السفير السعودي لدى السودان يعلن خطة المملكة لإعادة إعمار ستة مستشفيات في السودان    مليشيا الدعم السريع تكرر هجومها صباح اليوم على مدينة النهود    منتخب الشباب يختتم تحضيراته وبعثته تغادر فجرا الى عسلاية    اشراقة بطلاً لكاس السوبر بالقضارف    المريخ يواصل تحضيراته للقاء انتر نواكشوط    شاهد بالفيديو.. رئيس مجلس السيادة: (بعض الوزراء الواحد فيهم بفتكر الوزارة حقته جاب خاله وإبن أخته وحبوبته ومنحهم وظائف)    الحسم يتأجل.. 6 أهداف ترسم قمة مجنونة بين برشلونة وإنتر    شاهد بالفيديو.. رئيس مجلس السيادة: (بعض الوزراء الواحد فيهم بفتكر الوزارة حقته جاب خاله وإبن أخته وحبوبته ومنحهم وظائف)    شاهد بالصور والفيديو.. على أنغام الفنانة توتة عذاب.. عروس الوسط الفني المطربة آسيا بنة تخطف الأضواء في "جرتق" زواجها    المجد لثورة ديسمبر الخالدة وللساتك    بالصورة.. ممثلة سودانية حسناء تدعم "البرهان" وثير غضب "القحاتة": (المجد للبندقية تاني لا لساتك لا تتريس لا كلام فاضي)    المجد للثورة لا للبندقية: حين يفضح البرهان نفسه ويتعرّى المشروع الدموي    استئناف العمل بمحطة مياه سوبا وتحسين إمدادات المياه في الخرطوم    الناطق الرسمي للقوات المسلحة : الإمارات تحاول الآن ذر الرماد في العيون وتختلق التُّهم الباطلة    هيئة مياه الخرطوم تعلن عن خطوة مهمة    قرار بتعيين وزراء في السودان    د.ابراهيم الصديق على يكتب: *القبض على قوش بالامارات: حيلة قصيرة…    هل أصبح أنشيلوتي قريباً من الهلال السعودي؟    باكستان تعلن إسقاط مسيَّرة هنديَّة خلال ليلة خامسة من المناوشات    جديد الإيجارات في مصر.. خبراء يكشفون مصير المستأجرين    ترامب: بوتين تخلى عن حلمه ويريد السلام    باريس سان جيرمان يُسقط آرسنال بهدف في لندن    إيقاف مدافع ريال مدريد روديغر 6 مباريات    تجدد شكاوى المواطنين من سحب مبالغ مالية من تطبيق (بنكك)    ما حكم الدعاء بعد القراءة وقبل الركوع في الصلاة؟    عركي وفرفور وطه سليمان.. فنانون سودانيون أمام محكمة السوشيال ميديا    صلاح.. أعظم هداف أجنبي في تاريخ الدوري الإنجليزي    تعاون بين الجزيرة والفاو لإصلاح القطاع الزراعي وإعادة الإعمار    قُلْ: ليتني شمعةٌ في الظلامْ؟!    الكشف عن بشريات بشأن التيار الكهربائي للولاية للشمالية    ترامب: يجب السماح للسفن الأمريكية بالمرور مجاناً عبر قناتي السويس وبنما    كهرباء السودان توضح بشأن قطوعات التيار في ولايتين    تبادل جديد لإطلاق النار بين الهند وباكستان    علي طريقة محمد رمضان طه سليمان يثير الجدل في اغنيته الجديده "سوداني كياني"    دراسة: البروتين النباتي سر الحياة الطويلة    خبير الزلازل الهولندي يعلّق على زلزال تركيا    في حضرة الجراح: إستعادة التوازن الممكن    التحقيقات تكشف تفاصيل صادمة في قضية الإعلامية سارة خليفة    المريخ يخلد ذكري الراحل الاسطورة حامد بربمة    ألا تبا، لوجهي الغريب؟!    