abdalltef albony [[email protected]] (1 ) من تاريخ السودان المعاصر يمكننا ان نشير لثلاثة شخصيات لها رؤية وكارزيمية طاغية ونشاط سياسي سعت لتطبيق افكارها من خلال الدولة واحدثت نقلة وتركت بصمة .وهم عبد الخالق محجوب وحسن الترابي وجون قرنق . فعبد الخالق هو الذي بشر بالاشتراكية العلمية في السودان وسعى لتطبيقها بالحزب الشيوعي السوداني الذي كان اول سكرتير له الي رحيله حسن الترابي هو الاب الروحي للحركة الاسلامية في السودان وظل على قيادتها منذ اول ظهور له بعد اكتوبر 1964 الي يوم الناس هذا جون قرنق هو صاحب نظرية الهامش الذي التي تغول عليه المركز وهو مؤسس الحركة الشعبية لتحرير السودان وزعيمها الي ان رحل لم يكن الثلاثة مبتكرين للنظرية السياسية التي بشروا بها ولكنهم سودنوها وطرحوها من خلال الاحزاب التي تزعموها فالاشتراكية العلمية بدات من عند كارل ماركس واضيفت اليها اجتهادات من حكموا باسمها ولكن عبد الخالق سودنها وان احتفظ باسم الحزب الشيوعي ولم يفعل كما فعل زعماء افارقة اخرون مثل نكروما ووماديبو كيتا . الاسلام السياسي اي ضرورة ربط الدين بالسياسة اقدم من الترابي بكثير والترابي نفسه نشا تحت ظلال الاخوان المسلمين ولكنه اقتطع منهم الحركة الاسلامية السودانية واضاف اليها الكثير من اجتهاداته وتكتيكاته السياسية . علاقة المركز بالهامش لم يبتدعها جون قرنق قال بها سمير امين على المستوى العالمي وجوليوس نيريري على المستوى الافريقي ولكن قرنق سودنها وكون لها حزبا وحمل لها السلاح نجح الثلاثة في فرض اجندتهم على مسيرة الحركة السياسية السودانية فعبد الخالق جعل الاشتراكية موضة الستينيات في السياسة السودانية وكان حزبه هو المسيطر الخفي على مفاصل السياسة في السودان في تلك الحقبة وماحركة الاخرين الا رد فعل له الترابي جعل العلاقة بين الدين والدولة مدار الحراك السياسي في السودان لمدة ثلاثة عقود ومازلت مستمرة اما جون قرنق فقد فرض بند الهامشية وان شئت الدقة قل العنصرية في السياسة السودانية وهي التي ادت الي فصل الجنوب وقيام دولته المستقلة كان يمكن للثلاثة ان يكونوا مفكرين سودانيين طليقين اي يدونوا افكارهم وينشرونها على الملا يلتقطها من يلتقطها فردا كان ام جماعة ولكنهم قيدوها بالحزبية ولم يجعلوا احزابهم جماعات ضغط لتؤثر في بقية الاحزاب بل صوبوا نظرهم للسلطة اي اختاروا اقصر الطرق لرؤية افكارهم وهي تطبق بالية الدولة وعلى ايديهم فدخلوا في صراع مع طالبي السلطة الاخرين ودفعوا ثمن هذا الصراع الامر الذي اثر على اطروحاتهم الفكرية لانها ارتبطت ارتباطا عضويا بحياتهم ارتباط افكار ورؤى الثلاثة بحياتهم وبالسلطة جعل نظرياتهم وان شئت قل ابداعاتهم تنتهي بنهاية حياتهم العضوية او حتى السياسية فمقتل عبد الخالق اثر على الحزب الشيوعي واصابه بالضمور ثم كانت رصاصة الرحمة مع نهاية المعسكر الشرقي وانحسار الشيوعية العالمية وفاة جون قرنق او بالاحرى اغتياله انحرف بالحركة الشعبية فتمسك خلفاؤه بالبعد العنصري من نظريته واقاموا دولة جنوبية مستقلة اما حسن الترابي فمازال يكابد في هذة الفانية وبالتالي اتخذ تطور افكاره مسارا مختلفا عن رفيقية وهذا موضوعنا ليوم الغد ان شاء الله مع الترابي في ثمانينيته (2 ) بالامس قلنا ان الترابي