دور النفط في تأجيج الصراع بين شطري السودان. منذ أن أعلن الرئيس الراحل جعفر محمد نميري بأن نفط قد أكتشف على بعد 450 ميل جنوبالخرطوم، كان ذلك بمثابة أعلان عدوان مبطن ضد أهل الجنوب من قبل حكومة مايو. وتدشين لصراع سياسي بين الجنوب والشمال، أراد نميري أن يخداع الشعب السوداني في كل من الشمال والجنوب، بل أن اللغز المحير ليومنا هذا. لماذا أصر نميري على أن النفط قد أكتشف في جنوبالخرطوم، بدلا أن يعلن صراحة بأنها أكتشفت في منطقة بانتيو في جنوب السودان، هل هي غباء أم شطارة من نميري. قوبل إعلان نميري بأستياء شديد من قبل أهل الجنوب اللذين ينظرون بالتوجس وعدم إطمئنان لكل خطوة تتخذها حكومات المركز نحوهم، يعود ذلك إلى عدم الثقة التي لازم علاقات بين أهل الجنوب وحكومات المركز منذ إستقلال السودان. كان لاكتشاف البترول وأصرار نميري ببناء مصفاة نفط في مدينة كوستي بولاية النيل الأبيض، أحدى أسباب الثورة وعصان في الجنوب التي بدأت بحركة أنيانيا (2) التي بدأت نضالها في بعض مناطق أعالي النيل، بما فيه منطقة بانتيو التي أكتشفت فيه النفط حديثا أنذاك. أستمرت الحرب ألا أن ظهرت الحركة الشعبية والجيش الشعبي لتحرير السودان في المشهد السياسي السوداني. وتمكنه من إيقاف علميات تنقيب عن النفط. التي كان تقوم بها شركة شيفرون الأمريكية العملاقة أنذاك، بعد توقف شيفرون عن تنقيب بترول السودان بالضغط من الجيش الشعبي لتحرير السودان، ومنظمات المجتمع المدني وحقوق الأنسان في الولاياتالمتحدةالأمريكية، شد شيفرون رحاله تاركا ورأها أمتيازات نفط السودان، ولكن كما جاءت ذكره سابقا بأن النفط قد لعب دورا سلبيا، بل ساهم في تأجيج الخلاف بين الأطراف، تصعد وتيرة النزاع بعد أن دخول لعبون جدد على مسرح الأحداث، خاصة الصين والهند. عندما جاءت حكومة أنقاذ على سدة الحكم بانقلاب عسكري مشؤم في 30 من يونيو 1989، صخرت نظام أنقاذ كل جهودها بدعم خلافات في صفوف الحركة الشعبية لتحرير السودان، مستغلا أنشقاق التي نشبت في صفوف مقاتلي الحركة الشعبية والجيش الشعبي لتحرير السودان، عندما أنشطر الحركة ألى فصيلين أنذاك، مجموعة كانت تسمى بجناح توريت بقيادة مؤسس الحركة الشعبية الراحل المقيم الدكتور جون قرنق دى مبيور ومجموعة أخرى تسمى بجناح الناصر بقيادة نائب رئيس دولة جنوب السودان الحالي الدكتور رياك مشار. أستثمر نظام الأنقاذ الخلافات داخل الحركة الشعبية بدعم الا محدود لمجموعة الناصر،بتوفير رعاية لها بالمال والسلاح والوجستي. مما أدت ألي أشتداد القتال الداخلي بين مقاتلي الجيش الشعبي لتحرير السودان. دفعت بموجبه منتسبي الحركة الشعبية وأهل الهامش عموما أغلى ثمن في تاريخ نضالهم الحديث، كان ذلك بمثابة أكبر نكسة أصابت حركة تحرر ضد هيمنة حكم الأقلية في الخرطوم. أنتهج القتال أشكال مختلفة تارة أخذت تابع قبلي أوأثني. وصل التعاون بين فصيل الناصر و نظام الأنقاذ ذروته بتوقيع ما عرفت بأتفاقية الخرطوم للسلام. الأتفاق الذي أعطت الفرصة للنظام من التمكن في السلطة و تشديد قبضته على مناطق التبرول في كل من غرب نوير بدعم من مليشيات مجموعة الناصر. بعد أن تمكن الأنقاذ في السلطة . طرد شركة شيفرون نهائيا من أعمال التنقيب في السودان. لتطوى هذا الفصل وتبدأ فصل أخر بظهور كارتيلات جديدة على رأسها الشركة الوطنية الصينة ، بتروناس الماليزية، تالسمان الكندية و شركة البترول والغاز الهندية الوطنية. وفرت جنرلات الحرب في الجنوب غطاء أمني للحكومات المتعاقبة في الخرطوم. مقابل حفنة من دولات وفرتها حكومات الخرطوم مقابل خدماتهم الجليلة. أخذت الحرب منحى أخر بأستخدم حكومة أنقاذ أسلحة متطورة بما فيها طائرات الهليكوبتر مزودة