الجيش يشن غارات جوية على «بارا» وسقوط عشرات الضحايا    حملة لمكافحة الجريمة وإزالة الظواهر السالبة في مدينة بورتسودان    وزير المالية يرأس وفد السودان المشارك في إجتماعات الربيع بواشنطن    شندي تحتاج لعمل كبير… بطلوا ثرثرة فوق النيل!!!!!    ارتفاع التضخم في السودان    بلاش معجون ولا ثلج.. تعملي إيه لو جلدك اتعرض لحروق الزيت فى المطبخ    انتشار مرض "الغدة الدرقية" في دارفور يثير المخاوف    مستشفى الكدرو بالخرطوم بحري يستعد لاستقبال المرضى قريبًا    "مثلث الموت".. عادة يومية بريئة قد تنتهي بك في المستشفى    وفاة اللاعب أرون بوبيندزا في حادثة مأساوية    5 وفيات و19 مصابا في حريق "برج النهدة" بالشارقة    عضو وفد الحكومة السودانية يكشف ل "المحقق" ما دار في الكواليس: بيان محكمة العدل الدولية لم يصدر    ضبط عربة بوكس مستوبيشي بالحاج يوسف وعدد 3 مركبات ZY مسروقة وتوقف متهمين    الدفاع المدني ولاية الجزيرة يسيطر علي حريق باحدي المخازن الملحقة بنادي الاتحاد والمباني المجاورة    حسين خوجلي يكتب: نتنياهو وترامب يفعلان هذا اتعرفون لماذا؟    من حكمته تعالي أن جعل اختلاف ألسنتهم وألوانهم آيةً من آياته الباهرة    بعد سؤال الفنان حمزة العليلي .. الإفتاء: المسافر من السعودية إلى مصر غدا لا يجب عليه الصيام    بيان مجمع الفقه الإسلامي حول القدر الواجب إخراجه في زكاة الفطر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



من رحلة النِّشُوق الي رحلة الجزو في بوادي الكبابيش .. بقلم: عبيد الطيب (ودالمقدم)
نشر في سودانيل يوم 13 - 09 - 2012

وصلت انعام ومجموعات (وحاروك) مرحات من الابل من الجنوب بعد نهاية رحلة النشوق والشوقارة بقيادة الدليل الكباشي النورابي محمد ود صالح (اللّعَرَج) الي مخارف ومراعي شق ابو روبة وسهول المخرّق ووادي الملّوَّي المكتظة باشجار المعراب والقفل وهي في طريقها الي الشمال والشمال الغربي او بما يعرف برحلة الجزو ، احْكَم الدليل الخرّيت حاج اللّعَرَج عِقال ابله حين لاح ولمع لناظره برقٌ عباديّ وشامه ان تكون امطاره هطلت علي تلال دباب القفل ووادي مجرور وسهله المنبسط وعند وقت (العتَّام) السحر ايقظ الاناقيب لحلب اللُّقَح والشوايل والتي ايضا لم تهجع الليل كله ولم تتركهم ينامون بحنينها (وقرواحها) حيث هبّت لها الرياح الشمالية الغربية ودعاشها المضمّخ برائحة نوَّار اشجار المعراب والسَّمُروحشائش واعشاب الدرمة والخشين والسّعَدان حتي جعلها تمشي علي ركبتيها وتسارق النظر وتمد عنقها وتتاوق وتكثر الحنين والرزمي او كما يصفها الشاعر الاموي الصمّة القشيري:-
وحنّت قلوصي اخر الليل حنّة فيا روعة ما راع قلبي حنينها
فقلت لها حنِّي فكل قرينة مفارقها لابُدَّ يوما قرينها
وقلت لها حنِّي رويدا فانني وايَّاك يُخْفِي عَوْلةٌ سَفِينها
وفي الصباح الباكر لاح لناظرهم سحابا مزجي و هرعا مسرعا من الجنوب الي الشمال كأنه خيام بدوٍ نُصبت علي تلال عالية وقبل ان يسرجوا مطيهم ويفكوا عقال النوق ويأزنوا بالرحيل وقف الهرع الراحل مثل طابور تمام شرطة المرور ثم صار ركاما واتحيَّن وهطل ثم انسكب واندفق بغزارة لا توصف الا بانه (الضحوي العوير)
