هناك طرفان سعيدان بما يجري داخل حزب الأمة القومي ويريدان له الاستمرار وحشد المتفرجين والمساندين والمصفقين ، أحدهما يدعى وصلا بليلى وحبا أصيلا للسيد رئيس الحزب وعياله وبناته ويريد الاصطياد في الماء العكر ، والآخر يريد ان يعلن من خلال تحالفه مع المؤتمر الوطني أن هدفه إضعاف الحزب واستئصاله لأن ذلك يحقق له سياسة الإقصاء المتأصلة في ذهنية بعض منتسبيه . ويجب أن نعرف أن كلا الطرفين عدو لدود للحزب وقيادته والوطن واستقراره وإن ظهرا اليوم غير ذلك إذ أن تحالف الأضداد ضد حزبنا رغم تناقضهما الأساسي يتعاونان ويسعى كل منهما لتحقيق هدفه ، ولكن هيهات فلن تطول بهجتهما بما يجري ، والتاريخ خير من يحدثنا عن ذلك فقد حدثت انشقاقات في الجسم السياسي السوداني وحدثت في حزبنا وإن اختلفت الدوافع ولكن الخاسر الأكبر فيها كان دائما محرضو الفتن وموقدي نيرانها ، فطالما حدث الوفاق والإلتئام ويعود التواصل كما كان ويصبح الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم ولذلك قال أهلنا (الكلام الشين ضرسا وراني) ، أي أن كل أحد يمكن أن يحسنه فلا أفضل من أن نترك (الكلام الشين) كآخر خيار . والتحالف الحالي بين المؤتمر الوطني و مجموعة التوريث ، وبين بعض أعضاء حزبنا من الذين استيقظوا مؤخرا على ضوء نار الخلاف الناشب فيه ، تحالف معروف الهدف ومكشوف المرمي وهو يهدف لتصفية حسابات مع المؤسسة ومع بعض رموزها امثال السيد مبارك المهدي والدكتور ادم مادبو والزعيم بكري عديل وشباب المذكرة ، قطعا لن يتحقق لهما ما يريدان ، فالذين هم داخل حزبنا يهمنا أن نقول لهم إن من يحركه حبا أصيلا للحزب لا يسعى لنبش الماضي ونكأ الجراح وعدم استماعه لنصائحهم وهو في وقت تحتاج فيه قيادة الحزب للمساندة المعنوية وللرأي الحكيم والنصح السديد ، وليس لأحد أن يزايد على أحد ويتاجر بالخلاف سواء من شاكلة الذين برزوا في صفحات (الصحف) مدعيين نضالا ورميا لخصومه ( بالتخابر والبعاعيت وسعيد البوم ) ، أو أولئك الذين يلقون الدروس في التنظيم واحترام المؤسسات وفي الحقيقة أن أولئك وهذا (الذي خبرناه) قد تمكنت قيادة المؤتمر الوطني من تيئيسهم من سبيل التحول الديمقراطي كما سبق وإن يأسهم من توخي سبل الحرب والمقاومة وبينت لهم من خلال خطابها المتقلب أن تفوقها ساحق وأنها جاءت لتبقى وأن لا (لأحد) من الناس أن ينال منها شيئا بالقوة كما أنها برهنت من خلال خرقها لأي اتفاق عقدته مع أي مجموعة سواء دارفورية او حزبية (إتفاقية جيبوتي نداء الوطن واتفاق القاهرة الإطاري وحتي اتفاقية نيفاشا فيما يخص بروتكولي جبال النوبة وبروتكول النيل الأزرق ) ، مما يؤكد بأن الإنقاذ لا ترغب في تسوية سياسية أو توصل لأي حل وأنها أي الإنقاذ تمتلك وسائل وأسباب و(أخلاقيات خاصة) تحصن امتناعها عن تنفيذ أي اتفاق تبرمه . إذن الخلاف داخل حزب الأمة القومي حول هذه المعاني فهو ليس خلافا بين استراتيجيتين بل خلافا بين يأسين ، يأس من القوى السياسية ، ويأس من الإنقاذ ، لقد كان رأي السيد مبارك المهدي (كخير الأمور) فقد رأى أن لا يأس ولكن استراتيجية متوازنة إذ يجب أن يستمر حزبنا في التمدد السلمي وبناء الذات وفي ذات الوقت السعي الحثيث مع القوى السياسية الأخرى نحو فرض التحول الديمقراطي ، مما يتوجب معه التسليم بأن السيد مبارك المهدي والذي برزت حكمته في حل حزبه واندماجه في حزب الأمة القومي في 2010م ، على غير ما يريد البعض إذ أنه رأى أن حزب الأمة القومي ليس أمام طريقين واستراتيجيتين متعارضين وإنما أمام انسدادين وأن واجب القيادة اجتراح الحلول التوفيقية ما أمكن ذلك ، وذلك ينقذ البعض من اليأس إذ أن بعضا كان يرى أن الإنقاذ سدت أمام الحزب أبواب الكفاح المسلح وأبواب السلم سواء بسواء وأنها تستثمر الوضع إلى أبعد مدى