قالت الأم لجاراتها في تبرير رسوب ابنها في امتحانات نهاية العام الدراسي..."والله المدرسين مقابلين ولدي برا سبب شان كدي سقّطوه في الامتحان".. تعامَت الأم -بدافع من عاطفة الأمومة -عن قصور أداء ابنها وإهماله وألقت باللوم كله على المعلمين. ونحن الآن مثل هذه الأم، فبتلك الوطنية غير المرشّدة ترانا نشجب.. ونستنكر.. وندين العمالة الأجنبية التي جاءت لتزاحم "أبناء الوطن" في مصدر رزقهم. وغاب عنا أن هناك خللاً ما في تركيبة العامل السوداني يجعله يميل إلى التسيّب ما أغرى وشجّع العمالة الأجنبية على هذا الغزو غير المسبوق.. هذا الغزو الذي أفزعنا وجعلنا نولول ونندب. عمال النظافة من البنغال.. القائمون باعمال السباكة والتمديدات الصحية باكستانيون و مصريون..النجارة وتصنيع الأثاث والأبواب..إلخ ..هنود..وأحباش..عمال البناء من الصين.. مجال التنجيد وتصنيع المطابخ وتركيب الستائر..أتراك.. العاملون والعاملات بالمستشفيات الخاصة من الفلبين .. محلات الحلويات والعاملون بها سوريون.. أصحاب المطاعم الكبيرة والعاملون بها من لبنان وتركيا.. أعمال السيراميك والبلاط .. باكستانيون..عمال الكهرباء والحدادة مصريون.. إلخ. إن انتشار هذا النوع من العمالة الأجنبية لا يرجع كما زعم السيد الرئيس إلى "انبهال" قروش البترول التي جعلت العامل السوداني يركن إلى الكسل و"يخلف كراع فوق كراع" شأن نظرائه في دول البترول..هذا القول يكذّبه واقعٌ فَرَد فيه الفقر جناحيه على السواد الأعظم من الشعب. على أننا لو تحلينا بقدر من الموضوعية نجد أن العامل السوداني للأسف لا يُعوَّل عليه سواء في إجادة الصنعة والإخلاص لها أو الالتزام بالمواعيد.. إننا لا نستطيع أن ننكر ونكابر في حقيقة أن صفة التسيّب هي أهم ما يميز معظم العاملين في سوق العمالة المحلية : "والله اليومين الفاتن ديل ما قدِرت أجي عشان حبوبتي إتوفت وكنت قاعد في الفراش" "أمبارح زوجتي ولدت بعملية قيصرية وكنت معاها في المستشفى" "هجمت علي الملاريا تلاتة يوم مغنتِس ما قادر أرفع راسي" "أمس بالليل نطّ علينا حرامي سرق جلابيتي و شوية هدوم حقات الأولاد يومي كله ضاع في قسم البوليس" .. الخ .. من الأعذار الملفقة. لهذا يُفضِّل الكثيرون الاعتماد على العمالة الأجنبية ولو أدى الأمر إلى التضحية ببضعة جنيهات إضافية. وفي النهاية أقول .. إلى أن يتواجد العامل السوداني الحريص على عمله وأدائه على أكمل وجه فلا يحق لنا أن نشجب..وندين...ونستنكر.