فهذه عينة النترة ومطرها الغزير واشابيبها التي حين تلوح بطرف الافق تكون كمشاط الغواني في بوادي الغرب فنزل ماءُها من القناف والعلو فسالت الخيران والوديان مسرعة نحو المناهل حاملة معها في اعماقها (الهشوم) الاشجار اليابسة ولقد ابدع الحاذق الماهر حنفي حاج الطيب حين قال:-
الوادي المِجَرِّف عرقو بِلْحيل ضاري
جاب هشُّوم مَكنّت ماشي كنُّو لواري
بي العربية محتاج لي تالاتة كباري
قطعوهو الضّعنهُن في الرحيل مِتباري
وبعد شراب الغبوق الحليب والشاي النّاعم (ابوكتحة) وكما وصفه شيخ الدوبيت عمنا الشيخ جامع علي التوم
نشيل التاية فوق زَمْلَن عواتي غلاد
ويبقا غدانا ابو كتحة ولبنهن زاد
صاح الدليل : الرحيل الرحيل وعندما خاطبه احد (رباعته) رفاقه بأن امامنا سهل طويل ومقفر ومجدب فيرد الحاج بحزم :-هذه المسافات سهلٌ ان تجتازها سفينة الصحراء بكل يسر ألم تسمعوا ما قالته الحكامة ابنة العم حفيدة الدليل كاروشة حين خاطبتني قائلة:
اخو الدّغْسَة وكَحْلِي
ؤ شُكْرِك بتلامِحْلِي
اصبح طاب الرّحْلِي
وقال قدّامهِن مَحْلِي
ثم خاطبهم قائلا:- ربيعكم الذي بجاوركم دليل بركة الشيخ المر فرج الله ود عبد الرحمن لا تجعلوه ان يسبقنا بالرحيل فهو القائل:
ما بِتَنقَدْرِي يا شَرْمة بلا اللِّتنين
كملتي المراديخ والمترَّك زين
الجبل المدقِّن قالو مَمْحول شين
وفِكْرِك يا أم قراديف ننجَدِع بي وين!؟
امتطي الدليل بعيره وهوفي نشوة وسعادة يسابق الريح ويريد ان ترعي ابله (عضاوة) العشب ووضع انقيب الخير والبشارة يده علي صدره وشدي وغني وقوقا للعيس فزادت في مشيها وهي تَغُذُّ السير نحو افق عريض وتحت اقدامها الخافور والقيصوم والندي علي رؤوس عُشْب قشة (ابوجفنة) ابو القدح يترك خدوش وجروح علي مناسمها ومرافقها ولكنها لا تعيره انتباها لان املها ومرادها ان تجد الجواديل التي تشبه في خضرتها ونضارتها (زيق الفراد) او كما وصفها شيخ الدوبيت عمنا شيخ جامع علي التوم:-
اجب الدعوة يا الساّجدلّك العُبّاد
جادول ممّرس في شوفتو زيق فرَّاد
عاقرو بليلة فوق الفي رقا البولاد
والشيخ قسم الله ساقلو البكر ابو لبّاد
وسالم نازلو بي راموس ابو التيلاد
يارب يا مجيب لي دعوة النشّاد
تجمع لي بيهن وبي علي الاجواد
ونرجع تاني نمشي جزونا ابو غرّاد
والحاج الدليل يكون علي ميمنتها مرة ثم علي ميسرتها مرة اخري حسب مسار المرحال ونترك الوصف لشاعرنا علي الشيخ (ود المُر) في مسدار السّافل حين كبة القمرية الزوقة من شرمة ام صرار:-
اهلك درّّبوا الجُبْخَانِي
ودايرا تِنَاطْرِي بلد الدَّرْمة والسَّعَدانِي
مو بي خَاطري افارْ قِك يا أُم علويَنْ باني
رب العزة يجمع بي الشَّمِلْ عُقبَاني (ودالمُر)
وفي رحلة الجزو المتطلبات والتجهيزات تطرأ عليها بعض التغيرات حيث لا اسواق بمنطقة الجزو فيجب الاعداد الجيد والتجهيز المحكم وخاصة الملح- الشاي- ومتطلبات البرد حيث يكون شديدا و قارصا وكل ما كان البرد شديدا كلما طال مكوث الرعاة بمراعي الجزو الخصبة وسهولها الممتدة
