أستاذ الفلسفة بجامعه الخرطوم [email protected] هناك ثلاثة مذاهب في تفسير طبيعة اللغة النوبية (هل هي لهجة أم لغة). المذهب الأول: يرى أنها لهجة وليست لغة، وهو مذهب خاطئ لان للهجة معنيين: المعنى الأول أنها نمط خاص لاستعمال ذات اللغه المعينه (كاللهحه السودانية،المصرية،السورية... في استعمال ذات اللغه العربية)،وهذا المعنى لا ينطبق على اللغه النوبيه لأنها ليست نمط خاص لاستعمال لغة أخرى مشتركه. المعنى الثاني للهجة أنها لغة قبليه خاصة، وهذا المعنى غير صحيح لان المجتمع النوبي تجاوز الأطوار القبلية منذ ألاف السنين. المذهب الثاني: يرى أنها لغة وليست لهجة،لكن هذا المذهب لا يميز بين اللغه القومية المشتركة واللغة الشعوبية الخاصة. المذهب الثالث: الذى نرجحه أنها لغة شعوبية قديمة خاصة تتفرع إلى العديد من اللهجات القبلية، ولكنها ليست لغة قوميه مشتركه. يدل على صحة هذا المذهب ما قرره الباحثين عن اللغه النوبيه ، حيث يرى كثير منهم إن اللغة النوبية هي إحدى اللغاالميلادي،- السامية القديمة، وان تاريخ ظهورها في وادي النيل يرجع إلى القرن الثالث قبل الميلاد . و قد تم العثور على وثائق مكتوبة باللغة النوبية القديمة يرجع تاريخها للفترة ما بين القرنين الثامن والرابع عشر الميلادي ، ومعظمها عبارة عن ترجمات لنصوص مسيحية نقلا عن اليونانية . ولم تكن اللغة النوبية هي أول اللغات التي استخدمت في المنطقة، إذ كانت اللغة الفرعونية هي اللغة الرسمية ما قبل عهد مروي. و مع انقطاع الصلة بمصر تلاشت معرفة الناس باللغة المصرية وحلت محلها تدريجيا اللغة المروية . وقد كانت اللغة المروية تكتب بطريقتين : طريقة الصور ( الهيروغليفية ) ، والحروف ( الديموطيقية ) و كان عدد حروفها ثلاث وعشرين حرفا منها أربعة معتلة و وتسعة عشر ساكنة . ويرجع بعض الباحثين تاريخ ظهوراللغه النوبيه إلى الفترة ما بين القرنين الثاني قبل الميلاد و الثاني الميلادي عندما ضعفت مملكة مروي. ويعتقد بعضهم بأنها جلبت للمنطقة بواسطة القبائل التي وفدت إليها من شمال غرب افر يفيا عندما استوطنت بالمنطقة إبان سقوط مملكة مروي . وقد صارت اللغة النوبية في تلك الفترة اللغة الشعبية في مروي بينما كانت اللغة المروية اللغة الرسمية للبلاد ، ولكن بعد سقوط مروي حلت اللغة النوبية محل المروية وأصبحت اللغة الرسمية كانت اللغة النوبية في بدايتها لغة تحدث فقط ، ولكن مع دخول المسيحية في القرن السادس الميلادي وبروز الحاجة لترجمة نصوص الإنجيل قام النوبيون باستخدام الحروف القبطية ( ذات الأصل اليوناني ) لتدوين اللغة النوبية بعد أن أضافوا إليها ثلاثة أحرف لتوافق النطق النوبي ، فصار عدد أحرفها أربعة وثلاثون حرفا ، فصارت لغة تحدث وكتابة .وقد عايشت اللغة النوبية عدة لغات محلية وعالمية مختلفة منذ ظهورها ، كلغات البجا في شرق السودان واللغة الهيروغليفية ( المصرية القديمة ) والرومانية والإغريقية وحتى العربية ، فتأثرت بها وأثرت فيها. و تنطق اللغة النوبية اليوم بعدة لهجات أهمها :الكنزية الحلفاوية السكوتية المحسية الدنقلاوية وهناك من يقسمها إلى لهجتين فقط هما الكنزية وهي لهجة الكنوز والدناقلة ، والفديجا وهي لهجة الحلفاويين والسكوت والمحس . - للاطلاع على مقالات أخرى للدكتور صبري محمد خليل يمكن زيارة العنوان drsabrikhalil.wordpress.com)