هجليج و أعادة تسعير الجبهة الثورية لعل من ايجابيات ما حدث فى هجليج كان فى بعض أوجهه بمثابة أعادة تسعير حقيقية للجبهة الثورية على ضوء ميزان الوطنية و الأنتماء لتراب هذا الوطن التليد ... فالدعم الزائف و الركون الى الأجنبى المغتصب مع أنعدام الخطاب السياسى المتوازن الذى يلتف حوله الجميع ,, قد بين أنها نمر من ورق و بقايا حشف ردئ على ميزان الوطن و الوطنية. ما جرى فى هجليج كان أحتجاجا صاخبا و أنفجارا حقيقيا للشعب السودانى على نهج الجبهة الثورية فى التعامل مع قضايا الوطن ,, و ان كان بعض الموتورين يعلقون أمالا عريضة فى تحقيق نصر يستشعره الناس ضيقا بالخرطوم و بقية السودان نتيجة أحتلال لهجليج و أبار البترول فيحدثوا خنقا أقتصاديا للسودان ,,عندها يكون المبرر كافيا لقيام المظاهرات الصاخبة فى المركز ,, فيعطيهم ذلك الوضع شرعية أكثر رسوخا فى تهديد وأزالة الوضع السياسي القائم ,,, و من ثم تحديد الوضع السياسى القادم ,,, شرعية مستمده من وهم مشروع السودان الجديد و حلم العدل و المساواة .. و قيام السودان الجديد على أنقاض السودان القديم ... أحلام تدغدع مشاعر الحالمين بالغد الذى سيكون , و بالدور الطليعى المفترض للجبهة الثورية و مكوناتها ,, و بعض سواقط المؤتمر الوطنى و ثلة من بقايا اليسار .. الحلم جميل و الدور عظيم , و لم يدروا أنها مقامرة غير مأمونة و غير محتمله ,, أرادوها من قبل عبر بوابة جبال النوبة ,, فلم يفلحوا و تمادوا فى غى العمالة ,, حين أرادوا رهن حاضر الوطن و مستقبله لصالح دولة جنوب السودان و من يقف خلفها,, (العلاقات الخاصة بين مكونات الجبهة الثوريةمن جهة و الموساد و اللوبى المسيحى الصهيونى المعادى للسودان بالكونجرس و المحكمة الجنائية من جهة أخرى ) ,, و ,, بحثا عن غد يكونوا هم صانعييه و سياسييه ,, لم يدروا أن السلطة تستمد أساسا من مشروع ينال رضا الناس و خطاب سياسى يلتف الناس حوله , اولى معالمه الوطنية ,, و أنجاز يحكى فى طبيعته حب الخير لهذا الوطن و شعبه الأبى ,, أما العمالة و النذالة و الأرتزاق و تشويه وعى الجماهير و شل حركة الوطن و مصادرة أمله فى التقدم و الأستقرار و موالاة الأعداء لأمر يستوجب الأستنكار و الأستنفار ,, لذلك كان الغضب الشعبى عارما و الهبة الجماهيرية القوية عنوانا لوعى الشعب السودانى بقضاياه و درسا جيدا بضرورة التفريق بين الأداء الأستراتيجى و التكتيكى وفق معايير الثوابت الوطنية ,, و حتمية التفريق بين كراهية حزب المؤتمر الوطنى و ممارساته و الأستمساك بالوطن كقيمة أنسانية يجب القتال من أجلها .. و المضحك , المبكى مواقف بعض أحزاب قوىالأجماع الوطنى و مناضلى الديسبورا أبان أحتلال هجليج و تداعياته وضع يبعث على الخجل و يثير التساؤل و الدهشة ,, فبينما يعلو صوت الشعب السودانى بالأنتقاد و الأحتجاج على أقدام دولة جنوب السودان على أحتلال هجليج .. نجد أصوات بعض القوى المعارضة داخليا و خارجيا خافتا لا يكاد يسمع ازاء كل الأنتهاكات الجسيمة من قبل دولة جنوب السودان بل حاول بعضها أن يسوق الحجج و يلوح بالمحاذير فى مباركة ضمنية للأحتلال و محاولة لأكسابه الطابع القانونى و أيجاد المسوغ الأخلاقى له,, أصبحوا على أستعداد للتضحية بأى شئ ,, و كل شئ ,, من المبادئ الى الوطن ذاته ,, هل هى العمالة أم اليأس ؟؟؟ لست أدرى.. لست أدرى ...... على الأطلاق لا نريد أن تسكت أصوات الأحتجاج ضد أنتهاكات حقوق الأنسان فى السودان ,, و لا أن يعامل نظام المؤتمر الوطنى باللطف المفضى لمواقف مؤيده له حقا و باطلا ,,, و لكن دعوتنا تصب فى أتجاه ضرورة التمسك بالموقف المبدئ الى أبعد مدى ,, خاصة لدعاة حقوق الأنسان ,, ممن يشرخون آذاننا صباح مساء بأنتهاكات حقوق الأنسان ,, هؤلاء كان حريا بهم أن يرفعوا أصواتهم عالية بالأحتجاج على كل أنتهاك لحقوق الأنسان أيا كانت هوية مقترفه أو دولته أو ملته ,, و لعل تناقضهم بدأ جليا فى مواقفهم الغير شريفة و الغير حاسمة فى أدانة دولة جنوب السودان و هى تنتهك حرمة وطن و مواطنيه ,, و ليته أى وطن ,, أنه السودان ... لماذا تخذيل الشعب ,, و تبخيس نصره ؟؟ كثيرمن علامات الأستفهام و التعجب تتقافز أمام مواقف بعض أحزاب المعارضة السياسية وبعض منسوبيها التى تخصصت فى أتهام و دمغ كل من لا يتفق مع أطروحاتهم السياسية بأنه صنيعة المؤتمر الوطنى .. يعيبون على الشعب أستجابته للتعبئة و الأستنفار و الوقوف خلف قواته المسلحة وهى ترد الظلم و الضيم عن الوطن و تسترد كرامته المسلوبة ,, و حتى عندما أستردت هجليج عنوة و أقتدار من المعتدى بواسطة القوات المسلحة و كتائب المجاهدين حاولوا تبخيس ذلك النصر المستحق من خلال تسويق أفادات الناطق الرسمى لجيش دولة جنوب السودان بأن ماتم أنسحاب من هجليج و ليس هزيمة ,, أنه التشويه المتعمد لنصر القوات المسلحة المستحق ,و الأذدراء بعطائها ,, و تحريض الشعب السودانى بكافة الوسائل على التخلى عن نصرة القوات المسلحة فى معركة الكرامة ,, أنها المؤامرة التى تختلف فيها الأدوار ,, ليبق ( السيناريو) واحدا ..... عجبى !! كانوا يلحون على فصل الشعب عن الوطن و قضاياه الحيوية فى موالاة حقيقية لدولة جنوب السودان (البعض لا يخفى أنبهاره و عمالته ....) فمن خلال المزايدة و الوقيعة أوجدوا لأنفسهم دورا و حضورا و لو على حساب الوطن و كينونته ,, هذه المواقف تستحق التوقف و المراجعة ,, ثمة عنصر آخر فى ملحمة هجليج يعمق شعورى بالدهشة و الصدمة ,,, ان تناول احتلال هجليج بالصورة التى تم من قبل قوى المعارضة السياسية يدل على سوء تقديرهم , و عقم منهجهم فى التفكير ,, و هو موقف لا مسبوق و لا ملحوق ,, حيث أنبنت مواقفهم على الخلط بين الوطن و السلطة ,, أنهم يختزلون الوطن بطوله و عرضه و عمقه فى دائرة عدائهم لنظام المؤتمر الوطنى ... سابقا أخذ علينا أنتقادنا و مهاجمتنا لسياسات و ممارسات حكومة المؤتمر الوطنى بمثابة مهاجمة و أنتقاد للوطن ,, حتى صدق بعضهم أن سلطة المؤتمر الوطنى هى الوطن .. أى من يعارض سلطة المؤتمر الوطنى أو يهاجمها يصبح معارضا للوطن و عدوا له... أنه منطق معوج كتبنا فيه بأسهاب و تجاوزناه .. الواقع يؤكد وجود تعددية سياسية حيث صار للمعارضة وجود فى الساحة السياسية , و بذلك صارت المعارضة جزأ من الوطن ,, و ينبغى لها أن تكون الوجه الآخر للحكومة فى الدفاع عن الوطن .. و ليس موالاة الأعداء و محاولة أنتقاص قدر الوطن و الأنقلاب عليه كراهة فى نظام المؤتمر الوطنى ,, و هى مواقف تضع المعارضة فى خانة العمالة و الخيانة و الأرتزاق ,, مواقف تظل أبدا فى ركح الذاكرة السياسية السودانية ... فى الختام تظل ملحمة هجليج تطور خطير فى ذاتها ,, و فى تداعياتها و هى تفتح ملف الولاء الوطنى على مصرعيه ,, بل تظل هجليج أختراق للضمير السودانى و نوع من البحث و التنقيب فيه ,, فأن المواقف الوطنية تصنع ,, كما تصنع المواقف اللأوطنية ,, الأولى تصنع بالتضحية و الفداء و حب الوطن ,, بينما الثانية تصنع بالنذالة و العمالة و الأرتزاق ,, فأنظر أين يكون أختيارك ؟؟؟؟؟ مع خالص ودى e.mail :aboeelaf2010@gmail .com 28 أبريل 2012 --- بريسبن --- أستراليا