لا نزال داخل حرم وبلاط صاحبة الجلالة لكي نتناول هذه المرة موضوع الكتابة الساخرة في الصحافة (السودانية)، السخرية اسلوب من أساليب وأدوات وأنماط الكتابة عموما وقد برز فيها كثير من الكتاب، ولكن قليل منهم مجيدون لهذا الفن الذي لابد أن تتوافر في صاحبه الشروط والمعايير التي تحكم هذا النوع من الكتابة وليس كل من سخر (سحر)، فكثيرون يسخرون ولكن لا يجلبون الى أنفسهم الا سخط القراء والعامة والوقوع تحت طائلة القوانين و(التلتلة) أمام سلطة القضاء. والسخرية هي اسلوب كما أسلفنا وليست غاية في ذاتها، يراد بها بعض الأمور والمسائل التي تحتمل ذلك وقابلة له، وليس كل الأمور تقبل ذلك الأسلوب أو يستحسن معالجتها به. وفي القرآن الكريم نجد بعض الضوابط (لايسخر قوم من قوم) (ولا نساء من نساء). أما الأسلوب الساحر (بالحاء) فقد امتدحه المصطفي، صلى الله عليه وسلم في الحديث: ان من البيان لسحرا في قصة الزبرقان بن بدر التي كان طرفها الآخر عمرو بن الأهيم، حيث وصف عمرو الزبرقان مادحا له، ولكن الزبرقان قال ان عمرو قد عرف عنه اكثر مما ذكر ولكن الحسد الجم لسانه عن باقي المحاسن، فما كان من عمرو الا أن غضب وقال فيه من الذم ما خالف قوله الأول ولكنه استدرك قائلا: يارسول الله لقد صدقت في الأولى وما كذبت في الآخرة ولكن رضيت فقلت احسن ماعلمت وغضبت فقلت أقبح ماعلمت. فصار مثلا: ان من البيان لسحرا. فهنا الأسلوب الساحر. أما الكاتب الساخر ان لم (ينضبط) ويحذر فقد يقع في المحظور ، سيما وأن هناك خطا رفيعا بين السخرية من جهة والتجريح والقذف والتشهير من جهة أخرى وهذا هو المنهي عنه شرعا وعرفا، وكثير من الكتاب الصحفيين ينجرفون وراء هذا الأسلوب ويتحدثون على سبيل المثال عن شخصيات عامة مرموقة قد يكون لها مكانتها الدينية أو مركزها الاجتماعي أو الثقافي أو العشائري وما الى ذلك، ويسلقونها بأقلامهم بشكل صارخ فاضح دون مراعاة لكل ذلك، واصلين أحيانا الى حد التطاول والتجريح والاستهزاء. فعلى الكاتب الذي يريد ان يسلك هذا المنهج الساخر ان يستزيد من المعلومات عن الضوابط والمحاذير التي ينبغي الا يتعداها حتى لا يتعدى حدود الانضباط والضوابط وأخلاق المهنة المرعية وميثاق الشرف الذي بموجبه تمارس تلك المهنة الحساسة. alrasheed ali [[email protected]]