والقمرية تخاطب الابل قائلة:- لقد تجهزوا اصحابك واعدوا العدة واصبحت تحنّي وتنظري وتتشرفي وتتاوقي الي مراعي الجزو الخصبة حيث عشب الدرمة والسعدان ولم يكن بمرادي ان افارقك يا زات السناب العالي ولكنني ابتهل الي ربي ليجمع الشتيتين مرة اخري
وريسك قال ضُروعك زاد
ولفح ام تَاج علي ود أَلْبِلْ الشَّرَّاد
يا عَانْس الرشيد يا سمحة المُمْداد
في وداعة الكريم اني راجعة لي اللّقَّاد (ودالمر)
وهنا نجد القمرية (كبت الزوقة) وفارقت الناقة لانها لا تستطيع ان تطير عكس الرياح وهي تردد مع ابراهيم بن صور الكاتب:-
باتت تشوقني برجع حنينها وازيدها شوقا برجع حنيني
نضوين مغتربين بين تهامة طويا الضلوع علي هويً مكنون
لو سُئلَتْ عنها القلوص لأخبرت عن مستقر صبابة وشجون
ولعلك عزيزي القاري تتخيل ان حياة الرعاة ورحليهم يكون عفويا ودون تخطيط وهذا لعمري خطأ كبير لان البدو دقيقين في كل شئ اولا نجد ان في الاسرة رب الاسرة هو الوالد وهو المسؤول عن الاسرة مسؤولية مباشرة ثم لاولاده ادوار مختلفة يقومون بها فزيد مسؤول عن ادارة الابل وعبيد عن ادارة الضأن واخر للبقر و....الخ فلذ نجد رئيس مراح الابل يقوم بكل المهمات الصعبة هو الذي اذا سرق له بعير ان يفزع به ويموت دونه او يرجعه الي مراحه ويكون تحت امرة الدليل او الرئيس ثلاثة او اربعة اشخاص يساعدونه في رعي الابل حسب عدد ابله فالجمال الزكور والابل العشار يكون معها واحد او اثنين والابل اللُّقح (الخلفات) يكون معها اثنين رجل كبير واللنقيب وهو اصغرهم واشقاهم حيث يقوم بالحلب والصّر وينام اخرهم لان فواق الابل ياتي قبيل الفجر (العتّام) وهنا تخاطب القمرية الناقة قائلة:- ان صاحبك قال ان ضروعك هي زادنا وهذا صحيحا لان رعاة الابل في رحلة الجزو يعيشون علي حليب الابل ولبنها (القارص) فقط لا ذرة ولاقمح ولا .... وقليلٌ من قديد الصيد والجآذر ولفح ام تاج اي حمل السلاح وام تاج للبندقية اي علقها علي سرج البعير والملاحظ يري ان القمرية تتغزل في الناقة بوصفها بالعانس وعانس الرشيد وهو الدليل المهتم بها وتتحسر بعد ان تودعها بانها راجعة الي المزارع (اللقّّاد) وهي المزارع التي تكون علي الوديان وتكون مسوَّرة باغصان اشجار الكتر او السيّال
خلاس إتْوجَهَت سافِلْها
وما بِتْسُوقو الا الحلوة مِسَبلها
حربي وجندي والجيم في الشِعَب تا كلها
ودامج قلبو كان جات حَارَّتِكْ بِدْبِلْها (ودالمر)
لقد اتجهت الابل الي السافل او الشمال (الجزو) وكلمة سافل عربية فصيحة ولم تأخذ معها الا الدليل الذي يجعل روحه فداء لابلة (حلوتو اي روحه) شوف الحكامة التي عيرت ابن عمها عندما تخازل عن نصرة ابن عمه الذي قُتل دفاعا عن ابله:-
يا الخَازي حلوة الرُّوح
وسَوِّيلْهَا كوز ما اتروح
وما اعظمها من نصيحة للجبناء فالاجل محتوم وياتيك الموت حتي ان ادخلت روحك في علبة (كوز)
رحلت وخّّرَت ناس سِلِّي
وبي دباب القفل جات يا زعم مِنْهَلِّي
قطعت وادي مجرور الحنينها بِسَلِّي
وعند أُمَّات لَعَايِت تَقَّلوها ادلِّي (ودالمر)
