محمد الحسين-الدوحة،قطر في كتاب (من نافذة القطار) للمرحوم البروفيسور عبد الله الطيب طيّب الله ثراه و ذكر العلاّمة عبد الله الطيب أن الحسن الكبير(الميرغني) أن وادي (الهواد) هو امتداد للوادي المقدس الذي هرب فيه فصيل ناقة ثمود.ووادي الهواد لمن لا يعرفه هو وادي يمتد شرق المنطقة من شندي و كبوشية حتى مشارف الزيداب في نهر النيل. فعجبت لهذه المعلومة التي لم يسندها البروفيسور عبد الله الطيب بأي سند جغرافي أو تاريخي أو غير ذلك .و البروفيسور عبد الله الطيب عرف عنه دقة التحليل و منطق الاستدلال فيما يورده.إلا أن الكتاب المعني مما لا شك كتبه عبد الله الطيب في شبابه عقب تخرجه من الجامعة مباشرة و لعله لم يكن ليحفل في تلك الفترة أو في ذلك الكتاب تحديدا وقتها بالتوثيق و التحقيق .و كان الهدف من الكتاب هو إيراد بعض من ذكريات الصبا و الشباب و الدراسة المتناثرة.بالإضافة إلى أنني لم يصل إلى علمي أن شخصا ما سأله عن هذه المعلومة من حيث صحتها و و على ماذا اعتمد قائلها.كما لا أدري في أي سياق ذكر (الحسن الكبير)هذه المعلومة. لكن المهم أن مجرد الحديث عن أن وادي الهواد على أنه فعلا امتداد لأرض ثمود أصابني بنوع بمزيج من الاستغراب ممزوجة بشيء من الاهتمام و رغبة في التعرف على حقيقة هذه المعلومة بجدية باعتبار أنها قد تكون صحيحة و مع. من ناحية أخرى فإن التماهي من جانبي مع هذه المعلومة جعلني أذكرها لكل من وجدته يهتم بالأشياء الثقافية أو التاريخية و العلاقات الجغرافية و علاقات القرابة و التواصل .فما وجدت إلا مجرد تلقي سلبي للمعلومة دون أي إضافة أو شرح. فجعل خيالي يسوقني إلى ما درسنا في الجغرافيا من نظريات فحواها أن الأرض قد انخفضت في منطقة البحر مسمية ما يعرف بالأخدود العظيم. و يعضد هذه النظرية بطبيعة الحال أن المناخ في شرق البحر الأحمر و غربه متشابهان كما أن التنوع النباتي و الأشجار هي نفسها على الجانبين و حتى التسميات المحلية للأشجار و النباتات في معظمها متماثلة حيث تحمل نفس الأسماء في السودان و السعودية مثل شجر السمر أو السيّال أو السدر أو الدوم ...إلخ. و كنت كثيرا ما أتساءل إذا كنت الأرض على جانبي البحر الأحمر في السودان و السعودية كانتا أرضا واحدة فمثلا أين امتداد جدة في السودان ؟و ماذا يقع مواجها مدينة مكة أو غيرها؟ و هكذا.وفي يوم من الأيام كنت أقرأ قصيدة لامرؤ القيس يصف فيها مروره بناقته في إحدى رحلاته حيث يقول: ووادي كجوف العير قفراً قطعته به الذئب يعوي كالخليع المعوّل و قرأت في إحدى الشروحات لهذا البيت :أن (الوادي الذي كجوف العير) يشبه الشاعر باتساعه بجوف الحمار،و يذكر الشاعر بأن ذلك الوادي هو وادي مشهور و كان يعرف باسم (وادي الحمار) و لكن الشاعر ذائقة الشاعر أبت أن يأتي باسم (وادي الحمار) فقال (كجوف العير)،و جاء في المعلومة أن ذلك الوادي كان يملكه أحد الرجال المسنّين و هو من بقايا قوم ثمود.و تشبيه الوادي بجوف الحمار لاتساعه و استدارته شائع و معروف لدى العرب.المهم ذكرني ذلك (وادي الحمار)المشهور في ضواحي عطبرة .و استغربت لتلك الصدفة الغريبة أو عن احتمال وجود علاقة ما.حيث أن مثل هذه العلاقات على غرابتها أحيانا أو استبعاد البعض لها أو إنكارهم حتى لمجرد الربط بينهما إلا أنها تنشّط لدى البعض الرغبة في البحث و التقصي و إلى عدم أخذ الأشياء على علاتها. أوردت ذلك لأننا كثيرا ما نفتقر إلى الدقة و المرجعية و الموثوقية في كثير من تاريخ مدننا و قرانا حيث أننا لا نجد تفسير منطقي أو تفسير واحد و منطقي يتفق عليه الجميع حول أصل تسمية كثير من المدن و المناطق مثل: (كوستي) أو (الدامر) أو (عطبرة) أو السوكي أو سنار... إلخ. و لنا عودة مرة أخرى إن شاء الله. محمد عبد الله محمد الحسين-الدوحة،قطر mohammad alhussien [[email protected]]