في الوقت الذى نعيش فيه ربيع الثورات العربية التي أنتظمت العالم العربي منذ بداية هذا العام وهذه الثورة أطاحت بحكومات كانت تظن أنها بمنأي عن السقوط وهي حكومات ديكتاتورية جثمت علي صدور شعوبها زماناً طويلاً وعاثت في الأرض فساداً (والله لا يحب المفسدين ) وهذه الثورات لم تندلع فجأة هكذا ! أو بفعل قوى خفية تسعي لزعزعة الاستقرار في هذه المنطقة من العالم كما يذهب إلي ذلك الحمقي من حكامنا !! لهذه الثورات أسباب موضوعية تراكمت عبر السنين وأن الشعوب وصلت إلي مرحلة كانت لا بد من أن تنفجر للقضاء ليس علي الحكام فحسب بل القضاء علي النهج البائس للحكم وإحلال نهج جديد يقوم علي الديمقراطية واحترام حقوق الإنسان ، وقد أنداحت هذه الثورات علي مساحة واسعة من العالم العربي من أقصى المغرب إلي أقصى المشرق ، وبالرغم من أن كل المعطيات والإشارات الواضحة من أن هذه الثورات سوف تحقق أهدافها إلاّأن نفراً قليلاً من الحكام مازالوا يوهمون أنفسهم بأنهم بعيدين من أن تطالهم لهيب هذه الثورات وبالتالي فهم في غيهم يترددون حتى تنزل عليهم الطامة...... ونفر آخر من الحكام وصل بهم الوهم درجة عالية لم يسبقها إليها أحد من العالمين بان هذه الثورات من صنعهم وامتداد لربيعهم الذي أنطلق منذ عقدين من الزمان وبالتالي فهم الآباء الشرعيون لهذه الثورات ..... سمعنا مثل هذا الكلام من القيادي الفذ (نافع علي نافع) وحسبنا أن الرجل وكعادته يطلق القول علي عواهنه ولا يبالي وهو الذي أشتهر علي نطاق واسع بالمقولات من أمثال جربوا لحس الكوع ، العين المليانة بالخواجات أن شاء الله تنقد واليد الممتدة للخواجات أن شاء الله تنقطع لن نسلم الدقن لا ي زول , مقولات لاتليق برجل الدولة وكل أناء ينضح بما فيه ولله في خلقه شئون ثم ياتي السيد رئيس الجمهورية لتأكيد ما ذهب إليه نافع وفي خطاب له أمام المؤتمر العام للمؤتمر الوطني وبحضور عربي وأجنبي كثيف قال سعاته (أن الذين يشيعون أن ربيعا قادما سيطول أمرهم وينتظرون وقتا طويلا لأن أهل السودان يعيشون ربيع ثورة الإنقاذ منذ أكثر من عقدين) وعلينا أن نعيد قراءة ما قاله الرئيس مثنى وثلاث ورباع و نتدبرما فيه , حتما سوف يرتد إلينا البصر خاسئا غير مصدق لهذا القول ، خطاب الرئيس كله يحتاج إلي تعليق لمفارقته الواقع الماثل أمام الناس وقد تعودنا مثل هذه الخطابات التي لا تزيدنا إلا خبالا لاستفزازها مشاعر الناس والاستخفاف بهم وأستجهالهم وسوف يرتد إليهم هذا الاستجهال ، سيدي الرئيس أنت علي سدة الحكم منذ أكثر من عقدين من الزمان فهذا التشبث بكرسي الحكم لكل هذه المدة يعد أحد عوامل ثورات الربيع العربي أما الأسباب الأخرى لهذه الثورات فكلها جاثمة علي صدر هذه الأمة , فالفقر أصبح سمة لازمة لحكومتكم في بلد يمكن أن يصبح سلة غذاء العالم كله فبسبب سوء تخطيطكم وانتشار الفساد تعاني البلاد أوضاع معيشية متردية وتزاوج ذلك كله بتفاقم مشكلة البطالة والتي تعد من العوامل التي أشعلت شرارة ، الثورات ، أما القمع فحدث ولا حرج فحكومة المؤتمر الوطني تملك سجلاً سيئاً في حقوق الإنسان قادته إلي المحاكم الجنائية الدولية مع وضع البلاد تحت المراقبة الدائمة ..... أما فقدان الكرامة فحث ولا حرج أيضا ، ملايين الناس في معسكرات النزوح واللجوء في دارفور وفي النيل الأزرق و جنوب كردفان وفي نهر النيل ..... يعيشون علي الاغاثات التي تقدمها المنظمات الدولية ذات الأغراض الاستعمارية، وأن البلاد في ظل ربيع الإنقاذ أصبحت عنواناً لكل الماسي وأن شباب السودان الذين ضاقت بهم سبل المعاش الكريم ساحوا في أركان الدنيا لاجئين يستجدون العالم بطرق مهينة ، حتى إسرائيل استقبلت عدداً من هؤلاء الهاربين من جحيم المؤتمر الوطني ، ديست كرامة هذه البلاد ومرغت بالتراب بصورة لم تشهدها البلاد عبر تاريخه الطويل ....