ثم رحلت الابل وجعلت وراءها اضاة سِلِّي وهي بمنطقة الميدوب ووصلت دباب القفل وهي بداية مراعي الجزو (والقفل) نوع من الشجر وجات يا زعم تطلق للاعجاب ومنهلَّي اي متفرقة ومسرعة في السير ثم قطعت وادي مجرور الحنينها بسلِّي اي يفرح ويطرب وهي الابل وعند مرعي امات لعايت (تقلوها) اي اوقفوا رحيلها وانزلوا (التاية)
كتَّالة كليب وابو زيد
وناقة العزة جيابة الطرب والريد
ما بِتتباري كان سَوَّت رحيل الكيد
ومن ناس عنز وتيس نزلت بحيري الصيد (ودالمر)
كتّالة كليب اي الابل هي التي قتل بسببها كليب وائل بن ربيعة بن الحارث التغلبي قتله غدرا جسّاس وهوالقائل :-
وان لقوح جارهم ستغدو علي الاقوام غدوة بالرواح
وتضحي بينهم لحما عبيطا يُقسِّمه المقسّم بالقداح
ولعمري الي الان عندنا ببادية الكبابيش يقسّم لحم الابل بالقداح او بالكوم
وايضا الابل قتلت فارس بني هلال المشهور ابو زيد الهلالي وحكي لي احد المعمرين طرفة جميلة ان ابوزيد الهلالي زات شتاء قارس ضرب موعدا مع محبوبته واتته في المكان والزمان المحددين وتحمل معها صحن من الدِّلْكة وكان ابو زيد جالس تحت شجرة تبلدي وكان الليل مُقْمِر فلاحظ ابو زيد ان تحت الشدرة ظلٌّ لانسان فعرف بفراسته ان بن عمه وغريمه دياب علي راس اغصان الشجرة فاخذ صحن الدلة والتهمه وصاح قائلا للفتاة (بارك الله فيك عشيتيني) وقد كنت جائعا وارجع اليها صحنها وذهبت الي سبيلها . والابل هي رمز العزة والفخر وهي التي تجلب المدح والعشق وتجعل صاحبها محط نظرالحسان وما اروع بشير ود ابو فطين الدويحي حين يصف المشهد
ألْبِل ديلا عَدَّادْهِن تَمَلي معَلَّقْ
وألْبِلْ في دِروبْهِن دي كِتِل ودي مفَلَّق
ألْبِلْ ديلا كِيرهِن بي البهايم جَلَّق
وألْبِل ليهن أم راجِل بِقَت تتطلَّقْ
تملي معلّق اي دوام هي راحلة وفي دربهن هذا ميت وهذا مفلّق اي ضرب علي راسه-كيرهن اي فحلهن –جلّق اي يتجول والكبابيش يسمون المرأة التي ترفض زوجها (طامح)
ما بتتباري اي لا يستطيع اي حيوان اي يجاري سيرها ومن منطقة عنزة وتيس وصلت الي بحير الصيد وهو من المناطق الخصبة ويكثر فيه الصيد بكل انواعه
تقَّلَت في الزِّرَد قول يا عَفُو وهبَّاب
وكونيبها إنْعَرَش وقفت سراتها جراب
يا الباعْجِك بلالي وحِمْيَتِك نوراب
اهلك لَفُّو قانصين قالو لي ابو حراب (ودالمر)
ثم مكثت اياما في مراعي الزّرد حيث ينعدم الناموس والباعوض والذباب حتي امتلأ (كونيبها) سنابها واصبحت سراتها كالجراب المملوء -يا الوسمك( الباعج ) وهو وسم قبيلة النوراب التي ينتمي لها الشاعر والذين يحمونك هم النوراب واصحابك اتجهوا للقنص لبقر الوحش
رعَّاية السَّمُر والشَّاوْ ْ
ورماية الشِّبَك قالت عَضِي كِويع باوْ
ارَحْ يا سِيدِي كان دايْرِين عَفُو اللّجْزَاوْ
ربَّاي لي المَرَبَّعْ وبسمِّن الحَشَّاو (ودالمر)ْ
وصف الابل بانها ترعي اشجار السمر واشجار الشّاو وما اروع طقاق توية حين يصف رعي الابل للاشجار :-
ام زور الشُّوحة وطويلة
وام خبيرةً كيف الجبيرة
حجّانة الشدرة الضليلة
ام فرعاً ردّم خضيرة
تَرْخِي العرقوب تمَّقيلا
ووصفها بانها تأتي بالفتن (رماية الشِّبك) وانها تريد مراعي منطقة كويع باو وهو علي الحدود التشادية
علي ناس العِريجة حَدَرْتِي
