بسم الله الرحمن الرحيم أفق آخر الأخ الصديق اللواء الشهيد " أبو قرون " فارقنا قبل أقل من شهرين... حيث مازال صدى صوته ووقع أقدامه ورائحة عطره الخاص عالقة بسفارة السودان في الأردن ... أما حديثه الساخر معي وتعليقاته مع الزملاء الهامسة أو الصادمة، تتبعثر هنا وهناك ... لكن ثمة انتباهة أن " أبو قرون " طيلة أيام عمله الدبلوماسي كان يرتجي يوم الرجوع بلهفة بالغة ... وكلما مررت عليه في مكتبه يبلغني بنبرة واضحة المعالم أنه لن يتم مدته بالسفارة واحتمال استدعائه بات قريباً. الموت في زمن الإنقاذ صار بلغة المجاهدين فتحاً من غير أسى ودموع وفجيعة ... الانتقال " التاريخي " ليصبح الموت مشاركة حيّة بين العسكريين والمدنيين طوال فترة الإنقاذ ... فاستشهد عليّه القوم وعامتهم وأميزهم مهنة وكفاءة وأضعفهم قدرة على الاحتمال وأقلهم تقوى وصلاة وأحفظهم لكتاب الله وأكثرهم صوماً ومنهم من ينتمي للسودان مواطنة صالحة مع تباين في دين العامة كل هذه النماذج المتباينة عبروا لله ... في تنوع مدهش وطرائق استشهاد متعددة ... منهم من أكمل نصيبه من الدنيا ومنهم من لم يحظ بشيء لدنيا ... أدخر الله كل النعيم في دنيا أوسع وأرحب وأكثر ثراء وفخامة ونعيماً وتنوعاً ... إلا أن كل هذه المعاني تجعلنا أن نقف عند حوادث الطائرات التي أفقدتنا أعزاء كثر منذ الشهيد الفريق الزبير وإلى دورات الاستنزاف المهلكة للكوادر البشرية الغالية في زمن حارق _ تماماً _ ... ربما هذه بشريات بل من المؤكد ذلك إلا أن الوضع المأساوي لحوادث الطائرات يستوجب الحكومة أن لا تقف في حيز المتفرجين وتوضع الأمر في خانة القضاء والقدر والتبشير. من المؤكد أن الحكومة ممثلة في سلطة الطيران المدني أعلم بحال مطاراتها وطائراتها المحلقة في سماوات البلاد ... وهذه كارثة حيث لم يحدث طيلة فترة سقوط الطائرات وإزهاق الأرواح الغالية أن أكملت لجنة تحقيق إجراءاتها وأعلنت على الملأ ... على الرغم من إقامة أعراس الشهداء في المدن والحواري وبين الولايات، يقابلها صبر الرجال، وآلام الأمهات الصابرات، وعفة الزوجات المحتسبات هكذا تمضي الفجيعة إلى فجيعة أخرى ... فعل خيراً المهندس محمد عبد العزيز بتقديمه الاستقالة ليقرر فعلاً مغايراً، يجعل للمصيبة سيد مسؤول هل الطائرات الروسية؟ أم الطيارون؟ أم المطارات غير المؤهلة؟ أم كل هذا؟؟. جاء أوان الحساب حتى لا يفقد خيارنا ونحن نعلم علم اليقين أن الشهادة تختار الأميز... ولكن مقتضى المسؤولية تستوجب المساءلة الساخنة ... فقد كثرت حوادث سقوط الطائرات ولا مسؤول واحد يحاكم أو يعزل ... غير أن المهندس محمد عبد العزيز بتقديمه الاستقالة رفع الحرج ... لتجرى التحقيقات على قدم وساق أما وأن رفضها رئيس الجمهورية لأسباب يدركها فهو ولي الأمر ... وله من المعلومات والحيثيات ما يقدر بها الخير هذا الخبر على رغم أن صديقنا المبدع إسحاق أحمد فضل الله أشار في رواية أن البشير لم ينظر بعد في الاستقالة ... إلا من الضرورة التنبيه بكل الذي خلفته كوارث الطائرات من مآسي وأحزان ... وطعم حامض وأثر عميق لا ينتهي أبداً من الشجن الشفيف والقصة الكامنة... أن تكون هنالك وقفة جادة ومغايرة _تماماً_. الأخ الشهيد " أبو قرون " والذين معه على قيادتهم الوزير الشهيد غازي الصادق وثلة من أبناء السودان الخلص... رحلوا كما يرحل الجميع إلى الدار الآخرة ولكن نحسب أن ميتهم خيراً وفتحاً ... إلا أن سبب هذا الابتلاء العظيم يجب أن يدرك _ تماماً _ وذلك بالمساءلة والمراقبة والمحاسبة والتخلي عن العفوية وسياسة " عفا الله عما سلف " فتعامل الدولة مختلف _ جداً _ عن الأفراد وهذه أبجديات، نعلم أن أقدارنا ساخنة وساخنة _ جداً _ تقبل الله الشهداء وهذا ما يستطيعه الفرد الدعاء، ولكن للحكومة أشياء كثيرة _ يمكن فعلها _ !!. islam al sudanee [[email protected]]