بأسلحة الرشاشة ضد مواطني الجنوب اللذين يسكنون حول مناطق النفط في فانطو وبعض مناطق أعالي النيل، شردت هؤلاء النفر من ديارهم وقتل الكثيرون منهم، مما أثارت إستياء المجتمع الدولي بتوجيه توبيخ على نظام أنقاذ عن أعمالها الوحشية ضد المواطنين العزل. وبالذات منظمات المجتمع المدني وحقوق الأنسان. لم تتوقف الأمر بتوبيخ فقط بل طالب أتحاد المعلمين الكندين من شركة تلسمان الكندية بترك عمليات التنقيب عن النفط في السوداني، أوسحب مدخراتهم من الشركة. أنصاع تلسمان للضغوط، فباع نصيبها من الأستثمارات في البترول السوداني لكل من الشركة الهندية، الماليزية ،الصينية والسودانية. أستمرت الحرب بل تتطورت ماخذا منحي أخر. أنتهاكات قتل وتشريد المواطنين والتنكيل بالمعارضين ، لم تستجيب الشركات الهندية والصينة على ضغوط دولي بالتخلى عن بترول السودان أو الضغط على الحكومة السودانية بأحترام حقوق مواطنيه، ولكن كما ذكرت أنفا بأن كل من الهند والصين بدأت تعتمد على الزيت السوداني. نسبة لحاجتها الملحة و المستمرة لسد أحتياجاتها من النفط، خاص أذا أخذنا في الأعتبار النمو المضطرد لأقتصادياتها. بدأت حالة الغبن تراود أهل الجنوب أتجاه البلدان التى تستثمر النفط في السودان والتي بدأت تضخ أموال الأزم للألة الحربية لحكومة الخرطوم، معتبرين أن نفطهم قد تحول ألي وبال عليهم ، كأدتها أستخدم نظام أنقاذ ميلشيات الدفاع الشعبي المدججة بالسلاح المشترى من نفط الجنوب. بذل الجيش الشعبي لتحرير السودان جهدها لإيقاف عمليات إستغلال النفط. ولكن بأت محاولتها العسكرية بالفشل، ولكن الحركة الشعبية نجح دبلوماسيا في فضح النظام. بكشف جرائم و أنتهاكات النظام ضد أهل الجنوب والسودان عامة. أستمرت أنقاذ في دعم قبضته على السلطة في الشمال بالتنكيل وقتل المعارضين، بأستخدام أجهزة أمنية متطورة التى تم شرؤها من أيرادات النفط، لتصبح النفط نقمة لأهل السودان. من جانب أخر جاوز الأنقاذ أخفاقات الأنظمة السابقة التي فشلت في حلحلة صعوبات أقتصادية المستعصية التي عاشتها البلاد منذ إستقلالها. أستغل حكومة الجبهة أيرادات النفط مما أدت ألى أنفراج نسبي أقتصاديا. التي أنعكست في تطوير بعض البنية التحتية في شمال السودان، مما أكسبت النظام ذخما أعلاميا بنجاح تجربتها الأقتصادية. متناسين بنيات إقتصادية أخرى، مثل الزراعة والراعي، كدعائم أساسية للأقتصاد السودان. عندما وقعت أتفاقية السلام الشامل في نيفاشا بين حزب المؤتمر الوطني الحاكم ممثلا للشمال والحركة الشعبية لتحرير السودان ممثلا للجنوب، نص أتفاق السلام في برتكول تقسيم الثروة على أن تقسم نفط الجنوب بنسبة 50% بين الشمال والجنوب وأن تئول كل نفط الشمال بنسبتها 100% للشمال. كان ذلك بمثابة لفتة كريمة من قبل الدكتور جون قرنق.الغرض من ذلك جعل الوحدة جاذبة. ولكن للأسف الشديد تنفس تجارالأنقاذ صعداء بما حققوه من أنتصار. بل وصفوا إنجازهم بدهاء وحيلة على أهل الجنوب، أخذوا نصيب الأسد من بترول الجنوب وكذلك بترول الشمال. يالطمع أهل الأنقاذ. بالرغم من أن أهل الجنوب عموما كانوا غير راضين عن التقسيم، ألا أن تسلسل الأحداث أثبتت النية المبيتة من قبل قيادات الأنقاذ ضد أهل الجنوب، خاص عندما أكتشف أهل الجنوب أن ما يتقاضونه من نفطهم كان أقل بكثير من النسبة المتفقة عليه أي 50%. كان حكومة المؤتمر الوطني في الحقيقة تأخذ أكثر من 75% من نفط الجنوب مقابل 25% فقط هي التي كانت تدفع لحكومة الجنوب، ويعود ذلك لعدم الشفافية والرقابة الصحيح. فصوتت أهل الجنوب للأنفصال مأخذين معهم 100% من نفطهم، فليذهب وحدة السودان ألى مزبلة التاريخ. لم يكف الأنقاذ من ممارساتها ضد أهل الجنوب. بل أفتعل