طبعاً فى هذا المقام هؤلاء القصار هم الصحفيين والكتاب والمثقفين فكل ما يصرخ به هؤلاء لاتسمعه الحكومة الممثلة فى حزب المؤتمر الوطني وكأني على يقين تماماً أن هذا الحزب الإسلامي لايملك كوادر مثقفة ترى الواقع بعيون الوطن والشعب فكل ما تفعله الحكومة هو خطأ إلى أن يقع الفأس فى الرأس وبعدها نجدها تبحث عن ذلك الصحيح الذى فات أوانه والذي يمكن أن يصبح خطأ بعد فوات الأوان كما حدث تماماً فى مفاوضات نيفاشا وبرتوكولات التوقيع حتى تمخض إتفاق نيفاشا الذى مّلك الحركة الشعبية دولة كاملة فى الوقت الذى قلنا فيه ليس من حق حزب المؤتمر الوطني أن يعطي حزب الحركة الشعبية دولة من أرض السودان ولكن كان العناد والتسلط وعدم قبول الرأى الآخر هو سيد الموقف وقد راهن الكثير من قيادات الإسلاميين على عدم إستقرار دولة الجنوب نسبة للحروبات القبلية التى ستندلع فيها وكانوا يسخرون من الجنوبيين فى هذا الأمر وكأن هذا التوتر فى الجنوب لا يخص الشمال من بعيد أو قريب وهذا هو قصر النظر والتفكير الأعوج والرهان الغريب الذى مايزال يدمر فى السودان فلا أدري من الذى أوحى لهؤلاء أن فشل دولة الجنوب فى بناء دولة متحضرة هو فى صالح الشمال وهذا يؤكد لنا دون شك أن المحرك الأساسي للصراع بين الحركة الإسلامية والحركة الشعبية هى العاطفة العمياء والعنصرية البلهاء وهى أسباب تخلف الأمم ولكن كما أسلفنا فات الأوان وإنفصل الجنوب بحزب واحد ولن يستقر طالما هو محكوم بنفس النظام الشمولي الذى يحكم الشمال ولكن ما تزال الأصوات العاقلة والعقول النيرة تتحدث ولن تسكت ولن تستكين فالمحرك الأساسي لهذه الأصوات هو الواجب تجاه تراب هذا الوطن ..وقبل أيام تحدثنا عن عدم جدوى التصعيد والإستنفار وقلنا أن طريق الحوار والتفاوض هو الحل الوحيد ولكن كما قلت كلام القصار ما بتسمع وأحيانا يُسمع متأخراً ولكن بعد فوات الأوان والآن عاد الطرفان لطاولة المفاوضات وأيضاً بعد فوات الأوان فليس من المعقول أن تكون الخرطوم فى حالة إستنفار وجوبا فى حالة إعلان حرب ويجلس المتفاوضون ليصلوا لحلول فهذا ضرب من ضروب الجنون ولكن حتى يعلم الجميع حقيقة الامر فالخرطوموجوبا لم ولن تسمعا حديث العقلاء ولكن دائما تسمعا كلام الكبير والكبير هنا هى أمريكا طبعاً تخيلوا أمريكا تسعى لمصلحة الشعب السودانى أكثر من الشعب ذات نفسه ولكن فليسمعها الجميع مفاوضات فى هذا التوقيت مصيرها الفشل أو الفشل والخلافات الحادثة اليوم عن أولوية الملف الأمني كما تطلب الخرطوم وترفض جوبا وتطلب حسم ملف النفط أولاً وترفض الخرطوم .. وفى تقديري كل هذه الملفات لا تنفصل ولكن هو صراع وتشاكس الأطفال فليبقى الملف الأمني فى المقدمة ماذا يقدم أو يؤخر أو قل فليبقي ملف النفط فى مقدمة الحوار هل هكذا سيصل الطرفان للحل هيهات ليست المشكلة فى أولوية الملفات على الطاولة ولكن المشكلة تكمن فى حالة الحرب بالوكالة التى بدأت تظهر هنا وهناك تارة عبر ثوار الجنوب وتارة عبر ثوار الشمال وتتراكم الإتهامات بين الجانبين وسماسرة الحرب يطوفون الوديان والصحاري بحثاً عن أرباح مليارية تصدر لعصابات مافيا السلاح العالمية فالجنوب لن يستقر وهو محكوم بحزب واحد والشمال لن يستقر وهو محكوم بحزب واحد والعامل طرشان يعمل لكن مصيرو يسمع وحينها سيقول الآن سمعت أو الآن فهمت ولا فرق بين من سمع أخيراً أو فهم أخيراً .. مع ودي .. جريدة الجريدة [[email protected]]