واهلك صابرو وبقا بالِك المُرمتِّي
ما بَقّيتِي في بكان العَضَاوة سَدَرتِي
وحلّاك الله من وقعة زراعة بَرْتِي (ودالمر)
ثم توغلت حتي مراعي العريجة وهنا اهلها (صابرو) اي مكثوا طويلا والمرمتي اي اخر الجزو وهذا ما جعل شاعرنا الراحل صاحب الحنجرة الذهبية بخيت ود عبدالمولي ان يدعو الله ان يأتي بالسموم الحارقة التي تعجل بعودتهم الي المدامر بل حتي تمني لابله الخداج (الطراح) (الزلاج) من اجل لقيا الحبيبة
يا مولايا تحصل حَرِّي
سمومها تِزَلَّجْ العَزَبَة العَلُوهَا مِسَرِّي
يِرُوحَنْ مِنّنَا لوكْتَنْ حِوَار ما يِضَلِّي
وعَشَان ما نِشُوف خِلقة المَنْ وسِط مِنْزَرِّي
وقالت لها القمرية ان ربنا (حلاك) من مزارع البرتي التي تنتشر في الجنوب حيث رحلة النشوق
تمَّت كم شهر في السافِل البِعَنو
ونامت الصيف حَكَمْ اصلو الحكايي شنو
رَوْيان دونكي ود ريد قول خفيرو منو
ادم ود سعيد وبريمة ود تِجُّو (ودالمر)
ومن شدة شوق القمرية للابل تخابطها قائلة:- لقد مكثتي شهورا كثيرة بالسافل الي ان حل وقت الصيف ثم تبشرها بان دونكي الكاتب محمد ريد مملوء بالماء ومن خفراءه ادم ود سعيد وهو من امهر عازفي الزمبّارة وبريمة ود تجو وهو الذي زكره البروفسير عبد الله في فرسان كنجرت
الحاضة وغريدة وخاطرة والكَنتوش
بيهن طفتي يا ناقة الرباع ام شُوش
حرسك كلو جيم فور اوعا من خرطوش
ودريد حاتي ما تسقي ام عبل بي قروش (ودالمر)
(الحاضة وغريدة والكنتوش) اسماء مراعي بالجزو- ثم تطلب من ود ريد ان يسقيها مجانا (ام عبل ) اي كناية عن شحمها وهي دوائر تتركها الابل علي رجلينها وذيلها (وعراقيبها) من البول والعبس وهي كلمة قديمة تستعملها قبيلة جهينة قيل ان كورينا فارس بني جرار المشهور مرة بجهني يغني:-
(الناقة عَبَّلتْ لي دارها قَبَّلتْ فرسانها تيران إنْجَّلتْ وفزارة من الدّار جَلَت) فصاح كورينا السلام عليكم فصاح الجهني ساجعا وقد عرف كورينا : وا خرابي عضامي تنصّلَتْ
وين يا ناقة وين ناقة
وجِيدَنْ جِيتي لي بلد البِكجرو الطاقة
يا رعَّاية الجَرْح الخِشينو دِقاقة
من فارَقْتِك اني لي رِبعَتِك مٌشتاقة (ودالمر)
وعندما وصلت الابل (الناقة) الي الديار قابلتها القمرية مُبتهجة وفرحة تشدو وتغرد وتقوقي (وين ياناقة) وتهتف بكل اريحية وشوق (جيدن جيتي) وهي لعمري اقوي تعبير من كلمة سلامتك لتحية القادمين من السفر ثم تخاطبها معترفة بانها منذ فراقها عزبتها الاشواق - والجرح يقصد به السهل المُخْضَر والخِشين هو نبات من نباتات مراعي الجزو و دقاقة اي صغيرا زُكرت كثيرا في الاشعار السودانية وما اروع عزاري الحمراء حين يشدون ويتغنين بي
الرملة الحراقة
والخضرة الدقاقة
اني ياروحي مشتاقة
لي السافر ما لاقة
وختماما بمناسبة زوقة القمرية من الابل وطُماح المرأة لزوجها من اجل الابل نقول:-
اما ان الاوان لسياسي بلادي ان يكبوا الزوقة!؟ واما ان الاوان للشعب السوداني ان يطمح السياسيين؟!
عبيد الطيب (ودالمقدم) بادية الكبابيش
aubaid magadam [[email protected]]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.