خدع أخر بنصب مصيدة بتقديم وعد كاذب. بأن نفط الجنوب ستستمر التصدير عبر المؤاني السودانية، حتى أذا أختارت أهل الجنوب الأنفصال، أستجاب زعماء الجنوب كعادتهم دائما بتقديم غصن الزيتون في التعامل مع حكومات الخرطوم. ألا أن جاءت ساعة التي كشرت نظام الأنقاذ أنيابه. وبدأت تفرض شروطه التعجيزية لحكومة الجنوب مقابل تصدير النفط عبر الأراضية السودانية. تاركين حكومة الجنوب دون خيار أخر أو قبلة. إما الموافقة على شروط الخرطوم أو الموت السريري. إذ أن الجنوب تعتمد على إيرادات النفط التي تشكل نسبة 97% من مصادر دخلها القومي. لازال المفاوصات جارية بالرغم من عثرات التي تعتري طريقها من ملفات شائكة أراد حكومة الخرطوم الزج بها، خاص الملف الأمني الذي تعتبر أولوية قصوى لنظام الخرطوم. قامت حكومة الجنوب بمغامرة غير مسبوق وفي غاية الخطورة أذ قلب الطاولة على الجميع. عليه وعلى أعدائي، موقفا ضخ نفط الجنوب عبر الأراضي الشمالية. هذه الخطوة أصابت حكومة الخرطوم بالذعر. معلنا وقف كل علاقات التجارية بين البلدين.أستمرت النزع ألا أن أنتهت بالحرب في منطقة فانطو أي (هجليج). الحرب التي أثارت أنتباه المجتمع الدولي.أذ قررت مجلس الأمن والأتحاد الافريقي فرض شروطها على الطرفين بالعودة لطاولة المفاوضات. هذا الوضع الأقتصادي السيئة التي كانت للنفط دور أساسي في تفجرها. أتخذت حكومة المؤتمر الوطني التى تواجه حرب شرس في كل من النيل الازرق، جبال النوبة ودارفور، بالأضافة ألي معارضة داخلية أكثر تنظما الأن أكثر من أي وقت مضى. حاول حكومة أنقاذ تطبيق سياسات تقشفية أكثر صرامة، فرفع الدعم عن المواد البترولية وبعض السلع الضرورية، مما أدات أضطرابات سياسية و أنتفاضة شعبية ومظاهرات عارمة في معظم مدن السودانية، حديثا قام النظام بأعدم (2) من أبناء المسيرية في منطقة الميرم بتهمة الأتجار مع عدو السودان أي دولة الجنوب. أصبح النظام الأنقاذ تحضتر تحت نيران ضربات المعارضة السودانية المتتالية. التي تخوض نضال مرير بتحريك مظاهرات هادرة في شوارع الخرطوم، فلنتظر ونراء ماذا سيحدث في السودان، هل ستصبح النفط نقمة للشعب السوداني ولحكومة الأنفاذ معا؟ أما في الجنوب التي هي طرف أخر من المعادلة النفطية.فأن أوضاعها ليس أحسن من الشمال. أذ خابت توقعات حكومة أنقاذ والمحللين السياسيين، أذ كانت تشير كل التوقعات بأن أوضاعها أصعب، بل قابلة للأنهيار أولا قبل حكومة الأنقاذ. بالرغم من صعوبان المعيشية في بعض مدن الجنوب المتاخمة للشمال التي تتاجر معها. ما لم تدركه حكومة الخرطوم أن الجنوب أقتصادها حر ليس هنالك دعم لسلع الضرورية ، بل أن دولة الجنوب تستورد مشتقات النفط من دول شرق أفريقيا بأسعار عالمية أكثر من أسعار المتدولة في تلك الدول، مما جعل مشتقات البترول من البنزين والجازوين هي الاغلى في شرق أفريقيا، كما أن معظم سكان الجنوب تقريبا حوالي 85% منهم يتعمدون على الأقتصاد البدائي الغير مرتبطة بالسوق. الرعي التقليدي والزراعة التقليدية، مما جعل معظم سكان الجنوب شبه مكتفين ذاتيا. أما قلة الباقية من موظفي الدولة والعاملين في الخدمة المدنية، فيعلمون جيدا بأن هنالك صعوبات جم تواجه طريق الدولة الوليدة. طريق الحرية غير مفروشة بالورود.المشاكل بين الجنوب والشمال لم تحل بعد، لذا يجب لأهل الجنوب أن يستعدوا للمارثون الطويل كلما تبقت نظام الأنقاذ على سدة الحكم في الشمال. لنصبر وننتظر لكي نراء ماذا سيحدث للجنوب. بعد أن ألت عليها نصيبها كاملة من نفط. هل ستسفيد الجنوب من أخطاء الدول الأخرى وعلى رأسها السودان. وتتلافي سلبيات التي وقعت فيه تلك الدول. مرة أخرى هل ستصبح النفط نعمة أم لعنة للجنوب [email protected]