استطاع الاعلامي المتطور بشكل لافت ان يحبس انفاس العديد من المشاهدين داخل وخارج السودان بحواره الانيق الجرئ مع البشير في جمعه ( صاحيه وبهذا وضع نفسه في محك صعب لا يقبل التراجح او التدهور او المنزلة بين منزلتين برغم أن بداية الحوار شابه التوتر من ( الطاهر حسن التوم ) الذي لم يذق الطعام لمدة كافية تفقده " السكر في الدم " وهذه حالة من حالات رهق المهنة والانتماء الشفيف لها . اما وان استوى الحوار على الجودى حتى عمت الطمأنينة عامة السودانيين الذين ارهقتهم الحياة او الذين اصيبوا بخيبة امل كبيرة بعد انهيار محادثات النفط او ازعجتهم احاديث الفساد التي لا يخلو منها مجلس او الذين شعروا بالاحباط من الحكومة التي تترك اعز الناس في المناصير يلتفحون العراء دون حل قضيتهم .... تصدى البشير لكل تلك الاسئلة الحرجة والساخنة واستفاض في الاجابات بصراحة غير معهودة .... ربما يكون حاضر الذهن موفقاً ولكنه بالتأكيد كان في كامل نضجه السياسي مع حضور لافت للمسائل دون احساس بترتيب مسبق حيث بدا اللقاء عفوياً واضحاً مقنعاً من غير ( تحضير ) مهني مسبق لمثل هذه اللقاءات . أذكر في بدايات التسعينات أول تصادم حقيقي بين البشير والإعلام كان في القاهرة خرج منه البشير منتصراً محرزاً لنقاط غالية رغم محدودية تعامله مع الإعلام .... ومنذ ذاك الحين والى يومنا هذا ... تجد البشير لا يهاب الكاميرات ويجيب على الأسئلة الساخنة بمنتهى البساطة والوضوح و الشجاعة . في اعتقادي ان البشير يستمد الجرأة والشفافية من كونه سوداني حتى النخاع ... جاءت ابرز نقاط الحوار سطوعاً التجديد ( بأغلط الايمان ) أن لا كبير على القانون وهذه نقطة يحتاجها المشاهدون جداً . إشارة اخرى توضح حضور الرئيس في الملفات كافة ... وبالتالي يعني ان البشير ( صاحي ) وهذا ينفي بشكل ما ان هنالك جهات عديدة تخفى عنْ الرئيس حقائق وأحداث ومعلومات ... بل نستطيع ان نؤكد ان البشير يقرأ ( خارج النص ) كثيراً بحيث لا يكتفي قراءة التقارير الرسمية فقط رغم وجاهتها وتحرّيها للعبارات المنمقة . الحوار التلفزيوني أثار نقطة قديمة متجددة وهي ان الدولة لا تعطي أهمية كافية تناسب فعل الإعلام الساحر خاصة بعد ثورة التكنولوجيا ... فإذا أجرى استطلاعاً مهنياً حقيقياً لما أحدثه الحوار من نتائج لوجدنا الاثر فعالاً و قوياً لا تستطيعه الجيوش ان تنجزه في تهدئه او إسكات في مناطق ملتهبة تموج بمشكلات سياسية لبست لبوساً اخر ... الانتباه للإعلام غير توفير المال يحتاج الى وعي كبير بأهمية وتدريب كوادره ليتركوا الانطباعات ويتحّرّوا الصدق ونقل المعلومة ...الصحيحة ويحتاج من الدولة ان تتيح للإعلاميين سهولة الحصول على المعلومات بالقانون وحماية الصحفي لمصادره وبالضرورة هذه المكتسبات تلقي على الإعلام مسؤولية وطنية كبرى . الحوار خاطب اهل المعارضة وأهل الحكم معاً وعامه الناس والمجتمع الدولي وما دون ذلك ... اما احتفائي باللقاء قدرة الإعلام على انجاز مسائل لا تحل بالبندقية . فمتى تلتفت الدولة لأهمية الإعلام بشكل يناسب ( قليلاً ) سرعة تأثيره ؟؟؟ شد ( البشير ) أنظار الامة ... منهم منْ اطمئن على البلاد وشعر بمسؤولية العظيمة الملقاة على ولاة الامر ومنهم منْ امتعض كثيراً من الحوار ورأى فيه تبسيطاً مخلاً ... ومنهم منْ نام قرير العين لكن يبدو ان البشير ما زال يحتفظ بلياقة عالية وجاذبية يحسد عليها بين الرؤوساء في زمن الربيع العربي !!!! islam al sudanee [[email protected]]