مثله مثل عبد الخالق محجوب وجون قرنق صاحب رؤية وحراك وتنظيم سياسي وسعى لتطبيق افكارة من خلال السيطرة على الدولة وقلنا ان هذا النوع من المفكرين غير الطليقين اي المقيدين بحزب وحركة دولة دائما تتاثر افكارهم بحياتهم العضوية وقلنا ان رحيل عبد الخالق وقرنق قد ظهر اثره على روؤاهم وان تركوا ارثا قابل للاخذ والرد اما دكتور الترابي مازال يعمل على تثبيت رؤيته غير الثايتة لتاثرها بالوضع السياسي الذي يعيش فيه وبذات الوسائل السياسية وبالتالي الحكم على تجربته وهي مازالت سارية هذا ان لم نقل متغيرة كالمشي على رمال متحركة فالدراسة الموضوعية لتجربته تقتضي نهاية مشروعه سائلين الله له طول العمر ولكن بمناسبة ثمانيته راينا ان نتوقف قليلا على ما انجز من هذة التجربة الثرة التي شهدت منعطفات كثيرة وخطيرة واثرت ومازالت تؤثر على الحركة السياسية في السودان الترابي نجح في حقن حركة الاسلام السياسي في السودان بمصل اعطاها خصوصية عن حركة الاخوان المسليمن العالمية لابل فصلها تنيظيما عنها وان استفاد من علاقته بها كما انه ثبت اجتهاداته الخاصة من خلال الحركة والحزب والدولة كوضع المراة وفكرة الدستور الاسلامي ولكن مراعاته للواقع السوداني في اجتهاداته لم تكن واضحة كما ان تطبيقات النميري الاسلامية اثرت كثيرا على مسيرة اجتهاداته ومسيرة حزبة وفي الغالب تاثيرا سلبيا فقد كانت قفزة غير مامونة العواقب في عباءة الترابي كان يمكن ان نعزو الاضطراب في خط سير الترابي لتجربة نميري الاسلامية في السودان ولكن جاءت تجربة الانقاذ وغطت كليا على تلك التجربة فان كان وضع الترابي مع النميري هامشيا فانه في تجربة الانقاذ كان هو الدينمو المحرك وبالتالي كل التجربة محسوبة علية . كان يمكن القول ان الترابي بعد عشرية الانقاذ الاولى سعى لاستدراك بعض السياسات المطبقة بيد انه حدث الانقلاب عليه ولكن لو تمعنا اليات ذلك الانقلاب سوف نجدها هي ذات الاليات الصادرة من مدرسة الترابي التنظيمية فالترابي كما ذكرنا لم يكن مفكرا طليقا بل كان تنظيميا وتكتيكيا في نفس الوقت يمكن الحكم الان على ثورة الترابي الفكرية فاجتهادته في الفكر واصول الفكر الاسلامي مازالت مستمرة وملفتة للانتباه لابل خروجه العضوي من السلطة اعطاه جرعة تحريرية كبيرة ولكن تجربة الترابي في السياسة والحكم لايمكن الحكم عليها لانها مازلت منتجة وان خرج من الحكم فقد بقى في الحراك السياسي . فتقييم تجربة الاسلاميين في الحكم التي قادها الترابي وهل سيكون مصيرها مصير اشتراكية عبد الخالق او هامشية جون قرنق بعد رحيلهما ام انها سوف تفرز شكلا جديدا ام تنتهي بنهاية السودان الحالي كل هذا مرهون بتطور الاحداث في الايام القادمة امد الله في عمر الترابي ليصبح من الزعماء السودانيين القلائل الذي تصدروا واجهة الاحداث لفترة طويلة الامر الذي لم يتوفر لزعماء سياسيين اخرين اللهم الا الصادق المهدي ومحمد ابراهيم نقد ونسال الله له ولهم الصحة والعافية فالسيد عبد الرحمن المهدي والازهري والشريف حسين الهندي وعبد الخالق وجون قرنق كل هؤلاء الزعماء المؤثرين رحلوا في عمر مبكر مقارنة مع الترابي ان شاء الله عينا باردة عليه لذلك عظم تاثير الترابي في الحركة السياسية السودانية وعقبال يوقد الشمعة الثمانين بعد المائة