تستطيعه ولا يعلم أصحاب العنف الغريزي أن للإنقاذ استراتيجية واضحة وهي الإستئصال ولكن الإستسلام لها نوع من (اليوثونازيا) أي القتل الرحيم ولم يسائلوا أنفسهم عن استراتيجيتهم لذلك الوضع ولكن تلك الأسئلة تحتاج للتفكير والتروي والحكمة وهي معاني لا تحرك بعض رموز الكراهية وقياداتها من الذين شقوا عصا الطاعة عبر تاريخنا وخرجوا على القيادة الشرعية للحزب في الماضي والحاضر ويريدون التسوق عبر حرق البخور مع نقص حاد في الذكاء. وإذا كنا اليوم أمام تحالف الأضداد ، وكنا نقرأ عنه فقط في قصص الخيال ، فيمكن للمرء أن يتفرج على سعادة تحالف الأضداد من داخل حزب الأمة القومي ومن خارجة إنهم سعداء لحد الانتشاء بما يجري داخل حزبنا، بينما المخلصين يشعرون بالخسارة لفقد أي عضو ، ولذلك فإن الوقوف مع قيادة السيد الصادق المهدي لا تمليه رهانات (الخروج من الحرائق) ، فذلك اختزال بائس ويائس ، فالإلتزام بالعهود والمواثيق ( مثالاً بيان رئيس الحزب عن لم الشمل في 26 فبراير 2010م ) والوفاء بها حرمات يحترمها كثيرون ، مثلما يتطلع كثيرون ليوم تعاد فيه لحمة الحزب ويتماسك نسيجة ويقوى ويقوم كما دأبه كطائر العنقاء وكما تنبأ سيدي الإمام الكبير (إن ناري هذه أوقدها ربي وأعدائي حولها كالفراش كلما أرادوا أن يطفئوها أحرقوا فيها وصار أمري فاشيا) وهذا ليس ببعيد ، وقد رأينا صدقها في جعفر نميري وزمرته ونحن أحياء ونتمنى أن نراها في كل من يريد النيل من وحدتنا داخل حزبنا وخارجه ، ولقد صدق الله جل وعلا حين قال (الفتنة أشد من القتل) ، إن محركي الفتنة هم أعظم خطرا من مرتكبيها لأنهم وقودها ومتعهدي استمرارها ، وكنت أتمنى لو أن تنظيماتنا السياسية السودانية تسن في صلب دساتيرها نصا يشير إلى أن التحريض على الإنقسامات بدعاوى التوريث أو الجهة أو العرق أو اللون كمكونات أو شعارات نوعا من التحريض على الفتنة وجريمة تعاقب عليها دساتير هذه التنظيمات السياسية ، فالمشكلة دائما هي المحرضين وليس في الأتباع الذين هم ضحايا الأفكار الخبيثة من طلاب زعامات لا يملكون مؤهلات واعتادوا تحريك بعض الناس بهذه الشعارات للتبضع في الخلافات إن رؤوس الفتنة هم الذين ينظمون ويحرضون ويقودون بعض (بؤساء وسعداء الحظ) كالعميان إلى دروب المبارزة مع طواحين الهواء في حروب وهمية حيث يتم إقناع السذج بأن هنالك مؤامرة علي الإمام ومخطط على طرد ابنائه وبناته وتجريدهم من حقهم الأصيل في وراثة الحزب بعد والدهم . وقد كنت واحدا ولا زلت من الإصلاحيين ولكن وفق مفهومي للإصلاح، واذكر ان السيد مبارك المهدي اختلف مع بعض من حركة الإصلاح بالخارج عندما تعرضوا يومذاك للسيد الصادق المهدي شخصيا والتزمت الصمت ولم أشأ أن أتعرض لهذه الحادثة ولكن لحسن الحظ أنها كانت مكتوبة ونشرت في الصحف وبالتالي انا ارفض المزايدات على صدقية رموز حركة الإصلاح ومحبتها للسيد الصادق المهدي. أخلص إلى أن السجال الذي يراد له أن يدور لتوسيع الشقة وزيادة الفتق على الراتق سجال عقيم لابد من عدم التجاوب معه ونقده وتجاوزه إلى رؤى ومخارج بدلا من الإنشغال بما شغل به المؤتمر الوطني الناس عن إزالة الأحزاب السياسية السودانية من الساحة ، إذ أن هنالك تحولات سريعة في الساحة السياسية السودانية وكيفية التعامل معها وكيف يمكننا الحفاظ على وحدة حزبنا ووحدة بلادنا ، فالإقصاء حتى قيادة المؤتمر الوطني أقرت بأنه سياسة فاشلة وتراجعت عنه وخطت خطوة متقدمة حين أعلنت السماح للأحزاب بممارسة نشاطها بما فيها الشيوعي وكذلك تفاوضت مع من أعلنت عليهم الجهاد فهذه دعوة لترتيب التفكير والخروج من سبل الإنسداد ومرارات الماضي إلى رحاب الوطن وحب الخير للناس كل الناس ونشر ثقافة المحبة والود والوئام والدعاء بتوحيد كل أهل السودان. Jamaa Mordas [[email protected]]