وفوق هذا فقدان أجزاء عزيزة من البلاد جنوباً وشرقاً (حلايب) ومناطق أخري في الشرق وسوف تلحق مناطق أخري أن أستمر المؤتمر الوطني في سياساته ؟! سيدي الرئيس تحدثت عن تحرير كامل الأرض في جنوب كردفان والنيل الأزرق وهي مناطق محتلة من سودانيين مثلك ولكنك نسيت أن تحدث شعبكم الذي ينعم بالربيع الإنقاذي متى تحرر حلايب وهي محتلة من أخواننا المصريين المفارقة أن كل الدول التي أجتاحتها الثورات العربية لم تكن من بينها دولة أرضها محتلة ، كما وأن هذه الدول جميعها خلت أراضيها من أي وجود عسكري أجنبي وسوداننا وفي ظل ربيع ثورة الإنقاذ تمرح في أرضه القوات الدولية من كل لون وجنس مع أن الثورة الحقيقية بالضرورة لا تقبل التدخل الأجنبي ولابد أن تحتفظ بنقائها، سيدي الرئيس إلا تري أن كل الأسباب التي أدت إلي الربيع العربي متوفرة في السودان وزيادة فالفقر تزاوج مع انعدام الحرية ، كما وأن انتشار الفساد والتسلط هما نتاج انعدام الحرية هذه الحرية التي يتشدق بها المؤتمر الوطني , لسنا في حاجة للاستدلال علي أنعدامها ، فاحتكار المؤتمر الوطني للوسائط الإعلامية القومية ومصادرة الحكومة للصحف والتضييق عليها شاهد للعيان ... أما غضبك من الذين يروجون عن تردي اقتصادي و اجتماعي وأمني ووصفك بأنهم يتحدثون وهم آمنون في بيوتهم ويأكلون أشهي الطعام ويتمتعون بالسيارات الفارهة في طرقات الخرطوم الواسعة هذا القول يرتد عليك ....... التردي الاقتصادي والاجتماعي والأمني لا يحتاج للحديث فالناس يعيشون هذه الأوضاع يومياً عن أي أمن يتحدث الرئيس فدارفور بولاياتها الثلاث لم تنعم بالأمن منذ عشر سنوات الناس هنالك لا يامنون علي أنفسهم وأموالهم فالذين سلحتهم حكومتكم يعيثون في الأرض فسادا قتلاً وسحلا ونهباً ، وكذلك ما يدور في جنوب كردفان والنيل الأزرق وهلمجرا.... حتى في قلب الخرطوم هنالك أنفلات أمني وسجلات الشرطة تبين ذلك. أما استكثارك علي الذين ينتقدونكم بأنهم ينعمون بالأمن وطيب الأكل والدابة الفارهة ، فان أمعنت النظر فسوف تجد أن ما ذكرته ينطبق تماماً علي أعضاء حزبك فمعظم العربات الفارهة التي تدب في شوارع الخرطوم أما حكومية يمتطيها قادة حزبك وأما خاصة يمتطيها الذين نبتوا كالشيطان في ظل حكومتك (القطط السمان) وحتى المطاعم الفاخرة يمتلكها أعضاء حزبك أما السواد الأعظم من هذا الشعب فهم في وأد وأنتم في وأد آخر ، الحراسات الخاصة للبيوت والفلل الفاخرة هي ظاهرة جديدة في السودان ولا ننبئك أن هذه القصور يمتلكها في أغلبها أصحاب الأيادي المتوضئة التي كانت أمينة , فهذا الشعب يعرف كل القادة أصلهم وفصلهم وما طرأ عليهم من نعيم الدنيا (وأما بنعمة ربك فحدث) هذا القدر الذي ذكرناه من أسباب ثورات الربيع العربي يجعل الشعب ينتفض ضد المؤتمر الوطني الذي يظن أنه يبقي بمعزل عن الربيع العربي وتداعياتها ورياحها ، ويمضي الرئيس في خطابه قائلاً سنجعل بلادنا نموذجاً يحتذي في الحوار والسلام والتنمية وهذا فيه بعد !! فشلت الحكومة علي مدي عقدين من الزمان في إدارة حوار جاد مع القوي السياسية والحركات الاحتجاجية والنتيجة هو الشقاق بين مكونات هذا الشعب والعنصرية والقبلية التي أطلت برأسها ، فأن أي حوار وسلام وتنمية يتحدث عنها السيد/ الرئيس ويمضي الرئيس قائلاً تمكنا فيها بالجسارة والصبر علي الابتلاءات من بناء دولة قوية !! أين هذه الدولة القوية ؟ أنفصال الجنوب والحرب في جنوب كردفان والنيل الأزرق ودارفور والأزمة الاقتصادية التي تمسك بخناق البلاد وانسداد الأفق السياسي وغياب الدستور المجمع عليه ، هذه المشاكل تجعل من المحال أن تكون الدولة قوية !! ويمضي المسلسل اللامنطقي في حديث الرئيس قائلا (كيف يكون الحال لو لم يتم البحث عن بدائل في الاقتصاد وفي الأزمات التي حدثت في السلع الأساسية المرتبطة بمعاش وحياة المواطن) هذا يشبه حديث أحد قادة الإنقاذ في أيامها الاولي ( لولا الانقاذ لارتفع الدولار إلي عشرين جنيها... ويومها كان الدولار باثني عشر جنيها سودانياً واليوم أصبح الدولار خمسة الأف جنيه ) مثل هذه المقولات ستظل تطارد قائلها وتكون وصمة عار في جبينهم ، سيدى الرئيس نصحتنا لك أن تبحث عن مخرج تحفظ به ماء وجهك قبل أن تداهمك ثورة الجماهير والعاقل من اتعظ بغيره . Barood Ragab [[email protected]]