الكل يعلم أن الحركة الشعبية بعد الحرب الطويلة لم تستلم السلطة في الخرطوم والجنوب بالقوة مثل شريكها المؤتمر الوطني. ولكنها دخلت السلطة عن طريق إتفاقية السلام الشامل التي جاءت بالحريات والقيم الإنسانية السامية وكما نعلم, النيفاشا ملك لكل السودانيين. كما قاله الراحل المقيم د. جون قرنق ديمبيور زعيم الحركة ومفكرها . ومن اجل هذا الإنجاز العظيم, وجاذبية خطاب الحركة وكاريزمية قائدها, أنضم أغلبية الشعب السوداني للحركة الشعبية وأصبحت حقاً حركة شعبية . ولكن الرحيل المفاجئ لرئيس الحركة وقائدها د. جون قرنق وإنتقال القيادة إلى القيادة الحالية . تبددت الآمال عندما أنصرفت القيادة الجديدة للحركة أنظار الشعب عن القضايا الحقيقية وخلقت صراعات جانبية بعيدة كل البعد عن قضايا الشعب . وبدلاً من التفكير في تنفيذ بنود إتفاقية السلام الشامل وإحداث التنمية وتقديم الخدمات للمواطنين، وإعادة تعمير ما دمرته الحرب بدأ جنرالات الإقصاءات بنبش جراحات وخلافات الماضي وإطلاق الإتهامات لرفاقهم الذين كانوا قيادات جناح الناصر بأنهم قد باعوا القضية, وإنهم جلابة ولابد من بذل كل جهد لإقصائهم وبذلك أعادوا التكتلات وصراع المجموعات داخل الحركة وما حدث في المؤتمر العام للحركة الشعبية في مايو 2008م شاهد علي ذلك. وبذلك قد دمرت بفعل المؤامرات وحدة الصف الجنوبي وصف الحركة الذي تم تحت القائد الدكتور جون قرنق ديمبيور قبل اتفاقية السلام الشامل. وعندما وجد هذا الاتجاه معارضة قوية داخل الحركة ووسط الجنوبيين,اتهم الشعب الجنوبي كلها بالجلابة والمؤتمر الوطني. وأصبح مصطلح ( الجلابة و المؤتمر الوطني- مراد فات لطابور الخامس والعمالة ) ومصطلحات لترهيب الناس فكرياً حتى رئيس حكومة الجنوب لم ينجو من تلك التهم. المتابع لمجريات الأحداث في الحركة يعلم الصراع التي نشبت في الحركة الشعبية والجيش الشعبي لتحرير السودان مع قرب توقيع اتفاقية السلام الشامل في عام 2004م والتي عقبتها اجتماعات رمبيك الشهيرة لراب الصدع بين زعيم الحركة الدكتور جون قرنق ونائبه آنذاك الرئيس الحالي للحركة فريق أول سلفا كير ميارديت آتهم الأخير بالعمالة وأن الجلابة قد باعوه وإن الوقت غير مناسب لاحتجاج علي ممارسات التهميش الذي يمارسه رئيس الحركة علي نائبه سلفا كير. اتهم القائد سلفا بتهم وإساءات لايمكن للمرء ذكرها في الصحف. وأصحاب تلك الإساءات والتهم يعلمون علم اليقين إن تهمهم عارية من الصحة ومحاوله لإدانة المظلوم إنصاف الظالم لإرضاء وتأكيد الولاء لبنجديت حفاظا علي المصالح الشخصية الضيقة وتشويه لصورة القائد سلفا في الوسط الجنوبي وإظهاره كخائن لشعب وللقضية. والسؤال الموضوعي الذي يطرح نفسه هو هل حقا القائد سلفا باعوه؟ أم تلك كانت إرهابا فكريا حني يتخلى هو عن حقه وحقوق أهله؟ وهل فعلا من يخالف الحركة في الرأي سوا كان هو داخل الحركة أو خارجه , هو جلابة ومؤتمر وطني – وبالتالي عميل وضد الشعب؟ وهل سيسكت الجنوبيون دون احتجاج علي الفساد والإضطرابات الأمنية والصراعات القبيلة في الجنوب حني لا يتهموا بالجلابة والمؤتمر الوطني؟ هذه الأسئلة وغيرها سنجيب عليها في الحلقة القادم.